يوافق اليوم الأحد 17 مارس الذكرى الـ 12 لرحيل البابا شنودة الثالث، بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية، وهو البطريرك الـ 117 من بطاركة الكنيسة، الذي توفي عن عمر يناهز 89 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض.
ذكرى رحيل البابا شنودة الثالث
وبدأ منذ أمس وحتى صباح اليوم نشر الأقباط على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا للبابا شنودة ليحيون ذكرى نياحته (وفاته)، فكان يتميز بكثير من الصفات التي جعلته قريباً من قلوب جميع المصريين، ومنها الحنان والرفق بالناس، والحب والعطاء والحكمة والبساطة في الأسلوب والتعبير بجانب ثقافته العالية.
ويُعد البابا شنودة هو ثاني أكثر بطريرك يجلس على الكرسي المرقسي، وجلس لمدة 44 سنة منذ نياحة البابا كيرلس السادس في 9 مارس 1971، وكان البابا كيرلس الخامس هو أكبر بطريرك يجلس على الكرسي المرقسي، إذ جلس على الكرسي البابوي لمدة 52 عامًا و9 أشهر.
وولد البابا شنودة الثالث في 3 أغسطس 1923، بقرية سلام بأسيوط يتيما بعد وفاة والدته أثناء ولادته، وظهر نبوغه منذ طفولته إذ لم تكن له شهادة ميلاد عند وصوله للسن الإلزامي لدخول المدرسة، والطريف أن الطفل الذكي نظير جيد، اسمه قبل الرهبنة، أرشد الطبيب إلى يوم مولده بدقة، بحسب الكنيسة.
واجتاز مراحله التعليمية الأولى في ثلاثة محافظات دمنهور والإسكندرية وأسيوط، وأتم دراسته الثانوية بشبرا مصر، وكذلك بدأ نظير خدمة بالكنيسة في السابعة عشر من عمره بكنيسة الأنبا أنطونيوس بشبرا ليخدم في مدارس الأحد، ومنذ ذلك الوقت وبدأت ميوله للرهبنة وحياة الدير وفاتح أب اعترافه القمص ميخائيل إبراهيم في ذلك الأمر الذي أرشده إلى حياة الصلاة والهدوء والتأمل والنسك.
وفي يوم 18 يوليو 1954 رسم الشاب نظير جيد البالغ من عمر 31 عامًا راهبًا باسم الراهب أنطونيوس السرياني، ووجد في الرهبنة حياة مليئة بالحرية والنقاء، وبعد عامين من رهبنته أحب البرية وحياة الوحدة فاتجه إلى مغارة في الصحراء ليخرج منها بعد 6 سنوات كأول أسقف للتعليم في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
وبعد رحيل البابا كيرلس السادس في 9 مارس 1971، ولتقع القرعة الهيكيلية على البابا شنودة ليكون البطريرك الـ117 من بطاركة الكنيسة منذ ذلك الحين وحتى 17 مارس 2012، إذ أعلنت الكنيسة وفاة البابا شنودة الثالث بعد صراع طويل مع المرض بعد خدمة في الكنيسة امتدت لـ60 عاما.
البابا شنودة وحب الوطن
كانت وطنية البابا شنودة شأنها كشأن كل جوانب حياته، التى تفوق بها حتى أصبحت جانباً مميزاً فى شخصيته، فكان دائماً يتمنى السلام لمصر والشرق الأوسط، وأحبه الجميع، مسيحيين ومسلمين، حتى شعروا بصدق وطنيته، ولقبوه بـ “بابا العرب”، فقد أعاد البابا الراحل مقولة «مصر وطن يعيش فينا وليس وطناً نعيش فيه» لزعيمه الذى تأثر به مكرم عبيد.
وفكان يجمع قداسة البابا شنودة أبناء الوطن الواحد مسلمين ومسيحيين، حيث فى عهده بدأت موائد الإفطار لأول مرة عام 1986 بمقر الكاتدرائية تم تحويلها إلى عادة سنوية يجتمع فيها الجميع بروح الأخوة والمحبة والود، وبعدها انتقلت
إلى كافة الطوائف والكنائس فى مصر وكذلك الايبراشيات والكنائس فى مختلف الأحياء على مستوى مصر، فضلا عن تنظيم تلك الموائد فى إيبارشيات الكنيسة بالخارج والتى كان يدعى لها السفراء والدبلوماسيين ومجموعة من المصريين فى الخارج.
فكان أيضا البابا شنودة داعما لـ “القضية الفلسطينية” والقدس وكان رفضا التطبيع مع إسرائيل، وكان يدعو دائما للوحدة لإنقاذ القدس والقضية الفلسطينية وهو ما حفظ له دائما مكانة في الذاكرة الفلسطينية والعربية.
فكان حب الوطن في قلب قداسته عندما قال “إن مصر ليست وطنا نعيش فيه، بل وطن يعيش فينا”.
وله قصائد فى حب مصر منها:
ــ جعلتك يا مصر فى مهجتى .. وأهواك يا مصر عمق الهوى
ــ إذا غبت عنك ولو فترة .. أذوب حنينا أقاسى النوى
ــ إذا ما عطشت الى الحب يوما .. بحبك يا مصر قلبى ارتوى
فتاة تكفل البابا شنودة بزواجها
وبمناسبة ذكرى رحيل قداسة البابا شنودة كان في وقت سابق، تواصل “صدى البلد” مع الأنبا رافائيل أسقف عام كنائس وسط القاهرة الذي روى موقفًا إنسانيًا للبطريرك الراحل من ضمن مواقف كثيرة عُرفت عنه.
وقال الأنبا رافائيل، إن شابا تقدم للارتباط بفتاة أكبر منه سنا بعدة سنوات، وعندما يكون هناك أمر مثل ذلك يتقدم الشباب بطلب للحصول على تصريح بالموافقة من المجلس الإكليريكي، حيث يمضي “العريس” على أنه يعرف سن “العروس” ويحدث العكس حيث تمضي الأخرى على أنها تعلم بأن الشاب أصغر منها سنا.
وتابع الأنبا رافائيل قائلا: عندما ذهب الثنائي إلى أحد المسؤولين داخل الكاتدرائية رفض على منحهما تصريحا بالموافقة بحجة أن فارق السن بينهما غير متوافق قائلا: “لا مش هينفع الفرق بينكم في السن كبير قوي”، متابعا: ذهب معهما كاهن ولكن المسؤول أصر على موقفه ورفض منحهما التصريح، لكن من حسن حظهما أن هذا اليوم كان يوافق الخميس حيث يتواجد البابا شنودة لمقابلة البسطاء وتوزيع العطايا عليهم.
وأردف: قام الكاهن بأخذهما ودخل بهما إلى غرفة البابا شنودة كي يمنحهما إذنا بالموافقة على الزواج وبالفعل جرى ما كانا يرغبان به حيث عقب البابا قائلا: “إحنا مالنا طالما هم موافقين وأهلهم موافقين، إحنا ننصح بس نقول إن فرق السن يعمل مشاكل، لكن طالما هم موافقين خلاص يبقي منقدرش نجبرهم”.
واستطرد أسقف وسط القاهرة قائلا: “نظر البابا في وجه “العروس” وشعر أنها فقيرة وبسيطة فسألها: “انتي محتاجة حاجة”، فردت قائلة: “إن الأنبا رافائيل يتولى كل شيء”، ليتابع البابا قائلا: “سيبك منه ومنحها كل احتياجاتها”.
ولفت الأنبا رافائيل أن البابا الراحل كان يكلف كنائس “غنية” في القاهرة لتتولى رعاية البسطاء من شعب الكنيسة، مردفا: “خرجت الفتاة من عند البابا حاصلة على تصريح الموافقة بالزواج مع حصولها أيضا على “عزالها” واحتياجاتها ومعها أموال في يدها”، معقبا هذا يدل على إنسانية وعظمة قداسة البابا شنودة الثالث واحساسه بالبسطاء من أبناء الكنيسة.
اقوال قداسة البابا شنودة
وكان يمتلك البابا شنودة من الكاريزما والحكمة حتى أطلق عليه الكثيرون لقب حكيم هذا العصر، ومن اقوال البابا شنودة الشهيرة :
- إن ضعفت يومًا فاعرف أنك نسيت قوة الله.
- أعط من قلبك قبل أن تعطى من جيبك.
- إن الكلمة التي تقولها تُحسب عليك مهما اعتذرت عنها.
- إن الضيقة سميت ضيقة لأن القلب ضاق عن أن يحتملها.
- ضع الله بينك وبين الضيقة فتختفي الضيقة ويبقى الله المحب.
- الضمير هو صوت وضعه الله في الإنسان يدعوه إلى الخير ويبكته على الشر ولكنه ليس صوت الله.
- توجد صلاة بلا ألفاظ .. بلا كلمات … خفق القلب صلاة …. دمعة العين صلاة ….. الإحساس بوجود الله صلاة.
- إن الله يعطيك ما ينفعك وليس ما تطلبه، إلا إذا ما تطلبه هو النافع لك، وذلك لأنك كثيرا ما تطلب ما لا ينفعك.
- ليكن الخير طبعاً فيك، وليكن شيئاً تلقائياً لا يحتاج إلى جهـد، مثلـه مثـل التنفـس عنـدك.
- الضمير قاض يحب الخير ولكنه ليس معصوماً من الخطأ.
- إذا كان القلب غير كامل فى محبته لله فإن إرادته تكون متزعزعة.