تصلى جميع الكنائس القبطية الأرثوذكسية ومعظم الطوائف المسيحية صلوات الجمعة العظيمة، حيث تحيي ذكرى صلب وموت السيد المسيح ودفنه في الجلجثة، وهى بالنسبة للمسيحيين هي من أقدس أيام السنة، حيث تمتد الصلاة من الصباح الباكر وحتى غروب الشمس ولمدة 12 ساعة بلا توقف، مع الصوم الانقطاعى عن المياه والأكل منذ منتصف الليل حتى نهاية الصلوات أى لمدة تصل لأكثر من 18 ساعة.
أما الافطار فيكون على شرب الخل تمثلا بالسيد المسيح الذى طلب ماء ليشرب على الصليب فأعطاه الحراس أسفنجة مبللة بالخل، والافطار على طعام نباتي وبحسب العادات يكون “طعمية وفول نابت”.
ويترأس قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية صلوات الجمعة العظيمة في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، ويشاركه في الصلاة عدد من الأساقفة والكهنة، وخورس الكلية الإكليريكية بقيادة الأرشيدياكون إبراهيم عياد، بالإضافة إلى عدد من الشعب القبطي المتوافد من مختلف الإيبارشيات، كما تقام الصلوات بجميع الايبارشيات والكنائس في مصر والخارج
واعتادت الكنائس في هذا اليوم أن تزين أيقونة الصلبوت بالورود، ويرتدى الأباء الكهنة “صدرة” لونها أسود، كما يرتدى الشمامسة “بطرشيل” باللون الأسود.
يمنع التقبيل من الساعة الأولى من ليلة الأربعاء حتى نهاية قداس سبت النور لأجل قبلة يهوذا الغاشة.و لا تقام قداسات طوال أيام البصخة فيما عدا خميس العهد وقداس سبت الفرح.
والأساس الاحتفالي لهذه المناسبة يرجع إلى الكتاب المقدس، حيث يتم ذكر تفاصيل القبض على يسوع ومحاكمته وتعذيبه وصلبه ومن ثم موته ودفنه في يوم الجمعة، فضلا عن كونه حدث تاريخى وقع في سنة 33 ميلادية استنادًا إلى فصح اليهود الذي صلب فيه السيد المسيح حسب الإنجيل، كذلك حادثة إظلام السماء في وقت الظهيرة والتي أشار إليها الإنجيل أيضًا إلى جانب مجموعة من الأبحاث والدراسات الأخرى.
ويكون يوم الجمعة العظيمة هو آخر “جمعة” في الصوم الكبير الذى يمتد لمدة 55 يوما وفيه يكون الصيام من الساعة الثانية عشرة من بعد منتصف الليل وحتي غروب الشمس، وفيه تكتسي الكنائس وتلتزم بالصلوات الحزينة التى بدأت منذ انتهاء قداس “أحد الشعانين” إلى جانب اتشاحها باللون الأسود حدادا على صلب السيد المسيح.
طقس الجمعة العظيمة
وتقام صلوات البصخة خارج الخورس الاول لان السيد المسيح تألم وصلب خارج أورشليم فلذلك تصلى البصخة خارج الخورس الثانى ويوضع ستر اسود على المنجلية وتوشح أعمدة الكنيسة وجدرانها بالستائر السوداء.
يقوم البطريرك والاساقفة والآباء الكهنة بطقس الدفن على أيقونة الصلب، بلفها بساتر من الكتان النقى بالإضافة إلى باقة من الورد والعطور، ثم يضعوا على الأيقونة “ستر هيكل” إشارة إلى الحجر الموضوع على القبر، كما يضعوا شمعتين على جانبى الأيقونة.
فى ختام الصلاة، يرتل الشمامسة لحن يسمى بلحن غولغوثا، وهو لحن يعود لآلاف السنين ويقال انه لحن فرعوني.
ويطوف الشمامسة مع الآباء الكهنة بأيقونة الصلبوت مع الزهور والورد داخل الكنيسة، إشارة لحمل جسد المسيح ودفنه، في الزفة يطوف الكهنة والشمامسة وكل الشعب بأيقونة الصلبوت وكتاب البصخة والإنجيل المقدس حاملين الشموع والصلبان والمجامر في الكنيسة والهيكل وهم يرتلون بالدفوف كيرياليسون.
فى أخر الصلاة، يقوم الأقباط بعمل 400 ميطانيا بواقع 100 ميطانيا فى كل اتجاه من اتجاهات الأرض
و ميطانية وهي كلمة يونانية الأصل تعني سجدة. ويعتقد أن انحناء الرأس إلى الأسفل هو لإعلان الخضوع التام لله خالق السموات والأرض
يشار الى أن الالحان بالكنيسة في الجمعة العظيمة تتلى باللحن الحزيني، ويرتدى الكهنة ملابس كهنوتية سوداء، رمزًا لحزن الرسل على السيد المسيح، بالإضافة إلى إطفاء أنوار الكنيسة بأكملها، كذلك الشموع أيضا،و تتشح الكنيسة باللون الأسود طوال أسبوع الآلام حتى ليلة “ابو غلمسيس” سبت النور وتتحول كل الالوان الى اللون الأبيض.
ورصدت “البوابة نيوز” في جولتها لرصد الاستعداد للجمعة العظيمة وسبت النور والعادات التى يقوم بها الأقباط في هذه المناسبة التقت مع ماجدة إميل خادمة بكنيسة رؤساء الملائكة ميخائيل وغبريال بأم المصريين
وتقول “اميل ” إننا نحرص على الانتهاء من كافة التزامات العيد قبل احد الشعانين حتى نتفرغ للصلوات وقضاء الوقت في الكنيسة طوال اسبوع الالام وخاصتا يوم الجمعة العظيمة لأننا نعتبره اقدس يوم في السنة وأضافت أنها تقوم بتحضير الفول النابت من يوم الثلاثاء كعاداتها ليوم الجمعة العظيمة.
واوضحت انه يحتاج لـ 3 أيام لكي ينبت ويغطى بقطعة من القماش، مبلولة لزوم التنبيت في إشارة للكفن المقدس.. وايضا تصنع “الطعمية ” بالمنزل لتناولها مع الاسرة بعد صلاة الجمعة العظيمة .
واشارت ماجدة إلى انها حريصة على اصطحاب ابنائها وزوجها معها منذ اللحظات الأولى من نهار الجمعة للذهاب إلى الكنيسة لحضور الصلوات لانها تعتبره من اقدس ايام السنة وله طابع خاص في الصلوات.
ومن جانبه، قالت نهاد عشم الخادمة بكنيسة الانبا ابرأم فيصل، إن للجمعة العظيمة قدسية خاصة لانه يعد تذكار لصلب السيد المسيح.. موضحه انها تذهب الى الكنيسة في الصباح الباكر في حدود السادسة صباحًا مع بداية صلوات الجمعة العظيمة حتى انتهاءها مع غروب الشمس .
واضافت “عشم” انها تصوم من منتصف الليل ليلة الخميس حتى انتهاء الصلوات مع غروب الشمس ولمدة اكثر من 18 ساعة وتفطر على “خل” تمثلًا بالسيد المسيع عندما قال” انا عطشان ” فقدمه له “الخل “، موضحة أن هناك مجموعة من العادات التى تقوم بها الأسر المسيحية وهي الفطار على فول نابت وطعمية .
ولفتت إلى أن أكثر ما يلفت الانتباه هو حرص الكنيسة على رفع الصلوات في كل ساعة من أجل سلام العالم والمسافرين، والطلبة،والذين في ضيقة، ومن أجل مياه النيل، ومن أجل رئيس البلاد، ومن أجل الزرع والحيوانات وكل المخلوقات .
وقال الشماس ماريو كامل الشماس بكنيسة المرقسية الكبرى بكلوت بك، انه حريص على الحضور مبكرا للكنيسة والمشاركة في الصلوات، ويسبق هذا مراجعة الألحان والطقوس الخاصة بالجمعة العظيمة، حيث تردد مجموعة من المردات والألحان لا تقال إلا في هذا اليوم، موضحا ان هذا اليوم هو من الأيام المميزة التى تبقى في ذاكرة كل فرد لفترات طويلة.
وتقول كريستين ماهر عضوة في فريق الكشافة بكنيسة الأنبا ابرأم بفيصل وأن هذا اليوم له طابع خاص، لأن هذا اليوم تحديدا تكون فيه كثافة الحضور عالية جدا حيث يتم ترتيب العديد من التحضيرات لاستقبال المصلين عند دخولهم الكنيسة.
وتضيف، نتواجد في منذ الصباح الباكر لنكون في استقبال المصلين ونرحب بالجميع ونساعدهم على الوصول إلى أماكن جلوسهم في الكنيسة، فمهمتنا الرئاسية هي مساعدة الناس حتى لحظة انصرافهم من الكنيسة في غروب الشمس.