لم يكن أمام عبد العزيز محسن، خيارات عدة حين فكر في مصدر دخل يكفي لتغطية نفقات أسرة مكونة من 6 أفراد، حتى هداه تفكيره إلى مشروع ظن أنه سينقل مستوى معيشته وأسرته إلى مستوى آخر، فكان حلمه الوحيد أن يصبح في ذات يوم صاحب مشروع استثماري ضخم.
ترك عبد العزيز محسن، ابن محافظة الإسماعيلية مهنة التدريس، واتجه إلى مشروع تربية الدواجن، وبدأ بدورة منخفضة العدد، حتى توسع لاحقا ووصل إلى 5 آلاف كتكوت، وحينها بدأ المشروع يجني ثمار تعبه اليومي وشغفه بهذا المجال، وتكرر الربح بمعدل مرضٍ لعبد العزيز، حتى عصفت درجات الحرارة العالية التي تشهدها مصر في فصل الصيف الجاري بآماله وأحلامه، لما سببته من نفوق معظم الكتاكيت في مزرعته.
هذا الحال ليس حال الرجل الأربعيني فقط، بل أصبح حال كثير من المربين الذين صهرت حرارة الطقس والتغيرات المناخية أحلامهم، وباتوا يبحثون عن حلول لتعويض جزء من خسائرهم.
«ارتفاع درجات الحرارة الصيف الحالي تزامنًا مع انقطاع التيار الكهربائي، أضرا بشكل كبير على عملية إنتاج الدواجن الموسم الحالي» بتلك الكلمات استهل عبدالخالق النويهي، عضو اتحاد منتجي الدواجن، ونائب رئيس الجمعية المصرية لمربي الدواجن، حديثه مع القاهرة 24، موضحًا أن الكتاكيت في معامل التفريخ تأثرت بهذه العوامل، وأصبحت الكتاكتيت الجديدة تعاني من فيروسات تتطلب إعدامها فورًا.
يقول النويهي، إن المربي يكتشف إصابة هذه الكتاكيت بالفيروسات بعد شرائها بأيام ويتفاجأ بنوفقها وتلك الأزمة حدثت بشكل كبير خلال القترة الحالية، ما تسبب في خسارة عدد كبير من المربين بسبب نفوق الكتاكيت، كما أن الدواجن أيضًا تصاب بالعدوى عند مخالطة الكتاكيت المصابة.
نفوق 20% من الفراخ بسبب الحرارة.. والإعدام الحل
وكشف عبدالخالق النويهي، نفوق حوالي 20% من الدواجن بفعل الأمراض التي أصابتها نتيجة الارتفاع القياسي في درجات الحرارة وقطع التيار الكهربائي، موضحًا أن هذه النسبة ليست ضئيلة بل كبيرة جدًا وتعادل ملايين الدواجن.
«الدواجن الأمهات ضعفت وتم أخذها لمفرخات ضعيفة أيضًا نتيجة تذبذب التيار الكهربائي، فالجنين أصبح معاق ومريض المربي بعد ما يشتري بيلاقي فيبرسات ومشاكل فيروسية من أم مريضة»، يقول النويهي، مشددًا على ضرورة الإعدام الفوري للدواجن التي أصيبت بالفيروسات ولا حل آخر أمام المربي سوى الإعدام، لأنه سيظل يصرف عليه وهي مصابة بمرض فيروسي ما سيتسبب في موتها وستكون خسارته أكبر.
نصف سوق الدواجن في مصر صغار مربين
نصف مربي الدواجن في مصر يصعب عليهم شراء مولدات كهربائية لمجابهة ارتفاع درجات الحرارة وكذلك تجاوز انقطاع التيار الكهربائي، وفقًا لتصريحات دكتور ثروت الزيني نائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن خلال حديثه لـ القاهرة 24،
موضحًا أن سوق الدواجن في مصر يتكون من 30% شركات، و20% منتجين، و50% صغار مربين، أي نصف منتجي الدواجن في مصر من الصغار المربين، لا يملكون مولدات كهرباء، واليوم ومع ارتفاع سعر الدولار أصبح شراء مولد مكلف جدًا على المربي، وفقًا لقوله.
صناديق تكافل وتوفير أعلاف مدعمة.. حوافز لتقليل خسائر المربين خلال الصيف
يرى حسين عبد الرحمن أبو صدام، نقيب عام الفلاحين، أن ارتفاع درجات الحرارة تسبب في خسائر فادحة للمربين ونفوق كبير في مزارع الدواجن، خاصة الصغيرة والتقليدية في القرى والأرياف.
وأوضح أبو صدام، في تصريحات لـ القاهرة 24، أن المربين يحتاجون للدعم لأن ما يقارب من نصف السوق صغار مربين، ومن ضمن احتياجات المربين، مستلزمات للتربية وتوفير الأعلاف بأسعار مخفضة وكتاكيت أيضًا بصحة جيدة وخالية من الأمراض، بالإضافة إلى صناديق تكافل يعوضهم بعد نفوق الدواجن.
وأكد نقيب الفلاحين، أن المربين في أمس الحاجة للوقوف بجانبهم ودعمهم بالأدوية والرعاية للدواجن والدعم ماديا لتعرضهم لخسائر كبرى، كما أن الحوافز لو قدمت للمربي سيتم تشجيعه للاستمرار في السوق وعدم الخروج منه، خاصة في ظل الخسائر الحالية ونفوق الدواجن ما جعلها تباع بأسعار رخيصة، حيث بلغ سعر كيلو الدواجن للمستهلك حوالي 80 جنيهًا.
من جهته، قال الدكتور محمد علي فهيم، مستشار وزير الزراعة لشئون المناخ ورئيس مركز معلومات تغير المناخ، إن قضية التغير المناخي هي قضية مستحدثة، وليست قضية قديمة وهي ظاهرة عالمية بأسباب بشرية،
ولكن تأثيراتها طبيعية، لافتًا إلى أن الثورة الصناعية الكبرى عندما بدأت تزيد في العالم بدأ يضخ في الغلاف الجوي الأدخنة الكثيرة وهي غازات الاحتباس الحراري من ثاني أكسيد الكربون والميثان، وغيرها.
وواصل في تصريحات لـ القاهرة 24: وقتها بدأ يحدث زيادة في في كثافة وفي حجم غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي خلال عشرات السنين وليس سنة أو اثنين، وحدث وقتها تركيز في هذه الغازات في طبقة الغلاف الجوي
اسمها طبقة ستراتوسفير، وهي المسؤولة عن تشكيل مناخ الأرض، وعندما تضخمت الطبقة بهذه الكمية الكبيرة من غازات الاحتباس الحراري على مدار 140 عامًا بدأت تتصرف بطريقة غير طبيعية، فبدأ يحدث اضطرابات في مناخ الأرض.
وأكد الدكتور فهيم، أن أول شي حدث ما يسمى بالاحتباس الحراري يعني الطبقة بدلًا من حبس حرارة بسيطة من أشعة الشمس والباقي يرجع يتشتت في الفراغ وينعكس ويروح الفضاء ثاني حبست كمية أكبر فزادت درجة الكرة الأرضية في
المتوسط، مستكملًا: ولكن لما زادت درجة حرارة جسم الكرة الأرضية بدأت تتعامل مثل أي كائن حي تزيد درجة حرارته فبدأت تتعامل بطريقة التغير في مناخات المناطق، وحدثت هذه المظاهر الغريبة في المناخ والتي غيرت أحيانًا مناخ مناطق.
وأوضح مستشار وزير الزراعة، أنه في مصر تغير المناخ لم يغير مناخ البلاد، لأنه ما زال مناخ مصر حر في الصيف بارد في الشتاء، ما يعني أن الفصول في مصر لم تتغير، معقبًا: ولكن الصيف أصبح شديد الحرارة بالإضافة إلى زيادة وتيرة الموجات
الحرارية، لافتًا إلى أنه في السابق كان هناك موجات حرارية ولكن متقلصة، تستمر يومين مثلًا، وبعدها تأتي الموجة اللاحقة لها بعد شهر مثلا، لكن هذا الصيف الموجات متلاحقة ومترابطة ومتتالية بطريقة غريبة، وكلمة موجة يعني درجات الحرارة فوق المعدل.