لم يكن يدري محمود ح.، شاب الأربعين من محافظة سوهاج، أن يومه سينتهي بتوديع الحياة أثناء سعيه وراء لقمة العيش. كان يعمل مبيض محارة، واختار عملاً شاقًا ومرهقًا، متشبثًا بأحلامه البسيطة رغم الصعاب.
صعد محمود فوق سقالة خشبية بالطابق الخامس في عمارة سكنية قيد الإنشاء، وبخطوة واحدة غير محسوبة، اختل توازنه وسقط سقوطًا قاتلًا، تاركًا وراءه أهلاً وأصدقاءً مكلومين.
لم يكن محمود ح. مجرد عامل بسيط يجتهد في عمله ليعيل أسرته، بل كان أبًا لثلاثة أطفال، يقضي يومه مجتهدًا فوق السقالات، ويعود ليلاً يحمل أعباء الحياة بابتسامة تعانق صغاره.
بعد الحادث المأساوي، لم يفقد الأطفال والدهم فحسب، بل فقدوا أيضًا السند الذي كان يعمل بلا كلل ليؤمن لهم حياة كريمة.
تفاصيل الحادثة
نُقل محمود إلى مستشفى سوهاج التعليمي بعد الحادثة في محاولة لإنقاذه، إلا أن الأقدار كانت أسرع، ولفظ أنفاسه الأخيرة قبل الوصول.
تلقت الجهات الأمنية إخطارًا من مستشفى سوهاج يفيد بوصول محمود جثة هامدة، وذلك وفق ما ذكر اللواء محمد عبد المنعم الشرباش، مدير أمن سوهاج، حيث أُبلغت الأجهزة الأمنية بوصول بلاغ من المستشفى بوفاة الشاب نتيجة سقوطه من علو.
شهادة ذويه
أفاد شقيق المتوفى، أحمد ح.، وهو أيضًا مبيض محارة، أن محمود سقط أثناء عمله فوق السقالة في العمارة، وكان برفقته زميلهم سيد خ.، الذي شهد الحادثة. أكدا معًا أن محمود كان يعمل بحماس، ولكن القدر خطف روحه في لحظة غافلة.
وبسؤالهما، أكدا على عدم وجود شبهة جنائية، مشيرين إلى أن الحادثة كانت مجرد حادث عرضي أودى بحياة شهيد جديد من أجل لقمة العيش.
وداع محمود في هدوء
تقرر وضع جثمان محمود تحت تصرف النيابة العامة، وتحرير محضر بالواقعة لإغلاق ملف الحادث.
ترك محمود ذكرى مؤلمة بين أصدقائه وزملائه في المهنة، حكاية يرويها أهله، وستبقى جزءًا من يوميات العمل الشاق والكرامة في سبيل العيش.