أكدت الحكومة أن الحلم النووى المصرى صار على الأعتاب، وقال المركز الإعلامى لمجلس الوزراء إنه فى ظل رؤية مصر واستراتيجيتها لامتلاك الطاقة النووية السلمية وتحقيق حلمها
النووى على أرض الواقع، عكفت الدولة على الاستخدام الأمثل لمواردها من خلال معادلات متوازنة لتهيئة مختلف الظروف وتجاوز التحديات لاستكمال مشروعها النووى الطموح، والتوجه إلى
تلك الصناعة والتكنولوجيا الاستراتيجية ضمن خططها الهادفة لتنويع مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، ودعم جهودها الحثيثة فى مواجهة التغيرات المناخية.
جاء ذلك فى التقرير الذى نشره المركز الإعلامى لمجلس الوزراء، أمس، ضمن إنفوجرافات بعنوان «مصر على أعتاب تحقيق الحلم النووى بعد أكثر من 60 عامًا من إطلاق الفكرة» فى ظل استراتيجية الدولة لتنويع مصادر الطاقة.
وأوضح المركز أن هذا ما يضمن بدوره تحقيق العديد من المكاسب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بما يساهم فى توفير بيئة جاذبة للاستثمارات، وفتح المزيد من المجالات لتوفير فرص العمل، علاوة على حماية الاقتصاد المصرى من تقلبات سوق الطاقة العالمى، ووضع مصر على خارطة الطاقة النووية العالمية، وهو ما لاقى بدوره إشادة دولية واسعة بجهود مصر فى هذا الملف.
واستعرض التقرير الرؤية الإيجابية للمؤسسات الدولية للبرنامج النووى المصرى، وأشاد برنامج الأمم المتحدة الإنمائى عام 2021 بتوفير الدولة كافة مصادر الطاقة المطلوبة مع التركيز على الطاقة النظيفة، مثل مشروع محطة الضبعة النووية الذى يعتبر ضمن أهم المشروعات الوطنية منذ عام 2014.
ومن جهتها، ذكرت شركة «روس أتوم» عام 2022 أن محطة الضبعة تعد أول محطة للطاقة النووية فى مصر بقدرة 4.8 جيجاوات، مما يمكن مصر من تنويع مصادر الطاقة وتحسين الاعتماد على نظام إمدادات الطاقة الوطنية، فى
حين أوضحت «جنرال إلكتريك» عام 2018 أن محطة الضبعة للطاقة النووية ستساعد فى تنفيذ خطة مصر لتنويع مصادر طاقتها من خلال إمداد الشبكة المصرية بطاقة يمكن الاعتماد عليها وخالية من الكربون ومنخفضة التكلفة.
وبدورها، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 2022 أن مشروع الضبعة سيساهم فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والتى تشمل توفير طاقة نظيفة، وزيادة الاعتماد على
المصادر منخفضة الكربون، بالإضافة إلى خلق فرص عمل محليًا خلال فترة بناء المشروع، مشيرة عام 2019 إلى تكثيف مصر جهودها لتطوير بنيتها التحتية من أجل بناء برنامجها
النووى، والذى يحظى بدعم قوى من الحكومة والتزام واضح بالسلامة والأمن، كما أبرزت وضع مصر تشريعات وطنية شاملة، واتخاذها ترتيبات تعاقدية لبناء وتشغيل أول محطة للطاقة النووية.
وعلى صعيد ذى صلة، تطرق التقرير إلى الرؤية الإيجابية للمسؤولين الدوليين للبرنامج النووى المصرى، حيث قال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين عام 2024 «إن بناء أول محطة نووية فى مصر رمز مهم فى التعاون الروسى المصرى، حيث أن تنفيذه سيساهم فى تطوير الاقتصاد المصرى، وسيعزز سيادتها فى مجال الطاقة، بجانب توفير المزيد من فرص العمل، كما أن هذا المشروع ريادى فى مجال التعاون الثنائى مع مصر».
بينما أكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل غروسى، عام 2021، أن مصر تتحرك إلى الأمام ببرنامج نووى طموح، وأنه سعيد جدًا بالبرنامج لكونه يعد تطورًا جديدًا فى
العمل بين مصر والوكالة الدولية للطاقة الذرية، فضلًا عن تأكيده عام 2022 أن امتلاك الدولة المصرية محطة طاقة نووية يعد تطورًا كبيرًا لدولة رائدة على مستوى العالم مثل مصر،
موضحًا أنه بتنفيذ مشروع الضبعة سيتوافر لدى مصر طاقة نظيفة لمئات السنين، بالإضافة إلى استثمار كبير فى رؤوس الأموال، وأن مشروع الضبعة سيكون بمثابة مصدر قوة أكبر للطاقة بالنسبة لمصر.
وبدوره، أكد المدير العام لشركة «روس أتوم» الروسية أليكسى ليخاتشيف أن مشروع محطة الضبعة النووى مشروع ريادى للتعاون الروسى المصرى، وستوفر الكهرباء للمنشآت والمشروعات القومية، وسيزيد معها الناتج المحلى القومى، علاوة على العديد من التأثيرات الواسعة لهذا المشروع، وتوفير العديد من فرص العمل.
كما ثمن رئيس فريق خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خوسيه باستوس، عام 2020 إحراز مصر تقدمًا جيدًا فى مرحلة بناء أول محطة للطاقة النووية لديها، أما المدير العام للجمعية النووية العالمية سما بلباو واى ليون عام 2022، فقد اعتبرت محطة الضبعة خطوة مهمة للغاية فى طريق مصر لتلبية احيتاجاتها من الطاقة من خلال توليد طاقة نووية منخفضة الكربون وبأسعار معقولة على مدار الساعة يوميًا.
يأتى هذا فيما سلط التقرير الضوء على الرؤية الاستراتيجية المصرية للملف النووى، حيث أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى عام 2024 أن هذه اللحظة التاريخية ستظل خالدة فى تاريخ وذاكرة هذه الأمة، وشاهدة على إرادة هذا الشعب العظيم، الذى صنع بعزيمته وإصراره وجهده التاريخ على مر العصور، وها هو اليوم يكتب تاريخًا جديدًا بتحقيقه حلمًا طالما راود جموع المصريين بامتلاك محطات نووية سلمية.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، عام 2021 إلى أن البرنامج النووى المصرى ظل لعقود عديدة محل رعاية واهتمام كإحدى الركائز والخيارات الاستراتيجية لتعزيز خطط التنمية، كما أن مصر من أوائل الدول التى أدركت منذ بداية الخمسينيات من القرن الماضى أهمية استخدام الطاقة النووية.
وأكد الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، عام 2024 أن بدء الصبة الخرسانية الأولى للوحدة الرابعة لمشروع الضبعة النووى ووضع حجر الأساس لمشروع محطة الضبعة النووية، إنجاز يمثل علامة مضيئة فى طريق تنفيذ البرنامج النووى المصرى، حيث به تنتقل مصر إلى مرحلة الإنشاءات الكبرى كأول محطة نووية لتوليد الطاقة الكهربائية بجمهورية مصر العربية.
أما رئيس هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء الدكتور أمجد الوكيل عام 2023، فأشار إلى أن مشروع المحطة النووية بالضبعة له أثره الإيجابى على التطور التكنولوجى وتطوير الصناعة المصرية من خلال برنامج طويل المدى لإنشاء المحطات النووية تتصاعد فيه نسب التصنيع المحلى فى كل وحدة جديدة طبقًا لخطة واضحة وملتزم بها.
من جانبه، أوضح محمد رمضان، رئيس مجلس إدارة هيئة المحطات النووية للتشغيل والصيانة،عام 2022 أن مفاعل محطة الضبعة النووية يصنف على أنه أحد المفاعلات ذات التصميم من الجيل الثالث المتطور، والذى يعتبر أعلى ما توصلت إليه التكنولوجيا النووية المستخدمة فى العالم.
واستعرض التقرير نظرة عامة على مشروع المحطة النووية بالضبعة، مبينًا أنه يقع فى محافظة مطروح على ساحل البحر المتوسط حيث تتكون المحطة من أربع مفاعلات نووية من الجيل الثالث المطور، ويصل إجمالى القدرات الإنتاجية لها 4800 ميجاوات، فيما يبلغ العمر التشغيلى للمفاعل 60 عامًا ويمتد إلى 80 عامًا.
وأشار إلى أنه سيتم تمويل عقود تنفيذ المحطة وفق الاتفاقية المالية الحكومية بين الحكومة المصرية وحكومة روسيا، وسيتم سداد القرض خلال 22 عامًا من الأرباح بعد التشغيل التجارى، علمًا بأن المقاول الرئيسى العام لتنفيذ المشروع هى «روس أتوم» الشركة الروسية للطاقة النووية.
وبين أن محطة الضبعة هى الأكثر أمانًا على مستوى العالم من خلال التكنولوجيا المستخدمة للمحطة من الجيل الثالث المطور (VVER-1200)، وهى التكنولوجيا الأعلى حاليًا وتتميز بأعلى
مستويات الأمان النووى، بالإضافة إلى وجود نظم أمان سلبية لا تعتمد على وجود الطاقة الكهربائية ولا تقبل الخطأ البشرى وتعمل تلقائيًا، فضلًا عن تحمل عال للمؤثرات الخارجية،
مثل اصطدام طائرة زنة 400 طن بسرعة 150م/ ث، بجانب تحمل عال للظواهر الطبيعية مثل التسونامى والزلازل والأعاصير، علاوة على التوافق التام مع متطلبات الأمان للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأظهر التقرير خطوات الدولة فى تنفيذ مشروع المحطة النووية بالضبعة، حيث تم توقيع اتفاقية حكومية بين الحكومة المصرية والروسية على إقامة أول محطة نووية لتوليد الكهرباء فى مصر فى
نوفمبر 2015، ثم توقيع العقد الرئيسى للهندسة والإنشاءات والتوريدات فى ديسمبر 2016 مع دخول عقود المشروع حيز التنفيذ فى ديسمبر من العام التالى، فيما شهد مارس 2019 إصدار إذن قبول اختيار
موقع الضبعة (SAP) من هيئة الرقابة النووية والإشعاعية المصرية، كما أنهى فريق خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية المهمة المتكاملة لمراجعة البنية التحتية النووية فى نوفمبر من نفس العام.
وتتضمن الخطوات أيضًا وفقًا للتقرير، البدء فى تنفيذ الرصيف البحرى لاستقبال مكونات المحطة النووية وبدء تفعيله فى يوليو من عام 2020، بينما تم البدء فى تصنيع المعدات طويلة الأجل «مصيدة قلب المفاعل» فى يوليو 2021، وبدء تصنيع وعاء مفاعل
الوحدة الأولى بالمحطة النووية بالضبعة فى أبريل 2022، فى حين شهد شهر يوليو من نفس العام الصبة الخرسانية الأولى للوحدة النووية الأولى بمحطة الضبعة، وشهد شهر نوفمبر من نفس العام أيضًا الصبة الخرسانية الأولى للوحدة النووية الثانية بالمحطة.
وأضاف أنه تم استقبال أول معدة طويلة الأجل «مصيدة قلب المفاعل» للوحدة الأولى على الرصيف البحرى التخصصى فى مارس 2023، كما تمت الصبة الخرسانية الأولى للوحدة النووية الثالثة لمحطة الضبعة فى مايو من العام نفسه.
وفى سياق متصل، ووفقًا للتقرير انضمت مصر لاتفاقية الأمان النووى (CNS) فى سبتمبر 2023، فيما شهد أكتوبر من العام الماضى تركيب أول معدة نووية طويلة الأجل بمحطة الضبعة، وهى مصيدة قلب المفاعل للوحدة النووية الأولى، فضلًا عن تركيب
مصيدة قلب المفاعل للوحدة النووية الثانية فى نوفمبر من العام نفسه، وتمت الصبة الخرسانية الأولى للوحدة النووية الرابعة بالمحطة فى يناير 2024، ومن المقرر أن يشهد عام 2028 التشغيل الفعلى لأول مفاعل على أن يتم الانتهاء من المشروع عام 2030.
وأبرز التقرير العائد من مشروع المحطة النووية بالضبعة على القطاعات المختلفة، ففيما يتعلق بالعائد على قطاع الطاقة، أوضح التقرير أن أكثر من 90% من ساعات السنة يعملها المشروع مما يجعله أحد المصادر المهمة فى إنتاج
الكهرباء، وأنه يساعد الدولة فى تنويع مصادر الطاقة بالاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة بدلًا من الطاقة التقليدية، علاوة على انخفاض تكلفة توليد الكيلو وات الواحد من الطاقة النووية بالمقارنة مع الكيلو وات من المصادر الأخرى.
وأضاف التقرير أن الطاقة النووية لا تتعرض لتقلب أسعار الوقود مثل محطات الطاقة التى تعمل بالغاز، مبينًا أنه إذا ارتفعت أسعار الغاز الطبيعى بنسبة 100%، فإن تكلفة الكهرباء فى محطة تعمل بالغاز سترتفع بنحو 60-70%، وإذا تضاعف سعر السوق لليورانيوم الطبيعى فإن الزيادة فى التكلفة ستكون أقل من 10%.
ولفت إلى أن العمر التشغيلى للمحطة هو 60 سنة ويمتد إلى 80 سنة، وهو ثلاثة أضعاف المحطات التقليدية، كما أن الطاقة النووية موثوق بها حيث لا تخضع للتغيرات المناخية أو الزمنية مثل الطاقة المتجددة.
وعلى صعيد العائد البيئى، ذكر التقرير أن المحطة النووية صديقة للبيئة مقارنة بالمحطات التقليدية لأنها لا تنتج الغازات المدمرة للبيئة مثل أكاسيد الكربون والكبريت والنيتروجين، كما تلعب الطاقة النووية دورًا مهمًا فى مواجهة التغيرات المناخية وتقليل الاحتباس الحرارى، علاوة على المساهمة فى تحقيق التنمية المستدامة، فضلًا عن تحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ 2015.
وعلى صعيد العائد الاقتصادى والصناعى، فيشمل وفقًا للتقرير بلوغ نسبة التصنيع المحلى للوحدة الأولى 20% وصولًا إلى 35% للوحدة النووية الرابعة، وذلك لنقل الخبرات للشركات الوطنية وإدخال تكنولوجيا الطاقة النووية
للبلاد، كما أنه من المتوقع أن يوفر المشروع ما لا يقل عن 12 ألف فرصة عمل فى مراحل الإنشاء، و3 آلاف فرصة عمل مع التشغيل، بالإضافة إلى آلاف من فرص العمل غير المباشرة التى يوفرها المشروع فى الصناعات المكملة والمساعدة.
كما تتضمن العوائد وفقًا للتقرير الحفاظ على موارد الطاقة من البترول والغاز الطبيعى وتعظيم القيمة المضافة من خلال استخدام البترول والغاز الطبيعى كمادة خام لا بديل لها فى الصناعات البتروكيميائية والأسمدة، وتطوير الصناعة المصرية، حيث أن دخول التكنولوجيا النووية فى المصانع المصرية سيؤدى لارتفاع جودة الصناعة.
وأوضح التقرير أن تطور الطاقة النووية يساهم فى نمو البحث العلمى والقدرات الفكرية القومية، فضلًا عن تدريب الكوادر المصرية على تكنولوجيات الطاقة النووية ونقل الخبرات الروسية لتشغيل وصيانة وإدارة المفاعلات النووية،
علاوة على تسجيل أكثر من 350 شركة مصرية على الموقع الإلكترونى المخصص لتسجيل الشركات التى ترغب فى العمل بالمشروع، ويقوم عدد من الشركات المصرية بتنفيذ أعمال حاليًا بالموقع وشركات أخرى تقوم ببعض أعمال التوريدات اللازمة للمشروع.
يأتى هذا فيما يتمثل العائد على قطاع التعليم فى إنشاء أول مدرسة تقنية متقدمة لتكنولوجيا الطاقة النووية فى مصر والشرق الأوسط «مدرسة تكنولوجيا الطاقة النووية بالضبعة» لتخريج كوادر فنية فى الطاقة النووية، حيث تصل مدة الدراسة بها إلى
5 سنوات، ويبلغ عدد طلاب الدفعة الواحدة سنويًا من 50 الى 75 طالبًا، فيما تضم المدرسة 3 أقسام هى: كهرباء، وميكانيكا، وإلكترونيات، كما تم تدريب معلمى المدرسة بهيئة الطاقة الذرية بمعاونة المتخصصين من هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء.