الإسكندرية ملتقى الثقافات والحضارات من مختلف دول العالم، ويظهر هذا جلياً من الفن والتراث المعماري المنتشر في شوارعها، خاصة في وسط المدينة، وهي التي يطلق عليها «الإسكندرية القديمة» التي كانت نقطة لقاء للعديد من الجاليات الأجنبية
التي زارت الإسكندرية وقررت العيش فيها وترك معالم تثبت وجودها في واحدة من أجمل مدن العالم، ومن بين هذا التراث المعماري الرائع يبرز «ميدان الخمس فوانيس»، الذي يُعد لوحة معمارية تراثية تحكي تاريخ الفن المعماري في عروس البحر المتوسط.
ميدان الخمس فوانيس
يقول محمد السيد، مسئول الوعي الأثري بإدارة آثار الإسكندرية، في تصريحات لـ«الوطن»، إن «ميدان الخمس فوانيس» يقع خلف المتحف اليوناني الروماني، وأنشأته عائلة عاداة ذات
الأصول الإيطالية التي انتقلت للإقامة والتجارة في الإسكندرية، وسُمِّي المكان بهذا الاسم بسبب وجود خمسة عمارات تراثية كانت تملكها العائلة، وكانت تضع أمام كل منها
فانوساً ضخماً للإضاءة، وتتكون عائلة عاداة من الأب إبرام عاداة وأبنائه الثلاثة: فيكتور، وفيرديناند، وجوزيف المعروف باسم يوسف عاداة، الذي يحمل أحد شوارع الإسكندرية اسمه.
طراز النهضة الإيطالي
وأوضح «السيد» أن فيكتور عاداة، الذي كان مسؤولاً عن إدارة شركة العقارات الخاصة بالعائلة، طلب من المهندس اليوناني ناهمان تصميم الميدان والعمارات الخمس. وقد وضع التصميم على
طراز النهضة الإيطالي، وقامت الشركة ببناء المباني الخمسة عام 1925، والمهندس ناهمان ينتمي لعائلة يونانية انتقلت إلى الإسكندرية وأقامت فيها، وله أعمال أخرى بارزة مثل إحدى
العمارات الشهيرة في شارع فؤاد بالإسكندرية التي تملكها أيضاً عائلة عاداة. ومن الجدير بالذكر أن اثنين من مباني الميدان مسجلان في قائمة المباني التراثية في الإسكندرية برقم 37/35.
تأثير عائلة عاداة
تعد عائلة عاداة من العائلات المؤثرة في الإسكندرية، حيث يعود إليها الفضل في إنشاء العديد من المشاريع المهمة، ومنها بناء مستشفى الرمد بالإسكندرية عام 1929، التي كانت أول مستشفى متخصص لعلاج العيون في الشرق الأوسط، كما أنشأت العائلة عدداً من
الشركات المساهمة، منها شركة «كاريا»، وشركة «العقارات الشرقية المساهمة»، وشركة «شافيرمان»، والشركة المصرية للإضاءة بالنيون، بالإضافة إلى ذلك، كانت تمتلك العائلة عمارة شهيرة في منطقة وابور المياه بالإسكندرية تُعرف حالياً باسم عمارة الليثي.
كما امتلكت العائلة قصراً في حي محرم بك، الذي أصبح الآن مقراً لأكاديمية السادات للعلوم، وأنشأت ملجأ العجزة بحي الرصافة في الإسكندرية، المعروف باسم «لافوبييه». ويُذكر أيضاً أن العائلة كانت تمتلك حوالي 3000 فدان من الأراضي الزراعية، وازدادت علاقتها بأهالي الإسكندرية، حيث تزوج فيكتور عاداة من ماري يوسف نسيم، ابنة يوسف نسيم موصيري. وكان جوزيف عاداة عضواً في شركة مساهمة البحيرة.