يمثل الفنان المعماري المصري الكبير رمسيس ويصا واصف ( 1911- 1974 ) أهمية كبيرة في تاريخ الفن المصري الحديث، فهو صاحب تجربة سجاد الحرانية التي بهرت العالم كله.
وأجرت “وطني” حوارًا مع الباحث ماجد كامل سرد لنا من خلاله قصة المهندس واصف، قائلًا:
رمسيس ويصا نفسه هو نجل السياسي الوطني الكبير ويصا واصف (1873- 1931 ) الذي كان محبا للفنون.
ولد رمسيس في 8 نوفمبر 1911 ؛ ونظرًا لعشقه الشديد للفنون منذ الطفولة، درس في أكاديمية الفنون في فرنسا حتى حصل على دبلوم الفن من أكاديمية الفنون بفرنسا عام 1935 ، وكان مشروع تخرجه هو ” المباني الفخارية في مصر القديمة ” وقد أعجبت به لجنة التحكيم في فرنسا ومنحته الجائزة الأولى.
وعاد بعدها إلى مصر ليبدأ عمله الأكاديمي كأستاذ للفنون وتاريخ العمارة في أكاديمية الفنون الجميلة في القاهرة ، وظل يتدرج في مناصبه حتى وصل إلى منصب رئيس قسم العمارة، وذلك خلال الفترة من ( 1956- 1969 ).
كما قام بتدريس مادة العمارة القبطية بالمعهد العالي للدراسات القبطية بالقاهرة ( مينا بديع عبد الملك :- أقباط في تاريخ مصر ، جمعية مارمينا العجاييي للدراسات القبطية بالإسكندرية، الجزء الأول نوفمبر 2017.. الصفحات من 135- 139 ).
ولقد كان يحرص أشد الحرص على ضرورة الحفاظ علي الطابع القبطي الأصيل في بناء الكنائس، ولقد كتب في ذلك: إن حالتنا الآن تدل على عدم الاهتمام بالآثار والتاريخ القبطي، وأنه يجب أن نوجه عناية كبرى إلى هذه الناحية وبخاصة عند التفكير في بناء كنائس جديدة.
وسبق أن تقدمت باقتراح إلى المجلس الملي العام لتأليف لجنة من المهندسين الأقباط الأخصائيين في هذا النوع من الفن لدراسته علي ضوء تراثنا القديم وخاصة في القرون الرابع والخامس والسادس، مع بحث أسباب التوقف في القرون الوسطي.
وقد بحثت في هذا الموضوع بحثا دقيقا بجانب قيامي بتدريس تاريخ العمارة في كلية الفنون الجميلة والمسائل التاريخية الأخرى، وبعد زيارتي للأديرة والكنائس القديمة أحسست بالفارق
الكبير بين الطراز القديم والطراز الحديث، لذلك أري انه يجب الاحتفاظ بالتراث القديم الموجود في الأديرة والكنائس الأثرية، وأن تكون للفن القبطي شخصيته المتميزة ، ويمكن لمعهد
الدراسات القبطية القيام بهذه المهمة وتنظيمها إذا اقتضى الأمر ، لأنه مؤسسة حيوية للأقباط ولو أنها مهملة الآن للأسف ) ( مينا بديع عبد الملك :- نفس المرجع السابق ؛ صفحتي 136 و137 ) .
ولقد قام بتشييد العديد من الكنائس والاديرة نذكر منها على سبيل المثال :-
1-كنيسة العذراء والقديس يوسف بسموحة 1952 .
2-دير الآباء الدومنيكان بالعباسية 1959 .
3-كنيسة السيدة العذراء المرعشلي بالزمالك 1960 .
4-بطريركية الأقباط الكاثوليك بمصر القديمة 1962 .
5-مطرانية الجيزة بشارع مراد .
كما شارك بالعمل مع المهندس المعماري الكبير حسن فتحي ( 1900- 1989 ) في بناء قرية القرنة بالأقصر ، وصمم متحف الفنان محمود مختار (1891- 1934 ) بالجزيرة وغير ذلك من المشروعات الكبري .
ويذكر كمال الملاخ ( 1918- 1987 ) في موسوعته “50 سنة من تاريخ الفن ” أنه عندما أنشيء المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب في 25 يناير 1956 ، وعند تشكيل لجنة الفنون التشكيلة بالمجلس.
كان رمسيس ويصا واصف واحدا من بين أعضائها، أما بقية الاعضاء فهم ( أحمد احمد يوسف – عبد المنعم هيكل – حامد سعيد- عبد القادر رزق – محمد صدقي الحباجنخي – صلاح طاهر – عبد السلام الشريف ) ( كمال الملاخ :- 50 سنة من الفن ؛ دار المعارف ؛ 1962 ؛ صفحة 78 ) .
أما عن قصة مدرسة السجاد الشعبي بالحرانية ، فهي كما يذكر عنها كمال الملاح.
عندما بدأ رمسيس ويصا واصف تجاربه لتكوين فنانين لهم شخصياتهم الشعبية دون التقيد بمدرسة معينة لكي يخلق مدرسة جديدة في الفن ، بدأ خلال عام 1944 باختيار عدد من الأطفال والأولاد من أبناء قرية الحرانية التي تقع علي مسافة 4 كيلو متر جنوب الهرم الأكبر على طريق سقارة.
وكان عمر الأطفال يتراوح ما بين الثامنة والثانية عشر من العمر .. وسلم كل منهم نولا خسبيا، ومجموعة من الأصواف المصبوغة بألوان مختلفة ، وتركهم يبدعون تحت إشرافه لمدة 14
سنة ؛ قام خلالها بتجارب مطولة كان الهدف منها اكتشاف المواهب والقدرات الكامنة عند هؤلاء الأطفال دون التقيد بنظريات الفن المختلفة، وبذلك تدفقت الابداعات الكامنة عند
هؤلاء الأطفال، وبذلك تحقق لرمسيس ويصا واصف فرصة إتاحة فرص عمل للأطفال، وأن يتقن صنعة معينة يستطيع أن يعيش من ثمارها عيشة كريمة مستقلة.. وإنماء ذوق الطفل العام وحساسيته .
وأقام رمسيس ويصا واصف معارض فنية عديدة بصالة جماعة الصداقة الفرنسية ومعهد الدراسات القبطية، كما أقام معرض في سويسرا في سبتمبرر 1958 ؛ وأقتنت سويسرا وأمريكا وهولندا وإيرلندا وكندا كثير من منتجاتهم ( كمال الملاخ :- 50 سنة من الفن ؛ صفحتي 114 و115).
ولقد كرمته الدولة بحصوله على جائزة الدولة التشجيعية في الفنون عام 1961 ، كما حصل مركز رمسيس ويصا واصف على جائزة “أغاخان الدولية ” التي منحت على اسمه في 4 سبتمبر 1983 ، و أثناء إنعقاد المؤتمر الأول
للمعمارين المصريين بالقاهرة خلال الفترة من 20 – 22 أبريل 1985 ، قرر المؤتمر أن يهدي “شهادة وفاء وتقدير ” إلى اسم رمسيس ويصا واصف تقديرا منه للدور الكبير الذي قام به في مجال العمل المعماري المصري والعربي.