يعد تاريخ ظهور النور المقدس محير بالنسبه للكثيرين ولكن هناك عدة احداث نستعرضها للتوضيح:
1- أن القبر كان لفترة طويلة مكبّ أتربة ولكن الحفريات في منطقة أورشليم أوجدت قناديل من طين Ceramic تعود إلى القرون الأولى، قرب مكان القبر مكتوب عليها “نور المسيح يضيء للجميع” (التعبير ذاته يعلنه الأسقف في قداس السابق تقديسه حتى اليوم). وقد وجدتها الباحثة الألمانية جودي ماغنيس Jodi Magness سنة 1988م.
[J. Magness، “Illuminating Byzantine Jerusalem، Oil Lamps Shed Light On Early Christian Worship”، Biblical Archeological Review، 24102 (March/April 1998)، pp. 40-47].
وقد أشارت ماغنيس أنه كان على الأغلب يسطع نورٌ من الردميات فوق القبر، فيضيء قناديل المسيحيين في أورشليم! وقد أكدّ على ذلك العالم الفرنسي شارل كليرمون Charles Clermont قبلها في القرن التاسع عشر.
2- أول شهادةٍ تاريخية للنور المقدس تعود للقديس غريغوريوس المنير (257-331م) الذي بشّر الشعب الأرمني وجعله مسيحيًا. يذكر واضع سيرته حرفيًا:
“وضع القديس غريغوريوس قنديلًا فوق قبر (حجر القبر الذي سجى عليه الربّ يسوع) المسيح، وتضرع إلى الربّ بصلوات، فاستضاء المكان بنور غير مادي”.
3- الشهادة الثانية هي للقديس ثيوذوروس الساباوي (من دير مار سابا)، وتعود لسنة 836م. ولد القديس ثيوذوروس في مدينة حمص وصار راهبًا في دير مار سابا. وقد دوّن رهبان الدير سيرة حياته بعد رقاده بقليل “حياة القديس ثيوذوروس الراهاوي” (لأنه صار مطران الرها Edessa في آخر حياته). في سيرته مكتوب:
“في يوم السبت العظيم، بعد إضاءة القناديل من النور السماوي
4- الشهادة الثالثة تعود للفيلسوف العربي الجاحظ سنة 848م. يكتب الجاحظ:
“إن رهبان كنيسة القيامة في أورشليم يؤكدون أن قناديل الزيت تضاء بدون نار في إحدى احتفالاتهم”.
[ مخطوطCodex Paris Arab. 5866 (fol 237)].
5- يؤكد أيضًا الحارث أسقف قيصرية وفي رسالة إلى أمير دمشق العربي سنة 920م، أن عجيبة تحصل كل سنة يوم القيامة:
“فيأتي أمير أورشليم (المسلم) ويختم القبر ويبقى بقربه ثم يرتّل المسيحيون في الكنيسة “يا رب ارحم” ثم يأتي نور بسرعة فائقة ويضيء القنديل”.
[مخطوط MS Paris supl. Arabe 1483].
6- يكتب إبن القصّ العربي سنة 940م:
“فإذا كان فصح النصارى وهو يوم السبت الكبير وفي ذلك يوم يخرج الناس من موضع القبر إلى الصخرة وحول الصخرة درابزنيات يتطلعون إلى موضع القبر يبتهلون كلهم ويتضرعون إلى الله تعالى من وقت
الأولى إلى المغرب ويحضر الأمير وإمام المسجد. ويغلق السلطان الباب الذي على القبر ويقعد على الباب فهم على هذا حتى يرون نورًا كنارٍ بيضاء تخرج من جوف القبر. فيفتح السلطان الباب عن القبر
ويدخل إليها وفي يده شمعة فيشعلها من ذلك النور فيخرجها والشمعة تشتعل ويدفعها إلى الأمام فيأتي الإمام بتلك الشمعة فيشعل قناديل المسجد. فإذا تداولت تلك الشمعة ثلاث أياد إحترقت بعد ذلك وصارت نارًا
[مخطوطMS Ahmad Taymur 103 (c. 1389)، National Library of Egypt].
7- الفيلسوف والعالم الفارسي المسلم ابن البيروني يذكر إستشهادًا سنة 1000م مشابهًا لإبن القصّ، ولكن يذكر تفصيلًا مهمًا وهو أن بعض السلاطين المشككين وضعوا نحاسًا بدل الفتيل في القنديل لئلاَّ يضاء القنديل ولكن ما حدث أن النحاس إتقدَ وإستضاءَ القنديل من النور عبر النحاس وأنار البطريرك والشعب والشمعات. وتفصيل آخر يذكره البيروني أن النور هو أبيض
8- شخص آخر يخبرنا عن هذه الفترة هو أودولريخ Odolric أسقف أورليان Orléans، فرنسي وقد زار أورشليم بين 1025م 1028م. يطلعنا هذا الأسقف أن النور كان ينبعث من القبر وهو مدمر (بعد أن هدمه أحد خلفاء الفاطميين)!
[مخطوط Codex Paris lat. 10912