يعد مشروع تنمية الساحل الشمالي المشروع القومي الثالث في سلسلة المشروعات القومية للتنمية على مستوى الجمهورية، والتي حددها المخطط الاستراتيجي القومي للتنمية العمرانية 2052. وافتتح المشروع في عهد الرئيس السيسي، حيث اتخذت الحكومة خطوات جادة في الفترة الأخيرة، بدءًا من مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، ثم المثلث الذهبي للتعدين في الصحراء الشرقية.
مشروع جديد على الساحل الشمالي
وأكد مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن اليوم يمثل لحظة مميزة مع الإعلان عن مشروع جديد على الساحل الشمالي لمصر، والذي يعد واحدًا من المشاريع الكبيرة، والذي سيكون نقطة جذب للاستثمار المباشر ومقصدًا سياحيًا عالميًا على مدار العام.
وأضاف مدبولي خلال كلمته في المؤتمر الصحفي للإعلان عن مشروع شراكة استثمارية بين الدولة والقطاع الخاص: “أشار الخبراء إلى سبب عدم استغلال الساحل الشمالي بشكل مناسب، واقترحوا تحويل المنازل التي يتم استخدامها خلال شهرين فقط في السنة. وقد أولت الدولة اهتمامًا كبيرًا بهذا الأمر، وأعلنت ذلك في إطار رؤية مصر 2030”.
وأوضح مدبولي أن الساحل الشمالي لمصر هو الوجهة التي تركز عليها الدولة لتعظيم قطاع السياحة وخلق عدد كبير من الغرف الفندقية والسياحية في هذه المنطقة. وأشار إلى أن هذه الخطوات ستزيد من عدد السياح في مصر، مشيرًا إلى أن الساحل الشمالي بظروفه المناخية وطبيعة أرضه سيكون واحدًا من أهم النقاط التي يمكن التوطين فيها للزيادة السكانية المستقبلية لمصر.
ومن جانب آخر، قال قال هشام طلعت مصطفى، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لمجموعة طلعت مصطفى القابضة، إن الدولة أعادت تخطيط الساحل الشمالي الغربي، الذي يتمتع بميزة نسبية غير متواجد في الكثير من البلاد، وأن هذه المنطقة تتميز بجو معتدل طول العام.
وأضاف خلال مؤتمر صحفي للإعلان عن مشروع شراكة استثمارية بين الدولة والقطاع الخاص، أن الدولة عمل على جذب عدد كبير من السياح وأن يكون هناك استمتاع بهذه المناطق، وأن المشروع الجديد يتم مده بفكر عالمي.
ولفت إلى أن المشروع يحتوي على سفن سياحية، وأن هذا يجعل مصر من أعلى الدول جذبًا للسياحة، وهو يبعد عن مطار العلمين بربع ساعة بالسيارة، و أن المخطط العام للمشروع يقع على مساحة 23 مليون متر مربع بطول شاطئ 8 كيلو طولي، لافتا إلى أن تكلفة المشروع باستثمارات ترليون جنيه بما يعادل 21 مليون دولار أمريكي ما يعادل تريليون جنيه، وذلك من خلال مجموعة طلعت مصطفى.
وأوضح أن مجموعة طلعت مصطفى يشهد لها بتطوير المدن الحديثة، وأن المشروع يأتي كنموذج شراكة تقوم به الدولة، مع القطاع الخاص، وأن هذا يشجع القطاع الخاص.
وتعد منطقة الساحل الشمالي الغربي بأصولها المتنوعة أمل مصر في استيعاب الزيادة السكانية المقدرة بحوالي 34 مليون نسمة خلال الـ 40 عامًا المقبلة. وتخطط المشروعات المزمع تنفيذها في المنطقة لتوليد نحو 11 مليون فرصة عمل بحلول عام 2052.
وتشمل خطط التنمية في هذه المنطقة إنشاء مناطق صناعية ولوجستية، وميناء رئيسي متعدد الأغراض، ومركز للحرف والصناعات اليدوية، ومدينة أوليمبية، ومدينة سكنية متكاملة المرافق والخدمات، بالإضافة إلى وحدات سكنية للشباب وسكن اجتماعي. كما سيتم إنشاء منطقة صناعية متطورة للصناعات الصغيرة والمتوسطة ومنطقة معارض مفتوحة للتسويق.
ويمتد نطاق الساحل الشمالي الغربي من العلمين حتى السلوم لمسافة نحو 500 كم، بظهير صحراوي يمتد في العمق لأكثر من 280 كم، ليشغل مساحة تقارب 160 ألف كم. وتميز هذا النطاق التنموي يكمن في توافر كافة موارد ومقومات التنمية الموزعة في أنحاء الجمهورية في مكان واحد.
تطوير الساحل الشمالي
ووضعت الدولة استراتيجية متكاملة لتنمية الساحل الشمالي الغربي لوضعه على خريطة التنمية الشاملة، مستفيدة من الإمكانات الفريدة لكل إقليم ومنطقة، وخلق قيمة اقتصادية مضافة يمكن استثمارها في شراكات كبرى لتحقيق عوائد اقتصادية وتنموية كبيرة.
وتركز استراتيجية الدولة على بعض المناطق الجغرافية لتحقيق التنمية الشاملة. وظهر ذلك بوضوح في مشروع مدينة العلمين الجديدة، حيث كانت منطقة الساحل الشمالي الغربي مهملة تنمويًا لعقود، مما قلل من قيمتها الاستثمارية رغم إمكاناتها الفريدة.
ومنذ 2014، وضعت الدولة مخططًا لتحقيق تنمية شاملة للمحور الغربي، بدأت بمدينة العلمين الجديدة التي أصبحت محورًا هامًا للتنمية المتكاملة للساحل الشمالي الغربي ومنخفض القطارة. وتعتمد المدينة على مصادر الطاقة المتجددة بعد تطهيرها من الألغام، وتحتوي على 15 ألف فدان معدة للتنمية الفورية.
وساهم إنشاء مدينة العلمين الجديدة في وضع منطقة الساحل الشمالي الغربي على خريطة الاستثمار والسياحة والتجارة العالمية. وكان الهدف الاستراتيجي منها جعل مصر بيئة جاذبة للاستثمار وتعظيم قيمة المناطق الجغرافية في خطط التنمية متوسطة وبعيدة المدى، مع تأكيد الشراكة مع القطاع الخاص.
وتساهم التنمية الإقليمية للساحل الشمالي الغربي في تحقيق معدل نمو اقتصادي مرتفع لا يقل عن 12% سنويًا، بزيادة مساهمة المنطقة في الناتج المحلي الإجمالي من أقل من 5% حاليًا إلى 7%، وتوفير نحو 1.5 مليون فرصة عمل، وتوطين ما لا يقل عن 5 ملايين نسمة.
كما تهدف إلى تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات المحلية، وتطوير شبكات البنية الأساسية، وإنشاء مدن جديدة مستدامة وذكية من الجيل الرابع لاستقطاب ملايين السكان. يسعى المخطط لتحقيق تنمية عمرانية متكاملة للساحل الشمالي الغربي، مستغلاً كافة الموارد المتاحة في المنطقة.
ويشمل المخطط استصلاح الأراضي بالاعتماد على مياه الأمطار والمياه الجوفية، وتنمية المدن الساحلية كمراكز رئيسية، وإنشاء مراكز سياحية عالمية، واستغلال المناطق الزراعية في إنشاء تجمعات عمرانية جديدة تعتمد على الأنشطة
السياحية والسكنية والتصنيع الزراعي والتعدين. كما يهدف إلى إنشاء تجمعات بيئية جديدة لخدمة أنشطة سياحة السفاري، واستصلاح ملايين الأفدنة باستخدام مياه البحر المحلاة والمياه المعالجة، مع استغلال منخفض القطارة في التنمية المتكاملة.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، إسلام الأمين، إن الساحل الشمالي يشهد تغييراً نوعياً كبيرًا إذ تسعى الدولة لتحويل المنطقة لمدن عمرانية متكاملة تعمل طوال العام وليس خلال موسم الصيف فقط، مشيداً بجهود الحكومة في جذب أنظار الاستثمار الأجنبي للسوق المصرية، والعمل باستمرار لدعم الاقتصاد المصري وتوفير ملايين فرص العمل.
وأضاف الأمين في تصريحات لـ صدى البلد، أن تطوير الدولة للساحل الشمالي يحمل العديد من الفوائد أهمها:
- التنمية الاقتصادية، إذ تطوير الساحل الشمالي يساهم في تحفيز النشاط الاقتصادي من خلال جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتوفير فرص عمل جديدة في قطاعات مثل السياحة، البناء، والخدمات.
- تخفيف الضغط على المدن الكبرى لأن تطوير مناطق جديدة يخفف الضغط على المدن الكبيرة والمزدحمة، مثل القاهرة، من خلال توزيع السكان بشكل أكثر توازناً.
- تحسين البنية التحتية لأن المشاريع الجديدة تتضمن تحسين البنية التحتية، مثل الطرق، والمياه، والكهرباء، والتي تفيد المجتمع بشكل عام.
- تعزيز السياحة حيث يتميز الساحل الشمالي بجمال طبيعي ومناخ معتدل، مما يجعله وجهة سياحية مثالية. تطوير هذه المنطقة يمكن أن يزيد من عدد السياح ويساهم في زيادة الدخل القومي من هذا القطاع.
- ولفت الأمين إلى أنه يمكن لتطوير الساحل الشمالي أن يتضمن مشروعات تستهدف الحفاظ على البيئة، مثل المشروعات العقارية المستدامة والطاقة النظيفة، مما يعزز من جهود الدولة في مجال الاستدامة البيئية.