لمناسبة حملة جمع التبرعات لصالح المسيحيين في الأرض المقدسة، والتي تُنظم سنوياً خلال أسبوع الآلام، وجهت دائرة الكنائس الشرقية رسالة إلى أساقفة العالم شددت فيها على الأهمية التي تكتسبها هذه المبادرة خصوصا إزاء المعاناة التي تعيشها الجماعات المسيحية في المنطقة.
سلطت الرسالة الضوء على غياب الحجاج عن الأرض المقدسة في وقت تستمر فيه معاناة السكان، ويُسمع دوي الأسلحة التي تحمل معها الموت والدمار، ولا تلوح في الأفق بوادر تبشّر بالتوصل إلى هدنة، مع استمرار إراقة الدماء والقضاء على الحياة نفسها، مع أن النبي أشعياء كتب عن ميلاد طفل، هو أمير السلام، وهذا الطفل هو يسوع المسيح، الله المتجسد، الله معنا.
بعدها ذكّرت الرسالة بأن البابا فرنسيس لم يتوقف عن التعبير عن قربه من جميع الأشخاص الذين يعانون من الصراع في الأرض المقدسة، وما فتئ يتوجه إلى الرجال والنساء ذوي الإرادة الصالحة، حاثاً الجميع على العمل
من أجل السلام واحترام قدسية كل كائن بشري. ولفت النص إلى النداء الذي أطلقه الحبر الأعظم في أعقاب تلاوة صلاة التبشير الملائكي في الثاني عشر من تشرين الثاني نوفمبر الماضي، وعبر فيه عن قربه من الأشخاص
المتألمين، الفلسطينيين والإسرائيليين، وقال إنه يود أن يعانقهم في هذه المرحلة المظلمة، ويصلي من أجلهم مطالباً بإسكات الأسلحة التي لن تحمل السلام أبدا، وداعياً إلى وقف الاقتتال، وقال “كفى أيها الأخوة، كفى”.
هذا ثم لفتت رسالة دائرة الكنائس الشرقية إلى أن الحج إلى القدس قديمُ العهد، كَقِدم المسيحية نفسها، مشيرة هنا إلى الدور الهام الذي لعبته، وما تزال تلعبه، حراسة الأرض المقدسة الفرنسيسكانية بالإضافة
إلى الكنائس المحلية التي تحافظ على المزارات وتحييها، مع العلم أن تلك المزارات تحمل ذكرى ما فعله يسوع، وهي شاهد حسي على الله الذي تجسد كي يخلصنا، وتُرفع منها الصلوات باستمرار على نية السلام في العالم.
وأضافت الرسالة أنه منذ بدايتها أقامت الكنيسة الجامعة علاقة تضامن مع الكنيسة في القدس، وعلى مر التاريخ، منذ أواخر القرون الوسطى ولغاية زماننا الراهن، دعا الأحبار الأعظمون إلى جمع التبرعات لصالح
الأماكن المقدسة، وعملوا على تنظيم تلك الحملات، وكان آخرهم البابا القديس بولس السادس من خلال إرشاد رسولي أصدره في العام 1974. والبابا فرنسيس أيضا سلط الضوء غالباً على أهمية هذا الحدث التضامني العالمي.
وإذ أملت دائرة الكنائس الشرقية بأن تُلبى هذه الدعوة بسخاء، ذكّرت بأن المسألة لا تقتصر فقط على الاهتمام بالأماكن المقدسة، لأنه ما تزال هناك جماعاتٌ مسيحية تقيم في المنطقة، حيث تعيش وتعمل وسط
آلاف المآسي والصعوبات، التي تسببها غالباً أنانية عظماء الأرض. وكثيرون هم من استُشهدوا على مر التاريخ كي لا تُجتث الجذور العريقة للمسيحية، علما أن تلك الكنائس هي جزء لا يتجزأ من تاريخ الشرق وثقافته.
وذكّرت الرسالة بأن العديد من المسيحيين ليسوا قادرين على احتمال الأوضاع، وها هم يغادرون الأرض التي صلى فيها آباؤهم وأمهاتهم وحيث شهدوا للإنجيل. إنهم يتركون كل شيء ويهربون لأنهم لا
يرون بصيص أمل، وتتقاسم ذئابٌ خاطفة فيما بينها ما يتركون وراءهم. وثمة العديد من المسيحيين في العراق، سورية ولبنان ومناطق أخرى يناشدون الدائرة الفاتيكانية طالبين منها أن تساعدهم على
نشر عطر المسيح في الشرق. وطلبت الرسالة من المسيحيين حول العالم أن يلبوا النداء ويتضامنوا مع الكنائس المحلية، لأنه إذا تركت تلك الجماعات المنطقة سيفقد الشرق جزءاً من روحه، وقد لا يستعيده أبدا.
ختاماً شكرت الرسالة الأشخاص الذين يصلون على نية الأرض المقدسة ومن يساعدون المقيمين فيها، سائلة الله أن يبارك الجميع ويجازيهم خيرا.