مواكبة العصر.. الكنيسة القبطية تدعم رؤية الدولة تجاه “الرقمنة”والانطلاقة من الإسكندرية
إطلاق موقع إلكتروني لتسهيل تقديم الخدمات.. ومطالبات بتعميمها في جميع الإيبارشيات
مدير ديوان البطريركي: مزايا الرقمنة عديدة وعيوبها خارج إرادتنا
برلمانية: التحول الرقمي يوفر الوقت والجهد في الحصول على الخدمات
مواطنون يدعمون الفكرة ويؤكدون أهميتها في تقليل الروتين والأخطاء
الاستراتيجية التي اتبعتها الدولة خلال السنوات الماضية نحو التحول الرقمي تُعد نقلة نوعية في آلية العمل الإداري كونها تعتمد على السرعة والدقة في نقل البيانات والمعلومات، وتعتبر جزءًا من التوجه العالمي نحو استخدام
التكنولوجيا؛ لتحسين الحياة اليومية والخدمات المجتمعية، وعلى غرار ما قدمته الدولة من الاعتماد على “الرقمنة” لمواكبة العصر الحديث، اتجهت الكنيسة القبطية إلى تطبيق التحول الرقمي في تقديم خدماتها الكنسية لأبنائها بشكل
منظم، وبدأت من محافظة الإسكندرية، حيث أعلنت بطريركية الأقباط الأرثوذكس، استخدام هذه التقنية في تقديم خدماتها من خلال الموقع الإلكتروني الخاص بها، موضحةً أن هذه الخطوة ستساهم في تسهيل الأمر على طالبي الخدمات في مختلف المجالات.
وتُعد هذه التقنية جزءًا أساسيًا من خطط الكنيسة لمواكبة العصر الحديث وخدمة أبنائها؛ نظرًا لأهميتها الكبرى في تسريع الإجراءات وتقليل الوقت والجهد للحصول على الخدمات، بالإضافة إلى أنها ستساهم في
تقديم الخدمات بشكل أكثر دقة وشفافية، مما يعزز الثقة بين الكنيسة وأبنائها، إلى جانب سهولة الوصول إلى الخدمات من أي مكان وفي أي وقت، الأمر الذي يعمل على راحة أبناء الكنيسة ودعم تعاملاتهم بشكل أكثر مرونة.
وأكد كيرلس دميان، مدير ديوان البطريركي بالإسكندرية، أن الديوان يُعد المقر الرسمي للبطريرك في الكنائس الشرقية، وهو بمثابة المركز الإداري والروحي للكنيسة، ويشرف على إدارة شئون الكنيسة، بما في ذلك الأمور الروحية، والتعليمية، والإدارية، كما يتضمن الديوان غالبًا مكتبًا للبطريرك ومستشاريه، بالإضافة إلى أقسام متخصصة تهتم بالقضايا القانونية، والتعليم الديني، والشئون الخارجية.
وأوضح “دميان”، أن الديوان البطريركي، لعب تاريخيًا، دورًا محوريًا في الحفاظ على تراث الكنيسة وتنظيم شئونها، وكان دائمًا مرتبطًا بالمؤسسات الدينية الكبرى،
كالكاثوليكية والأرثوذكسية الشرقية، مشيرًا إلى أن هذا الديوان بمثابة نقطة الاتصال الرئيسية بين البطريرك والجماعة الكنسية، والمسئول عن إصدار التوجيهات الرسمية،
وتنظيم الطقوس الدينية، مشيرًا إلى أن الديوان يُعد مكانًا ذا رمزية كبيرة، حيث يُعتبر مركز السلطة الدينية العليا في الكنيسة، ويعكس تراثًا طويلاً من التقليد المسيحي في الشرق الأوسط.
وأضاف مدير ديوان البطريركي، أن هناك العديد من الخدمات التي يقدمها الديوان لشعب الكنيسة وفي مقدمتها إجراءات الخطوبة والإكليل، والمجلس الإكلريكي، وإجراءات قانونية للكنائس، بخلاف تقديم خدمات متنوعة
لموظفي الكنائس مثل إجراءات التأمينات وكل ما يتعلق بها، وكل ما يخص الموظفين من إجراءات إدارية، بالإضافة إلى الخدمات التي تقدمها الإدارة المالية والقانونية وإدارة عقارات البطريركية وأنشطتها التابعة.
وتابع أنه تم افتتاح المرحلة الأولى من تطوير الديوان البطريركي، وعرض الخدمات المقدمة منه من خلال قسم جديد تم إنشاؤه وهو قسم خدمة العملاء وكان الهدف منه تسهيل الإجراءات وتقديم
الخدمات للشعب المسيحي بصورة أفضل وبجودة أعلى وفي وقت أقل، ثم جاءت المرحلة الثانية، وهي إنشاء موقع إلكتروني به جميع الخدمات المقدمة ويستطيع الشخص طلب الخدمة منه مع شرح جميع
الإجراءات المتبعة للتقديم على الخدمة للتسهيل على العميل مع وجود قنوات تواصل لتوضيح أي استفسار لدى العملاء، وذلك تماشيًا مع الروح المتطورة للكنيسة القبطية ورؤية الدولة في التحول الرقمي.
وأشار إلى أنه يمكن تقديم خدمات حجز الخطوبة والإكليل، وطلب الشهادات، مثل شهادة العماد والخطوبة إلكترونيًا، وخدمات أخرى للعاملين المؤمن عليهم بكنائس الإسكندرية وطلبات الكنائس المختلفة للبنوك
والجهات الحكومية، وطلبات التوجيه الوظيفي بمركز الكرمة ودار المغتربين وحجوزات مسرح المقر البابوي، وشراء وحدات دفن بالناصرية، موضحًا أن هناك خدمات يمكن الحصول عليها إلكترونيًا بشكل كامل وخدمات
أخرى تحتاج إلى الحضور شخصيا إلى مقر الديوان للحصول عليها. مؤكدا أن التحول الرقمي يسهم في تقديم الخدمات الكنسية بصورة أفضل تسهيلاً على شعب الكنيسة وتوفيراً للوقت، فقد أصبحت الضرورة ملحة أكثر مما
مضى لهذه التقنية ويعود ذلك وبشكل أساسي إلى التطور المتسارع في استخدام وسائل وأدوات تكنولوجيا المعلومات في كافة المجالات وعمل المؤسسات سواء كانت متعلقة بمعاملاتنا مع القطاعين الحكومي أو الخاص
أو كانت تخصنا كأفراد، مضيفًا أن التحول الرقمي يساهم في توفير التكلفة والجهد ويحسن الكفاءة التشغيلية وينظمها، كما أنه يعمل على تحسين جودتها، وتبسيط الإجراءات للحصول على الخدمات المقدمة للجمهور.
وأوضح “دميان”، أن أبرز مزايا التحول الرقمي، يتمثل في تحسين الخدمة الكنسية في توفير بيانات دقيقة عن الأسر التي تحتاج دعما، وتقديم الخدمات بشكل أكثر دقة، وتحسين عملية جمع البيانات وضبط العمل بصورة أفضل، بالإضافة إلى تحقيق نتائج قابلة للقياس من الممكن الاعتماد عليها.
وأشار إلى أن البطريركية قامت بالتواصل مع جهات عديدة ومنها حكومية كوزارة الشباب والرياضة ووحدات العمل الأهلى وشركات القطاعين العام والخاص لتوفير وظائف وخدمات تتلاقى مع
احتياجات الشباب ورفع جزء من العبء عن الدولة المصرية التي تقوم بأدوار كثيرة تجاه الشباب والحد من البطالة ورفع المستويين المهنى والاجتماعي لأفراد المجتمع، مضيفًا أن الكنيسة
تسخر كل إمكانياتها للقضاء على البطالة فعلى سبيل المثال قد قام البابا تواضروس الثاني بافتتاح مركز الكرمة للتوجيه الوظيفي ومقره بمبنى الديوان البطريركى بالإسكندرية، وهو
مختص بالتواصل مع الشباب وإعادة اكتشاف قدراتهم والتوصل لمواهبهم وإعادة توجيههم حتى يتمكنوا من إيجاد فرص عمل في اتجاهات أخرى دون انحصارهم في مجالهم الدراسي الذي قد يكون غير
مناسب لمهاراتهم وقدراتهم، كما يساعدهم المركز على الحصول على دورات تدريبية لتنمية هذه المهارات ومن ثم وظيفة مناسبة، وجدير بالذكر أن المركز يقدم خدماته للشعب عامة وليس للمسيحيين فقط.
من جهتها أكدت النائبة الدكتورة ندى ألفي، عضو مجلس النواب، أن “الرقمنة” أصبحت جزءًا لا يتجزأ من جميع جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والدينية في ظل التطورات التكنولوجية السريعة التي يشهدها العصر الحالي، وعلى غرار هذا الأمر، ظهرت الكنيسة
القبطية، ككيان رئيسي في المجتمع، لتواكب خطة الدولة وتتضافر معها في تبني الرقمنة، لكنهما يواجهان تحديات ويفتحان أبوابًا جديدة تساهم في تعزيز فاعليتهما، مضيفةً أن المبادرة التي أطلقها الديوان البطريركي تدعم رؤية الدولة تجاه التحول الرقمي.
وأضافت “ألفي”، أن الدولة تسعى إلى تحسين الخدمات العامة من خلال الرقمنة مثل تقديم الخدمات الحكومية الإلكترونية وتحسين الوصول إلى المعلومات والخدمات عبر الإنترنت، وتتضمن هذه المبادرات تقديم الطلبات، ودفع الرسوم، والحصول على المعلومات العامة بطريقة أكثر كفاءة وراحة للمواطنين، بالإضافة إلى أنها تساهم في تسريع الإجراءات، وتقليل البيروقراطية، مما يعزز من فاعلية الخدمات الحكومية.
وتابعت “ألفي”، أن الكنيسة تسعى إلى استخدام التكنولوجيا الرقمية؛ لتحسين وصول أعضائها إلى الخدمات الدينية والتعليمية من خلال البث المباشر للقداسات والصلوات، وتوفير المحتوى الرقمي التعليمي الذي يمكن
للكنائس الوصول إلى أبنائها في أي مكان وأي وقت، موضحةً أن هذا الأمر يساهم في تعزيز المشاركة الدينية والتواصل الروحي مع الأعضاء الذين قد لا يتمكنوا من الوصول إلى الكنيسة نظرًا لموقعهم الجغرافي أو لديهم ظروف خاصة.
وأشارت إلى أن الرقمنة بالنسبة للكنيسة تعمل على تحسين الشفافية من خلال نشر التقارير المالية والأنشطة على منصاتها الرقمية، بالإضافة إلى أنها تساعد في بناء ثقة المجتمع وتشجع على تقديم التبرعات والمشاركة بفاعلية، كما يمكن استخدام الأدوات الرقمية لتعزيز التفاعل مع الأعضاء والاستجابة لاحتياجاتهم وملاحظاتهم بشكل أسرع.
وأوضحت “ألفي” أن الكنائس تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية لبناء مجتمع ديناميكي ومترابط، من خلال التفاعل المباشر مع الأعضاء عبر هذه المنصات، لا سيما أنه يمكن للكنائس تنظيم فعاليات، وجلسات تعليمية، ومبادرات اجتماعية، بما يعزز من المشاركة المجتمعية.
وأشارت إلى أن الكنائس تواجه تحديات تتعلق بالحفاظ على الهوية التقليدية، وعدم فقدان الجوهر الروحي في ظل الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا، بالإضافة إلى أنها
تواجه قضايا تتعلق بالخصوصية وأمان البيانات والتي يتعين عليها حماية المعلومات الشخصية للأعضاء، مضيفةً أنه على الرغم من التحديات التي قد تواجه الدولة والكنيسة
نحو الرقمنة، فإن التحول الرقمي يوفر فرصًا كبيرة لكلا الكيانين لتحسين فاعليتهما، وتأثيرهما من خلال التعاون والتفكير الاستراتيجي، لتحقيق أهدافهما وتعزيز رفاهية المجتمع.
إنجازات
وفي السياق ذاته، أشاد عدد كبير من أبناء الكنيسة بمحافظة الإسكندرية بهذه الخطوة التى تمنوا إطلاقها منذ سنوات طويلة؛ لتوفير الوقت والجهد لهم في تلقي الخدمات الكنسية ومواكبة العصر الحديث، مشيرين إلى ضرورة تطبيق هذه التقنية في جميع الإيبارشيات دون اقتصارها على محافظة الإسكندرية؛ وذلك لتحسين الخدمة الكنسية المقدمة لأبناء كل إيبارشية على مستوى الجمهورية.
وأكد ماجد صموئيل، أحد أبناء الكنيسة، أنه تمكن من خلال هذه التقنية من حجز خطوبته على الموقع الإلكتروني الخاص بالكنيسة بخطوات بسيطة وسهلة دون وجود أي عوائق، بدلًا من الذهاب إلى المقر الكنسي، بالإضافة إلى أن هناك العديد
من الخدمات التي من الممكن الاستفادة بها حال احتياجها، ومنها حجز الإكليل ومسرح المقر البابوي وتسجيل الأصول العقارية وغيرها من الخدمات التي تفيد أبناء الكنيسة، معتبرًا أن هذه الخطوة ذات أهمية كبرى مثل الماء والكهرباء.
وانتقدت مارتينا سعد، هذه الخطوة لاقتصارها على محافظة الإسكندرية دون تعميمها على مستوى الجمهورية، مطالبة بضرورة تطبيقها في جميع الإيبارشيات، مضيفةً أن هناك بعض العيوب أيضًا التي قد تواجه أبناء
الكنيسة في استخدام هذه التقنية، وفي مقدمتها عدم قدرة البعض في استخدام الأجهزة الحديثة لطلب الخدمة على الموقع الإلكتروني، معتبرةً أن هذا الأمر سيقضي على مسألة الروتين الإداري داخل الكنيسة خلال الفترة المقبلة.
بينما أكد سامح سمير، مقيم بالإسكندرية، أن التحول الرقمي في الكنائس والمؤسسات الدينية يساهم في تحقيق العديد من المزايا لأبناء الكنيسة، ومنها تحسين جودة الخدمات المقدمة، وتنظيم العمل وتسهيل الوصول إلى المعلومات والخدمات، وتعزيز الشفافية وتقليل الأخطاء البشرية.
ووقعت الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، خلال العام الماضي، بروتوكول تعاون مع أحد البنوك الحكومية؛ لإتاحة خدمات الدفع والتحصيل الإلكتروني على الموقع الإلكتروني الرسمي الخاص بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وذلك في إطار
اهتمام الكنيسة بالتحول الرقمي وتعزيز جهود الشمول المالي، بالإضافة إلى أن العديد من الكنائس قد لجأت خلال السنوات الماضية إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”؛ بالتزامن مع انتشار أزمة كورونا، وذلك لبث
الصلوات والاحتفالات الدينية لإبقاء أبناء الكنيسة على متابعة شعائرهم الدينية، وبذلك تكون “كورونا” ساهمت بشكل كبير في تفعيل دور وسائل التواصل التي استخدمت حديثًا في الكنيسة لتوصيل رسالتها ولخدمة أبنائها في طقوسها وفعالياتها.
وتنقسم خدمات الديوان البطريكي على الموقع الإلكتروني الخاص به إلى عدد من القطاعات، وجاءت على النحو التالي:
الخدمات الدينية:
الحصول علي خدمة خلو الموانع والشهادات وحجز الإكليل
الشئون الإدارية:
الحصول على مفردات مرتب ونموذج تجديد دفتر تأمين
التوثيق:
توثيق إجراءات عقود الزواج بعد الإكليل مباشرة
إدارة الأصول العقارية:
المساعدة في دفع الإيجار الحديث
مركز الكرمة للتوجيه الوظيفي:
توجيه الباحثين عن وظيفة ومساعدتهم في اكتشاف أنفسهم
المجلس الإكليريكى:
فتح ملف خطوبة أو زواج واستعلام عن حالة ملف أو طلب جلسة
الإدارة المالية:
توريدات الكنائس وطلب فتح حساب بنكى للكنائس
حجز مسرح المقر البابوي:
تقديم خطاب من الكنيسة المنظمة للحفل موضح به اسم الخادم المفوض بالتعامل والحجز ويكون موضحا فيه موافقة ومراجعة الأب الكاهن
دار الكاروز للضيافة:
تقديم خدمة استضافة الطلاب الجامعيين
إدارة المدافن:
شراء المدافن والصيانة السنوية والتنازل للغير
العضوية الكنسية:
إنشاء مكتب عضوية كنسية وطلب تدريب موظفين جدد
الشئون القانونية:
في حالة طلب استشارة قانونية
دورات إعداد المقبلين على الزواج:
تقديم العروسين شهادة تفيد بحصولهما على دورة إعداد المقبلين على الزواج، كما أنها من المستندات اللازمة لإتمام عقد الزواج.