يتوجه الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم، إلى أنقرة في زيارة رسمية للجمهورية التركية، تلبية للدعوة المقدمة من الرئيس رجب طيب أردوغان، ووصف المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية الزيارة بـ«التاريخية»، مؤكدا أنها تؤسس لمرحلة جديدة من «الصداقة» بين البلدين.
وقال مساعد وزيرالخارجية الأسبق، السفير الدكتور محمد حجازي: إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى أنقرة ولقاءه بنظيره التركي الرئيس رجب طيب إردوغان تأتي في توقيت شديد الأهمية والخطورة يستدعي التواصل والتشاور بين القوى الإقليمية الفاعلة ذات المصداقية والتأثير كمصر وتركيا.
وأضاف السفير حجازي، في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، الأربعاء، أن مصر وتركيا، بوصفهما ركيزتي الأمن والاستقرار في الإقليم، في حاجة إلى التباحث والتنسيق من أجل الحيلولة دون دخول المنطقة في منعطف خطير بسبب اتساع دائرة
النزاع في المنطقة نتيجة استمرار حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة والجرائم الوحشية التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة بحق الفلسطينيين واستباحة دمائهم وتدميرها للقطاع وامتداد جرائمها لتشمل شمال الضفة الغربية.
وتابع مساعد وزيرالخارجية الأسبق: أن القاهرة وأنقرة سيتبادلان خلال الزيارة وجهات النظر حول كيفية احتواء الموقف المتأزم بمنطقة الشرق الأوسط والضغط على الأطراف الدولية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية الحليف والداعم الرئيسي لحكومة اسرائيل الاستيطانية المتطرفة حيث ترتبط مصر وتركيا بعلاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة.
وأشار إلى المسئولية الواقعة على مصر وتركيا مع الأردن تجاه حماية المقدسات الإسلامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة خاصة في ظل التعديات التي يقوم بها المستوطنون ووزراء من اليميني المتطرف بإسرائيل عبثًا
في المقدسات الإسلامية ولاسيما المسجد الأقصى المبارك والحرم الابراهيمي، علاوة على التصعيد العسكري بالضفة الغربية وتدمير البنية التحتية في مدنها بما يعد جريمة حرب تضاف لسجل جرائم الاحتلال الإسرائيلي.
ونوه السفير حجازي بأن مصر وتركيا قادرتان على لعب دور مهم ومؤثر في المحيط الإقليمي والعمل على تعزيز استقرار دول المنطقة في إطار من الفهم المتبادل للمسؤولية الملقاة على عاتقهما بوصفهما دولتين ذات ثقل استراتيجي كما
أنهما تلعبان دورًا مهمًا ورئيسيًا في تحقيق المكاسب الاقتصادية في الإقليم، قائلا: «مصر ستسعى لتوطيد العلاقات مع تركيا في مجال الغاز والطاقة والعمل على أن تكون منطقة شرق المتوسط منطقة أمن واستقرار دائم تستفيد منها الدولتان».
وألقى مساعد وزير الخارجية الأسبق الضوء على العلاقات الاستثمارية بين البلدين والمكاسب التي حققتها العلاقات التجارية والاقتصادية، إذ أن هناك تواصلا دائما في مجال ريادة الأعمال وتبادل الاستثمارات والعمل المشترك في العديد من
المجالات الأخرى علاوة على الاتفاقيات التي من المقرر توقيعها خلال تلك الزيارة الرئاسية في عدة مجالات مثل الطاقة والسياحة والزراعة والثقافة والتعليم وغيرها من المجالات التي من شأنها تحقيق انطلاقة جديدة في العلاقات المصرية التركية.
وأكد السفير حجازي أن هناك اهتمامًا من قبل القيادتين في مصر وتركيا على زيادة حجم التبادل التجاري ليلبي طموحات البلدين الكبيرين، والنهوض به من 10 مليارات إلى 15 مليار دولار، وهو هدف يسهل تحقيقه في ضوء الإرادة السياسية وعزيمة البلدين وتدفق الأعمال والاستثمارات.
واختتم مساعد وزير الخارجية الأسبق تصريحه بالقول: إن الشرق الأوسط في حاجة إلى الشراكة المصرية التركية بما يمكن أن تحققه من رافعة مشتركة لعمليات الإعمار المرتقبة في المنطقة والعمل معًا في كافة القطاعات لتشكيل وحدة اقتصادية تنموية عملاقة من خلال شركات الدولتين، تسهم بفاعلية في تحقيق مصالح الشعبين ومصالح شعوب المنطقة.
«نقلة غير مسبوقة»
في السياق ذاته، قال نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية اللواء محمد إبراهيم الدويري إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى تركيا والتي تبدا اليوم، هي الأولى منذ توليه الحكم عام 2014- تمثل نقلة نوعية غير مسبوقة وخطوة مميزة في إطار التحركات المصرية على المستوى الإقليمي.
وأضاف اللواء الدويري، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الأربعاء، أن تلك الزيارة تكتسب أهمية سياسية واقتصادية ترتبط ارتباطًا مباشرًا بالعلاقات الإستراتيجية بين دولتين يمكن أن نطلق عليهما قوتين إقليميتين عظمتين.
وتابع: «مصر تتحرك في إطارها الإقليمى مدفوعة برؤية متكاملة لدعم الأمن والإستقرار والتنمية في المنطقة، وهو جوهر المشروع المصرى وذلك في مواجهة أية مشروعات أخرى تهدف إلى زعزعة الإستقرار في المنطقة، وبالتالى عندما يأتى مثل هذا التحرك منسقًا بين دولتين بحجم كل من مصر وتركيا فإن الوضع الإقليمى لابد أن يتغير إلى الأفضل ويكون أكثر إيجابية وفعالية».
ونوه إلى أن زيارة الرئيس السيسي لتركيا تأتي كذلك في إطار ما تشهده المنطقة من تطورات مختلفة في العديد من المشكلات المؤثرة على استقرار المنطقة مثل الحرب
الإسرائيلية على غزة، والأزمتين الليبية والسورية، والأوضاع المتوترة في البحر الأحمر والقرن الأفريقى، وهى كلها تطورات تقتضى أن يكون هناك تنسيقًا متواصلًا بين
الدولتين على أعلى المستويات من أجل التوافق على رؤية موحدة لكيفية حل هذه المشكلات ومواجهة المخاطر التي تتعرض لها المنطقة والتى تؤثر – في حالة إستمرارها- بالسلب على مصالح الدولتين.
وأشار: «على المستوى الإقتصادى فإن هناك مجالات متعددة للتعاون بين الدولتين خلال المرحلة المقبلة سوف تتوج بعقد أول اجتماع لمجلس التعاون الاستراتيجى بمشاركة رئاسة الدولتين وهو تطور لافت
للنظر خاصة إذا ما أخذنا في الإعتبار أن هناك توافقاً على زيادة حجم التجارى الثنائى من حوالى 7 مليارات دولار إلى 15 مليار دولار إضافة إلى دعم المجالات الأخرى القائمة مثل الإستثمار والسياحة
والطاقة، بالإضافة إلى أن مصر تعد أكبر شريك تجارى لتركيا في إفريقيا، ومن المؤكد أن الزيارة سوف تفتح مجالات أوسع وأشمل في التعاون الإقتصادى بين الدولتين سواء على المستوى الحكومى أو القطاع الخاص».
ورأى اللواء محمد إبراهيم أن هذه الزيارة الرئاسية الهامة سوف تفتح بالفعل صفحة جديدة في العلاقات الإستراتيجية بين دولتين كبيرتين نجحتا في إزالة العديد من العقبات التي وقفت في طريق تحسين هذه العلاقات لحوالى عقد من الزمن لاسيما وأن التحسن الواضح في العلاقات الثنائية على المستوى الرئاسي بدأ مع زيارة الرئيس التركى أردوغان إلى مصر في 14 فبراير 2024.
وشدد على أن الخطوات التي إتخذتها تركيا لتمهيد الطريق أمام استئناف العلاقات على هذا المستوى الرفيع قد ساهمت في أن تتجاوب القيادة المصرية مع جهود تحسين العلاقات الثنائية، وبالتالى بدأت مصر التحرك من أجل وضع الأسس اللازمة لعلاقات إستراتيجية ممتدة بين الدولتين ليس فقط لتحقيق مصالحهما الثنائية ولكن أيضاً للقيام بدور فعال على المستويين الإقليمى والدولى.