لماذا اختار السيد المسيح “الجليل” ليقابل فيها “البشرية المفدية”؟ – وطنى

8 Min Read


صلى نيافة الحبر الجليل والمكرم الأنبا بولس أسقف إيبارشية أوتاوا ومونتريال وشرق كندا، مساء أمس السبت الموافق الأول من مايو 2021 قداس عيد القيامة المجيد، في كنيسة مار جرجس والقديس يوسف في الويست إيلاند في بيير فوند بمونتريال.

● أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟

وبعد قراءة الإنجيل المقدس، قال الأنبا بولس في عظته: أهنئكم بعيد القيامة المجيد، لأن السيد المسيح قام منتصرًا على الموت مثلما قال معلمنا بولس الرسول: أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟ وعندما قام السيد المسيح أعطى أول وصية، عندما حاولت مريم المجدلية لمسه، قال لها قولي لأخوتي .. وليس لرعيتي أو أبنائي. قال لها السيد المسيح، قولي لإخوتي أن يذهبوا إلى الجليل حيث هناك يرونني. وكما معلمنا متى الإنجيلي: أسبقكم إلى الجليل. ولكن لماذا اختار السيد المسيح مدينة الجليل ليكون فيها أول مقابلة بين السيد المسيح وتلاميذه، أو بمعنى آخر بين السيد المسيح والبشرية المفدية.

إن الجليل عبارة عن مقاطعة كبيرة تضم 10 مدن، وهبها سليمان لملك يدعى حيرام. وكانت الجليل خليط بين اليهود واليونانيين والآراميين “الشعوب الأخرى”. ولم يحب اليهود الجليليين، لأنهم جنس مخلط وغير نقي. ولا يعتبر بني إسرائيل الجليل يهود أنقياء، بل ربما يهود من الدرجة الثانية، على الرغم من أن الجليليين يحتفلون بكل الأعياد والطقوس اليهودية.

● دلالة ومكانة الجليل في المسيحية وحياة القيامة

أوضح نيافة الأنبا بولس: تتمتع الجليل لها مكانة ذات دلالة كبيرة، فكما وضح كانت المكان الأول لاستعلان قيامته، الذي أوصى السيد المسيح أن يقابل فيه تلاميذه “البشرية المفدية”. كما أن أول معجزة يقوم بها السيد المسيح، وهو تحويل المياه إلى خمر، كانت في قانا الجليل، وكان يريد أن يقول لكل البشرية بعد قيامته “أنني خمرك”، وهو رمز الفرح، فالسيد المسيح وقيامته، رمز فرح كل البشرية، وليس مصدر آخر للفرح، فالماديات في العالم لن تقود لهذا الفرح، بل مصدر الفرح هو فرح القيامة.

كما أن مدينة الجليل اختار منها السيد المسيح تلاميذه على دفعتين، وهم التلاميذ الذين سيوصلون رسالة البشارة لجميع الأمم، لذا بدأ هو بأول بشارة، توبوا وارجعوا ليكون لكم نصيب معي في ملكوت السموات، ومن خلالي انتم تدعون باسمي الجميع، وتجذبون كل البشرية إلى فرح القيامة، وحضن الآب. فالسيد المسيح، لم يخلقنا، لكي نأكل ونشرب فقط، ثم نموت. لقد علمنا السيد المسيح في أطول عظة له، وهي العظة علي الجبل في مقاطعة الجليل، أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله. وتأكد هذا في إنجيل معلمنا مار متي الرسول (5-6-7)، وهي الموعظة على الجبل، والتي تعد بمثابة دستور المسيحية.

● دستور المسيحية وأول معجزة وإطعام الجياع .. القيامة مصدر الفرح

أضاف أبينا الحبيب والمكرم نيافة الحبر الجليل الأنبا بولس أسقف إيبارشية أوتاوا ومونتريال وشرق كندا في عظته: أن السيد المسيح كذلك أطعم الكثيرين وقام بإشباع الجموع في معجزة تمت في مقاطعة الجليل. وذكر معلمنا مار متي البشير في الإصحاح 26، أن التلاميذ يهمهم ألا يتركهم السيد، ولكنه قال –السيد المسيح- أنه بعد قيامته سيسبقهم إلى الجليل، وأوصى مريم المجدلية أن تخبرهم هذه البشرى. كما أننا في لحن “اخريستوس آنيستي” نقول بموتك يارب، قد دست الموت، وأعطيتنا الحياة بقيامتك.

ولا ننسى أن التلاميذ ذهبوا إلى الجليل، وكان بينهم من يؤمن بالقيامة وهم كثر، والبعض كان يشك، كما ذكر في الإصحاح 28، كما قال متى الرسول. وكثير منا القيامة، هي عيد احتفال وفرح. والسيد المسيح يطلب من كل واحد منا أن يقوم بعمل تغيير في القلب، لأنه إذا آمنت، فإنك سترى مجد الله، وسترون القيامة، كما قال السيد المسيح لمرثا. فالتغيير الشكلي غير مطلوب، ولكن المطلوب أن يحدث تغيير في القلب والذهن بقوة القيامة المجيدة، ليعطينا الله نحن باكورته، أن نؤمن ونصدق ونأتي بكثيرين إلى ملكوت الله، وندخل إلى الملكوت.


● تهنئة قداسة البابا تواضروس .. وسفير مصر في كندا

وفي نهاية عظته، قال نيافة الأنبا بولس جزيل الاحترام : أهنئكم بقوة عيد القيامة المجيد، لكي نتمتع بهذه الطبيعة الجديدة، التي وهبها لنا السيد المسيح. كما أحب أن أنقل لكم تهنئكم أبينا المعظم قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية لجميع شعب الكنيسة. كما أنقل لكم تهنئة سعادة سفير مصر في كندا “أوتاوا” السيد السفير أحمد أبوزيد، الذي اتصل هاتفيا للتهنئة بعيد القيامة المجيد. والله قادر أن يحيينا في قيامته مع أبيه الصالح، لأنه قام من بين الأموات وخلصنا، آمين.

● الإيمان والتخلص من الخوف .. قوة القيامة تسري فينا وتسير معنا

هذا ووجه نيافة الأنبا بولس كلمة مصورة لكل شعب الإيبارشية وكنائسها الخمسة عشر، قال فيها: اخريستوس انيستي .. اليسوس انيستي .. المسيح قام .. بالحقيقة قام .. آبائي وأعزائي وأبنائي في كل إيبارشية أوتاوا ومونتريال وشرق كندا، كل سنة وأنتوا طيبين بمناسبة عيد القيامة المجيد لربنا يسوع المسيح من بين الأموات، والخلاص الجديد، الذي أعطاه لنا لنكون قائمين معه من موت الخطية.

وكانت المريميات أو من رأين السيد المسيح بعد القيامة، وقال لهن أن ليس هاهنا بل قام. وفي معلمنا مار متي البشير يذكر أنه قال لهن لا تخافوا واذهبوا أخبروا أخوتي لمقابلتي في الجليل، وكانت هذه أول وصية بعد القيامة في الجليل. وكان للسيد المسيح قصد كبير، في أنني قمت بالجسد، وأن جسدي، سأعطيه لكم بقوة القيامة، التي تتطلب أمرين: الأول الإيمان بشخص ربنا يسوع المسيح، والأمر الثاني يتعلق بالإيمان الذي يطرح الخوف من القلب بقوة القيامة ممثلة في ربنا يسوع المسيح.

هذا وتحدث معلمنا مار متي البشير عن التلاميذ الذين صدقوا وأمنوا، لكن البعض منهم شك، لأن قوة القيامة انتقلت للتلاميذ والمريميات، الذين آمنوا، وانتقلت إليهم قوة القيامة. وأقوى أمر يتمثل في أن نتحد بجسد الرب يسوع ودمه، لأنه بالموت داس الموت بقوة القيامة. وفي نهاية كلمته، قال نيافة الحبر الجليل أبينا الحبيب والمكرم نيافة الأنبا بولس أسقف إيبارشية أوتاوا ومونتريال وشرق كندا: كل سنة وانتوا طيبين يا حبايبي بعيد القيامة المجيد .. وربنا يسوع المسيح يجعل قوة القيامة تسري فينا وتسير معنا.

وصلى الآباء الأجلاء المحبوبين كل في مكان خدمته في كنائس الإيبارشية الخمسة عشر صلاة قداس عيد القيامة المجيد، وسط فرحة كبيرة لشعب الكنيسة بفرح قوة القيامة المجيدة، ونهنئ أبينا الأسقف الحبيب والجزيل الاحترام نيافة الأنبا بولس، وكل آباء الإيبارشية المحبوبين والمبجلين بعيد القيامة المجيد .. اخريستوس انيستي .. اليسوس انيستي .. المسيح قام .. بالحقيقة قام.

التعليقات





المصدر: جريدة وطني

Share this Article