هاني محمد، شاب في العقد الرابع، يعمل بإحدى الشركات في قسم المبيعات، يتطلب عمله التحرك بالسيارة لأكثر من حي ومنطقة للوصول إلى أكبر عدد من العملاء، يروي «هاني» معاناته اليومية
مع السايس: «تقريبا بدفع يوميا 50 جنيه للسايس، بحكم شغلي بتحرك من مكان لمكان وبضطر أركن عربيتي وأطلع الشركات أو المكاتب لعمل اجتماعات مع العملاء، ومع نهاية كل اجتماع لازم وأنا
بتحرك من المكان ألاقي السايس واقف قدام العربية وبيمد إيده عشان ياخد فلوس، السايس لا يرضى بـ 5 جنيه، 10 جنيه في الركنة لو ساعة أو ساعتين والإتاوة بتكتر لو طولت شوية في الاجتماعات».
يمثل السايس ضغطا ماديا ونفسيا كبيرا على «هاني»، مع ارتفاع تكاليف المعيشة وارتفاع أسعار البنزين وغيره من الاحتياجات التي تتطلبها السيارة التي يمتلكها، يقول هاني: «طبعا إن كل يوم يكون في 40
إلى 50 جنيه مصاريف للسايس ضغط مادي كبير عليا، لدرجة إن فكرت أرجع أركب مواصلات أوفر ليا بدلا عن السيارة رغم الراحة التي توفرها لي السيارة، أنا فاكر مرة مكنش معايا فكة عشان أدفع للسايس لكنه
أصر على أن يأخذ مني المال، وجدته جلس فوق مقدمة السيارة وقالي بالحرف «دوسني يا باشا، بس مش هتمشي من غير ما تدفع»، وقتها اضطريت إني أسيب العربية وأروح أفك الفلوس عشان أدفعله الإتاوة الإجبارية».
متى ظهرت مهنة السايس؟
السايس مهنة مصرية بامتياز، فهي اختراع مصري خالص، قديما كان يطلق اسم «السايس» على العامل المسؤول عن رعاية وتدريب الخيول، ثم أصبح يطلق على العامل المسؤول عن توصيل الرسائل، ومن ثم أصبح يطلق على الشخص الذي يعتنى بالأشياء، وأخيرا أصبح يطلق على الأشخاص المهتمين برعاية السيارات.
وحاليا يمكن تعريف «السايس» بالشخص الذي يتولى مهمة تنظيم السيارات في الشوارع والطرقات، والبعض يطلق عليه «ركين السيارات»، فهو الشخص الذي يساعدك بالاجبار على أن تركن سيارتك، إذ غالبًا ما يضع يديه على أي مساحة على الطريق العام «بوضع اليد» ويبدأ في فرض وتحصيل رسوم على سائقي السيارات نظير خدماته.
كيف نظم القانون مهنة السايس؟
على الرغم من سن القوانين ووضع العقوبات اللازمة وتنظيم عملية الالتحاق بمهنة السايس إلا أن القانون الذي نوقش وأقر في عام 2021، وبدأت بعض المحافظات في الدخول حيز التنفيذ، إلا أن تطبيقه على أرض الواقع غير ملموس.
اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم انتظار مركبات السيارات في الشوارع تنص على أن رخصة العمل «سايس» سارية لمدة ثلاث سنوات تتراوح قيمتها ما بين 1000 إلى 2000 جنيه شهريًا للأماكن التي تستوعب من سيارة إلى 20 سيارة، ومن 2000 إلى ثلاثة آلاف جنيه للأماكن التي تستوعب أكثر من 21 سيارة، وذلك للأفراد العاديين أو من يتبعون شركة، وتدفع قيمة الرخص لرئاسة الحي أو المركز حيث ساحة الانتظار.
ويحظر القانون رقم 150 لسنة 2020 مزاولة نشاط تنظيم انتظار المركبات في الشوارع الخاضعة لولاية المحافظات أو أجهزة المدن التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إلا بعد الحصول على رخصة مزاولة النشاط.
وينص القانون رقم 150 لسنة 2020 بأنه يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على 10 آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من مارس نشاط تنظيم المركبات في غير الأماكن المحددة أو من دون ترخيص وتضاعف العقوبة بحديها في حالة العودة.
سايس: ابقى اسأل الحكومة
أمام مول في أحد شوارع حي مدينة نصر، يقف «عامر» شاب في العقد الثالث، واضعا فوطة صفراء على كتفه وصفارة في فمه، ويتحرك يمينا ويسارا، يعمل في مهنة السايس منذ 5 سنوات، جاء من قريته في
البحيرة وبدأ العمل في مهنة المعمار لكنه وجد أنها تحتاج إلى قوة بدنية كبيرة، يقول: «كنت بشتغل باليومية في طايفة المعمار، مجهود جبار من الفجر لحد العصر ويمكن أكتر وباخد 300 جنيه، مقدرتش
أكمل فيها للامانة، واحد من قريتي قالي في شغلانة سهلة وتجيب نفس اليومية بتاعت عامل المعمار، وخدني معاه لهنا والشغلانة سهلة بس عايز ضخص مفتح عشان في زباين كتير بتكون عايزة تهرب من دفع حق الركنة».
سألته: مش المفروض الحكومة عملت قانون مخصوص عشان السايس، أنت إزاي لسة شغال في المهنة دي من غير تراخيص ولا ورق، جاءت إجابته: «ابقى اسأل الحكومة يا باشا» وتركني وانصرف.