«مرتبي 8200 جنيه، وفوجئت بأن فاتورة الكهرباء لشهر أغسطس بلغت 4100 جنيه! كيف لي أن أدفع هذا المبلغ؟».. هكذا يتساءل أحمد السيد موظف في إحدى شركات القطاع الخاص، يقول كنت دفعت 2700 جنيه فقط في الشهر السابق في نفس
الاستهلاك تقريبا، ولم يكن يتوقع هذا الارتفاع المفاجئ الذي جاء في وقت حساس مع دخول المدارس والمصاريف المتعلقة بالأبناء، تساؤل أحمد يطرحه عدد كبير من المواطنين، الذين يجدون أنفسهم في مواجهة معضلة اقتصادية جديدة.
عبر عدد كبير من المواطنين عن استيائهم بسبب الارتفاع الكبير في أسعار فواتير الكهرباء لشهر سبتمبر، بعد ما تفاجأ الجميع بزيادة تفوق التوقعات وتثقل كاهلهم وسط ظروف اقتصادية صعبة، هذا الغضب لم يكن
مقتصرًا على شريحة معينة من المجتمع، بل امتد ليشمل مختلف الفئات التي تواجه تحديات مالية في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، مثل أحمد السيد، الذي يعبر عن استيائه من الزيادة الكبيرة في فاتورة الكهرباء.
زيادة فاتورة كهرباء شهر سبتمبر
رغم مرور شهر على قرار الحكومة برفع أسعار الكهرباء إلا أن خلال الساعات الماضية عبر عدد من المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي بعد مشاهدة فاتورة شهر سبتمبر، وتعالت أصوات الذين يعانون من زيادة تجاوزت 35% في بعض فواتير الكهرباء، أكد بعضهم أن
فاتورة الكهرباء هذا الشهر تجاوزت راتبه الشهري، وفي هذا الصدد، يروي محمد شعبان، وهو موظف بالمعاش، تجربته قائلًا: «منذ فترة وأنا أعاني من ارتفاع الأسعار في كل شيء، سواء كانت السلع أو الخدمات، لكن فاتورة الكهرباء لهذا الشهر كانت صادمة بحق».
محمد، مثل العديد من المصريين، يشكو من الانقطاع المتكرر للكهرباء خلال الفترة السابقة، حيث كانت الكهرباء تقطع لمدة تصل إلى أربع ساعات يوميًا في بعض المناطق. يقول: «عندما انتهت أزمة الانقطاع، شعرنا بالفرحة، لكن تلك الفرحة لم تدم طويلًا، حيث جاءت فاتورة الكهرباء لتصدمنا جميعًا».
المواطنون الذين يستخدمون عدادات الكارت ليسوا بمأمن من هذه الأزمة، إذ يعانون من استنزاف سريع لرصيد الكهرباء. يروي محسن عبدالرحيم، أحد المستخدمين لعداد الكارت، قصته قائلًا: «شحنت كارت الكهرباء بـ200 جنيه، وفي
اليوم التالي اكتشفت أن الرصيد انتهى والكهرباء انقطعت». حاول محسن التواصل مع شركة الكهرباء لمعرفة السبب، لكنه لم يحصل على إجابة شافية، وأجبر على شحن الكارت مجددًا بمبالغ أخرى تجاوزت 600 جنيه في فترة قصيرة جدًا.
هذه المعاناة أصبحت شائعة بين مستخدمي عدادات الكارت، حيث يعاني العديد منهم من نفاد الرصيد بسرعة غير مبررة رغم الشحن بمبالغ كبيرة، ما يزيد من حدة الاستياء ويجعل الأمر يبدو وكأنه استنزاف مستمر دون حلول واضحة.
الزيادات الأخيرة في أسعار الشرائح
في إطار هذه الأزمة، كانت الحكومة المصرية قد أعلنت في الشهر الماضي عن زيادة في أسعار شرائح الكهرباء، حيث ارتفعت أسعار بعض الشرائح بأكثر من 35%. جاءت هذه الزيادة في ظل أزمة الدولار التي تواجهها البلاد، وتزامن ذلك مع وقف خطة تخفيف الأحمال بعد انتهاء فصل الصيف. وجاءت الزيادات الجديدة كما يلي:
الشريحة الأولى (من 0 إلى 50 كيلو وات): ارتفعت من 58 قرشًا إلى 68 قرشًا.
الشريحة الثانية (من 0 إلى 100 كيلو وات): ارتفعت من 68 قرشًا إلى 78 قرشًا.
الشريحة الثالثة (من 0 إلى 350 كيلو وات): ارتفعت من 83 قرشًا إلى 95 قرشًا.
الشريحة الرابعة (من 0 إلى 350 كيلو وات): ارتفعت من 125 قرشًا إلى 155 قرشًا.
الشريحة الخامسة (من 0 إلى 650 كيلو وات): ارتفعت من 140 قرشًا إلى 195 قرشًا.
الشريحة السادسة (من 0 إلى 1000 كيلو وات): ارتفعت من 140 قرشًا إلى 2.10 جنيه.
الشريحة السابعة (أكثر من 1000 كيلو وات): ارتفعت من 165 قرشًا إلى 2.23 جنيه.
منذ العام الماضي، تعاني مصر من أزمة في إنتاج الكهرباء، ما دفع وزارة البترول والثروة المعدنية إلى اتخاذ قرار بوقف تصدير الغاز الطبيعي اعتبارًا من مايو 2024. كما أعلنت الحكومة عن تخفيف الأحمال عن طريق قطع التيار الكهربائي في
فترات معينة خلال اليوم، حيث كانت بعض المناطق تعاني من انقطاع الكهرباء لمدة تصل إلى أربع ساعات يوميًا. هذه الإجراءات جاءت نتيجة نقص الموارد وصعوبة توفير الطاقة بأسعار معقولة، مما جعل الأزمة تتفاقم وتزيد من معاناة المواطنين.
أستاذة اقتصاد تُحمل الحكومة المسؤولية
أكدت الدكتورة علياء المهدي، عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الأسبق، أن الحكومة تتحمل مسؤولية الارتفاع الكبير في فاتورة الكهرباء، مشيرة إلى أن الدولة أنشأت عددًا كبيرًا من محطات الكهرباء يفوق احتياجاتنا الفعلية، وتعمل هذه المحطات بشكل مستمر، ما يُحمّل المواطن تكلفة إضافية تظهر في فاتورة الكهرباء.
وأضافت المهدي في تصريحات خاصة لـ«المصري اليوم» أن الارتفاع الكبير في سعر الدولار أمام الجنيه المصري له تأثير مباشر على أسعار شرائح الكهرباء المختلفة، إذ أن معظم محطات الكهرباء تعمل بالغاز الطبيعي، وتقوم شركات
الكهرباء بمحاسبة المواطنين وفقًا للأسعار العالمية للغاز، ورغم انخفاض أسعار المحروقات في عدد من دول العالم، إلا أن أسعار الكهرباء في مصر لم تنخفض مجددًا بعد أي زيادة، وكأن ارتفاع الأسعار هو طريق ذو اتجاه واحد فقط في مصر.
من جانب آخر، دعت المهدي الأسر المصرية إلى ضرورة ترشيد استهلاك الكهرباء لمواجهة الارتفاع المستمر في الفواتير. ونصحت بغلق أجهزة التكييف واستخدام المراوح بشكل أكبر، وتقليل استخدام الأجهزة الكهربائية التي تستهلك طاقة كبيرة مثل السخانات، المكواة، وأفران الميكروويف، وذلك حتى تتمكن الأسر من تلبية احتياجاتها اليومية الأخرى دون ضغوط مالية إضافية.