يعد دير القديسة دميانة بمركز بلقاس واحدا من المعالم الأثرية القبطية الهامة بمحافظة الدقهلية، يحظى بإقبال كبير من الأقباط وأيضا بعض المسلمين، ويقع الدير فى منطقة غرب محافظة الدقهلية، بالقرب من محافظة دمياط وكفر الشيخ.
ويحظى دير القديسة دميانة بمكانة كبيرة ومميزة لدى الأقباط الأرثوذكس، حيث يوجد به جسد القديسة دميانة و40 عذراء داخل قبر الدير، وهو ما يدفع جموع الأقباط إلى زيارته سنويًا من كل بقاع مصر للحصول على البركة ويتم تنظيم رحلات من كل المحافظات البعيدة للزيارة.
ويتم الاحتفال بالعيد سنويا فى الفترة مابين 12 حتى 20 مايو من كل عام، وهو الاحتفال الذى يقصده آلاف المسيحيين فى مصر وعدد من الدول الأجنبية؛ للمشاركة فى الاحتفالات وإقامة الصلوات والقداسات وزيارة قبر القديسة دميانة والكنائس الأثرية لأخذ البركة وتقديم الطلبات والنذور.
وترجع قصة القديسة دميانة والتى عاشت راهبة مع أربعين عذراء فى ديرها بالبرارى، وهى أول راهبة فى التاريخ، ورفضت دميانة الزواج من أحد النبلاء وأعلنت عزمها على حياة البتولية فى سن الثامنة عشرة، وقام والدها الوالى مرقص ببناء قصر له فى ناحية
بلقاس لتتعبد به وقامت بتحويله إلى دير، وأخلصت فى رسالة السيد المسيح ومحبته، وظلت داخل الدير حتى توفيت شهيدة على يد الملك الرومانى دقلديانوس الذى قتل فى عهده آلاف الشهداء المسيحيين بعدما رفضوا العودة إلى الوثنية وذلك خلال القرن الميلادى الثالث.
ويقع الدير فى الأراضى التى كانت تتبع قديماً جزءًا من مقاطعة مصرية تسمى إقليم البرلس والذى يقع حاليا بالدلتا بمنطقة البرارى، واشتهرت تلك المنطقة بزراعة أنواع نادرة من الزعفران والحشائش العطرية الغالية القيمة، وحاليا يتبع الدير جغرافيا مركز بلقاس غرب النيل فرع دمياط ويبعد عن مدينة بلقاس بنحو 12 كم.
وأكد القمص ديسقورس شحاتة وكيل المطرانية، أن هناك ارتباطا وثيقا بين دير القديسة دميانة وبين إبراشية القدس والتى كانت تابعة للإشراف الروحى لها وبين اورشليم، وأضاف أن العائلة المقدسة مرت أثناء
زيارتها لمصر بالدير الواقع بمنطقة البرارى قادمين من سمنود وذلك فى القرن الرابع الميلادى، وبسبب دماء القديسة دميانة والأربعين عذراء قد أُريقت فى تلك الارض لذا اصبحت هذه المنطقة مباركة ومقدسة لدى الأقباط.
أضاف شحاتة أن الدير مقام بجوار مدينة الزعفرانة التى كانت بمثابة عاصمة لمنطقة البرلس وبها كرسى أسقفى، سكن فيها والدا القديسة، وكان والدها مرقس هو الحاكم عليها، وبنى فيها قصراً للقديسة دميانة لتتعبد فيه خارج مدينة الزعفرانة.
وبعد استشهاد القديسة دميانة مع العذراى دُفنت أجسادهن فى المكان الذى تعبدت فيه، إلى أن جاءت الإمبراطورة هيلانة أم الملك قسطنطين وبنت مقبرة خاصة بهن وكنيسة على هذه المقبرة وذلك أثناء قيامها ببناء كنيسة القيامة بأورشليم.
وفى القرن السادس، فى عهد الأنبا يوحنا أسقف البرلس أعيد بناء الكنيسة، ويحتوى الدير على مخطوطات عديدة فى مكتبة الدير يعود تاريخ كتابتها إلى القرون الماضية.
أوضح القمص ديسقورس شحاتة أن من أهم المعالم الأثرية بالدير كنيسة هو قبر القديسة دميانة حيث يوجد عمودان من الرخام وأيقونة كبيرة للقديسة دميانة، أسفلهما خزينة تضم رفات الشهيدة، حيث دفنت أسفل الكنيسة مع الأربعين عذراء ووجدت رفات لهم فى عصر الإمبراطورة هيلانة، ثم جاء طوفان من مياه النيل اكتسح الدير وبقى فقط منه عمودان.
ويوجد حول قبر القديسة، أيقونات أثرية، وأخرى حديثة، وزجاج معشق رسمته أيادى الراهبات بالألوان للقديسة دميانة والأربعين عذراء.
و أمام الكنيسة دير قديم كان مقرًا لرهبان الخدمة، عمل الأنبا بيشوى اسقف الدير الراحل على الحفاظ على طابعه الأثرى وقام بترميمه بنفس نوع الحجارة المستخدمة فى بنائه بمساعدة وزارة الآثار، وعلى
اليسار كنيستين أثريتين، الأولى تحمل اسم الأنبا أنطونيوس أبو الرهبنة القبطية تم اكتشافها عام 1999، وصدر قرار من هيئة الآثار بإعادة بنائها مرة أخرى وأثناء إعادة البناء تم اكتشاف كنيسة أخرى
وحملت اسم الأنبا بولا، وبنيت لهما القباب، فى مدخل الكنيسة الأولى مكانًا لغسل الأقدام يعود إلى تأسيس الدير حيث كان الرجال يغسلون أرجلهم فيه قبل الدخول إلى الكنيسة، ويربط بين الكنيستين ممر واحد.
و أسفل الدير وعلى مساحة كبيرة يوجد صهريج مياه أثرى يعود إلى القرن الرابع الميلادى، ما زال محتفظًا برونقه حتى الآن بطول 35 مترا، وعرض أربعة أمتار ونصف، تجرى فيه المياه حتى اليوم.