“اصحى يا نايم، اصحى وحد الدايم، وقول نويت بكرة اتحييت، الشهر صايم والفجر قايم”، ارتبطت هذه الكلمات بشهر رمضان الكريم، كتبها الشاعر الكبير فؤاد حداد ولحنها وغناها الفنان سيد مكاوي – رحمة الله عليهما- مع بداية شهر رمضان.
ورغم أن مهنة المسحراتي كادت تندثر في بلاد المحروسة من الوجود مع تزايد الاتجاه إلى استخدام الفون للاستيقاظ أو السهر أمام شاشات التلفاز حتى موعد السحور، إلا أن البعض مازال حريصا على اسمرار هذه المهنة التي ارتبطت بوجدان الملايين من الشعب المصري.
“كاتي ظريف” و”أحمد العسكري” أحييا هذا الشيء الجميل وحافظا عليه من الاندثار، وظهرا في مدينة دهب بمحافظة جنوب سيناء، يرتديان جلابية بيضاء وفي أيديهما مسبحة وترتدي “كاتي” قلادة الصليب، يجوبان شوارع المدينة ويستيقظ معظم الأهالي على صوت طبلة ونداء “كاتي” و “أحمد”، ويفتح الأهالي نوافذ المنازل يلقون عليهما التحية.
تقول “كاتي ظريف” لـ”البوابة “: للعام الثالث على التوالي أقوم بدور المسحراتي في مدينتي ومعشوقتي دهب الجميلة، وهذا العام أحببت أن أعمل فكرة جديدة تتمثل في توزيع وجبات على عمال النظافة يوم في
الأسبوع وفي كل يوم من بداية شهر رمضان المبارك سنقف كل يوم في مكان مختلف نوزع فيه مياه وتمر وعصائر على الناس التي يأذن عليها أذان المغرب وهم في الشارع، لافتة إلى أنها عندما اقترحت الفكرة
أعجب ورحب بها أحمد العسكري، وعرض عليها أن يشارك معها هذا العام في هذا العمل الخيري التطوعي، وعلى الفور رحبت كاتي بانضمام أحمد إليها ، وأعجبت بالفكرة لتجسيد معنى الوحدة الوطنية بين مسلم ومسيحي.
وأشارت “كاتي” إلى أنها وزعت وصديقها “أحمد” فوانيس وتبادلنا التهاني مع الناس ، لافتة إلى أن الناس في الشوارع مبسوطة جدًا واستحسنوا الفكرة جدًا ، وارجعت مواظبتها على هذا العمل إلى أن أصدقائها هم الذين يسألونها ما الجديد الذي ستقديمه هذا العام ويشجعونها .
واستطردت: الفكرة في أساسها ترجع إلى أنني أحببت أن أعمل شيء أفرح به أصدقائي وطول عمرنا ونحن نفتقد أجواء المسحراتي وأحببت أن أحي هذه الفكرة وعرضتها على أصدقائي
اعجبوا بها جدًا وفي أول عام من قيامي بدور المسحراتي استلفت الجلابية والطبلة وفي العام الثاني أحد الأصدقاء أحضر لي الجلابية وقدرة فول وطبلة، مؤكدة أنها لا تشعر
بأي حساسية إطلاقًا من الأهالي لكونها مسيحية توقظ المسلمين ليتسحروا في شهر رمضان، بل العكس أن الجميع استحسنوا الفكرة ومرحبين بها جدًا، والجميع يعيشون في محبة وسلام.
وأخيرا.. نقول: إن مصر تثبت دومًا أن مسلميها ومسيحييها يعيشون فى تآخٍ حقيقي، في ظل مجتمع آمن لا عنصرية فيه ولا طائفية، تجمعهم وحدة وطنية راسخة القواعد، وهيهات أن يستطيع أيا ما كان أن يفرق بين المسلم والمسيحي.
فلنرفع جميعاً شعار “الدين لله والوطن للجميع ” ، ولنكرر ما قاله أسلافنا من قبل … عاش الهلال مع الصليب .
يشار إلى أن “كاتي ظريف” حاصلة على بكالوريوس هندسة كمبيوتر، مدربة غوص محترفة، اختارت مجال الغوص، فهو حبها الأول ، تقوم بغطسات ليلية في أعماق البحر الأحمر مع
السائحين، معلقة: “أن الغوص في الأعماق ليلًا له متعة أخري، ولكنه يحتاج إلى الوصول لمستوي معين في الكورسات، من أجل القدرة على الغطس الليلي”. وتعد من أبرز الأسماء في
مجال الغوص، مقيمة في مدينة دهب بمحافظة جنوب سيناء، منذ أكثر من 20 عامًا، أجرت مؤخرًا رحلة إلى إندونيسيا واستغرقت أسبوعين، وأنها بذلك حققت أول حلم من أحلامها وهو الغوص خارج مصر.