على ضفاف النيل الساحر فى المنيا، تقع كنيسة جبل الطير، صرح تاريخى يضج بالحكايات والإيمان، هنا فى أحضان الجبل، اتّخذت العائلة المقدّسة مأوى لها، هرباً من بطش الرومان، تاركة أثراً مباركاً لا يُمحى، ومنذ عام 328، عندما زارت الملكة هيلانة أم
الملك قسطنطين المنطقة تحولت مغارة العائلة المقدسة إلى كنيسة عظيمة، حفرت الصخور بدقة لتُصبح رمزاً للفن والعبادة، وتُعد كنيسة العذراء بجبل الطير أقدم مزار دينى فى مصر، يفِد إليها الزوار من كل حدب وصوب، مسلمون ومسيحيون، للتبرّك وطلب الشفاعة.
وتستمر احتفالات ذكرى زيارة العائلة المقدّسة 10 أيام خلال شهر مايو من كل عام، ويزدحم خلالها المكان بالزوار من داخل وخارج مصر، هنا فى هذا المكان المقدس، تُنسى كل الفروقات، وتُرسل رسالة سلام إلى العالم أجمع.
ولا تقتصر حكاية جبل الطير على الكنيسة فقط، بل له أسماء أخرى تحمل عبق التاريخ، إذ يُعرف باسم جبل الطير، نسبة إلى طيور البوقيرس المهاجرة التى كانت تستقر على سفحه، كما يُسمى دير البكارة، نسبة إلى بكرة كانت تُستخدم فى الصعود والنزول من الجبل، وأخيراً، يُعرف باسم جبل الكف، تخليداً لذكرى معجزة طبع كف السيد المسيح على الصخرة لحماية العائلة المقدسة.
ويُعد دير جبل الطير علامة بارزة فى رحلة العائلة المقدّسة إلى مصر، صنّفته «يونيسكو» كأحد أهم 13 مكاناً دينياً فى العالم، ويتميز بتصميمه البازيليكى الفريد، الذى يُجسّد عظمة الفن المسيحى المبكر، كما أن كنيسة جبل الطير ليست مجرد مكان للعبادة، بل هى رحلة عبر الزمن، حكاية إيمان وتاريخ، ورمز للسلام.
وقال القس ثاوفيلس، راعى الكنيسة لـ«الوطن» إن منطقة جبل الطير، ثانى أبرز محطة فى رحلة العائلة المقدّسة إلى مصر، بعد دير المحرق، وضمن تصنيف «يونيسكو»، وتعتبر المزار الدينى الأقدم ويفِد إليه نحو نصف مليون زائر من
المسلمين والمسيحيين فى الاحتفال بالذكرى السنوية، تبرّكاً بالعذراء، وليرسلوا رسالة محبة وسلام إلى العالم، حيث تستمر الاحتفالات لمدة 10 أيام، ويقصد الجميع الكنيسة التى اختبأت داخلها العائلة المقدّسة للتبرك والدعاء
بقضاء الحوائج، وهناك الكثير من الأمور الروحانية التى يشعر بها الزوار ويحرصون على تكرار الزيارة التى يتم تحديدها فى شهر مايو أو أوائل شهر يونيو من كل عام، ويتوافد آلاف المواطنين من كل مصر، بل ومن خارجها للحصول على البركة.
وأضاف أن العائلة المقدّسة لجأت إلى مغارة صغيرة على الضفة الشرقية لنهر النيل، وتقع بحضن جبل الطير، لتكون ملجأ وملاذاً لها هرباً من الرومان، واختبأت مريم العذراء وطفلها لمدة 3 أيام، حلّت فيها البركات على
المنطقة، قبل أن تنطلق إلى دير المحرق بأسيوط لاستكمال الرحلة المباركة، وفى عام 328، جاءت الملكة هيلانة أم الملك قسطنطين الأول إلى الجبل وعلمت بالزيارة المباركة، فأمرت بنحت وتفريغ الصخرة المحيطة بالمغارة
على نظام طقس الكنيسة الأرثوذكسية، وأطلقت عليها اسم كنيسة العذراء، وهى عبارة عن صخرة واحدة تم تفريغها إلى أربعة حوائط صخرية، وبالصحن 10 أعمدة صخرية، وفى عام 1938 تم تجديد وبناء الطابق الثانى والثالث بالكنيسة.