– مفاجأة.. التحرش لا يُدرج فى الصحيفة الجنائية لطالب العمل فى هذه الشركات
– إلزام السائقين بـ«الكشف الجنائى» فى الإدارة العامة للمعلومات بوزارة الداخلية
– إقرار تشريع ينص على معاقبة الشركة نفسها حال ارتكاب أى من العاملين فيها جريمة
– وضع حاجز زجاجى بين السائق والراكب والاستعانة بكاميرات لتوثيق ومتابعة الرحلة
لم نكد نفيق من صدمة وفاة الفتاة حبيبة الشماع، التى ألقت بنفسها من سيارة إحدى شركات النقل الذكى، بعدما أغلق السائق نوافذ وأبواب السيارة بشكل مفاجئ للتحرش بها، حتى ظهرت صدمة جديدة مشابهة، بطلتها طالبة جامعية تدعى «يارا».
ففى مدينة السادس من أكتوبر، استقلت «يارا»، وهى طالبة فى إحدى الجامعات الخاصة، سيارة تابعة لإحدى شركات التوصيل، وفى طريقها من الجامعة إلى المنزل ارتابت فى تصرفات السائق الخمسينى، حتى سرعان ما تأكدت شكوكها، عندما حاول التحرش بها، فما كان منها إلا أنها أطلقت العديد من صرخات الاستغاثة، مدافعة عن شرفها، ليضطر السائق إلى إنزالها، خوفًا من فضحه.
«الدستور» تحقق فى السطور التالية: هل هناك حالات أخرى؟ وكيف يمكن مواجهة مثل هذه الوقائع؟
هند صالح: سائق تحرش بمساعدتى.. وشركته لم ترد على شكواى
دفعت حادثة وفاة حبيبة الشماع كثيرًا من الفتيات للحديث عما يدور معهن داخل سيارات شركات النقل الذكى، لكنها فى الوقت ذاته لم تردع السائقين المتحرشين، الذين لا يزالون يمارسون قذارتهم، حتى فى نهار رمضان، وفقًا لما روته هند صالح.
«هند» سيدة متزوجة، تضطرها ظروف عملها إلى ترك أطفالها فى المنزل، رفقة إحدى المساعدات، وبعد عودتها إلى المنزل، اعتادت أن تطلب سيارة تابعة لإحدى شركات النقل الذكى، لنقل هذه المساعدة، من المنزل داخل أحد الكمبوندات، إلى موقف «الميكروباص» القريب، الذى تستقل منه السيارة إلى منزلها.
وقبل أسبوع، فوجئت هذه المساعدة بسائق السيارة التابعة للشركة، أثناء وجودها معه داخل السيارة، وفى نهار رمضان، بإزاحة الكرسى الخاص به إلى الخلف، والإقدام على «فعل تصرف منافٍ للآداب» أمام عينيها.
لم تستطع الفتاة الحديث خوفًا من السائق، لكنها أخبرت السيدة التى تعمل لديها، وهى منهارة تمامًا من الخوف والبكاء، ما دفع السيدة إلى تقديم شكوى إلى الشركة، من خلال جميع الوسائل المعلنة من قِبلها، لكنها لم تتلق أى رد على شكواها حتى الآن.
خبير مرورى: ينبغى ربط«تطبيقات التوصيل» بأنظمة وزارة الداخلية
قال اللواء أحمد هاشم، الخبير المرورى، إن شركات النقل الذكى لم تراع الضوابط القانونية التى نصت عليها قرارات رئيس مجلس الوزراء، بشأن التزام هذه الشركات بالقواعد والإجراءات الآمنة لحماية الركاب والمواطنين.
وأضاف «هاشم» أن هناك عدة إجراءات يجب الالتزام بها لتحقيق الأمان خلال رحلات شركات النقل الذكى، أولها وضع حاجز زجاجى بين السائق والراكب، لتحقيق الطمأنينة للراكب والسائق أيضًا، فالكثير من السائقين يتم الاعتداء عليهم بغرض سرقتهم.
وواصل: «يجب أيضًا وضع كاميرات وأنظمة مراقبة، لحماية الركاب والسائقين، وتوثيق الرحلة»، مشيرًا إلى امتلاك الأجهزة المختصة بوزارة الداخلية أحدث التقنيات لكشف صحة أى بيانات، ما يتطلب ربط أنظمة شركات النقل الذكى، بما تتضمنه من بيانات السائقين، بالأنظمة المتعلقة بوزارة الداخلية، وذلك للكشف عن صحة بيانات السائقين لديها، وتحرى الدقة عنهم، للتعامل مع أى طوارئ أو استغاثات بشكل أسرع.
وأكمل: «بربط أنظمة تطبيقات النقل الذكى بالأجهزة الأمنية تستطيع الشرطة الكشف الدورى المتواصل على السائقين، لبيان مدى تعاطيهم المواد المخدرة من عدمه».
وشدد الخبير المرورى على ضرورة إتاحة وسائل سهلة أمام الركاب للإبلاغ عن أى خطر يتعرضون له خلال الرحلات، مع تفعيلها على «السيستم» الخاص بتطبيقات النقل الذكى، والأجهزة الأمنية، لضمان التدخل الفورى من الجهات المختصة بشكل سريع.
ورأى أن من أهم وسائل الأمان للركاب إلزام شركات النقل الذكى بتشغيل سيارات حديثة، للحفاظ على حياة المواطنين، مختتمًا بقوله: «فى حال عدم التزام هذه الشركات بكل الضوابط سالفة الذكر، يتم سحب رخصة العمل منها نهائيًا».
مساعد وزير الداخلية الأسبق: «الفيش والتشبيه» غير كافٍ
رأى اللواء محمد نورالدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن تكرار حوادث سيارات النقل الذكى يعود إلى عدم اتخاذ الشركات العاملة فى هذا المجال جميع الإجراءات الأمنية التى تضمن سلامة سلوك السائقين العاملين لديها، على عكس ما ينطلق العميل فى التعامل معها، باعتبارها شركات آمنة وذات موثوقية.
وقال «نورالدين»: «طلب هذه الشركات من سائقيها الحصول على (فيش وتشبيه)، قبل بداية تعيينهم، لا يعد كافيًا للتأكد من الصحيفة الجنائية للسائق، وسلوكه بصفة عامة»، مشيرًا إلى أن «الفيش والتشبيه» لا يُظهر سوى التهم التى نُفذت فيها عقوبة الحبس فقط.
وأضاف: «هناك تهم قد تتكرر على الشخص نفسه، ويخرج منها فى كل مرة براءة، هذه لا يظهرها (الفيش والتشبيه)، ومن بينها تهمة التحرش على سبيل المثال، الأمر الذى ينتفى معه شرط (حسن السمعة)، الذى يجب أن تتخذه هذه الشركات فى الاعتبار قبل تعيين موظفيها، حتى لا نرى مثل هذه الجرائم الأخيرة».
وطالب مساعد وزير الداخلية الأسبق الجهات المعنية بمنح ترخيص العمل لشركات النقل الذكى بإلزام هذه الشركات بإخضاع العاملين لديها إلى «الكشف الجنائى» فى الإدارة العامة للمعلومات بوزارة الداخلية.
وواصل: «كما يجب تنفيذ عقوبة رادعة على مرتكب وقائع التحرش، من سائقى شركات التوصيل، وكذلك توقيع عقوبة مالية كبيرة على الشركات نفسها، تجعلها تتحرى بدقة سلوك سائقيها، خوفًا من دفع هذه الغرامات».
وأتم «نورالدين» بقوله: «على مجلس النواب الاجتماع بشكل عاجل، لمناقشة وإصدار قانون رادع لهذه الشركات، حال ارتكاب موظفيها مثل هذه الجرائم، مع ضمان السرعة فى تنفيذ العقوبة».
قانونيون: تشديد إجراءات التشغيل والتأكد من الحالة الجنائية للسائقين
دعا عدد من الخبراء القانونيين إلى تشديد الإجراءات والقواعد اللازمة لتشغيل العاملين فى شركات تطبيقات وسائل النقل الذكى، مع التأكد من الصحيفة الجنائية للسائقين، وعدم التساهل فى الأوراق، لما يترتب على ذلك من مشكلات للعملاء.
وقال المحامى أحمد محيى الدين: «من المفترض أن تطبيقات وسائل النقل الذكى هى من أكثر الوسائل أمانًا لنقل الركاب، لكون التطبيقات تعرض اسم السائق ورقم السيارة ولونها ومكان الركوب والجهة المستهدفة، إلا أن الآونة
الأخيرة شهدت تساهلًا وإهمالًا من بعض التطبيقات فى معايير السلامة وشروط اختيار السائقين، لذا بدأنا نسمع كثيرًا عن المشكلات التى يتسبب فيها بعض هؤلاء، رغم أن كثيرًا منهم على خُلق عظيم ويتحلى بالمهنية والأمانة».
وعن الإجراءات القانونية الواجب اتباعها فى هذا الشأن حتى لا تتكرر الحوادث المؤسفة، قال: «لا بد أولًا من التأكد من الصحيفة الجنائية للسائق، وأنها نظيفة وخالية من الأحكام، كما يجب توقيع الكشف الطبى من جهة حكومية على السائق المرشح للعمل، بما يثبت عدم تعاطيه أى مواد كحولية أو مخدرات، مع الكشف الدورى على السائقين».
وأضاف: «يجب التأكد من ملكية السائق للسيارة المستخدمة فى التطبيق، ومصادرتها فى حال استخدامها فى جريمة مخلة بالشرف والأمانة، مع وجود خدمة عملاء متصلين بالعميل طوال فترة الرحلة للتأكد من سلامته، وسرعة إبلاغ الشرطة عند حدوث تهديد لأمن وسلامة العميل، كما يجب أيضًا أن يتحمل القائمون على تلك التطبيقات مسئولية الحفاظ على أمن وسلامة العملاء، وتعويضهم عن أى ضرر يصيبهم».
فيما دعا المحامى أحمد سمير اللويزى، منسق لجنة الشباب بنقابة المحامين المصرية، إلى تشديد الإجراءات والقواعد اللازمة لتشغيل السائقين العاملين فى تطبيقات وسائل النقل الذكى، مؤكدًا أن أهم الشروط التى تجب مراعاتها عدم السماح لمن لديه أى سوابق جنائية، أو متعاطى المواد المخدرة، بالعمل بهذه التطبيقات.
وقال: «يجب كذلك أن تكون لتلك الشركات مقرات ومكاتب رسمية معتمدة بتراخيص يتم من خلالها الرجوع إليهم فى حال حدوث أى مشاكل خاصة بالتطبيق».
من جهته، أوضح المستشار عبدالرازق مصطفى، الباحث والخبير القانونى، أن الأمر لا يتطلب فقط إضافة مواد تشريعية، بل يحتاج لوجود ما يمكن تسميته بأنه «وثيقة حماية»، مشيرًا إلى أن تلك الوثيقة يجب أن يوقع عليها الموظف قبل تعيينه فى أى مؤسسة، لتضمن سلامة المتعاملين معه، مع الحفاظ على حقوقهم، كما أنها تضمن سلامته والحفاظ على حقوقه هو أيضًا.
وقال: «يجب كذلك وجود جهة رقابية مباشرة يخضع لها هؤلاء السائقون العاملون فى تلك التطبيقات، وتشرف عليهم أولًا بأول، مثل مديريات الأمن المختلفة، خاصة أنها من شأنها معرفة أحدث التطورات فى السجل الجنائى لكل سائق».
وأضاف: «هناك العديد من الشركات التى أصبحت تهمل طلب الحصول على (الفيش والتشبيه) من السائق، مع الاكتفاء برخصة السيارة والمرور، بحجة أن المرور قد طلب الفيش لذا لا داعى لتكراره، وهذا أمر لا يضمن على الإطلاق سلامة
الصحيفة الجنائية لهؤلاء السائقين، إذ إنه من الوارد أن يكون السائق المتقدم للعمل مع تلك التطبيقات والشركات لديه أحكام لكنها لم تظهر على (السيستم)، لأن التهم تظهر على الصحيفة الجنائية بعد مرور 30 يومًا عليها». وأكد
أهمية التأكد من الصحة النفسية للسائقين العاملين فى تلك التطبيقات، أيضًا، موضحًا أن تلك الأمور لا توضحها الأوراق والكشوفات، لكنها قد تتسبب فى العديد من المشكلات والمخاطر للعملاء، خاصة فى مسألة التحرش بالفتيات والسيدات.
«اتصالات النواب»: تفعيل آلية طوارئ ونظام جديد لتأمين الركاب بداية من أبريل المقبل
قال النائب أحمد بدوى، رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، إن اللجنة تلقت ردودًا من بعض شركات النقل الذكى فى مصر بتعديل نظام العمل الخاص بها اعتبارًا من شهر أبريل المقبل.
وأضاف أن «السيستم» الجديد يتضمن تفعيل آلية الطوارئ نظام SOS داخل التطبيق، كما سيتضمن متابعة دقيقة لخط سير الرحلة منذ انطلاقها لحظة بلحظة، وذلك بالنسبة لجميع الرحلات على مستوى الجمهورية.
وأكد «بدوى» أن الشركات ستلزم قادة السيارات بتقديم صحيفة الحالة الجنائية بشكل سنوى، مشيرًا إلى أن اللجنة ستعقد اجتماعًا مع ممثلى الشركات عقب إطلاق «السيستم الجديد» لتقييمه، فضلًا عن إجراء زيارة ميدانية لمقار الشركات لمتابعة انتظام العمل بالنظام الجديد.
وأوضح رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب أن تلك الخطوة تأتى حرصًا على توفير المزيد من الضمانات لسلامة الركاب، واستجابة وتنفيذًا للتوصيات التى انتهت إليها اللجنة التى عقدت اجتماعًا مع قيادات الشركات لتوفير السلامة لركاب النقل الذكى.
وقال النائب طه الناظر، عضو مجلس النواب، إنه سيجرى إضافة زر الاستغاثة أو طلب المساعدة داخل التطبيقات الذكية لخدمات النقل، فضلًا عن إضافة برنامج لمراقبة الرحلة بأكملها، لتحقيق أعلى درجات الأمان فى الرحلة.
من جهتها، طالبت النائبة أسماء الجمال، عضو مجلس النواب، الحكومة بمراجعة ملفات التحاليل الدورية للمخدرات لجميع سائقى شركات النقل الذكى، والتى من المفترض أن كل شركة تنفذها كل ثلاثة أشهر، منذ تعيين السائق، موضحة أن بعض هذه الشركات أهملت هذا الإجراء توفيرًا للنفقات.
وأوضحت، فى بيان عاجل، تقدمت به إلى المستشار الدكتور حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب، موجهًا لوزير الاتصالات والجهات المعنية، بشأن فتح ملفات شركات «أوبر، وإن درايفر، وديدى» وما يستجد من شركات، أنه يجب إخضاع السائقين لاختبارات نفسية وتحاليل المخدرات، ومراجعة ملفاتهم الجنائية، خاصة بعد تعدد حالات التحرش ومحاولات الخطف.
كما قالت النائبة أمل سلامة، عضو مجلس النواب، إن وسائل النقل الذكى تعد إحدى وسائل النقل الرئيسية لقطاع عريض من المواطنين، إلا أنها لم تعد آمنة، خاصة بعد تكرار بلاغات التحرش ومحاولة الاختطاف.
وأضافت أن تطبيقات وسائل النقل الذكى لم تعد تلتزم بتنفيذ قرار رئيس الوزراء رقم 2180 لسنة 2019 بشأن القواعد والإجراءات اللازمة لتطبيق أحكام قانون النقل البرى للركاب باستخدام تكنولوجيا المعلومات الخاصة بحصول السائقين على تراخيص العمل بتلك الشركات، حيث تسمح تلك الشركات بتشغيل من لديهم أحكام جنائية ويتعاطون المواد المخدرة.
وطالبت النائبة بضرورة تشديد الرقابة على شركات وسائل النقل الذكى للتأكد من التزامها بالقواعد والإجراءات التى حددها قرار رئيس مجلس الوزراء، الخاصة بقواعد التشغيل واختيار السائقين، بما فى ذلك صحيفة الحالة الجنائية وتحليل المخدرات بشكل دورى، للتأكد من حسن السير والسلوك لجميع العاملين فى وسائل النقل المختلفة.
كما شددت على ضرورة التزام الشركات المرخص لها بأداء الخدمة بتأمين قواعد البيانات والمعلومات، بما يحافظ على سريتها وعدم استغلال بيانات المواطنين.