ما نقله محمد الننى للفريق أمر مميز، كشخص لديه الطاقة ويدخل إلى غرفة خلع الملابس ويخلق الأجواء، إنه يسهم فى ثقافتنا، والجميع يحبه فى النادى، وأعتقد أنه يظهر جودته كلاعب كرة قدم، أنا أثق فى امتلاكه هذه
القدرة، أحب اللاعبين الذين لا يملكون الأنانية، بهذه الكلمات امتدح ميكيل أرتيتا، المدير الفنى لفريق أرسنال الإنجليزى، اللاعب المصرى محمد الننى، الذى أعلن بشكل رسمى عن رحيله عن صفوف الفريق بنهاية الموسم الجارى.
الننى بدأ مسيرته جنبًا إلى جنب مع محمد صلاح، قائد المنتخب الوطنى ونجم فريق ليفربول الإنجليزى، من المقاولون العرب، وخرجا معًا للاحتراف، وأصبح صلاح حاليًا واحدًا من أفضل لاعبى العالم، فيما التصق الننى بدكة بدلاء أرسنال طويلًا خلال الفترة الماضية، ما يطرح التساؤل عن الفرق بينهما ولماذا رفض الننى مزاحمة صلاح على عرش المحترفين المصريين؟، وهو ما نحاول الإجابة عنه فى السطور التالية.
محمد الننى ومحمد صلاح خرجا من المقاولون العرب إلى بازل السويسرى فى غضون 6 أشهر فصلت بين بيع صلاح فى يوليو 2012، ثم إعارة الننى فى شتاء 2013، قبل تحويل الإعارة لعقد دائم فى الصيف التالى.
الاثنان تألقا مع بازل خلال فترة وجودهما، وأجاد مو على مستوى تسجيل الأهداف، فيما كان الننى أحد أهم لاعبى الفريق على مستوى التحكم فى إيقاع اللعب ودقة التمرير.
وفى يناير 2014، انضم صلاح لتشيلسى الإنجليزى، لكنه اتخذ قرار الخروج منه لإنعاش مسيرته والحصول على فرصة أكبر للمشاركة، فانضم لفريق فيورنتينا الإيطالى معارًا لستة أشهر، تألق خلالها، قبل أن يرحل عن البلوز وينضم لروما، ليبدأ فصلًا جديدًا فى مسيرة أوصلته للعودة إلى البريميرليج بعد موسم واحد مع ذئاب روما، ليصنع التاريخ الذى ما زال يكتبه حتى يومنا هذا.
أما الننى فانضم لفريق أرسنال الإنجليزى بعد عامين ونصف العام من انتقاله لبازل السويسرى، لكنه رغم مشاركته فى 44 مباراة بنصف الموسم الأول له مع الفريق اللندنى فإنه لم يحصل على مركز أساسى مع الفريق فى سنواته الثلاث الأولى، خاصة فى منافسات البريميرليج، ومع ذلك لم يتخذ قرار الرحيل سوى بعد 3 سنوات.
مشكلة محمد الننى الرئيسية هى أنه لم يختر السير على طريق صديقه صلاح، الذى عمل بطريقة احترافية مثالية، فاختار اللعب والمشاركة فى الدورى الإيطالى بعد موسم واحد مع تشيلسى، لتطوير أدائه واللعب أكثر وجذب الأنظار، بدلًا من الاكتفاء بالوجود مع نادٍ باسم كبير، وهذا عكس ما اختاره الننى، الذى فضل البقاء فى أرسنال لمدة 3 سنوات قبل اتخاذ قرار رحيله.
اتخاذ القرار فقط لم يكن وحده الفارق بين الصديقين صلاح والننى، بل كانت مرحلة ما بعد القرار حاسمة أيضًا، إذ إن الأول اختار الاستمرار فى الدورى الإيطالى واللعب مع فيورنتينا وروما لاكتساب الخبرات والتطور وتحسين مستواه،
أما الثانى فارتضى البقاء بديلًا فى أرسنال، وفضل التواضع على تطوير مستواه، رغم امتلاكه القدرات الفنية التى تؤهله للعب فى أفضل الأندية، وكان لزامًا عليه فى تلك الفترة الانتقال لنادٍ آخر، يحصل من خلاله على مشاركات أكبر.
والحقيقة أن تصريحات المدربين الذين عمل معهم الننى خلال مسيرته أهم دليل على جودته الفنية وإجادته أدوار التمرير للأمام والاستحواذ على الكرة، بجانب استخدام المدرب أرسن فينجر له فى مركز محور الوسط الدفاعى وقلب الدفاع ومركز الظهير الأيمن.
وبإدراك أن كرة القدم لم تعد مجرد 22 لاعبًا وكرة وميدان من العشب، وأنها أصبحت صناعة متكاملة تحتاج للعديد من العوامل للنجاح، وأهمها وجود وكيل أعمال ناجح بجانب اللاعب، يساعده على تطوير عقليته واحترافيته خارج
الملعب قبل داخله، ويجيد التفاوض مع الأندية- فهذا لم يحدث مع الننى، الذى استمر على وكالة نفس الشركة منذ بداية مسيرته الاحترافية، رغم استمراره فى نفس المكان وعدم تقدمه على مستوى القيمة التسويقية والدعائية خارج الملعب.
أما على مستوى الكرة، فقد أجاد محمد الننى اللعب فى مركز الارتكاز، مع تسليم وتسلم الكرات، والوجود بالقرب من زوايا التمرير لزملائه وغلقها على الخصوم، وهى المهام التى أوكلها إليه مدربه أرسن فينجر، لكنه توقف عند هذه المهام، ولم يعمل على تطوير نفسه لتنفيذ مهام أخرى للاعب الوسط، من بينها خلق الفرص والتسديد على المرمى بكثافة، أو الوجود بالقرب من المناطق الهجومية.
الخطأ الأخير لـالننى، الذى كان كفيلًا بأن ينهى مسيرته مع أرسنال على دكة البدلاء، هو عودته للندن بعد الفترة التى قضاها فى نادى بشكتاش التركى، إذ إنه رفض التعلم من صلاح مرة أخرى، وبدلًا من أن يبقى فى الدورى التركى ويوجد لنفسه دورًا كبيرًا، اختار مرة أخرى الاستسلام والعودة لأرسنال.
داخل غرف خلع الملابس بأرسنال، قدم محمد الننى أدوارًا مميزة، خلال الموسمين الماضيين على وجه الخصوص، وهو ما اعترف به المدرب ميكيل أرتيتا وغيره من اللاعبين، إلا أنه افتقد بسببها الدور الأهم للاعب الكرة، وهو الوجود دائمًا فى الملعب وبذل كل طاقته للعب والمشاركة.
قد يكون الخطأ الأكبر الذى وقع فيه الننى طوال مسيرته هو تمسكه بالتواضع والابتسامة رغم قلة المشاركة، والتخلى عن تعطش لاعب الكرة للمشاركة والبقاء، وهو عكس ما قدمه صلاح الذى أظهر طوال السنوات الماضية تعطشه للمشاركة والتسجيل وتحطيم الأرقام، كما أظهر غضبه فى عديد من المواقف.
أخطاء الننى لا تقلل أبدًا من قدرته وقيمته كواحد من أهم المحترفين المصريين بوجوده فى الدورى الإنجليزى، إلا أنها أضاعت فرصة التطور ومناطحة صلاح على عرش محترفى المحروسة فى بلاد الضباب.