من بين العلماء الأجانب الذين خدموا التراث القبطي عموما والموسيقي القبطية خصوصا ؛ يأتي ذكر العالمة المجرية مرجريت توت Margit Toth ( 1920- 2009 ).
أما عن مارجريت توت ؛ فللأسف الشديد المعلومات عنها ضئيلة جدا ؛ ولكن من خلال الشذرات التي توصلت إليها ؛ عرفت أنها ولدت في 20 يونية 1920 في مدينة بودابست بالمجر ؛ وعشقت الموسيقي منذ طفولتها خصوصا
الموسيقي الدينية ؛ ؛ فدرست الموسيقي في أحدي المعاهد المتخصصة في المجر ؛ وفي خلال عام 1945 تقريبا ؛ صارت راهبة ؛ ودرست الموسيقي بشكل اكثر عمقا في أكاديمية فرانز ليست للموسيقي ؛ وفيها درست أسس
الموسيقي الكنسية بشكل أكثر عمقا علي يد أساطين الموسيقي المجرية ؛ وخلال هذه الفترة أتيحت لها فرصة التلمذة علي يد الموسيقار المجري الشهير بيلا بارتوك Bela Bartok ( 1881- 1945 ) الذي يعتبر المؤسس الحقيقي
للموسيقي المجرية ؛ ثم تخرجت من معهد الموسيقي عام 1956 ؛ وخلال تلك الفترة تعرفت توت علي عالمة الموسيقي القبطية إبلونا بورساي Ilona Borsaiا( 1925- 1982 ) ( أنظر مقالي عنها علي صفحة الأقباط متحدون بتاريخ 9 يوليو 2021 ).
ألتي قامت بثلاث رحلات علمية بحثية إلي مصر ؛ تعرفت خلالها علي عالم الموسيقي القبطية المصري الكبير الدكتور راغب مفتاح ( 1898- 2001 ) .
وكان ذلك خلال عامي 1967 و1968 في معهد الدراسات القبطية بالقاهرة ؛ وبعد عودتها من مصر تعاونت برساي مع توت في تسجيل بعض النوت الموسيقية التي جمعتها من مصر ؛ بما في ذلك ألحان القداس الباسيلي ؛
وكانت توت في تلك الفترة تشغل منصب رئيس قسم الموسيقي الشعبية في متحف الأثنوجرافيا بداية من 1964 ؛ ولقد أكتسبت خبرة كبيرة في تدوين وكتابة الأغاني الشعبية المجرية ؛ فقامت برحلة إلي مصر
لمقابلة راغب مفتاح للتعرف عليه ومعرفة كل ما لديه من تسجيلات ؛ ولقد قامت سلسلة طويلة من المراسلات بين مرجريت توت وراغب مفتاح بدأت في 11 يوليو 1970 ؛ فطلبت توت من الحكومة المجرية بالسماح لها
بالسفر إلي مصر ومقابلة مفتاح ؛ وبالفعل سمحت لها الحكومة المجرية فوصلت مصر خلال شهر نوفمبر 1970 ؛ وأقامت في مصر لمدة ستة شهور ؛ حيث قامت بالتعاون مع راغب مفتاح بتدوين ألحان الموسيقي
القبطية ؛ ولقد قدم لها مفتاح 16 نوتة موسيقية كان قد سجلها الموسيقار الإنجليزي العالمي نيولاند سميث Ernest Newlandsmith ( 1875- 1957 ) ؛ ولقد قالت توت في أحدي لقائاتها حول قيمة هذه التدونينات ” يجب أن
أعترف أنه كان عملا رائعا للغاية ؛ تخيل أنه في الثلاثينات من القرن الماضي ؛ لم يكن هناك أي جرامفون ولا أي آلة تسجيلية يمكنك الرجوع إليها والإستماع منها … لقد قدم نيولند سميث عملا ممتازا ؛ أنه مهم جدا ” .
وفي خلال 1975 ؛سعي مفتاح لمنح توت منحة بحثية في مصر لمدة ستة أشهر ؛ ولكن بعض الظروف حالت دون تنفيذ تلك المنحة ؛ حتي جائتها الفرصة علي يد عالمة الموسيقي المصرية الكبيرة الدكتورة سمحة الخولي ( 1925- 2006 ) التي
قامت بدعوتها إلي مصر لتدريس علوم الموسيقي الشعبية بكلية التربية الموسيقية بجامعة حلوان ؛ وخلال تلك الفترة قام الثلاثي ( راغب مفتاح –مارثا روي – مرجريت توت ) بإعداد مجلد ضخم عن ألحان الموسيقي القداس
الباسيلي القبطي ؛ وبالفعل صدر هذا المجلد عن الجامعة الامريكية عام 1998 ؛ وفي 12 مارس 2001 ؛ تم منحها وسام المجرية من يد وزير الثقافة المجري زولتان روكينباور Zoltan Rockenbauer ( لمزيد من التفصيل راجع :- Margit Toth / Library of Congress ).
وحول ذكرياتي عن تاريخ صدور هذا المجلد الضخم بعنوان The Coptic Orthodox Liturgy of St.
Basil. With Complete Musical Transcription.
قام المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث بإقامة حفل تكريم للعالم الكبير راغب مفتاح بمناسبة بلوغه سن المائة عام ؛ وأقيم الحفل في 21 ديسمبر 1998 ؛ وفيه تم رسميا الاحتفال رسميا بصدور المجلد الضخم عن القداس الباسيلي الصادر عن الجامعة الأمريكية
بالقاهرة ؛ ولقد كان كاتب هذه السطور ضمن الحاضرين لهذه الاحتفالية ؛ وعندما قمت بالسلام علي العالمة الكبيرة مرجريت توت ؛ أذكر أنها قالت لي ” لقد كلمتني عنك زميلتي مارثا روي ؛ وقالت عنك أنك إنسان ممتاز you are Excellent مما تسبب في سعادة بالغة لي.
ويضيف الأستاذ واصف بطرس غالي في مقالة هامة كتبها في ذكرى وفاتها بمجلة جمعية الآثار القبطية مجلد عام 2009 ؛ حيث قال عنها ” أنه خلال الفترة من 1958- 1964 ؛ عملت رئيسة تحرير لأحدي الجهات المتخصصة لنشر قاموس شامل للموسيقي المجرية الذي نشر خلال عام 1956 في ثلاثة مجلدات ؛ وفي خلال الفترة من 1964 حتي تاريخ خروجها إلي المعاش ؛ شغلت منصب رئيس الموسيقي بمتحف الأجناس البشرية بالمجر.
وفي خلال فترة خدمتها بالقاهرة للتدريس في كلية التربية الموسيقية ؛ أنتدبت لتنظيم مكتبة جمعية الآثار القبطية ؛ وقامت بعمل فهرس شامل لكل مقتنيات المكتبة ؛ ثم عادت إلي وطنها بالمجر عام 2000 حتي توفت في 15 نوفمبر 2009 عن عمر يناهز
89 عاما ( والشكر هنا واجب ولازم للأخ الحبيب نبيل فايز مدير مكتبة جمعية الآثار القبطية لتفضله بإرسال المقالة لي علي الماسنجر ؛ وللأخ الحبيب يوحنا رضا أمين مكتبة معهد الدراسات القبطية لتفضله بترجمة المقال لي علي الماسنجر ).
وفي مداخلة خاصة مع الأستاذ الدكتور يوحنا نسيم أستاذ علم القبطيات بجاممعات السويد ذكر سيادته عنها أنها أثناء خدمتها في مكتبة جمعية الآثار القبطية ؛ قامت بعمل كتالوج لكل محتويات المكتبة ؛ وكانت تسكن في شقة
صغيرة في حي الزمالك بجوار شقة زميلتها عالمة الموسيقي مارثا روي ؛ وكان لها عادة الخروج في الصباح الباكر للممارسة رياضة المشي علي ضفاف نهر النيل ؛ وكانت تقوم بعزف الأروجن في كنيسة سان جوزيف بالزمالك صباح كل يوم أحد.
وفي رسالة عاجلة جاءت علي صفحة جمعية الآثار القبطية بتاريخ يوم الأثنين 31 مايو 2021 من الأستاذ نبيل فاروق مدير مكتبة الجمعية حاليا ؛ تفيد أن الدكتور هيدفج جوري من
جامعة بودابست بالمجر ذكر أن الجامعة سوف تقيم إحتفالية كبري بمناسبة ذكري مرور مائة عام علي ميلاد العالمة الكبير ( 20 يونيو 1920 – 20 يونيو 2020 ) كان مقرر لها أن تقام ا؛
ولكن تاجل الاحتفال بسبب الاجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا ؛ ولقد طالبت الجامعة كل من يرغب بالمشاركة في الإحتفال أن يرسل أسمه للمشار ذكري العالمة الكبيرة.
وبالفعل تم عقد المؤتمر في شهر أكتوبر 2021.
بعض مراجع ومصادر المقالة :-
1- واصف بطرس غالي :- مرجريت توت ؛ مجلد جمعية الآثار القبطية بالقاهرة ؛ مجلد عام 2009 ( وأكرر الشكر للأخ نبيل فاروق لتفضله بإرسال المقال لي علي الماسنجر ؛ وللأخ يوحنا رضا لتفضله بترجمة المقال لي عن الفرنسية إلي العربية ).
2-Margit Toth / Library of Congress
3-Margit Toth – Wikipedia
4-Margit Toth – Wikidata
5-Margit Toth –Data BNF
6-The Complete Orthodox Liturgy of St .Basil ; with complete Musical
7-DR .Magit Toth –Cairo / Infovilag
8- نبيل فاروق فايز :- إعلان ودعوة للمشاركة ؛ خبر علي صفحة جمعية الآثار القبطية بتاريخ31 مايو 2021 .