يصادف عام 2024 مرور 60 عامًا على الحوار اللاهوتي من أجل الكنائس الأرثوذكسية الشرقية ” الوحدة بين الكنائس الأرثوذكسية الشرقية ( اورينتال ) والكنائس الأرثوذكسية البيزنطية، حيث انعقدت مجموعة العمل لأول مرة في اجتماع غير رسمي للحوار بين الكنائس الأرثوذكسية والكنائس الأرثوذكسية المشرقية في آرهوس، الدنمارك، عام 1964.
وبعد انقطاع دام 31 عامًا و ببركة قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، و الآباء بطاركة ورؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية و البيزنطية
عاد الحوار مجددًا وسط تفاؤول و سعادة الجميع، في ضيافة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اجتمع ممثلين عن اثني عشر بطريركية من الكنيسة الأرثوذكسية و ممثلين عن خمس بطريركيات من الكنائس الأرثوذكسية الشرقية ( اورينتال )
في مركز المؤتمرات بالمقر البابوي (لوجوس) بدير القديس الانبا بيشوي ( باييسيوس الكبير ) بوادي النطرون- مصر في الفترة من 16 الي 17 سبتمبر 2024
وقبل بداية انعقاد أعضاء لجنة الحوار اللاهوتية، استقبلهم قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، في مقر انعقاد اللجنة، حيث أقيمت صلاة في كنيسة التجلي، قادهم فيها قداسة البابا تواضروس والذي رحب بالجميع بفرح وسعادة عميقة، وأكد في مستهل كلمته قائلاً :
” إن بناء علاقات المحبة في المسيح وتعميق فهمنا لبعضنا البعض، واستمرار الحوار والصلاة الدؤوبة سيقودنا جميعًا إلى قلب ربنا يسوع المسيح”، وأنه “يجب أن يكون لدينا صوت أرثوذكسي واحد قائم على رؤية مشتركة للقضايا الاجتماعية العالمية التي تشكل قلقًا كبيرًا لكنائسنا الآن.”
كما أكد قداسة البطريرك المسكوني برثلماوس الأول خلال كلمته الي ألقاها نيابة عنه سيادة المتروبوليت ايمانويل متروبوليت خلقدونية قائلاً :
“إن اهتمامنا وتفانينا في مهمة الوحدة المسيحية ينبعان من الشعور بالمسؤولية والاقتناع بأن التفاهم المتبادل والتعاون لهما أهمية أساسية إذا كنا لا نرغب أبدًا في وضع عقبة عثرة في طريق إنجيل المسيح (1 كورنثوس 9:12)، مع كون الهدف المشترك المتمثل في الاستعادة النهائية للوحدة في الإيمان والمحبة الحقيقيين.”
+ جدول الاعمال :
اجتمع ممثلو العائلتين الأرثوذكسيتين في أجواء من المحبة الأخوية المسيحية حول مائدة مستديرة. واعترفوا بالخطوات الناجحة للحوار، بينما ناقشوا الإجراءات الملموسة اللازمة لاستعادة الشركة
الكاملة من خلال النظر في “خارطة الطريق” التي أعدتها مجموعة العمل الرسمية في أثينا في 24-25 نوفمبر 2014. جرت مناقشة مثمرة ومكثفة، حيث تناولت الاجتماعات المنفصلة للعائلتين القضايا من منظور كل عائلة،
تلتها جلسات عامة ناقشت: موقف كل كنيسة من البيانات المتفق عليها؛ كيفية تنفيذها، وكيفية المضي قدمًا، وكيفية التعامل مع التحديات المعاصرة، بما في ذلك القضايا الاجتماعية والأخلاقية التي تواجه الأرثوذكس
كما تم تخصيص هذا القاء لمناقشة تعزيز الوحدة بين الكنائس الأرثوذكسية المحلية والكنائس الشرقية، لا سيما فيما يتعلق بتنفيذ نتائج الحوار اللاهوتي الرسمي الذي جرى في الفترة من 1989 إلى 1993 – خلال نشاط اللجنة المشتركة للحوار اللاهوتي بين الكنيسة الأرثوذكسية والكنائس الشرقية ( اورينتال )، كما تم في الاجتماع مناقشة قضايا أخرى تتعلق بجدول الأعمال الأوسع للتعاون المسيحي بين الكنائس.
علاوة على ذلك، وبصوت واحد تفق أعضاء اللجنة أنه طبقاً ووفاء للتقاليد اللاهوتية والكتابية والآبائية المشتركة أثار جميع الأعضاء قضية الأزمة المتعلقة بالمسائل الأسرية والتحديات الأنثروبولوجية في المجتمع العلماني الحالي. وأعربوا عن رغبتهم في أن يصبح جميع المسيحيين سفراء (راجع 2 كورنثوس 5:20) لرسالة المسيح إلى المجتمع الحديث، لتغيير العالم بنور الحق والحكمة.
فيما جاء بعد مداخلة ممثلي الكنيسة الروسية الأرثوذكسية التي نقل فيها، سيادة الأسقف كيريل أسقف سِرجيف بوساد ودميتروف، تحيات قداسة البطريرك كيريل بطريرك موسكو وعموم روسيا إلى بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، مشيرًا إلى اهتمامه الشخصي بالعلاقات بين الكنائس، وقدم شكره على التنظيم الرائع للاجتماع.
وأشار الأسقف كيريل إلى الرمزية في أن الاجتماع انه يُعقد في صحراء وادي النطرون، حيث نشأت الرهبنة المسيحية، وفي دير القديس باييسيوس الكبير، المرتبط بالمراحل المهمة في تاريخ الحوار اللاهوتي بين الكنيسة الأرثوذكسية والكنائس الشرقية، بما في ذلك اعتماد “البيان والاقتراحات المتفق عليها الأولى للكنائس” في عام 1989.
في هذا الوثيقة، تم تضمين الصيغ العقائدية التي على أساسها تم اعتماد “البيان والاقتراحات المتفق عليها الثانية للكنائس” في شامبزي (سويسرا) عام 1990، والذي أنهى المرحلة الرسمية
للحوار اللاهوتي وكان من المفترض أن يكون الأساس لتنفيذ نتائجه من قبل الكنائس الأرثوذكسية والمحلية والكنائس الشرقية القديمة. ولكن لأسباب متعددة، لم يكن هذا العملية نشطة خلال
الثلاثة عقود الماضية. رغم ذلك، عُقدت عدة اجتماعات حول هذا الموضوع بأشكال مختلفة في التسعينيات والعقدين الأولين من القرن الواحد والعشرين، بما في ذلك اجتماع عمل في أثينا (اليونان) عام 2014.
كما أكد الأرشمندريت ستيفان (إيغومنوف) أن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية قامت بأكثر الدراسات دقة لتلك الوثائق المذكورة، و في منتصف التسعينيات، عقدت عدة اجتماعات للجنة السينودسية الكتابية
واللاهوتية لبلورة موقف بطريركية موسكو بشأن هذا الموضوع. وقد لخصت المجالس الأسقفية للكنيسة الأرثوذكسية الروسية في عامي 1997 و2000 نتائج عمل اللجنة. وتنفذ توصياتهم من خلال مشاركة وفود بطريركية موسكو
في الاجتماعات ذات الصلة بالحوار، بما في ذلك على مستوى الاستشارات اللاهوتية الثنائية التي تجريها الكنيسة الأرثوذكسية الروسية والكنيسة القبطية. وقد اتبع ممثلو بطريركية موسكو هذه التوجيهات في هذا الاجتماع.
حيث جاء في بيان اللجنة الآتي:
” وترى كنائسنا أن الاتحاد غير القابل للانفصال بين الرجل والمرأة في الزواج المقدس هو “سر عظيم” (أفسس 5:32)، يعكس العلاقة بين المسيح والكنيسة، وذلك على النقيض من بعض المقاربات الحديثة للزواج. ومن هذا الاتحاد تنشأ الأسرة، التي تعتبر الأساس الوحيد للولادة وتربية الأطفال وفقًا للخطة الإلهية. لذلك، تعتبر كنائسنا الأسرة “كنيسة صغيرة” وتقدم لها الرعاية والدعم الرعوي المناسب .
وترفض كنائسنا بشكل قاطع تبرير العلاقات المثلية في ظل ما يسمى بـ “الحرية البشرية المطلقة” التي تسبب ضررًا للبشرية.
وتؤكد كنائسنا، في الوقت الذي تؤمن فيه بالكامل بحقوق الإنسان والحرية، و أن حرية المخلوق ليست مطلقة إلى حد انتهاك وكسر وصايا الخالق “.
+ نتائج أعمال اللجنة :
1- تستمر اللجنتان الفرعيتان المشتركتان في العمل على القضايا الليتورجية والرعوية
2- يقوم الرئيسان المشتركان للجنة بزيارة رؤساء الكنائس الأرثوذكسية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية لنقل نتائج الحوار الإيجابية والحصول على ملاحظاتهم بخصوص البيانات والاقتراحات المتفق عليه.
3- إنشاء موقع إلكتروني مشترك يحتوي على جميع الوثائق اللازمة من الحوارات الثنائية السابقة لتكون في متناول الأعضاء الجدد في اللجنة المشتركة المعينين من قبل كنائسهم، لتسهيل عملية اتخاذ القرار.
4- تشرك العائلتان الأرثوذكسيتان جميع مستويات من الإكليروس والرهبان والعلمانيين في تنفيذ الحوار.
5- أعرب المشاركون في الاجتماع عن تأييدهم لعودة جميع الكنائس المسيحية إلى تاريخ موحد للاحتفال بعيد الفصح وفقًا لما تم تحديده في مجمع نيقية الأول عام 325. وأشار البيان
المشترك الذي تم تبنيه في نهاية الاجتماع إلى أنه “نظرًا لأن عام 2025 سيشهد الذكرى الـ1700 لانعقاد مجمع نيقية الأول، وسيحتفل المسيحيون في جميع أنحاء العالم بعيد الفصح في
نفس اليوم، فقد أعرب ممثلو الكنائس المشاركة في الاجتماع عن رغبتهم في أن يحتفل جميع المسيحيين حول العالم بعيد الفصح، وفقًا للتقليد القانوني لنيقية وحساب الفصح الأرثوذكسي.”
+ بعض من ردود الأفعال الكنسية حول عودة الحوار:
صرح سيادة الأسقف بنديكت بيستريتسانول الأسقف المساعد لأبرشية فادول وفيلياك وكلوج، وممثل بطريركية الأرثوذكسية الرومانية لقناة “ترينيتاس تي في” قائلاً:
“بدأت الأعمال الفعلية بتقديم تقرير من كل وفد حول الوضع الحالي للحوار، خاصة من منظور عملي في المجتمع الذي يمثله”.
وأضاف: “تم طلب توضيحات حول هذه التقارير أو إضافة بعض العناصر، وذلك لكي يستمر الحوار ويتم تحديد توجهات تساهم ليس فقط تقيم ما حدث على مدى أكثر من 60 عامًا من الحوار، بل بالأخص المساهمة في مستقبل مثمر لهذه التقارب الضروري في عالم منقسم.”
فيما يخص مناقشة القضايا الأخلاقية الرئيسية التي تواجه العالم المعاصر، والتي تم تحديد استراتيجيات مشتركة لحلها.
وتابع الأسقف بنديكت قائلاً: “نأمل أن يكون الاجتماع إضافة ليس فقط على الصعيد اللاهوتي، بل أيضًا على الصعيد العملي، من حيث ضرورة وجود صوت مشترك تجاه الواقع المعاصر بجميع جوانبه.”
ومن جانبه تحدث تحدث الأب فيوريل أيونيتسا، المستشار الفخري للبطريركية الأرثوذكسيةالرومانية، في مداخله مع صحيفة Ziarul Lumina، قال فيها :
“من جانب الكنيسة الأرثوذكسية الرومانية، سيتم أولاً تقديم الكيفية التي تم بها استقبال نتائج هذا الحوار على مستوى المجمع المقدس لكنيستنا، ثم الكيفية التي تم بها نشر هذه النتائج على نطاق واسع داخل الكنيسة من خلال دراسات وكتب نشرها عدد من اللاهوتيين الرومانيين.”
كما أشار الأب فيوريل أيونيتسا إلى أن الأب دوميترو ستانيلاوي شارك في عام 1971 في اجتماع لتقييم الحوار في أديس أبابا، إثيوبيا، وبعده نشر أربعة دراسات حول آفاق التقارب بين الكنيسة الأرثوذكسية والكنائس الشرقية.
+ شكر و عرفان :
وخلال الاجتماع توجه سيادة المتروبوليت ايمانويل متروبوليت خلقدونية، بكل الشكر و العرفان و تقدير للرئيسان المشاركان السابقين و هو المنتيح نيافة الأنبا بيشوي مطران دمياط و كفر الشيخ و براري بلقاس وعضو المشارك في لجنة الحوار عن العائلة
الأرثوذكسيّة الشرقيّة السابق الذي لعب دورًا بارزًا وحاسمًا مع أسلافه الراحلين، المتروبوليت داماسكينوس متروبوليت سويسرا والمتروبوليت خريسوستوموس متروبوليت ميرا، الرئيس المشارك الأول، لجهودهم الدؤوبة في دفع الحوار اللاهوتي بسرعة.
بالإضافة إلى ذلك، أشار سيادة المتروبوليت توماس إلى الحاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية لتنفيذ اتفاقيات الحوار، وأكد أن صوت الإيمان الأرثوذكسي في أيامنا هذه يمكن أن يجلب الأمل للناس ويعيد إحياء المسيحية في المجتمع الهش في عالم اليوم.
+ الجلسة الأخيرة:
و خلال الجلسة الأخيرة، أعرب جميع المشاركين عن شكرهم الصادق للرب القائم، يسوع المسيح، على منحه لهم نعمة الاجتماع معًا بعد فترة من التأمل الداخلي والاهتمام المتزايد بالحوار ونتائجه على جميع مستويات كنائسهم المحلية. كما أعرب المشاركون عن امتنانهم للكنيسة القبطية الأرثوذكسية وقداسة البابا تواضروس الثاني على ضيافتهم الكريمة واستضافة هذا الاجتماع.
+ الوفود المشاركة:
ويضم الوفد الأرثوذكسي ممثلين عن البطريركية المسكونية، وبطريركيات الإسكندرية وأنطاكية والقدس وروسيا ورومانيا وبلغاريا، بالإضافة إلى كنائس قبرص واليونان وبولندا وألبانيا.
كما يضم الوفد الارثوذكسي الشرقي، ممثلين عن بطريركية الإسكندرية القبطية الأرثوذكسية( الكنيسة المضيفة ) و بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس و كاثوليكوسية إتشميادزين و انطلياس للأرمن الأرثوذكس و و الاريتريين الأرثوذكس