توفير السيولة المالية و القضاء علي السوق السوداء أبرز الاهداف
البنوك قادرة علي توفير الاعتماد المستندية
مع أول دقائق من بداية العمل المصرفي وتحديدا بعد ساعة واحدة فقط، تفاجئت الأوساط الاقتصادية والبنكية، بقرار البنك المركزي المصري والذي بمقتضاه رفع سعر الفائدة استثناءا لنسبة غير متوقعة وهي الأعلي في تاريخ سعر الفائدة حتي الآن لتصل لـ6%.
حالة من الأرتباك قد شهدتها الأوساط المصرفية عقب ذلك القرار المفاجئ خصوصا وأن البنك المركزي قد استهل أول اجتماعاته الرسمية في مطلع فبراير الماضي بتحريك الفائدة 2%، لتصل زيادات سعر الفائدة خلال اجتماعين اثنين احدهما رسمي واخر استثنائي لـ8% وهي النسب الأعلي والتي كان من المفترض أن تتم علي مدار 8 اجتماعات دورية خلال السنة الحالية كما جرت العادة.
قرار البنك المركزي الاستثنائي والمفاجئ لم يكن الأول، إذ اعلن ” المركزي” عن اعتزامه اتباع سياسات نحو التسعير العادل للجنيه وفقا لاسعار السوق، وهو المعروف عند الأوساط الاقتصادية و المصرفية بـ ” التعويم”
ويبقي السؤال، لماذا اتجه البنك المركزي المصري لتحريك سعر الفائدة بصورة مفاجئة ثم قرر تحرير سعر الصرف الأجنبي حيث كسر سعر الدولار باعتباره أكبر العملات الأجنبية تداولا؛ لسعر الـ45 جنيه بزيادة وصلت 30% عما كان عليه قبل الشهور الماضية.
لجوء البنك المركزي المصري لتحريك سعر الفائدة والعملة الأجنبية؛ جاء وفقا لتوجهات بالسيطرة علي معدلات التضخم التي سجلت 29%علي الأقل رسميا في نهاية يناير الماضي؛ ولكنها مرشحة أن تتزايد، بخلاف اعلان مجلس إدارة صندوق النقد الدولي قرب حسم التمويل المتفق عليه مع مصر والذي من المقرر أن يتزايد عن 8 مليارات دولار.
تستهدف السلطات النقدية في مصر ممثلة في البنك المركزي الحفاظ علي سعر الصرف و اٌلإبقاء علي معدلات تضخم مستقرة نسبيا في ظل التداعيات العالمية المحمومة و نقص مصادر التمويل الأجنبي المختلفة، وهو ما دفع ” المركزي” لاتخاذ تلك الاجراءات التي قد أخذت وقتا طويلا.
البنك المركزي وفقا لتقارير وتصريحات مصادر خاصة لـ صدي البلد، إن السبب الرئيسي لاعلان هذه القرارات قبل حلول شهر رمضان المعظم، كان بعد دخول 15 مليار دولار من صفقة الاستثمار الأجنبي التي وقعتها الحكومة مع دولة الإمارات للاستثمار في مشروع رأس الحكمة بإجمالي استثمارات أجنبية تبلغ 150 مليار دولار
وبالتالي فإن ذلك المبلغ رفع من حجم الاحتياطي النقدي إلي أكثر من 35 مليار دولار بنهاية فبراير الماضي؛ بخلاف الاحتفاظ باكبر قدر من السيولة النقدية لديه من العملات الأجنبية للمساعدة في القيام بأي اجراءات سواء جرى الاتفاق عليها أو كانت مفاجئة.
البنك المركزي اعلن بصورة صريحة ضمن مبرراته لرفع سعر الفائدة استثناءا بأنه نظرا لارتفاع التداعيات والصدمات التضخمية العالمية قد أثرت بصورة كبيرة علي اسعار السلع الأساسية عالميا وهو ما أدي لوجود موجات تضخمية في السوق
المحلية اذ سجلت نسب قياسية، وهو ما يعني ارتفاع التوقعات بوصول التضخم في نهاية العام الحالي لـ27% في المتوسط؛ الأمر الذي جعله يتجه لمواصلة المزيد من الاجراءات التحوطية من خلال وضع سعر مرن للعملة لمواجهة التداعيات المتوقعة.
وقال البنك المركزي إن توحيد سعر الصرف إجراء بالغ الأهمية، حيث يساهم في القضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي في أعقاب إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمي والموازي.
وعلي سياق متصل كشفت سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية والقيادية السابقة في بنك مصر الحكومي؛ إن اعلان البنك المركزي المصري قبل قليل، رفع سعر الفائدة بواقع 6% لم يكن قرارا منفصلا ولكنه مكملا لسلسلة من الاجراءات التصحيحية التي تتخذها الدولة المصرية لتحقيق الانضباط المالي و النقدي و مواجهة تداعيات ارتفاع سعر الصرف الأجنبي في السوق السوداء.
كشفت ” الدماطي” في تصريحات لـ صدي البلد، عن أن الاجراءات التي استهدفها البنك المركزي المصري هي مواجهة التضخم والسيطرة عليه، بخلاف تحقيق الاستقرار المنشود لسعر الصرف الأجنبي وتعزيز قدرات العملة المحلية ” الجنيه”، باعتباره جزء من التسعير العادل للجنيه وفقا لاسعار السوق
أشارت إلي أن قرارات البنك المركزي تضمن وضع سعر صرف مرن للجنيه وتركه لقوي العرض والطلب، موضحة أن سعر العملة الأجنبية في الأسابيع القليلة فاق التوقعات داخل الأسواق الموازية وبالتالي لا يمكن بأي حال من الاحوال أن يتم تحديد الاستثمارات بناء علي سعر السوق السوداء، ولكن ينبغي أن يتم وفقا لما يحدد ” المركزي” وليس المضاربات.
أشارت إلي إن الهدف من تنفيذ تلك الاجراءات هو حماية المواطنين وتوفير ضمانات لهم في ظل ارتفاع موجات التضخم الوهمية التي سببها السوق الموازي و المضاربات في العملة وهو أساس توجيه البنك المركزي نحو التسعير العادل للجنيه وفقا لاسعار السوق
أوضحت أن تلك الاجراءات تسهم في مواجهة تفاقم الاستهلاك من خلال الوصول بسعر الفائدة الحقيقي و توجيه المدخرات سواء من شهادات بنسبة 30% و غيرها بدلا من الاستهلاك وبالتالي تساعد علي توفير المزيد من السيولة من النقد الأجنبي والمحلي،.
أكد أن البنوك المصرية اصبحت قادرة الأن علي توفير كافة الاعتمادات المستندية بالعملة الأجنبية للمستثمرين وبالتالي سيؤدي ذلك لضرب السوق السوداء في مقتل، خصوصا بعد انتهاء أزمات العجز التمويلي نظرا لوجود سيولة مالية داخل الجهاز المصرفي وهي في طريقها للزيادة.