قال مصرفيون تحدث إليهم مصراوي، إن البنك المركزي يتمهل في تحرير سعر الصرف- تعويم الجنيه مقابل العملات الأجنبية- حتى تقارب سعر الدولار في السوق الموازي مع الرسمي بالبنوك، وحسم برنامج التمويل المتوقع مع صندوق النقد الدولي.
كان مجتمع المال والأعمال يترقب خلال الأسبوع الجاري عودة البنك المركزي إلى تحرير سعر الصرف بعد الإعلان رسميا عن أكبر صفقة استثمارية بين مصر والإمارات بقيمة 35 مليار دولار في مدينة رأس الحكمة يوم الجمعة الماضية.
تضمنت الصفقة الاستثمارية تلقي مصر 15 مليار دولار خلال أسبوع و20 مليار دولار خلال شهرين من الإمارات تضمن تسوية ودائع إماراتية لدى البنك المركزي المصري بقيمة 5 مليارات دولار من الدفعة الأولى و6 مليارات دولار من الدفعة الثانية.
كان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء أعلن خلال اجتماع الحكومة اليوم، أن مصر تسلمت 5 مليارات دولار من الدُفعة الأولى لصفقة الشراكة الاستثمارية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، بخصوص مشروع تطوير وتنمية مدينة “رأس الحكمة”.
ومن المقرر أن تتسلم مصر غدًا 5 مليارات دولار أخرى، حيث تم اتخاذ إجراءات التنسيق بين البنك المركزي والجانب الإماراتي، لتحويل 5 مليارات دولار من الوديعة إلى الجنيه المصري، وخلال شهرين سيتم حصول مصر على باقي المبلغ الذي تم الإعلان عنه، وفق ما قاله مدبولي.
توحيد سعر الدولار في السوق الرسمي والسوداء
قال محمد عبد العال الخبير المصرفي، لـ”مصراوي”، إن البنك المركزي ينتظر قبل العودة إلى مرونة سعر الصرف تقارب سعر الدولار بين السوقين الرسمي والسوداء للاستفادة من الحدث الكبير وتأثيره النفسي والمادي من تدفقات النقد الأجنبي في مدينة رأس الحكمة.
خلال أسبوع شهد سعر الدولار في السوق السوداء لتجارة العملة تراجعا بنحو 14 جنيها لينخفض من 63.5 جنيه إلى 50 و51 جنيها خلال تعاملات اليوم، بعد تراجع المضاربات على العملة مدفوعة بالاستثمارات الضخمة في رأس الحكمة.
وأوضح عبد العال أن دخول استثمارات بقيمة 24 مليار دولار استثمارات مباشرة في رأس الحكمة بجانب استثمارات أخرى مرتقبة ستعطي زخما واسعا في صالح تخفيف الضغوط على الجنيه المصري وتراجع سعر الدولار في السوق الموازية للسعر الرسمي.
وتقارب سعر الدولار في السوق الموازي والرسمي يساعدان المركزي على تحرير سعر الصرف بشكل كامل أما في حال عدم القدرة واتساع الفجوة بين السوقين بنحو 10 جنيهات سيتجه المركزي إلى تحريك طفيف لقيمة الجنيه وليس تعويما كاملا، وفق ما قاله عبد العال.
كانت مصر خفضت قيمة الجنيه 3 مرات على مدار عامين ليرتفع الدولار بنحو 96% ليسجل بنهاية تعاملات البنوك اليوم 31 جنيها وهو سعر ثابت عليه من مارس الماضي حيث يقل بنحو 10 جنيهات عن سعره في السوق السوداء حتى كتابة هذا التقرير.
قبل تراجع سعر الدولار في السوق السوداء وصلت الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي بأكثر من 100% حتى شهر يناير الجاري بسبب زيادة ضغوط النقد الأجنبي التي تواجه مصر على مدار عامين قبل أن يبدأ في التراجع من شهر فبراير بعد رفع البنك المركزي سعر الفائدة 2%.
وأضاف محمد عبدالعال، أن مصر ستستفيد من مرونة سعر الصرف بعودة تدفقات النقد الأجنبي رسميا للسوق الرسمي في البنوك منها تحويلات المصريين العاملين بالخارج وتحسن التصنيف الائتماني لمصر بما يؤدي إلى انتعاش الاستثمارات المباشرة.
ويرى نائب رئيس المعاملات الدولية في أحد البنوك الخاصة، أن البنك المركزي لن يتعجل هذه المرة في قرار تحرير سعر الصرف قبل الانتهاء من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي حول برنامج التمويل قبل تحرير سعر الصرف.
كانت كريستالينا جورجيفا المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي قالت في تصريحات إعلامية في وقت سابق خلال فبراير الجاري إن الإعلان عن اتفاقية برنامج التمويل لمصر سيتم خلال أسابيع مؤكدة على قرب الانتهاء من التوصل لاتفاق مع مصر حول المراجعتين الأولى والثانية المؤجلتين.
ويبحث صندوق النقد الدولي رفع قيمة القرض المخصص لمصر بقيمة 3 مليارات دولار من ديسمبر الماضي بعد التبعات السلبية للحرب الإسرائيلية في غزة على الاقتصاد المصري.
وأوضح نائب رئيس المعاملات الدولية، أن حجم التمويل المقدم من صندوق النقد الدولي بجانب التمويلات من مؤسسات التمويل الدولية الأخرى ستحسم قرار المركزي بتحرير سعر الصرف أو تحريك طفيف للدولار مقابل الجنيه.
وأضاف، أن دخول تدفقات استثمارية مباشرة في مدينة رأس الحكمة وتراجع سعر الدولار في السوق الموازي تساعد المركزي على التقاط الأنفاس والتمهل في تحرير سعر الصرف.
كان بنك جولدمان ساكس العالمي، توقع في تقرير صادر له حديثا، أن يعلن صندوق النقد الدولي عن اتفاق برنامج تمويل موسع لمصر خلال الأسبوعين القادمين على أن يسبقه تحرير سعر صرف الجنيه، وفق ما لمسه خلال مباحثاته مع الحكومة المصرية أثناء زيارته لمصر.
وقال البنك إنه لمس خلال مباحثاته مع الحكومة المصرية بتوقع مبلغ يتراوح بين 15 مليار دولار إلى 20 مليار دولار، من صندوق النقد الدولي بما في ذلك التمويل من طرف ثالث (بشكل رئيسي من الاتحاد الأوروبي وغيره من المنظمات الدولية من غير دول مجلس التعاون الخليجي).
سعر الدولار المتوقع
وتوقع عبد العال تداول سعر الدولار في البنوك بين 45 و48 جنيها مع عودة البنك المركزي لتحرير سعر الصرف للتغلب على السوق السوداء والقضاء عليها نهائيا.
ورجح نائب رئيس المعاملات الدولية في أحد البنوك تراجع قيمة الجنيه رسميا في البنوك بين 40 و45 جنيها خلال 2024 مع العودة إلى مرونة سعر الصرف.
ورجح بنك جولدمان ساكس العالمي، انخفاض قيمة الجنيه إلى نطاق 45 و50 جنيها لكل دولار وذلك قبل إعلان صندوق النقد الدولي عن برنامج تمويل لمصر خلال أسبوعين.
فيما توقع مورجان ستانلي الأمريكي انخفاض قيمة الجنيه بشكل نسبي إلى 40 و45 جنيها بعد دخول استثمارات رأس الحكمة.