قفز سعر الدولار بشكل غير متوقع خلال منتصف التعاملات اليوم في البنوك رغم تلقي مصر 14 مليار دولار قيمة الدفعة الثانية من استثمارات رأس الحكمة قبل يومين، وهو ما جاء مخالفا للتوقعات ببدء هبوط الدولار نتيجة وفرة العملة.
وقال مصرفيون، إن التعاملات اليوم الخميس تسير بشكل طبيعي ولا يوجد ضغط على العملة ولكن قد يكون الخروج الطفيف من بعض المستثمرين الأجانب من أدوات الدين اليوم وراء ارتفاع العملة الأمريكية.
في حين سعر الدولار انخفض نحو 52 قرشا في البنوك خلال بداية منتصف التعاملات إلا أنه خلال نصف ساعة من التراجع عاد للارتفاع بنحو 85 قرشا مجددا في البنوك وهو ما خالف التوقعات بعد دعم دولارات رأس الحكمة.
كان الدكتور مصطفى مدبولي قال في مؤتمر صحفي أمس إن الحكومة المصرية تسلّمت من الجانب الإماراتي قيمة الدفعة الثانية من صفقة “رأس الحكمة”، حيث وصل بالفعل مبلغ 14 مليار دولار، وهو ما أسهم في ضخ المزيد من الموارد الدولارية.
ومن المفترض أن ينعكس دخول موارد نقد أجنبي ضخمة على الجنيه وتقويته مقابل الدولار نتيجة زيادة المعروض من النقد الأجنبي، وفق آلية العرض والطلب، بحسب ما ذكره بعض الاقتصاديين والمصرفيين في وقت سابق.
وقال أحد رؤساء البنوك معاودة الدولار للارتفاع اليوم في حديثه مع “مصراوي” إن حركة التعاملات تسير بشكل طبيعي اليوم ولا يوجد طلب غير معتاد على الدولار مرجعا الارتفاع إلى خروج طفيف من المستثمرين الأجانب خلال تعاملات اليوم بما أدى إلى وجود بعض المرونة عليه.
كانت مصر أعلنت في فبراير الماضي توقيع أكبر صفقة استثمارية مع الإمارات ممثلة في شركة أبو ظبي التنموية القابضة (ADQ) بقيمة 35 مليار دولار.
وخلال أيام من التوقيع تلقت مصر بنهاية فبراير ومطلع مارس الماضيين الدفعة الأولى بقيمة 15 مليار دولار منها 5 مليارات دولار لتسوية وديعة إماراتية مستحقة على مصر قبل أن تتلقى الدفعة الأخيرة أمس بجانب تسوية وديعة أخرى بقيمة 6 مليارات دولار.
وساعدت دولارات رأس الحكمة في عودة البنك المركزي في 6 مارس الماضي إلى سياسة تحرير سعر الصرف للمرة الرابعة خلال عامين ليخضع سعره إلى آلية العرض والطلب بهدف القضاء على السوق السوداء لتجارة العملة، وسد فجوة التمويل الأجنبي، التي عانت منها مصر على مدار عامين بسبب التبعات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية.
وبعد القرار ارتفع سعر الدولار بنحو 60% مقابل الجنيه ليقفز إلى نحو 50 جنيها من 30.94 جنيه في اليوم السابق للقرار قبل أن يتأرجح بين 47 و48 جنيها في البنوك، وساهمت هذه المرونة في توحيد سعر الصرف والقضاء على السوق السوداء لتجارة العملة.
لا داعِ للقلق
ويرى محمد عبد العال، الخبير المصرفي، أن سوق النقد الآن يحاول التعايش مع نظام التحرير الكامل وفقاً لظروف العرض والطلب اللحظية، وبدون تدخل إداري من أية جهة، والتقلبات الجارية الآن.
ووصف عبد العال هذا التحرك بالظاهرة الصحية ولا تدعوَ للقلق خاصة لا تتجاوز بضعة قروش فيما هبوط الدولار أمس كان رد فعل نفسي متوقع نتيجة الإفصاح عن استلام الدفعة الثانية من صفقة رأس الحكمة والتى كانت الأسواق قد امتصت تأثيرها مع زخم الدفعة الأولى.
كان احتياطي النقد الأجنبي ارتفع بنحو 6 مليارات دولار خلال شهري مارس وأبريل ليصل إلى نحو 41.1 مليار دولار بنهاية الشهر الماضي لأول مرة من عامين.
وبعد إعلان مصر تحرير سعر الصرف تلقت مصر موافقة صندوق النقد الدولي على زيادة القرض بنحو 5 مليارات دولار ليصل إلى 8 مليارات بدلا من 3 مليارات دولار بهدف تمويل برنامج الإصلاح الاقتصادي ودعم مصر في مواجهة التبعات السلبية للحرب الإسرائيلية في غزة.
وبعد موافقة صندوق النقد الدولي تسلمت مصر الشريحة الثانية من القرض بنحو 820 مليون دولار في أبريل الماضي، ومن المتوقع أن تتلقى نحو 2.5 مليار دولار على شريحتين في يونيو وسبتمبر المقبل، وفق ما أفصح عنه الصندوق في وثائق قرض مصر.
كما أعلن الاتحاد الأوروبي دعم مصر بنحو 8 مليارات دولار بخلاف 6 مليارات دولار من مجموعة البنك الدولي يتم ضخها على 3 سنوات ليصل إجمالي النقد الأجنبي نحو 57 مليار دولار أكثر من نصفهم استثمارات مباشرة من رأس الحكمة.
دولارات رأس الحكمة
وأوضح عبد العال، أن الدفعات الدولارية لرأس الحكمة غير مخصصة لدعم الجنيه ولكن لدعم احتياطي النقد الأجنبي وتنميته وكذلك سد عجز الموازنة وتخفيف عبء الدين.
كان صندوق النقد الدولي أظهر في تقريره أن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ستبيع 15 مليار دولار إلى البنك المركزي المصري- مقابل شراء الجنيه- بهدف احتجازها في احتياطي النقد الأجنبي.
فيما ستحصل وزارة المالية من إيرادات رأس الحكمة على ما يعادل 12 مليار دولار بالعملة المحلية من الصفقة، وسيتم تسجيل ذلك في الرصيد الأولي، مما يخفض الدين بنفس المبلغ.
وتوقع عبد العال أن يمر سعر الصرف بتقلبات حتى نهاية العام إذا استقرت الأوضاع الجيوسياسية الإقليمية بين مستوى 46 و49 جنيها لكل دولار، وفقا لتوازن العرض والطلب.