يترأس قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، مساء اليوم السبت 6 يناير 2024، مراسم وطقوس القداس الإلهي الخاص باحتفالات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعيد الميلاد المجيد.
وُيصلي قداسة البابا تواضروس الثاني قداس عيد الميلاد المجيد في كاتدرائية ميلاد المسيح، وهي أكبر كنيسة في الشرق الأوسط، والمبنية في العاصمة الإدارية الجديدة.
ووجه البابا تواضروس الثاني رسالته الرعوية إلى أقباط المهجر بمناسبة عيد الميلاد المجيد.
وقال البابا في نص رسالته: “أهنئكم أيها الأحباء بالعام الميلادي الجديد وعيد الميلاد المجيد، أهنئكم من أرض مصر، من أرض القديس مارمرقس الرسول، كاروز مصر وأهنئكم بهذا العيد وأرسل التهنئة باسم كل الأقباط في مصر إلى كل الإيبارشيات
والكنائس القبطية الموجودة في ربوع العالم أهنئ الأباء المطارنة والآباء الأساقفة والآباء الكهنة، القمامصة والقسوس وأهنئ مجالس الكنائس والشمامسة وأهنئ كل الشعب القبطي الذي يحتفل بعيد الميلاد بحسب التقويم الشرقي الذي يوافق يوم 7 يناير”.
وتابع: “التأملات كثيرة جدا في عيد الميلاد المجيد، وربما يكون السؤال المهم الذي يشغلنا جميعًا: “أين هو المسيح؟”. العالم فيه الكثير من الاضطرابات والحروب والنزاعات ولكن السؤال المطروح منذ تجسد السيد المسيح هو:
“أين نجد يسوع؟”، الرعاة عندما ظهر لهم الملاك وبشرهم بقوله: “أنترُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشعب” ( لوقا 2 ( 10 )، كانوا رعاة يعملون عملًا بسيطًا جدًا، ولكنهم في نفس الوقت يهتمون بالرعية. وكانوا في
البادية في الصحراء. وكانوا في الليل يحرسون القطعان التي يرعونها. ثم نجد أن هؤلاء الرعاة عندما أشار إليهم الملاك بهذا الفرح العظيم، ينتقلون إلى المذود ويرون السيد المسيح طفلًا مقمطا بأقمصة صغيرة، وكان هذا
فرحهم وبعد ما رأوا المسيح انصرفو،ا ونفس السؤال كان مطروحًا مع حكماء المشرق، المجوس، الذين أيضًا بحسب كتبهم وعلمهم وبحثهم في النجوم، عندما يظهر نجم له مواصفات خاصة ويتحرك من الشرق الى الغرب تكون النتيجة إنهم
يصلون إلى ملك اليهود الذي يولد حديثًا، وقد أرهقوا في السفر. وكلنا نعلم جميعا إن إمكانيات السفر قديما كانت محدودة للغاية، يستغرقون في الطريق أسابيع وشهورًا ويصلون إلى بيت الملك المولود في بيت لحم، ويجدونه
ويقدمون له هداياهم ذهبًا ولبانًا ومزا نفس السؤال ” أين نجد المسيح المولود؟”، شغل هيرودس ملك اليهودية، ولكن كان قلبه شريرًا فأراد أن يبحث عن الصبي وتظاهر إنه يريد أن يكرمه باعتباره ملكًا، ولكنه في الحقيقة كان يضمر شرًا”.
واستكمل: “نسمع بعد ذلك أن هيرودس هو الذي أمر بقتل أطفال بيت لحم قلبه كان شريرًا. السؤال الذي يشغلنا ونحن نحتفل بالميلاد: أين نجد المسيح ؟ “. ربما نبحث عن المسيح في البيوت الكبيرة والأماكن الغالية الغنية والأماكن التي تعيش
في رفاهية التكنولوجيا بكل صورها أو في المواضع التي نظن أن المسيح يسكن فيها. كأماكن القصور والأماكن صاحبة المعيشة العظمى، ولكن الحقيقة أن المسيح نجده في أماكن ربما لا نتوقعها. ربما نجده في مكان مثل بيت لحم، وهي قرية صغيرة
مغمورة لا أحد يعرفها. ونجده ليس في مساكن البشر ولكن في مذاود الحيوانات نجده في مكان لا نتوقع أن يوجد فيه هذا المكان يتميز بالبساطة وبالنقاوة، ولذلك عندما تريد أن تبحث عن المسيح ابحث عنه في الأماكن البسيطة والأماكن النقية”.
واستطرد: “الأماكن التي تتميز بالطهارة وبالنقاوة وبالبراءة في الحياة نجد المسيح في القلوب الضعيفة. ابحث عنه، ولذلك أيها الحبيب إذا أردت أن تحتفل بعيد الميلاد،
الاحتفال ليس مجرد الثياب الجديدة والطعام وشجرة الميلاد والزينات الكثيرة، هذا احتفال مفرح ولكنه على المستوى الاجتماعي أما على المستوى الروحي فيجب أن تبحث عن
المسيح، وتجد في أثره تبحث عنه لتراه وتفرح به تبحث عنه في كل إنسان متواضع القلب، تبحث عنه في كل إنسان يبحث عن السلام، ابحث عنه في كل إنسان يريد أن يخدم الآخرين ابحث عن المسيح”.
وقال البابا تواضروس: “أتذكر أنه في يوم من الأيام جاءت مجموعة شباب من أستراليا وطلبوا أن يخدموا، فأرسلتهم إلى قرية صغيرة بمحافظة البحيرة، قريبا من الإسكندرية، ولما رجعوا الشباب من خدمة هذه القرية،
التعبير الوحيد اللي قالوه قدامي هو: “إننا هناك وجدنا المسيح”؛ لذلك احتفال الكريسماس ليس هو احتفال الأخذ هو احتفال العطاء، أنك تقدم تقدم جهدك ووقتك وفكرك ومالك وخدمتك ومن خلال هذه التقدمات الكثيرة
سوف ترى المسيح فلا تعش لذاتك ولا تعش بمفردك أنانيتك، ولكن عش من أجل الآخرين. وابحث عن كل النفوس التي فيها ضعف، النفوس التي تعاني من ضيقات أو أمراض أو متاعب، أو ثقيلي الأحمال، كما يعبر الكتاب المقدس،
اجعل الكريسماس ليس مجرد وقت ميلاد المسيح الذي نحتفل به في نهاية شهر كيهك. لكن اجعل الكريسماس طوال السنة بينما أنت تبحث عن المسيح في كل مكان. وستكون النتيجة إنك ستجد فرحًا كبيرًا يملأ قلبك.. أتذكر قصة
جميلة عن إنسان كان يبيع أشجار عيد الميلاد عندما أراد أن يبيع الأشجار الأخيرة التي معه في ليلة الكريسماس، لم يتقدم أحد لشرائها، فشعر بخيبة أمل أنه سيرجع البيت بدون دخل كاف ليس لديه ما يكفي أن يُحضر
به طعامًا أو يقدم به هدية لابنته فاقترحت عليه ابنته بما ان الكريسماس على وشك الانتهاء، خذ هذه الأشجار وقدمها هدايا للآخرين، فابتدأ يختار بعض البيوت الموجودة في الحي الذي يسكنه. فذهب إلى البيت الأول
وقدم شجرة هدية. فاستقبله أصحاب البيت رجل وامرأته مريضة بشدة، وفرحوا جدا بتلك الشجرة، ثم ذهب إلى البيت الثاني ليقدم لهم شجرة ووجد أن الأم في هذا البيت فقدت ابنتها. فكانت في حالة حزن ولا تحتفل
بالكريسماس، فلما قدم لها الشجرة هدية، عادت إليها فرحة عيد الميلاد، ثم ذهب للبيت الثالث ليقدم لهم شجرة فوجد زوجا وزوجة في خلاف والزوجة على وشك الطلاق فلما قدم الشجرة، فرحوا بالشجرة وفرحوا بعيد
الميلاد وكانت النتيجة الجميلة أن البيت الأول الذي كان فيه الزوج مع زوجته المريضة إنهم أرادوا أن يعبروا عن فرحتهم فقدموا طعامًا لهذا الرجل. ثم بعد قليل في البيت الثاني، أرادت الأم التي فقدت ابنتها
أن تعبر عن فرحتها وتقدم له هدية فكانت تشغل بيديها معطفا لابنتها التي توفيت فاخذت المعطف وقدمته هدية للرجل. فأخذه الأب وقدمه هدية لابنته والبيت الثالث الذي كان على وشك الطلاق، لما جاءت إليهما شجرة
الميلاد، ابتدأ الزوج والزوجة يراجعان نفسيهما ومزقا ورقة الطلاق. وعاد البيت في سلام وبعد رجوعهما لبعضهما، قدما عطايا لهذا الرجل ففرح هذا الرجل وابنته بالطعام وبالهدايا وبالعطايا المادية. وكانت هذه فرحتهما في عيد الميلاد”.
واختتم: “أنا سعيد أن أرسل إليكم هذه الرسالة إلى كل كنائسنا وإيبارشياتنا إنني سعيد بأننا نلتقي عبر هذه الرسالة في عيد الميلاد المجيد وأرجو لكم فرحًا وسعادة تملأ قلوبكم في هذا الميلاد
مع بداية العام الجديد، وأكرر تهنئتي إلى جميعكم، إلى كل الكنائس والإيبارشيات والأديرة، وإلى كل المدارس والإكليريكيات، وهذه التهنئة أرسلها لكم من أرض مصر التي تباركت بزيارة العائلة
المقدسة في القرن الأول الميلادي، وتباركت بالنبوات التي نقرؤها في سفر إشعياء وتباركت أيضا بكرازة القديس مارمرقس الرسول ربنا يحافظ عليكم ويكون معكم كل سنة جديدة وأنتم بخير وعيد ميلاد مجيد”.