نظم مركز “بى لمباس” للدرسات القبطية بكنيسة السيدة العذراء مريم بمهمشة، برئاسة وحضور نيافة الحبر الجليل الأنبا مارتيروس أسقف عام منطقة شرق السكة الحديد، اللقاء الشهري المعتاد، حيث استضاف المركز الدكتور رضي ذكي الذي القي محاضرة هامة عن تحديث المعلومات عن عمارة البازيليكات القبطية المبكرة من خلال دراسة وتحليل الآثار المسيحية.
وذلك بحضور العديد من الباحثين والدكاترة والمهتمين بالتراث والفنون القبطية والعديد من الآباء الكهنة والخدام.
بدأ اللقاء بصلاة افتتاحية قادها نيافة الأنبا مارتيروس،، ثم رحب نيافته بالحضور الكريم، وتمنى لهم الاستمتاع بمحاضرة الدكتور رضي ذكي وقام المهندس أشرف موريس منسق اللقاءات بمركز “بى لمباس ” بتقديم الدكتور رضي ذكي ونبذة مختصرة عنة.
وفي البداية، قال الدكتور رضي ذكي تميزت عمارة البازيليكات القبطية فى القرن الخامس الميلادى وبعده بتصميم خاص قلما يتكررفى كنائس الشرق، التصميم ذو ثلاثة حنايا، ويسمى الشكل الثلاثى الحنايا.
تُعرف المساحة المقصودة بالترى كونش ، عبارة عن رسم ثلاثة حنايا تُشكل مساحة واحدة على الأرض ويُعرف هذا الرسم بشكل التريفل، ووُجد هذا الشكل وأستُخدم فى العمارة الرومانية المبكرة وله وظائف متعددة. وصف الشكل: ثلاثة حنايا متعامدة لتكون مساحة واحدة، وفراغ واحد.
الوصف الأدق بعد التحليل المعمارى للبازيليكات المبكرة فى مصر: بازيليكا مسيحية فى مصر هيكلها يتكون من ثلاثة حنايا متساوية/ متقاربة/متعامدة تكون مساحة واحدة وفراغ واحد.
ويضيف الدكتور رضي ذكي الواقع الأثرى للبازيليكات المسيحية المبكرة، كانت الثلاثة حنايا المتجاورة فى بداية الأحداث العقيدية فى الشرق وظهرت فى أمثلة أثرية عديدة من آثار كنائس فى سوريا ومصر؛ بينما كانت متباعدة فى أمثلة ظهرت فى فلسطين وفى مصر أيضاً على سبيل المثال لا الحصر فى أراضى الإمبراطورية.
وقال الدكتور رضي ذكي في الحقيقة نحتاج التمييز بين رسم الشكل الثلاثى للحنايا فى عدة حالات: ثلاثة حنايا متجاورة – ثلاثة حنايا غير متساوية- ثلاثة حنايا متباعدة- ثلاثة حنايا متقاربة.
ففى كل حالة من الحالات السابقة تعبير معمارى مقصود من رسمها داخل البازيليكا المسيحية المبكرة، فأساقفة القرن الخامس الميلادى كانوا يعبروا عن عقيدتهم بالبناء داخل كنائسهم لتعليم شعوبهم، والتعبير ظهر فى مراحل متتابعة طبقاً للأحداث التاريخية الخاصة بالخلاف العقيدى منذ القرن الرابع الميلادى.
وأشار الدكتور رضي ذكي المناخ العقيدى فى زمن إنشاء البازيليكا القبطية المبكرة مناخ متوترفيما بين أساقفة الكنيسة بوجه عام، وإستمر هذا التوتر من قبل مجمع نيقية فى القرن الرابع الميلادى، وحتى فيما بعد مجمع أفسس فى القرن الخامس الميلادى وإلى القرن السادس الميلادى بحث العلماء فى تعبير الأساقفة فى بناء كنائس إيبارشياتهم.
البناء لثلاث محاريب(حنايا) متجاورة فى كنائس شرق المتوسط ومصر تم تنفيذهم للتعبير المباشر عن عقيدة الثالوث القدوس، ووردت أمثلة عديدة فى آثار كنائس سوريا المبكرة، كما وردت هذه
الحالة فى مصر فى مرحلة من مراحل بناء بازيليكا المدفن فى أبو مينا فى مريوط، وبعض أمثلة أثرية لم يشار أنها مبكرة لكنها تشترك فى ذات الملامح؛ فالتوجه بهذا الوصف بالبناء كان دفاعى
عقيدى عام عن الثالوث القدوس من جهة العدد والمجاورة للحنايا الثلاثة كانت أحد الحلول المعمارية، لكن كان يختلف قياس الحنيتين الجانبيتين عن الحنية البازيليكية المقتبسة من البازيليكا الرومانية.
وعن النمط القبطى الثلاثى الحنايا وأسباب ظهوره فى القرن الخامس الميلادى يقول الدكتور رضي ذكي
لوحظ أن بازيليكا الأشمونين فى ملوى- المنيا، وبازيليكا الميلاد فى بيت لحم يتشابهان فى المسقط الأفقى، فالثلاث حنايا فى الأشمونين يشكلوا فراغاً كبيراً بالجناح المستعرض المعروف رومانياً، وكان التوجه فى القرن الرابع الميلادى لتنفيذ حنيتين فى نهايتى الجناح المستعرض ليصبح عدد الحنايا ثلاثة حنايا تعبيرا،ً وإشارة تعليمية عن الثالوث القدوس.
حتى هذه النقطة الدفاع عن الثالوث الآب والإبن والروح القدس كان دفاعاً عاماً منتشراً معلوماً لتعليم الشعب المسيحى معنى الأقنوم والثلاث أقانيم؛ بينما يثبت نفوذ النساطرة فيما قبل مجمع أفسس 431م، وربما كان يساندهم
الأريوسيين فى تحقيق مايرغبوا تنفيذه فى بازيليكا الأشمونين من وضع عرش داخل الحنية فى الجناح المستعرض كيداً فى الأساقفة الأقباط حتى ينفذوا على أرض الواقع تعبيراً يحقق أطماعهم الفكرية فى إثبات صحة معتقدهم فى
المسيح الذى لايقبله الأقباط، ولأنه ثابت تاريخياً أن الإمبراطور قنستانتيوس الثانى (337-336م) أريوسى، والإمبراطور فالنز(364-378م) أريوسى أيضاً، يؤيد الباحث وجود ضغط من الهراطقة لتحقيق هذا الهدف فى الحنيتين للجناح المستعرض.
ظهر من التحليل المعمارى فى رسالة الباحث فى المسقط الأفقى لبازيليكا الأشمونين توتراً فى تنفيذه من خلال فتح باب فى حنية الجناح المستعرض بعد بنائها؛ لأن الحنية لايُفتح فيها باب فى تاريخ العمارة الرومانية، فالحنية لجلوس القاضى أو الراعى فيما بعد وليست لفتح باب فى منتصفها.
وعن إختلاف ملامح البازيليكتين الأشمونين، ومولد المسيح عن بازيليكا الدير الأبيض
يقول الدكتور رضي ذكي يجوز للباحث المعمارى والآثارى القول أن نمط بازيليكا الدير الأبيض النمط القبطى ثلاثى الحنايا بناء، ويجوز للباحث المعمارى القول أنه الحل
الأمثل فى التعبير عن الثالوث القدوس، كما يجوز القول أن التكوين قادر على الإقناع من حيث الشكل أنه تم تنفيذه لهذا الغرض التعبيرى التعليمى لجميع الأجيال القادمة، بل
كان التصرف بناء على أحداث تاريخية دفاعاً عن العقيدة السليمة بدون حدوث أى خلل فى أصول الإقتباس المعمارى من تاريخ العمارة الرومانية أو تاريخ بناء البازيليكا الرومانية.
قام الأساقفة الأقباط بتقليص طول الجناح المستعرض(الملكى)، فالحنيتان الشمالية والجنوبية أصبحتا متقاربتين مجتمعتين فى فراغ واحد مع الحنية البازيليكية المقتبسة من البازيليكا الرومانية، وبهذا الحل الأمثل لا وجود لفكرة وضع عروش عندما كانا متباعدتين بطول الجناح المستعرض فى الأشمونين.
ويؤكد الدكتور رضي ذكي أنه الحل الذى يحمل التمكن المعمارى فى تاريخ العمارة البازيليكية؛ لأنه حدد هيكل داخل البازيليكا المسيحية ذو طابع خاص أنشئ بناء على أحداث تاريخية، فإنشاؤه كان مُسبباً، وذلك
لمقاومة الفكر الهرطوقى النسطورى فإذا تم تنفيذ عرش فى الحنية الجانبية يعبر للأجيال القادمة أن المسيح إنسان، وبالتالى يثبت فكر الأريوسية أيضاً الذى قاومه الأقباط منذ قبل مجمع نيقية فى التعبير أن
جوهر المسيح ليس جوهر الله وطبيعته ليست طبيعه الله؛ فكان دفاع الأساقفة الأقباط فى الأشمونين بشكل حاد لم يحدث مسبقاً فى تاريخ بناء البازيليكات وتمثل فى فتح باب فى حنية نهاية الجناح المستعرض بعد إنشائها.
وعن إستمرار وجود النمط القبطى فى الواقع الأثرى والمعمارى فى مصر يشير الدكتور رضي ذكي الي
ظهر النمط القبطى فى غضون القرن الخامس الميلادى، وأقدم مثال أثرى بازيليكا الدير الأبيض ثم بازيليكا الدير الأحمر فى سوهاج، وأمثلة عديدة فى قرون متتاليةفى صعيد مصر. جدير بالتسجيل أن بازيليكا دندرة فى قنا إحتفظت بمعالم التصرف فى الأشمونين من فتح الحنية الشمالية والجنوبية كمسارين داخل هيكلها الثلاثى الحنايا.
واختتم اللقاء ببعض المداخلات الهامة من الباحثين والسادة الحضور، على العديد من الأسئلة والتعليقات والاستفسارات والمداخلات من الحضور، في جو من الحب والود ثم قدم نيافة الأنبا مارتيروس الشكر للحضور الكريم و الدكتور رضا ذكي
ومن المعروف والجدير بالذكر ان مركز (بي لمباس) يختص بدراسة أنشطة التراث القبطي والرحلات العلمية وورش عمل، وتبنى أبحاث علمية جديدة لتدريب صغار الباحيثن على الدراسة والبحث فى مجال القبطيات، بالإضافة إلى كورسات خاصة بدراسة اللغة اليونانية
، لمدة ساعة ، ومناقشة نصف ساعة ، وذلك بقاعة مجهزة خاصة بمقر نيافة الأنبا مارتيروس ويحاضر فية نخبة من السادة الأساتذة المتخصصين في التراث القبطي ، كالتاريخ والفن والآثار ، والأدب القبطي ، والموسيقي القبطية ، وتاريخ الرهبنة ، والمخطوطات