في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية العالمية، لم تسلم قناة السويس في مصر من تداعيات هذه الأحداث، إذ شهدت خسائر ملحوظة في إيراداتها نتيجة الأوضاع المتأزمة في المنطقة.
جاء ذلك في تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال حفل تخرج دفعة جديدة من أكاديمية الشرطة، حيث أوضح أن قناة السويس قد فقدت ما بين 50% إلى 60% من إيراداتها خلال الأشهر الثمانية الماضية، مما يقدر الخسائر بنحو 6 مليارات دولار.
تزامنًا مع هذا التدهور، سجلت الإحصائيات انخفاضًا في عدد السفن العابرة للقناة، حيث عبرت 20148 سفينة بإجمالي حمولات تصل إلى مليار طن في العام المالي 2023/2024، مقارنة بـ25911 سفينة في العام السابق.
تحذيرات صندوق النقد الدولي
سبق أن حذر صندوق النقد الدولي من أن تداعيات استمرار الصراع في منطقة الشرق الأوسط تؤثر على قناة السويس.
كما أكد الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، أن حركة الملاحة تأثرت بشدة جراء أزمة البحر الأحمر، حيث دفعت التوترات الأمنية العديد من مالكي السفن إلى استخدام طرق بديلة، مما أثر سلبًا على حركة الملاحة.
وذكرت الهيئة أن هذه التحديات الأمنية أدت إلى تحويل نحو 20% من حركة الملاحة إلى طرق أخرى، مثل طريق رأس الرجاء الصالح.
في العام المالي 2023/2024، حققت قناة السويس إيرادات بقيمة 7.2 مليار دولار، مما يُعد انخفاضًا كبيرًا مقارنة بإيرادات العام السابق التي بلغت 9.4 مليار دولار.
كما أشار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، في يوليو الماضي، إلى خسارة قناة السويس ما بين 500 و550 مليون دولار شهريًا نتيجة الاضطرابات التي تشهدها المنطقة، متسائلًا: “كيف يمكن أن تتقلص إيرادات قناة السويس إلى 300 مليون دولار بينما كنا نتوقع 800 مليون دولار؟”
تحركات الحكومة
استجابة لهذه الأوضاع، بدأت الحكومة المصرية في تنفيذ خطط جديدة لدعم قناة السويس، بما في ذلك إطلاق مبادرات لتطوير الخدمات الملاحية، وتقديم تخفيضات على الرسوم، وتحسين البنية التحتية للقناة. كما تسعى هيئة قناة السويس لتعزيز قدراتها عبر الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة، بما يتضمن استخدام الأنظمة الرقمية لتحسين إدارة حركة الملاحة وتوفير بيانات دقيقة للسفن لتجنب الأوقات الضائعة.
الهجمات الحوثية وتأثيرها
في نوفمبر الماضي، صعّد الحوثيون هجماتهم ضد سفن الشحن في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، مما أدى إلى انخفاض حركة المرور في قناة السويس بنسبة 42% بين نهاية ديسمبر 2023 وأوائل فبراير 2024، وفقًا للبنك الدولي.
تجدر الإشارة إلى أن عائدات قناة السويس، التي تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، تشكل أحد أبرز مصادر النقد الأجنبي لمصر، حيث تؤمن عبور 12% من حركة التجارة البحرية الدولية.
وقد أُنشئت القناة في العام 1869 بهدف السماح للسفن بتجنب الرحلة الطويلة حول أفريقيا، وتُعد إيراداتها مصدرًا رئيسيًا للنقد الأجنبي، مما يساهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد الوطني.