1 يناير 2024 وبينما لم تمرد ساعات قليلة على بدء العام الجديد ليودع المصريين عامًا كان ساخنًا للغاية على الأصعدة كافة، فالوضع الاقتصادي متأزم بفعل العديد من العوامل، ترى الحكومة أن غالبيتها خارجية، ويرى الآخرون العكس، وعلى الصعيد الإقليمي تصاعدت الحرب في قطاع غزة وسط موقفًا مصريًا صلب رافضًا للضغوط والعروض ويصر على ألا تكون مصر جزء من تصفية القضية.
لماذا عجلت الحكومة برفع أسعار المترو والقطارات والكهرباء وعلاقة صندوق النقد؟
وبينما يبدأ المصريون عامهم الجديد متطلعين إلى عامًا أكثر هدوءًا، يمنون النفس بتحسن على الصعيد الاقتصادي ينعكس على الأوضاع الاجتماعية والمعيشية بادرتهم الحكومة والشركات برفع أسعار عدد من الخدمات الأساسية، وبينما انتقد البعض اختيار التوقيت تساءل آخرون عن الأسباب التي دفعت الحكومة إلى إقرار تلك الزيادات في هذا الوقت.
البداية كانت من وسائل النقل الحكومية – الأرخص بالنسبة للمواطن- الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق فرضت أسعارًا جديدة على تذاكر مترو الأنفاق بالتزامن مع بدء التشغيل التجريبي بالركاب للجزء الثاني من المرحلة الثالثة من الخط الثالث للمترو.
قيمة التذاكر ارتفعت لتصبح تذكرة 9 محطات 6 جنيهات بدلًا من 5، كما زادت تذكرة الـ 16 محطة من 7 جنيهات إلى 8 جنيهات، والتذكرة فئة الـ 10 جنيهات أصبحت بـ 12 جنيهًا والمخصصة لـ23 محطة، وأضافت الشركة تذكرة جديدة بسعر 15 جنيها لما يزيد عن 23 محطة.
وبعدها بساعات اعتمدت الهيئة القومية للسكك الحديدية زيادة أسعار بعض خطوط قطارات السكك الحديدية بنسب تتراوح من 10 الى 25%، بناء على القائمة السعرية، وخاصة للقطارات المميزة والقطارات غير المكيفة، وأرجع وزير النقل الزيادات إلى تحصيل مقابل التشغيل والصيانة.
وفي اليوم التالي قررت المصرية للاتصالات -مشغل الإنترنت الأرضي في مصر- رفع أسعار باقات الإنترنت الأرضي ورفعت المصرية للاتصالات الباقة الأكثر شعبية 140 جيجابايت إلى 160 جنيها، بدلا من 120 جنيها.
وعلى نهج المصرية للاتصالات قررت شركات أورانج – اتصالات – فودافون رفع أسعار باقات الإنترنت الأرضي في خطوة أثارت المزيد من التساؤلات عن موجة الزيادات التي تم إقرارها بشكل يبدو مفاجئ للمواطن العادي.
كما رفعت عدد من الشركات التي تقدم سلعًا استهلاكية أسعارها في خطوة ردها البعض إلى توقعات بقرارات اقتصادية مرتقبة.
وفي الثالث من يناير خرج الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، في مؤتمر صحفي، معلنًا عن زيادة أسعار شرائح الكهرباء المختلفة والتي كانت الحكومة قد علقتها لأكثر من مرة بتوجيهات من القيادة السياسية ضمن حزم الحماية الاجتماعية.
كل تلك الزيادات التي أقرتها الحكومة دفعت للتساؤلات عن أسبابها ولماذا اختارت لها الحكومة هذا التوقيت، خاصة أن الإعلان عنها في بداية العام أثار موجة من الاستياء والانتقادات لتعامل الحكومة مع الأمر، لكن من الواضح أن الأمر ليس على هذا النحو.
مصادر مطلعة عبرت عن دهشتها من الانتقادات التي وجهت للحكومة بسبب الإعلان عن الزيادات ورفع الأسعار في بداية العام الجديد، هل كان الأمر سيختلف مثلًا لو طبقت الزيادات قبلها أو بعدها؟ ألم يكن المواطن سيشعر بها في كل الأحوال.
في أواخر العام الماضي بدأت مصر في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي من أجل زيادة قيمة القرض الحالي البالغ ثلاثة مليارات دولار إلى ما يقارب العشرة مليارات، خاصة أن مصر هي الدولة الأكثر تضررًا من التطورات الإقليمية الأخيرة والوضع في قطاع غزة، حيث تتحمل وحدها النصيب الأكبر من المساعدات التي تقدم لسكان القطاع.
وفي هذا الأسبوع، أجرى الوفد المصري الذي يضم الدكتور محمد معيط وزير المالية، والدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي، وحسن عبدالله محافظ البنك المركزي، مباحثات جيدة وبناءة وإيجابية مع جانيت يلين وزيرة الخزانة الأمريكية، ومدير عام صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، بحسب البيان الصادر عن مجلس الوزراء.
وبعدها، قالت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي جولي كوزاك، إن المناقشات مع مصر ستستمر خلال الأسابيع المقبلة؛ لتفعيل سياسات مثل تشديد السياسة النقدية والمالية والتحرك نحو سعر صرف مرن.
وأكدت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، أن الصندوق يجري مناقشات مع مصر بشأن السياسات التي من شأنها أن تدعم استكمال المراجعة الأولى والثانية لبرنامج القرض الحالي بقيمة 3 مليارات دولار.
ويستعد وفد من صندوق النقد الدولي إلى زيارة مصر خلال الشهر الجاري من أجل إجراء المزيد من المشاورات والمراجعات المتربطة بالبرنامج التمويلي الخاص بمصر وهو ما أكده المستشار محمد الحمصاني المتحدث باسم مجلس الوزراء.
مصادر مطلعة أكدت أن الزيادات التي فرضت مؤخرًا على أسعار عدد من الخدمات مرتبطة بالزيارة المرتقبة لمسئولي صندوق النقد الدولي لمصر حيث تسعى الدولة في مصر إلى تخلص من جزء كبير من برنامج الدعم الحكومي من أجل إتمام المراجعة مع الصندوق.
وتشير التقديرات إلى أن الزيادات التي فرضت من الحكومة لن تكون الأخيرة فالوقت الذي تسعى فيه إلى تقليل الدعم الحكومي إلى أقصى درجة ممكنة من أجل إتمام المراجعات مع صندوق النقد الدولي والحصول على دفعات المقبلة من القرض.
وتستعد لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية إلى النظر في الأسعار الحالية التي أقرتها في نوفمبر الماضية ومن المنتظر أن تصدر قرارًا برفعها ضمن خطط الحكومة لتقليل الدعم الحكومي.
وفي 3 نوفمبر قررت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية المعنية بمتابعة وتنفيذ آليات تطبيق التسعير التلقائي للمنتجات البترولية بشكل ربع سنوي التوصية بتعديل الأسعار الحالية السائدة في السوق المحلى، حيث تم تعديل سعر بيع منتجات البنزين بأنواعه الثلاثة اعتبارا من الساعة الثامنة صباح يوم 03 / 11 / 2023 لتصبح كالآتي:
10 جنيهات للتر البنزين 80 و11.50 جنيه للتر البنزين 92 و12.50 جنيه للتر البنزين 95، وذلك لتقليل الفجوة السعرية بين تكلفة توفير البنزين وسعر بيعه في السوق المحلي، كما قررت اللجنة تثبيت سعر السولار عند 8.25 جنيه للتر.