بعد ما أثاره غلق مصنع سكر أبوقرقاص بالمنيا من لغط كبير، عقب الإعلان عن غلقه لأول مرة منذ قرن ونصف من العمل في موسم القصب، فللمرة الأولى منذ عقود أعلنت شركة السكر والصناعات التكاملية المصرية، المالكة لمصنع سكر أبوقرقاص، أقدم مصانع السكر في الشرق الأوسط، وقف العمل في موسم القصب الشتوي لهذا العام.
وتوقف الصرح الصناعي لأول مرة منذ 155 سنة، حيث شُيد مصنع أبوقرقاص عام 1869، بعدما قررت الشركة توريد محصول القصب المتعاقد عليه مع مزارعي المنيا إلى مصنع سكر جرجا بمحافظة سوهاج، بسبب قلة القصب المورّد هذا العام، والذي بلغ نحو 10 آلاف طن فقط، والتي لا تكفي لتشغيل المصنع خمسة أيام، وذلك بحسب تصريحات اللواء عصام البديوي، رئيس مجلس إدارة مصانع السكر بمصر لـ«المصري اليوم».
يقع المصنع، الذي يرجع تاريخ إنشائه لعام 1869، على مساحة 84 فدانا، ويعمل من خلال 3 ورديات، مدة كل منها 7 ساعات متواصلة، حيث يصل الإنتاج اليومي للوردية الواحدة 300 طن من السكر، والذي يتم تعبئته بوزن 50 كيلو جراما للشيكارة الواحدة، وتتنوع المنتجات التي يقوم المصنع باستخراجها من عصر قصب السكر منها (السكر، الكحول النقي، خميرة للأعلاف الحيوانية، علف حيواني).
حاصل على الايزو ومساحته 84 فدان وينتج السكر والخميرة والكحول
إجمالي عدد العاملين بالمصنع 1407 عاملا، وتتنوع منتجات المصنع من سكر أبيض من القصب، وسكر أبيض من البنجر، ومولاس، ومصبعات لب البنجر العلف المصنع، ثاني أكسيد الكربون، وفبناس مركز، وكذلك الكحول النقي، والكحول المحول، والخميرة الجافة.
الطاقة الإنتاجية السنوية لمصنع أبوقرقاص تبلغ 38 ألف طن سكر قصب سنويًا، و78 ألف طن سكر بنجر سنويًا، وكحول 30 مليون لتر في السنة، وخميرة جافة 165 طنًا.
وحصل مصنع سكر أبوقرقاص على شهادات الجودة ISO 9001+ ISO 14001 + OHSAS 18001.
صناعة السكر في مصر بدأت من المنيا أيضًا.. محمد على بدأها عام 1818
بدأت صناعة السكر من القصب في مصر منذ عام 710 ميلاديًا، وكانت طرق صناعته بدائية، ومنذ عام 1818 ميلاديًا بدأت صناعة السكر الحديثة في مصر على يد محمد على باشا الكبير، والي مصر في هذا الوقت، حيث قرر إنشاء معمل (مصنع)
لتصنيع سكر القصب في إحدى القرى التابعة لمحافظة المنيا في صعيد مصر، وتحديدًا في قرية الريرمون التابعة لمركز ملوي، حيث كان يمتلك مساحات كبيرة مزروعة بالقصب في مزراعة الخاصة، واستقدم مهندسًا إنجليزيًا يسمى (Brim)
لإدارة هذا المصنع، وبعد وفاته استعان باثنين من الإيطاليين لتولي إدارة هذا المصنع، وكان إنتاجه يفوق إنتاج مصانع بريطانيا، الذي كان في الهند، وحدثت فتنة سنة 1828 وفيها توقف المصنع، وأزيل تمامًا من مكانه وتم تقسيمه لمنازل.
في عام 1834 تم إنشاء معملين آخرين في محافظة المنيا، واستعان محمد على باشا في عام 1846 بعدد من الفنيين الفرنسيين لتشغيل وإدارة هذه المعامل، وفي عام 1848 تم إنشاء 4 معامل أخرى لإنتاج السكر توزعت في الجيزة والمنيا وقنا، ويعتبر ما تم إنشاؤه من مصانع حتى هذا التاريخ إنجازًا يحسب لمحمد على باشا.
الخديوِ إسماعيل واهتمامه بصناعة السكر
في عام 1863 بعد تولي الخديوِ إسماعيل باشا حكم مصر خلفًا لعمه محمد سعيد باشا.
وفي وقت لاحق، بسبب انخفاض أسعار القطن بعد نهاية الحرب الأهلية الأمريكية، تنبه الخديوِ إسماعيل باشا لخطر اعتماد الاقتصاد المصري على محصول القطن فقط، فوجه اهتمامه إلى صناعة السكر، حيث تم إنشاء 18 مصنع للسكر شملت عدة أقاليم من أول محافظة بني سويف حتى محافظة قنا جنوبًا.
وإلى جانب هذه المصانع الحكومية تم إنشاء عدد من المصانع الأهلية الصغيرة، وبلغت عدد هذه المصانع 64 مصنعاً ومن بين هذه المصانع التي أنشئت في عهد الخديو اسماعيل باشا كان مصنع ابوقرقاص وأرمنت الذي بدأ في عام 1869 ميلادية، وتزامن إنشائهما وتشغيلهما مع افتتاح قناة السويس.
وفي عام 1881 ميلاديًا تم إنشاء شركة مساهمة برأسمال مصري وأجنبي (بلجيكي) لتكرير السكر بمدينة الحوامدية بمحافظة الجيزة وسميت شركة التكرير المصرية.
وفي عام 1892 تم تأسيس الشركة العامة لمصانع السكر في مصر في الوجه القبلي حيث قامت بتأسيس أحد المصانع في محافظة المنيا (الشيخ فضل) وأحد المصانع في محافظة قنا (نجع حمادي 1896) وفي عام 1893 تم إدماج الشركتين
في شركة واحدة هي الشركة العامة لمصانع السكر والتكرير المصرية التي قامت بحصر نشاطها في 5 مصانع فقط هي مصانع: ( مطاي – الشيخ فضل – أبوقرقاص – نجع حمادي – أرمنت ) إلى جانب مصنع تكرير السكر بالحوامدية.
وقامت هذه الشركة بإنشاء مصنع سكر كوم أمبو سنة 1912 وقد تعرضت صناعة السكر في مصر في هذا التوقيت العديد من الصعوبات نتيجة منافسة السكر المستورد للانتاج المحلي واستمر هذا
التعثر حتى سنة 1930 عندما تم الاتفاق بين الحكومة المصرية والشركة العامة لمصانع السكر والتكرير المصرية على إبرام اتفاقية لحماية الصناعة الوطنية تعهدت فيه الحكومة المصرية
وقتها بفرض ضريبة على السكر المستورد فيما عُرف باتفاقية (ربجي) وقد هاجمت الأحزاب المعارضة في هذا التوقيت هذه الاتفاقية واعتبرتها دعماً لاحتكار الشركة المصرية لسوق السكر المحلي.