تسببت زيادة المضاربات وشح الدولار في تسجيل سعر الدولار في السوق السوداء لتجارة العملة (السوق غير الرسمية) مستوى قياسيا مقابل الجنيه في مصر ليقترب سعره من حاجز 60 جنيها، وفق ما قاله مراقبون تحدث إليهم “مصراوي”.
وشهد سعر الدولار في السوق السوداء تحركا دراماتيكيا خلال الأسبوع الجاري، حيث سجل قفزات متتالية خلال 4 أيام بزيادة بنحو 5 جنيهات مقارنة بما كان عليه نهاية الأسبوع الماضي، ليرتفع إلى رقم قياسي بما أدى إلى زيادة الفجوة بين السعرين الرسمي وغير الرسمي قرب 100%.
ويتداول سعر الدولار في البنوك والصرافات قرب 31 جنيها وهو سعر ثابت عليه من مارس الماضي وحتى نهاية تعاملات اليوم في ظل عدم قدرة القطاع المصرفي على تدبير كافة الطلبات من الدولار للمستورين والشركات والأفراد.
وقال خبير مصرفي، طلب عدم نشر اسمه، إن تراجع المعروض من الدولار في السوق السوداء بدرجة كبيرة أدى إلى زيادة المضاربات من كبار المتلاعبين والتجار، بما تسبب في وصوله إلى مستوى غير واقعي بعيدا عن قيمته الحقيقية التي يفترض أن يكون عليها مقابل الجنيه.
وتواجه البنوك ضغوطا من نقص موارد النقد الأجنبي وزيادة الطلب على شراء الدولار خلال آخر عامين من بدء التبعات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية وانعكاساتها على خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة من الأسواق الناشئة ومنها مصر.
بداية الأزمة والمعالجة
في أول 6 شهور من 2022 خرج من السوق المصري استثمارات أجنبية غير مباشرة بنحو 22 مليار دولار وهو ما خلق ضغطا على موارد النقد الأجنبي بشكل مفاجئ.
وجاء هذا التخارج تزامنا مع بدء الاحتياطي الفيدرالي “البنك المركزي الأمريكي” انتهاج سياسة رفع سعر الفائدة على الدولار بزيادة وصلت إلى 5.25% خلال آخر عامين بما عمق من شدة الأزمة وتأخر عودة دخول المستثمرين الأجانب مجددا بسبب الدولار القوي.
ودفعت العوامل الخارجية السابقة البنك المركزي إلى إنتهاج سياسة سعر صرف مرن للقضاء على الدولرة وجذب تدفقات أجنبية وقروضا من مؤسسات التمويل الدولية.
وعودة البنك المركزي إلى سياسة سعر صرف مرن ساهم في حصول مصر على موافقة صندوق النقد الدولي لتمويل برنامج الإصلاح الاقتصادي بقيمة 3 مليارات دولار لكن يصرف على شرائح متساوية على مدار 46 شهرا.
ورغم ارتفاع سعر الدولار بنحو 96% مقابل الجنيه خلال آخر 21 شهرا لا تزال مصر تعاني من ضغوط نقص النقد الأجنبي بسبب انتشار السوق السوداء لتجارة العملة.