سد النهضة، كشف الدكتور محمد حافظ، أستاذ هندسة السدود وجيوتكنيك السواحل الطينية بالجامعة التكنولوجية بماليزيا، عن كارثة جديدة وقعت في السد الأكثر خطورة من سد النهضة، وهو “سد السرج” المكمل لسد النهضة.
انهيار فجائي تحت سد السرج
وأكد الدكتور محمد حافظ أنه قد وقع انهيار فجائي تحت سد السرج، في المنطقة الجيولوجية الضعيفة بالسرج، مشيرًا إلى أن الانهيار الذي وقع تحت سد السرج ناتج عن وجود كهوف جيرية تحت سد السرج.
وقال الدكتور محمد حافظ عن الانهيار الذي وقع، أمس الأربعاء، في سد السرج: “كهوف سد السرج… يمكنني اليوم وبكل ثقة أن أؤكد أن الانهيار الذي حدث تحت (قدمة) سد السرج في المنطقة الجيولوجية الضعيفة هو إنهيار ناتج عن (كهوف جيرية) تحت سد السرج.”
وأكد الدكتور محمد حافظ أن “شكل حواف الإنهيار تؤكد أنه إنهيار فجائي نتج عنه كسر الطبقة العليا الطينية للـ (القدمة) وظهر تحتها (فراغ كبير).”
وأوضح أستاذ هندسة السدود محمد حافظ أن “هذا الكسر بهذه الشكلية هو نوع من أنواع (الإنهيارات الأرضية) للكهوف الجيرية الموجودة تحت سد السرج في منطقة (الفاليت)”
تحديات جيولوجية انهيار الكهوف جيرية تحت سد النهضة
وعن التساؤلات المطروحة بشأن الشركات الإيطالية والفرنسية والصينية، التي عملت في سد النهضة وسد السرج، وعما إذا كانت هذه الشركات تدرك وجود كهوف جيرية تحت سد السرج.
أجاب أستاذ هندسة السدود الدكتور محمد حافظ قائلًا: “الإجابة هي أنهم جميعًا يعلمون بوجود (كهوف) تحت أساسات السد الخرساني (سد النهضة) وسد السرج، ولكنهم أكدوا أنهم قد أصلحوا كل تلك الكهوف، ومافيش أي خطر مستقبلي منها.”
وتابع الدكتور محمد حافظ “الواضح هنا أن الزمن بدأ يختبر جودة تنفيذ تلك الشركات، والتي كانت تعمل من منظور أرخص التكاليف على حساب الآمان.”
وقال الدكتور محمد حافظ عن شكل وتصميم سد النهضة وسد السرج: “في المنظر العام.. يبدوا التصميم رائع.. ولكن الشيطان يكمن في تفاصيل (التنفيذ)، والشيطان وعاشيرته يكمن فيما بعد (الخدمة) وخاصة أول (3 سنوات).”
واستعان الدكتور محمد حافظ بصورة لأحد السدود الأمريكية الموجودة في نيويورك، والتي ظهر فيها أيضا إنهيارات نتيجة (كهوف)، قائلًا: “لا الأمريكان ولا الطالينة أكبر من التحديات الجيولوجية.”
كهوف جيرية أسفل أساسات سد النهضة
الجدير بالذكر أن شركة “G. Censini” الإيطالية، المنفذة لسد النهضة والسرج، استخدمت أسلوبًا حديثًا لرسم صورة تكشف ما يوجد أسفل أساسات جسم السد الخرساني “سد النهضة”، وأيضا أسفل سد السرج الركامي، معتمدة على أبحاث التربة يسمى “الكشف الجيوفيزيكل”
وأشارت أبحاث الشركة الإيطالية إلى أن فكرة هذا النوع من أبحاث التربة لا تحتاج عمل أي جسات أرضية أو أخذ عينات، والاعتماد يكون على فكرة إرسال موجة صوتية، عبر طبقات الأرض المفترض بناء السد الخرساني عليها، ثم استقبالها عبر ما يعرف بـ”جيوفون”.
وكشفت الشركة الإيطالية من خلال تلك الموجات، على أساسات الجدار الشرقي والغربي لسد النهضة، بالإضافة إلى عدد من الكابلات الأخرى في قاع مجرى النيل، وبينت تحاليل النتائج الإحصائية وجود عدد كبير من الكهوف أسفل أساسات سد النهضة، وأغلبها يقع عند منسوب 485 مترًا فوق سطح البحر، أي أسفل أساسات السد بنحو 15 مترًا فقط.
سد النهضة مشيد على فجوات جيرية ضخمة وتربة هشة
وأكدت أبحاث الشركة الإيطالية أن هذه الكهوف ناتجة عن تحلل أحجار جيرية تقع تحت قاع أساسات سد النهضة، وتحدث عملية تحلل تعرضت لها كربونات الكالسيوم وأكسيد الكالسيوم، نتيجة لعملية غسيل جزئيات الكالسيوم من تلك الأحجار، ما أدى لهشاشتها، التي كونت فجوات كهفية ضخمة.
والكارثة، التي فجرتها تحاليل الشركة الإيطالية المنفذة لسد النهضة، أن تلك الفجوات الكهفية، لا يوجد أي دليل علمي يؤكد أو ينفي ملئها بأي مادة صلبة، وجاء صب خرسانة أساسات السد بشكل عاجل، وعملية تحسين التربة التي سبقت صب خرسانة الأساسات السد فشلت، ما أدى إلى إصابة التربة بما يسمى بـ “سيولة الطبقات”.
وأظهرت دراسات خبراء علوم الـ “جيوتكنيك”، التي اعتمدت على تحليل بيانات أمواج “جيوفون”، أن أساسات سد السرج، المكمل لسد النهضة وهو سد ركامي، ليست مبنية على نوع واحد من الصخور، وأنها مبنيه على 4 أنواع مختلفة، جزء منه بُني على صخور جرانيت، وجزء آخر على صخور “الفاليت”، ورابع مبني على صخور “شيست”، وأن معظم تلك الصخور مصابة بعوامل التعرية ما جعلها مفككة وضعيفة.
كما أظهرت الأبحاث وجود عدد كبير من الفوالق تحت السد الخرساني “النهضة” والركامي “السرج”، ما يعني أن حجم التسريب المتوقع أثناء ملء بحيرة سد النهضة سيكون ضخمًا جدًا، ويؤثر على جسم السد، حيث تعمل على تآكل أساساته ثم يبدأ في الانهيار.