تفجرت منذ الأمس أزمة في منطقة الزرايب بالمقطم بالقاهرة، بعد تداول أنباء عن صدور قرار بابوي بإعادة الأنبا أبانوب الأسقف العام لمنطقة منشأة ناصر لديره، وتم ترويج أسباب دون دلائل، ودفع البعض للانسياق وراء هذه الكتابات دون تحري الدقة.
والحقائق في هذه القضية تبدأ منذ رسامة نيافة الأنبا أبانوب أسقفًا عامًا لمنطقة المطقم والزرايب وهي منطقة تخضع لقداسة البابا وهو ليس أسقفًا مجلس، ومنذ هذا الوقت بدأت الخلافات بالمنطقة بين
الكهنة والشعب والأسقف، الذي لم ينجح في احتواء أبنائه في إطار أبوي، بل كان أسلوبه حاد، ولاسيما مع القمص المتنيح سمعان إبراهيم، وهو مؤسس دير القديس سمعان الخراز، الذي نجح في تحويل هذه
المنطقة العشوائية التي يغيب عن المسيح في قلوب سكان المنطقة، إلى ساحة للصلاة بل مزار سياحي عالمي، عاش خلالها القمص الراحل يفني بحياته من أجل أن يجذب أولاد الله إلى بيته، ليملك حبًا كبيرًا بين الأقباط.
وتزايدت المشكلات داخل المنطقة نتيجة ضعف الإدارة الحكيمة، في احتواء الأوضاع لاسيما سكان منشية ناصر، وهم لهم طبيعة خاصة في التعامل وكان يصعب أن يسيطر عليهم أحد حتى نجح القمص سمعان إبراهيم في زرع كلمة الله في قلوبهم ليحول من
صخور هذا الجبل إلى كلمة الله مثل مجاري المياه، ومنذ هذا الوقت لم ينجح الأسقف في لم شمل الأقباط بالمنطقة، وليس صحيح بحجة دفاعه عن الأرثوذكسية، فذا كان يملك هذا الفكر لكن يغيب عن فكر الإدارة الحكيمة ولغة الحوار اللين، ولم شكل أبنائه.
ورغم تزايد المشكلات طول ال 11 عام الماضية، وإرسال العديد من الشكاوى للمقر البابوي، لم يتم اتخاذ إجراء ضده، في حين اننا نجد انتقاد لقداسة البابا حيال أي أسقف أو كاهن يرتكب مخالفات أو إشكاليات وسبق أنه
تم اتخاذ إجراءات سابقة في عهد قداسة البابا شنودة الثالث ضد الأنبا أمونيوس أسقف الأقصر، والأنبا تكلا مطران دشنا قبل عودته، وكان الأمر مرتبط بالتعامل مع الراعية ولم نجد ما يحدث الآن في حالة اتخاذ قرار
ضد اسقف وكاهن ربما تكون لديه مخالفات كثيرة، والكنيسة لا تريد الكشف عنها في اطار ” المحبة تستر” ، ولكن القاعدة العامة لاى راهب أنه مات عن العالم ، ولذا هو خادم في أي مكان سواء في دير أو خارجه او العودة له.
ومع ذلك بعد هذه المقدمة نريد كشف بعض الحقائق بشأن أزمة الأنبا أبانوب:
أولًا: حتى الآن لم نرَ قرارًا رسميًا بعودة الأسقف للدير
ثانيًا: أن نيافة الأنبا أبانوب قدم ورقة بترك الخدمة بذلك للجنة الإيبارشيات التابعة للمجمع المقدس.
ثالثًا: لجنة الإيبارشيات قامت باستدعائه بناءً على هذه الورقة التي يريد إخلاء طرفه كأسقف عام من المنطقة.
رابعًا: وحسب علمنا من خلال مصادر بمنطقة منشية ناصر ان هناك أمور، ومخالفات أخرى تم التحقيق فيها.
خامسًا: أن الأمر ليس له أي علاقة بالفيديو الذي بثه نيافته بشأن سيمنار المجمع، حيث أن نيافته هو من طلب أن يعود للدير.
سادسًا: غير صحيح أن تم اتخاذ أي قرار ضده بشأن ما الأسباب المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي.
سابعًا: أنه يتم بث فيديوهات قديمة ليس لها علاقة بالأزمة الحالية مثل فيديو خاص بكورال للتراتيل أو فيديو آخر يقول انه لن يعود للدير لو تحرك جبل المقطم.
ثامنًا: أن لجنة الايبارشيات لا تصدر أي قرار سوى بالأدلة بعد التحقيق الشامل وبالأوراق التي تثبت حجته، في اطار قواعد الكنيسة.
تاسعا: كيف يقال طوال السنوات الماضية ان قداسة البابا قام برسامة الانبا أبانوب لمواجهة الفكر الغير أرثوذكسي، واليوم يتم الترويج انه يتم إعادة الانبا أبانوب لانه يواجه الفكر الغير أرثوذكسيي
عاشرًا: كنيستنا الأرثوذكسية كنيسة قوية منية على الصخر، لم يؤثر فيها على مدار التاريخ ولم يهز ايمانها أي فكر أخر، أن ما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي، ما هو الا تدخل في شؤون داخلية ترتبط بقداسة البابا رأس الكنيسة والمجمع المقدس.
والسؤال: ماذا اذا حدثت كارثة بسبب وجود هذا الأسقف؟ سنجد أيضا نفس المهاجمين لقداسته يهاجمونه لانه صمت وترك الخدمة دون ضبط ولم يتخذ أي إجراء مبكرًا لحماية الكنيسة، مثل الأحداث التي وقعت في
الأديرة كنا نتابع النقد للكنيسة ولقداسة البابا لانه لم يتخذ إجراءات حاسمة لضبط الأوضاع بالأديرة، وعندما يفعل قداسة البابا هذا الأمر نجد نفس الأشخاص يهاجمون قداسة البابا لانه اتخذ هذه
الإجراءات وراء مبررات غير مقبولة، اذا افصحت الكنيسة عن أسباب هذه الإجراءات يتم مهاجمتها لأنها كان لابد ان تحافظ على أبنائه دون فضحهم، واذا لم تفصح نجد طرح مبررات لا تستند لحقائق لوجود ذريعة للهجوم على الكنيسة.
أيها الأقباط لا تنسقوا وراء الشائعات، أو ترويج لا يستند لحقائق، فهناك رأس للكنيسة يحمل الكثير من المتاعب والهموم لكنيسته ولأبنائه داخل مصر وخارجها، ووسط المتغيرات العصرية الحديثة تزايدت
الضغوط، فبالأولى عليكم مساندة أبيكم ودعمه، لانه أولى بمعرفة دواخل البيت، فهو لا يرى ويعرف ما لا نحن نعرفه، ولكل فرد منا بيته ولن يخرج ليقول حدث داخل بيتى كذا وكذا، فقداسة البابا وأعضاء المجمع
المقدس حافظين لكنيستهم وايمانهم، وليس صحيح ما يتم الترويج ان الكنيسة تخضع لكنيسة أخري غير أرثوذكسية، فهذا عبث لا يمكن أن يصدقه أي عقل، ولكن الكنيسة تقدم صورة المسيح في محبة الآخرين دون التنازل عن ايمانها.
كان عليكم الانتظار والتأني لحين صدور بيان او قرار من لجنة الإيبارشيات حول الأمر لان ” ما خفي كان أعظم”، ولذا علينا استخدام قواعد التفكير فيما ينشر على التواصل الاجتماعي فهو ليس مسلمات، وعلينا
العودة للمصادرة الاصلية، ومن جهة اخري، أن لغة الحوار والنقد أمر مباح للجميع ولكن هناك قواعد للاحترام وأصول الحوار، لاسيما عندما تتحدث عن رأس الكنيسة وهو ” ابوك”، فلا يليق ان تخرج عن قواعد الحوار
بالسخرية أو الإهانة، فهذا ليس ما نتعلم من مسيحنا، وعلينا أن نتساءل ونطرح الأسئلة وأن اثق ان قداسة البابا يجيب على أبنائه، فهو يرصد ويتابع ويرد، فهو يرسخ قاعدة التواصل الدائم ويرد على الجميع ويحمل حبًا لأبنائه …
والسؤال الآخر: هل تظن أن هناك اسقفًا ناجحًا ويخدم بأمانة ويجد الحب بين الجميع، فيتم نقله أو إعادته لديره دون أسباب، بكل تأكيد لن يحدث هذا، لان قداسة البابا دائما يبحث عن هذا النموذج وقدمه في عظاته عدة مرات حول صفات الأسقف وهى
1- الأسقف راعي محب: والأبوة في الكنيسة تعلمنا أن سلطة الأسقف في أبوته فينبغي أن تظهر أبوته في كل صباح ومساء فهو يشبع الكل ويستر على الكل.
2- المعلم المشبع: نبغي أن يكون معلمًا صالحّا مشبعًا والشبع نجده في الكتاب المقدس «فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله» فهو يعيش بالوصية ويشجع أبناءه يعيشوا بالوصية.
3- مدبرًا حكيمًا: صفة التدبير هي علم الإدارة في العلوم الإنسانية فيكون مدبرًا حكيمًا. مدبر في نشاط الإيبارشية وحياة الكهنة واحتياجات الرعية.
4- الساهر الأمين: فالله أعطي لكل إنسان حقل عمل ولكن في كل شئ يجب أن يكون ساهرًا أمينًا، فلا يجب أن يغيب عن رعيته وقت طويل. يجب أن يكون متواجد بين رعيته على الدوام.
وفى النهاية كنيستنا تحتاج لحوار داخلى وباب قداسة البابا مفتوح للجميع، فلماذا اثارة الأمور على السوشيال ميديا وهناك قنوات للحوار، لماذا نسمح بإثارة ونسبب ثغرات للضعفاء والبسطاء، حافظوا على
كنيستكم ورأسها، وتمسكوا بتعاليم السيد المسيح، فنحن جميعا جسد واحد، وجميع الأساقفة والكهنة في خدمة كنيستهم فلا تصنعوا أزمات وعثرات وصلوا لأجل كنيستنا التي لم تهتز على مر العصور مهما كانت الضربات.
علينا الانتظار ونثق أن الكنيسة سوف تجيب على كل الأسئلة حول هذا الأمر