اليوم الأحد الأول من الصوم، ويطلق عليه أحد الكنوز أو التجربة لأن اليوم جرب الرب يسوع المسيح من إبليس على قمة جبل أريحا وتدور عصور وقرون ويبقى الحدث تذكار والمكان
واقع يشهد على الحدث، فعلى قمة مرتفع يرتقي 350 متراً فوق مستوى سطح البحر، ووسط المنطقة الصحراوية الممتدة بين القدس وأريحا ونهر الاردن، يتربع جبل الأربعين، في
إشارة إلى المدة التي قضاها السيد المسيح على الجبل، صائماً ومتعبداً، أو جبل قرنطل، الذي يرتبط باسم الدير المحفور بين صخوره على يد البيزنطيين في القرن السادس الميلادي.
وتعد مدينة أريحا في الضفة الغربية ، من أقدم مدن العالم على الإطلاق، وتقع عند مستوى 250 متراً تحت سطح البحر، ولا تماثلها في ذلك أية مدينة أخرى في العالم، ويقصدها الفلسطينيون والسياح من مختلف أنحاء العالم؛ حيث تضمّ المدينة العديد من المواقع الأثرية، منها قصر هشام، الذي توجد فيه لوحة فسيفساء ضخمة هي الأكبر على الإطلاق، إضافة إلى العديد من الأديرة، منها: دير حجلة ودير وادي القلط.
ووفق منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو؛ بإنّ أريحا، الواقعة الآن في الضفة الغربية، ازدهرت في العصور القديمة بفضل قربها من المياه العذبة النابعة من واحة معمرة، تسمى عين السلطان، والتي سمحت للصيادين والرعاة بالاستيطان فيها وزراعة المحاصيل، وفي نهاية المطاف اتسعت رقعتها لتصبح مدينة أريحا.
يُعد جبل الأربعين، الذي يطلق عليه أيضاً جبل التجربة وقرنطل، يضمّ أقدم أديرة الروم الأرثوذكس التاريخية المشيدة على سفوح جبال وادي القلط، غرب أريحا، التي تعود إلى العام 325م، في عصر الملكة هيلانة، والدة الإمبراطور قسطنطين الأول.
ويعد الجبل تحفة معمارية فريدة؛ حيث يضمّ ممرّات وغرفاً صخرية تتوسّط عمق الجبل، إضافة إلى الدير، الذي علق جزء منه بالهواء والجزء الآخر جرى نحته بداخل جوف الجبل، مبيناً أنّ الدير اكتسب مكانته
الدينية لصلته بالسيد المسيح، بتذكار التجربة الرب يسوع المسيح حين أقام في مغارة تحت الدير طيلة أربعين يوماً صائماً، ولحقه الشيطان، وقال الكتاب المقدس عنها ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى
الْبَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ. فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَاراً وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، جَاعَ أَخِيراً. فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْمُجَرِّبُ وَقَالَ لَهُ:
إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللّهِ فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هذِهِ الْحِجَارَةُ خُبْزاً. فَأَجَابَ: مَكْتُوبٌ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الْإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللّهِ (متى 4:1-4).
ويوجد بالدير الموجود داخل الجبل العديد من المعالم الدينية، كالصلبان والمنحوتات المتعددة للرب يسوع المسيح، وكذلك اللوحات الفنية التي رسمت على سقف الدير، كما تمتلئ الشقوق الصخرية بجدران الدير بالأمنيات
التي كتبها الزائرون على قصاصات صغيرة من الورق، على أمل تحقيقها من قبل الرب، مشيراً إلى أنّ الدير يشرف عليه، وتديره بطريركية الروم الأرثوذكس، ويسكنه أربعة رهبان اليوم لاستقبال الزوار من جميع أنحاء العالم.
واطلق عليه جبل الأربعين لأن الجهة الشرقية من الجبل تضمّ 40 كهفاً، سكنها الرهبان في الأيام الأولى للمسيحية، ليحمل المكان دلالات تاريخية ودينية للطوائف المسيحية الشرقية والغربية، مشيراً إلى أنّه ما
يزال إلى يومنا هذا يرفض بعض الزائرين المسيحيين وعدد من النسّاك والرهبان ركوب التلفريك للوصول إلى الدير في أعلى الجبل، ويتمسكون بالسير على الأقدام للوصول إليه، حبا في الرب يسوع الذي جرب على أعلى الجبل.