«فَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ: يَارَبُّ، أَلَنَا تَقُولُ هَذَا ٱلْمَثَلَ أَمْ لِلْجَمِيعِ أَيْضًا. فَقَالَ ٱلرَّبُّ: فَمَنْ هُوَ ٱلْوَكِيلُ ٱلْأَمِينُ ٱلْحَكِيمُ ٱلَّذِي يُقِيمُهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ
لِيُعْطِيَهُمُ ٱلْعُلُوفَةَ فِي حِينِهَا. طُوبَى لِذَلِكَ ٱلْعَبْدِ ٱلَّذِي إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُ يَجِدُهُ يَفْعَلُ هَكَذَا. بِٱلْحَقِّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُقِيمُهُ عَلَى جَمِيعِ أَمْوَالِهِ.
وَلَكِنْ إِنْ قَالَ ذَلِكَ ٱلْعَبْدُ فِي قَلْبِهِ سَيِّدِي يُبْطِئُ قُدُومَهُ، فَيَبْتَدِئُ يَضْرِبُ ٱلْغِلْمَانَ وَٱلْجَوَارِيَ، وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَسْكَرُ. يَأْتِي سَيِّدُ ذَلِكَ ٱلْعَبْدِ
فِي يَوْمٍ لَا يَنْتَظِرُهُ وَفِي سَاعَةٍ لَا يَعْرِفُهَا، فَيَقْطَعُهُ وَيَجْعَلُ نَصِيبَهُ مَعَ ٱلْخَائِنِينَ. وَأَمَّا ذَلِكَ ٱلْعَبْدُ ٱلَّذِي يَعْلَمُ إِرَادَةَ سَيِّدِهِ وَلَا يَسْتَعِدُّ
وَلَا يَفْعَلُ بحَسَبِ إِرَادَتِهِ، فَيُضْرَبُ كَثِيرًا. وَلَكِنَّ ٱلَّذِي لَا يَعْلَمُ، وَيَفْعَلُ مَا يَسْتَحِقُّ ضَرَبَاتٍ، يُضْرَبُ قَلِيلًا. فَكُلُّ مَنْ أُعْطِيَ كَثِيرًا يُطْلَبُ مِنْهُ
كَثِيرٌ، وَمَنْ يُودِعُونَهُ كَثِيرًا يُطَالِبُونَهُ بِأَكْثَرَ. جِئْتُ لِأُلْقِيَ نَارًا عَلَى ٱلْأَرْضِ، فَمَاذَا أُرِيدُ لَوِ ٱضْطَرَمَتْ. وَلِي صِبْغَةٌ أَصْطَبِغُهَا، وَكَيْفَ أَنْحَصِرُ حَتَّى تُكْمَلَ»
التحذير هنا مِن سلوك العبد البطّال، في الأكل والشرب والتلهِّي والتلذُّذ بملاذ الجسد.. والسبب أنّه أغفل مجيء سيّده، وقال في قلبه إنّ سيّدي يُبطئ قدومه. غاب سيّده عن نظره، بل غاب عن قلبه وفكره. وهنا تكمن الخطورة.
يا سيدي.. كُن حاضرًا عندي في صحوي وغفلتي..
كُن أمام عيني ومالئ كياني أينما ذهبتُ وأيّما فعلتُ..
أنت لا تبطئ يا سيدي ولا تغيب.. أنت حاضر دائم واجب الوجود..
لا يحويك مكان، ولا يقتصر وجودك على زمان.
لذلك يا نفسي في صومك كُفّي عن سلوك العبد البطّال، في الأكل والشرب والسُّكر بخِمار الدنيا.. لكِ طعامٌ آخَر.. طعامي أن أفعل مشيئة الذي أرسلني.. اعملي للطعام الباقي للحياة الأبدية.. بل انتظري مجيء سيدك وفي يده مكافأة أبديّة.. واعملي بكلّ جهد ونشاط، فالوقت مُقَصّر والسيّد على الأبواب..
ضاعفي الجهد، ضاعفي السّهر.. لئلا يأتي فيجدك نائمة، مُسترخية.. انتظري مجيء السيّد، فأنتِ تحبّينه وتحبّي مجيئه، لأنّ في مجيئه خيرًا وفيرًا..
أمّا العبيد رفقاؤكِ.. فماذا أنتِ فاعلة بهم؟ العبد البطّال تسلّط وتصلّف. وظنّ في نفسه أنّه ليس عبدًا. فسَقَط في هوّة الكبرياء.
العبد يتّضع، وفي اتّضاعه لا يكون قد عمل شيئًا غير عاديّ.. الاتضاع والمَسكَنة هما الوضع الطبيعي للعبد.. يا ليتَ العبد ينذر العبد رفيقه.. ترفقي يا نفسي بالعبيد رفقائك.. الخاطئ يلتمس عذرًا للخاطئ.. فلا تَحكُمي على أحد.
إن كانت وكالةٌ ما على العبيد رفقائكِ، فاعطيهم العلوفةَ في حينها.. من السماء نازلة كلّ عطيّة صالحة، فلا تبخلي على أحد.. هذا حقّهم.. طعامهم مُهيّأ مِن قِبَل السيّد، وليس لكِ فضل.
كوني نشيطة في خِدمة الآخرين فأنتِ خادمة.. غاسلة أرجل. لتنالي رِضا السيّد الربّ يوم مجيئه.
+ آخِر إنجيل اليوم، أنّ الربّ جاء ليلقي نارَهُ، وهو يريد اضطرامها.. لا مكانَ للفتور، ولا مكان للبرودة في التعامُل مع الناس.. لتكُن المحبّة الحارّة جدًّا هي أساس المُعاملات.
لا مكان للبرودة والتراخي في الصلاة.. لتلتهب النار في القلب.. ولتَحرِق أشواك الخطايا.. ولتنحدر الدموع بلا حساب.. لتَكُن نار حبِّك يا سيدي هي مُعتمَدي وقوّة تدفعني.
أعطِني أن أتلظّى بهذه النار.. اجعلني أعمل كلّ شيءٍ حُبًّا فيك وإكرامًا لاسمك.
القمص لوقا سيداروس
القمص يوحنا نصيف