أثار قرار محمد عبداللطيف وزير التربية والتعليم الفني، الخاص بتركيب كاميرات مراقبة في الفصول الدراسية، جدلًا كبيرًا بين أولياء الأمور، فبينما اعتبر البعض أن هذه الخطوة ستساهم في تعزيز الأمن والسلامة
داخل المدارس، والحد من السلوكيات غير المرغوب فيها، وضمان تركيز الطلاب على العملية التعليمية، أعرب البعض الآخر عن مخاوفهم من انتهاك الخصوصية، مطالبين بتوضيحات حول كيفية استخدام هذه الكاميرات وضوابط تشغيلها.
جاء هذا القرار في إطار جهود الوزارة لتفعيل لائحة الانضباط بشكل كامل وضبط العملية التعليمية في المدارس، وقد أعلنه محمد عبداللطيف، وزير التربية والتعليم الفني، خلال اجتماعه مع مديري مديريات التربية والتعليم بمحافظات
قنا وسوهاج والأقصر وأسوان، ومديري الإدارات التعليمية، في أثناء الاستماع إلى رؤيتهم ومقترحاتهم لتطوير الأداء بالمديريات والعملية التعليمية، بالإضافة إلى مناقشة أبرز التحديات، وعلى رأسها مشكلة الكثافات الطلابية العالية.
جدل تركيب الكاميرات في الفصول الدراسية
يري حازم حامد، رئيس اتحاد معلمي مصر، أن الفكرة جيدة، ولكن تطبيقها يحتاج إلى ميزانية ضخمة، وأضاف أن تركيب الكاميرات سبق وأن تم تطبيقه العام الماضي في بعض المدارس الثانوية مع السبورة الذكية، لكنه لم يحقق الهدف المطلوب، ولم يلزم الطلاب ولا العاملين بالالتزام بقواعد ولوائح المنظومة التعليمية.
وأكد حامد لـ«المصري اليوم» أن تطوير التعليم لا يكون فقط من خلال تركيب الكاميرات في الفصول، بل يجب أن يكون من خلال تغيير المناهج والاهتمام بالمعلم بالتوازي مع مراقبة حضور الطلاب والمعلمين
وأدائهم في الفصول، وقال: «إصلاح المنظومة التعليمية يحتاج إلى حل واقعي وصحيح»، مؤكدًا أن عقلية الطلاب تغيرت عن الماضي، حيث أصبح الطالب اليوم يفكر في كيفية كسب المال وليس كيف يمكنه الحصول على تعليم جيد.
وطالب حامد، وزير التعليم بالاستعانة بخبرات المعلمين من قلب المحافظات، لأن لديهم خبرات كبيرة في الأزمات التي تواجه المنظومة قبل إصدار قرارات جديدة. واقترح أن تتم تجربة الكاميرات أولًا على عدد محدود من مدارس الابتدائي والإعدادي والثانوي، وفي حال نجاح التجربة يتم تعميمها على باقي المدارس حتى لا تتحمل الدولة أعباء مالية كبيرة.
التحديات المالية والتنفيذية
في السياق نفسه، أعرب الدكتور كمال غيث، الخبير في مجال التعليم، في حديث خاص لـ«المصري اليوم»، عن دهشته واستنكاره من فكرة تركيب كاميرات مراقبة وأجهزة بصمة في المدارس.
وقال «غيث»: «هذه الأجهزة تُستخدم في المؤسسات الثرية والمنضبطة التي تعتمد على رضا موظفيها لتحقيق النجاح، مثل البنوك والشركات الدولية». وتساءل: كيف يمكن تطبيق هذا القرار على 50 ألف مدرسة حكومية تضم نحو 25 مليون طالب ومليون معلم وإداري؟.
وأشار «غيث» إلى أن تطبيق قرار الوزير يتطلب شراء أكثر من مليون كاميرا لتركيبها في الفصول، بالإضافة إلى عدد كبير من شاشات العرض وموظفين لمراقبة عمل تلك الكاميرات.
ومع ذلك، أكد غيث أن هذه الحلول لن تُنهي المشكلات التعليمية أو الأزمات السلوكية التي تواجه المدارس، مؤكدا أن ما يدفع القليل من المعلمين والطلاب إلى الحضور بانتظام هو ضميرهم فقط، وليس إيمانهم بدور المدرسة التي أهملتها أنظمة الدولة السابقة في أولوياتها التعليمية.
التحديات التكنولوجية
على الجانب الآخر، قال وليد حجاج، خبير أمن المعلومات، إن تركيب الكاميرات في الفصول فكرة جيدة في المحافظات الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية، ولكن من الصعب تطبيقها في المدارس بالمحافظات البعيدة في القرى والنجوع.
وأكد «حجاج» لـ«المصري اليوم» أن مراقبة الفصول بالكاميرات يمكن أن تتم من خلال شبكة داخل المدرسة أو داخل المديرية التعليمية التابعة لها، ولكن من الصعب إنشاء شبكة مركزية تربط جميع المدارس، فهي تحتاج إلى بنية تحتية غير متوفرة حاليًا.
موضحا أن تركيب الكاميرات في كل فصل يكلف الدولة ميزانية كبيرة، ولن تقتصر التكاليف فقط على الكاميرات، بل تشمل أيضًا أجهزة تخزين البيانات (هارد ديسك) وفنيين وغيرهم.
في المقابل، أكد حجاج أن تطبيق البصمة الإلكترونية للحضور والانصراف يعد أسهل بكثير من حيث التكلفة والتنفيذ، ويمكن ربطها بالشبكة المركزية الخاصة بالوزارة بمرونة أكبر وبتكلفة أقل.