تطل علينا تقريبا بملامح مشابهة لكنها أصغر سنًا، وعلي نفس الشاشات، ومن رحم نفس المكان.. هي أم وابنتها ضمن أعضاء فريق «بانوراما برشا» الذي حصد جائزة العين الذهبية لأفضل فيلم تسجيلى في مهرجان كان السينمائى الدولى.
من بين البطلات السبع لفيلم «رفعت عيني للسما»، الممثلة هايدي سامح، ابنة الممثلة دميانة نصار، والأخيرة شاركت قبل ثلاث سنوات ببطولة فيلم «ريش» والذى حصل على العديد من الجوائز العالمية، منها جائزة بمسابقة أسبوع النقاد في مهرجان «كان» عام 2021.
هايدي سامح، 22 سنة، ابنة قرية البرشا التابعة لمركز ملوي في المنيا، وخاضت والدتها تجربة التمثيل ببطولة فيلم «ريش»، وكانت ضمن أعضاء فريق بانوراما برشا وتشارك في عروضهم، وحلمت أيضا أن تحصل على جوائز في التمثيل.
وأهدت هايدي، نجاحها لروح والدها، الذي توفي منذ أشهر، وكان أكبر داعم لها ولوالدتها أي زوجته من قبلها.
نظرة أهالي البرشا لبطلات الفيلم
وتحدث مينا يعقوب وهبة، أو مينا نصار، خال هايدي سامح وشقيق دميانه نصار، عن نجاح أخته وبعدها ابنتها قائلا: لم يتوقع أحد في قريتنا «البرشا» النجاح بهذا القدر، لأننا أهل قرية بسيطة بعيدة عن الأضواء، لدينا أحلام ولكنها لا تتعدى أسوار القرية، وما حدث عظيم وأعطى حماسة وأمل للكل، لأنك بدون إمكانيات باستغلال موهبتك والعمل عليها وفي ظل التهميش وبدون محسوبية ما زلت تستطيع أن تصل لنجاح عظيم.
وحكى: في البداية لم نكن رافضين لموضوع مسرح الشارع وعروض بانوراما برشا في القرية بقدر ما كنا ننظر لما يفعلوه على أنه «تسلية وهبل»، وبنقول بيعملوا كده ليه مين هيشوفهم! ولكن إصرارهم جعل من الحلم حقيقة، خاصة بعد فيلم «ريش» وكان بمثابة الأمل لكل القرية.
وتابع: بعد نجاح أختي والفريق سنثتثمر النجاح ده أكيد في أولادي ولو عنده حلم أو موهبة لن أحبطه أو أقيده لأنه يوجد حاجة بقت مستحيلة أسنده حتى إن لم يكن ماديًا هيكون معنويا، وهذا النجاح شجعني أن أطور من كتابتي وحبي للشعر والزجل.
الأب شارك في الحلم ولم يحضر عرض الفيلم
وحكى عن زوج أخته الراحل سامح ناثان مرزق أو «أبو ماريو»، وكيف أثر على زوجته وابنته ودعم أحلامهما.
وقال إن حياته بما فيها من تحديات وأحلام تصلح قصة فيلم، إذ كان شخصا لديه إصرار وطموحات وأحلام بالرغم من صعوبة ظروفه، كان حنونا جدا على زوجته وأبناؤه هايدي وماريو ومادونا ونتاليا، فكان يعاملهم بديمقراطية يسمع آراءهم في كل شئ وينصح ويرشد، ولكنه أبدا لم يكن متهاونا، وكان صاحب مبادئ.
ورأى أن هذا قد يكون سبب نجاح أولاده، إذ كان حلمه أن أولاده يصيروا ناجحين.
وكشف «وهبة» أن زوج أخته شارك في فيلم «رفعت عيني للسما» وظهر بمشاهد خلاله، ولكن القدر لم يمهله أن يشاهد العمل، وأنه أثناء تصوير الفيلم تنبأ عن مشاركة الفيلم في مهرجان كان، معبرا عن امتنانهم لروح هذا الرجل الذي يعد نموذجا للرجل الصعيدي الريفي الذي يرفض كل أشكال قهر المرأة، ويشجع على النجاح والتحدي.
وأكد أن المرحوم كان يدعم ويشدد على دعم أي موهوب، وكان يؤمن أن الفن يرتقي بالإنسان وأن ماقدمته زوجته دميانه نصار في فيلم «ريش»، وابنته من بعدها، هو بمثابة عبرة وتوعية للناس، وأن خلاصة الفن موعظة ورسالة.
ويضيف أنه بالفعل شجع أخته دميانة على ما أدته من بطولة فيلم ريش، وكان في قمة سعادته عندما فاز بجائزة في مهرجان «كان»، ولما أبدت ابنته هايدي رغبتها في الالتحاق بفريق بانوراما برشا، لم يمانع، فشجعها وقال لها :«المهم تقدمي رسالة وتوعي الناس للصح».
دميانة ستكمل طريقها في التمثيل
ولفت إلى أن شقيقته دميانة نصار ستكمل طريقها في التمثيل، و«نحن كعائلتها لم نعارض هذا وبالفعل مقدم لها عروض وأدوار، وقد ذهبت معها، ولكننا بنختار الأدوار المناسبة لها، لأنها ستظل سيدة من قرية لها عادات وتقاليد،
وإن كنا كسرنا حاجز العادات والتقاليد في موضوع التمثيل، لكننا لن نكسره في كل شئ، وأم ماريو أدوارها معروفة وهي الأداور التي تليق بها وأغلبها ستكون أم ريفية فلاحة نفس الحياة التي تعيشها لا يوجد أي أمر خارج عن هذا».
يذكر أنه قبل سنوات احتفت نفس القرية البرشا ونفس الفريق، بفوز فيلم «ريش»، الحائز على الجائزة الكبرى بمسابقة أسبوع النقاد في مهرجان «كان» عام 2021، وكانت بطلة الفيلم سيدة من القرية تدعي دميانة نصار، الشهيرة بـ «أم ماريو»، 39 سنة، ربة منزل، وطفلين من أبناء القرية ايضا، وهما: فادى مينا فوزى، 8 سنوات، بالصف الأول الابتدائى، وأبوسيفين نبيل ويصا، 5 سنوات، تلميذ برياض الأطفال.