يفر من قتل إلى قتل.. بعد مرور 43 عامًا وفي نفس الشهر من مواجهة المخاطر والتصدي للإرهاب والبطولات في الواقعة الشهيرة مذبحة أكتوبر بأسيوط التي وقعت أحداثها عام 81، وبعدما نجا اللواء محسن بداري الذي عرف بشجاعته وبسالته من القتل على يد
الجماعة الإرهابية آنذاك ورغم مرور كل هذه السنوات يرحل اليوم برفقة زوجته في سيناريو مأساوي جديد مودعا حياته البطولية في نهاية غير متوقعة وجريمة غامضة تهز الشارع الأسيوطي لينتهي به الحال بشكل مفاجئ جثة هامدة في شقة مشتعلة بالنيران.
العثور على جثتي لواء شرطة سابق وزوجته في ظروف غامضة
يبدو أن الإثارة والدم والوقوف في قلب المعركة سيناريوهات ثابتة في حياة اللواء محسن بداري ابن محافظة أسيوط لم تفارقه حتى لحظة وفاته فعاش حياة مليئة بالأحداث المثيرة وحينما جاءت لحظة وفاته
لم يختلف الأمر كثيرا حتى بات اليوم حديث الناس وغادر الحياة في واقعة هزت الشارع الأسيوطي وحادث مروع بعدما عثر على جثته وجثة زوجته داخل شقتهما التي اشتعلت بالنيران نتيجة تسريب الغاز
وعليهما آثار جروح واصابات تشير لوجود شبهة جنائية مما يثير التساؤلات حول مقتله وزوجته التي عرف عنها الالتزام والجدية في العمل والاحترام بين الناس ربما لينال الشهادة بعد أكثر من 43 عاما من المعركة.
تكشف فيتو في تقريرها التالي أبرز المحطات في حياة اللواء محسن بداري الذي شغل العديد من المناصب والذي شهد على واقعة مذبحة أسيوط وكان أحد أبرز المصابين فيها حتى قيل إنه حمل امعاءه بين يديه ونجا من موت محقق وكأنه يفر من قتل إلى قتل ومن موت إلى موت.
بداية تلقى اللواء وائل نصار مدير أمن أسيوط إخطارا من مأمور مركز شرطة قسم ثاني أسيوط يفيد ورود بلاغ لغرفة عمليات النجدة بنشوب حريق في برج سكني بمنطقة فريال وسط حي شرق أسيوط.
وعلى الفور انتقلت قوات الشرطة وسيارات الإطفاء والإسعاف لموقع البلاغ وتبين صحة الواقعة ونشوب حريق بالبرج السكني بالشقة بالدور الثامن وتمكنت قوات الحماية المدنية وسيارات الإطفاء من السيطرة على الحريق وعثر داخل الشقة على جثة اللواء محمد محسن بداري 63 عامًا، لواء شرطة سابق وزوجته هدي ب 68 عامًا، جثتين هامدتين.
اشتعال النيران وسرقة محتويات الشقة
وبالمعاينة الأولية عثر على جثتيهما بها إصابات وجروح مما يشير إلى مقتلهما قبل اشتعال النيران في الشقة، بالإضافة إلى رصد سرقة بعض محتويات الشقة وتبين اندلاع الحريق نتيجة لتسريب الغاز بشكل مفتعل وتم نقل الجثتين والتحفظ عليهما تحت إشراف النيابة لعرضها على الطبيب الشرعي والبحث الجنائي لمعرفة اسباب الوفاة.
جهود أمنية مكثفة لكشف غموض حالة الوفاة
تم تحرير المحضر اللازم بالواقعة وأخطرت النيابة العامة، التي انتقلت لمعاينة موقع الحادث كما أمرت بنقل الجثث والتحفظ عليها لحين عرضها على الطبيب الشرعي فيما تكثف قوات الشرطة البحث الجنائي من جهودها لمعرفة أسباب الوفاة.
محطات هامة في حياة الراحل
فيما يلي نبذة عن حياة الراحل اللواء شرطة محسن بداري والذي توفي مساء أمس السبت في 26 من أكتوبر.
اللواء محمد محسن علي طه سليل عائلة بداري العريقة التي لعبت دورا هاما في اعمار أسيوط ابن محافظة أسيوط ضابط مكافحة المخدرات الشهير تخرج في الدفعة 1975م من كلية الشرطة وكان يتمتع بخبرة
واسعة في مجال العمل الأمني ومكافحة الجريمة وخاصة المخدرات والأمن العام شغل العديد من المناصب اهمها رئيس مباحث قسم شرطة ثاني أسيوط ومدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات ومساعد وزير
الداخلية والرئيس الحالي للجامعة الإلكترونية الدولية ومن قبلها نائب رئيس الجامعة الدولية والتي حصل منها على درجة الدكتوراه في القانون عام 2013 ولديه بنتان تحمل كل منهما درجة الدكتوراة.
هجوم جماعة تنظيم الجهاد مذبحة أسيوط الشهيرة
كان للواء محسن بداري قصة مثيرة في الواقعة الشهيرة 8 أكتوبر 1981والتي حكت أحداثها الحلقة 21 من مسلسل الاختيار 2 وجسد دور اللواء الفنان ماجد الكدواني ليحكي تفاصيل العملية الإرهابية الأكثر دموية على الإطلاق والتي عرفت بأحداث أسيوط أكتوبر 1981 في الهجوم الذي قامت به جماعة تنظيم الجهاد على مديرية أمن أسيوط وراح ضحيتها 181 شهيدا.
أحداث مذبحة 1981 بأسيوط
تلك العملية التي تعد الابرز في العمليات البشعة التي نفذها مجلس شورى الجماعة، ووصفها الإرهابي أيمن الظواهري، بأنّها مجرد انتفاضة عاطفية جاءت متأخرة بعد استشهاد الرئيس الراحل محمد أنور السادات بيومين.
حيث اتفق التنظيم على مواصلة خطة قلب نظام الحكم باستهداف خمسة أهداف للأمن في أسيوط هي مديرية الأمن هناك وقسم ثان والدورية اللاسلكية ومباحث أمن الدولة والمباحث الجنائية ونقطة شرطة إبراهيم، ثم الزحف بعد ذلك لمحافظات الوجه البحري وتثوير الجماهير. وصولًا إلى القاهرة التي سيكون عناصر الجهاد قد سيطروا فيها على الإذاعة والصحف والمناطق العسكرية الحساسة.
مذبحة أسيوط التي خرج منها حاملا امعاءه بين يديه
وفي تلك الواقعة كان اللواء الراحل محسن بداري رائد ويشغل منصب رئيس مباحث قسم ثان أسيوط وقال وقتها إنه أصيب في تلك الهمامية على يد كل من عاصم عبد الماجد وناجح ابراهيم وماجد العطيفي واصيب بعدة طلقات نارية
في بطنه لكنه قاوم حتى وصل لسيارته وقادها واتجه للمستشفى حاملا امعاءه التي تخرج بين يديه ونجا من ذلك الحادث باعجوبة وربما كان وقتها في عداد الشهداء ولكن كتب له عمر جديد وكان هو الشاهد رقم 2 في تلك القضية.
سيناريو جديد يثير الرأي العام بأسيوط
واليوم في شهر أكتوبر الذي يعد شهر البطولات وبعد مرور 43 عاما يطرح اسم اللواء محسن بداري من جديد في حادثة دموية غامضة أثارت تساؤلات كثيرة وأربكت الرأي العام بمحافظة أسيوط بعدما تم الإعلان عن وفاته هو وزوجته
في ظروف غامضة، مما يفتح باب التحقيقات على مصراعيه خاصة وأن الحادث آثار العديد من المخاوف بشأن الأمان العام وأثره على ثقة المواطنين في الشارع لجرأة الواقعة في البرج الشهير بحي شرق أسيوط أرقى أحياء المحافظة.
تفاصيل الحادث لا تزال غامضة، مع تضارب في المعلومات والشهادات حول ملابسات الواقعة المثيرة للجدل لذلك انتقل مدير أمن أسيوط لموقع البلاغ وبرفقته قوات المباحث التي تكثف من جهودها لكشف ملابسات الحادث.
في ذات السياق أعلن أقارب اللواء محسن بداري عن استخراج تصريح الدفن من النيابة العامة عقب عرض الجثتين علي الطبيب الشرعي ومن المقرر إقامة صلاة الجنازة على الجثامين بجامع عمر مكرم بعد صلاة الظهر ودفن بمدافن العائلة بمدينة أسيوط والعزاء يوم الاثنين بدار المناسبات.