الرئيسيةاخبار الاقباطيوم حلول الروح القدس على الرسل.. الكنيسة المصرية تحتفل بعيد العنصرة

يوم حلول الروح القدس على الرسل.. الكنيسة المصرية تحتفل بعيد العنصرة

العيد علامة على بداية انطلاق الكنيسة المسيحية وانتشار رسالة المسيح في العالم

يوم حلول الروح القدس علي تلاميذ المسيح..

كمال زاخر: العيد الثاني بعد القيامة وبداية صوم الرسل

القس ياكوبوس: شهد تجمع أتباع المسيح وحل عليهم الروح القدس وتكلموا بلغات مختلفة

الأب لوكاس حلمي الفرنسسكاني: القيامة والصعود والعنصرة حدث واحد لا يتجزأ

القمص غبريال لبيب: موهبة معطاه للكنيسة باعتبارها العطية الخالدة

كتبت – ساندرا عزت

تحتفل الكنيسة المصرية بعيد العنصرة، الذي يوافق يوم 20 يونيو من هذا العام، ويقصد به حلول الروح القدس على تلاميذ المسيح بعد صعود يسوع بعشرة أيام.

ويعتبر عيد الخمسين أو العنصرة عيداً مهماً فى التقويم العبرى القديم ويحتفل بنزول وحى ناموس موسى وأدخله المسيحيون ضِمن الأعياد المسيحية لإحياء ذكرى نزول الروح القدس على تلاميذ يسوع الإثني عشر حسب الكتاب المقدس.

عيد العنصرة هو الاحتفال بشخص الروح القدس الذي يحل على الرسل، مريم، وأتباع يسوع الأوائل، الذين اجتمعوا معًا في العلية.

وحول معنى العنصرة في الكتاب المقدس قال الكاتب كمال زاخر ل”البوابة” إن كتاب معجم المصطلحات الكنيسة؛ الذى أعده وأصدره الراهب القس اثناسيوس المقارى، يذكر فى معنى “العَنصَرة” أنها لفظة عبرانية معناها اجتماع أو محفل،

واستخدمت لتشير إلى عيد الخمسين اليهودى الذى كان يجتمع فيه كل ذكر من اليهود من كل بقاع الأرض إلى أورشليم للاحتفال بالعيد، ويقع عيد الخمسين اليهودى بعد سبعة أسابيع كاملة من عيد الفصح اليهودى، لذلك سُمى “عيد الأسابيع”.

وقد أطلقت الكنيسة هذا الاسم على عيد الخمسين المسيحى الذى فيه حل الروح القدس على المجتمعين فى علية صهيون، فصار يُدعى فى العهد الجديد “عيد العنصرة” فى العبرية، أو “عيد البنديكستى” فى اليونانية.

ويستطرد: يعتبر عيد الخمسين، العنصرة أو البنديكستى، العيد الثانى فى الكنيسة بعد عيد القيامة. ومنذ عصور المسيحية المبكرة أُطلقت كلمة بنديكستى أو زمن العنصرة ليس على يوم العيد نفسه فحسب بل وأيضاً على طيلة الأسبوع الذى يليه، ويبدأ بعد يوم الخمسين (عيد العنصرة) صوم الرسل.

وعن الفرق بين الصعود والعنصرة قال: الصعود هو اليوم الذى صعد فيه المسيح للسماء بعد قيامته من الأموات بأربعين يوماً، وهو ما سجله سفر أعمال الرسل (أحد اسفار العهد الجديد وكاتبه هو القديس لوقا الرسول وفيه يذكر أنه

“الْيَوْمِ الَّذِي ارْتَفَعَ فِيهِ (المسيح)، بَعْدَ مَا أَوْصَى بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الرُّسُلَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ، اَلَّذِينَ أَرَاهُمْ أَيْضًا نَفْسَهُ حَيًّا بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ، بَعْدَ مَا

تَأَلَّمَ، وَهُوَ يَظْهَرُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ. وَفِيمَا هُوَ مُجْتَمِعٌ مَعَهُمْ أَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَبْرَحُوا مِنْ

أُورُشَلِيمَ، بَلْ يَنْتَظِرُوا «مَوْعِدَ الآبِ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنِّي، لأَنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ، لَيْسَ بَعْدَ هذِهِ الأَيَّامِ بِكَثِيرٍ».

وبالفعل حل عليهم الروح القدس بعد عشرة أيام من حدث الصعود.

وعن صيام الرسل وارتباطة بالعنصرة أوضح زاحر: كانت الكنيسة الأولى تمارس هذا الصوم (صوم الرسل) بعد صعود المسيح مباشرة وحتى حلول الروح القدس، أى عشرة أيام فقط، ثم مر الصوم بمراحل مختلفة فى مدته حتى قنه البابا خريستوذولوس (القرن

الحادى عشر) فى مجموعة قوانينه وفيها حدد أن تكون بدايته تأرجح مدة هذا الصوم ما بين 15 و 49 يوماً ، وفيه حدد أن تكون بدايته اليوم التالى لعيد العنصرة وهو تاريخ غير ثابت لارتباطه بعيد القيامة وهو غير ثابت بينما نهايته محددة بتاريخ محدد.

حدث تاريخي

من جهته قال القس ياكوبوس من كنيسة العذراء وماري مرقس بفيصل فقال في تصريح خاص ل”البوابة” إن يوم عيد العنصرة في العقيدة المسيحية هو اليوم الذي حل فيه الروح القدس على الرسل وأتباع يسوع المسيح، وفقا للكتاب المقدس، حدث هذا الحدث التاريخي في اليوم الخمسين بعد قيامة المسيح من الموت.

وأضاف: في ذلك اليوم، تجمع الرسل وأتباع المسيح في أورشليم، وحل عليهم الروح القدس بشكل ألسنة من نار، مما مكنهم من التكلم بلغات مختلفة ، وبفضل هذه المعجزة، تمكن الرسل من الكرازة والتبشير بالإنجيل في أنحاء مختلفة من العالم، وأدى ذلك إلى اهتداء نحو ثلاثة آلاف نفس في ذلك اليوم. و يعتبر عيد العنصرة علامة على بداية انطلاق الكنيسة المسيحية وانتشار رسالة المسيح في العالم.

وتابع: تتجلى الفروق الرئيسية بين عيد الصعود وعيد العنصرة في النقاط التالية:

عيد الصعود

جرى في اليوم الأربعين بعد قيامة المسيح من الموت، وشهد ظهورات متعددة للمسيح لتلاميذه خلال تلك الأربعين يومًا، بلغت نحو 11 ظهورًا.

وكان آخر ظهور للمسيح لتلاميذه قبل صعوده إلى السماوات، حيث وعدهم بإرسال المعزي (الروح القدس) بعد انطلاقه.

والانطلاق هنا يعني صعوده و ذلك حدث في يوم الأربعين بعد القيامة “لكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ: إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي، وَلكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ”. (يو 16: 7) .

إذن، يمثل عيدا الصعود والعنصرة محطات مهمة في مسار حياة المسيح وانتشار رسالته بعد قيامته.

وأن صوم الرسل له ارتباط وثيق بعيد العنصرة وبداية خدمتهم. المسيحية

قبل بدء خدمتهم، قام الرسل بصوم مدته أربعين يومًا وليلة، على غرار صوم السيد المسيح قبل بدء خدمته العلنية.

و هذا الصوم الروحي كان تحضيرًا لهم لينالوا قوة الروح القدس في عيد العنصرة، والذي مكنهم من البشارة والكرازة باسم المسيح ،و لم يقتصر هذا الصوم على الرسل فقط، بل كان للشعب المؤمن أيضا، باعتباره صوما روحيا لتطهير القلب والكلام من الخطايا قبل البشارة والتبشير.

وبالتالي، ارتبط هذا الصوم الروحي ارتباطًا وثيقًا بعيد العنصرة وانطلاق خدمة الرسل في العالم، كتجهيز روحي لهذه المهمة العظيمة.

8 لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ

وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ». 9 وَلَمَّا قَالَ هذَا ارْتَفَعَ وَهُمْ يَنْظُرُونَ. وَأَخَذَتْهُ سَحَابَةٌ عَنْ أَعْيُنِهِمْ. 10 وَفِيمَا كَانُوا يَشْخَصُونَ إِلَى

السَّمَاءِ وَهُوَ مُنْطَلِقٌ، إِذَا رَجُلاَنِ قَدْ وَقَفَا بِهِمْ بِلِبَاسٍ أَبْيَضَ، 11 وَقَالاَ:«أَيُّهَا الرِّجَالُ الْجَلِيلِيُّونَ، مَا بَالُكُمْ وَاقِفِينَ

تَنْظُرُونَ إِلَى السَّمَاءِ؟ إِنَّ يَسُوعَ هذَا الَّذِي ارْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى السَّمَاءِ سَيَأْتِي هكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ مُنْطَلِقًا إِلَى السَّمَاءِ». سفر أعمال الرسل11-8:1

هذه الآيه تعبر عن وعد المسيح لهم وهيرسل لهم الروح القدس .

حيث يمثل صوم الرسل حلقة مهمة في استعداد الخدام والشعب لاستقبال قوة الروح القدس وانطلاق البشارة المسيحية في العالم.

بينما قال الأب لوكاس حلمي الفرنسسكاني ل”البوابة” إن عيد العنصرة ، له أهمية كبيرة في الكتاب المقدس ، فهو عيد معروف بعيد الأسابيع (لا 23/ 15؛ تث 16/ 9) ، و يشير إلى مرور خمسين يوماً بعد ذبيحة الفصح، فبدايته كان عيدا زراعياً ، و له ثلاثة أسماء:

عيد الحصاد(خر 23/ 16).

عيد الأسابيع( عدد 28/ 26).

عيد الخمسين( لا 23/ 16).

وأوضح أن العيد يشير في العهد الجديد إلى وعد المسيح للرسل بالروح القدس، في كلماته الأخيرة قبل صعوده( أع 1/ 8).

لذا فعيد العنصرة هو بمثابة إعلان عن ولادة الكنيسة، وهي إشارة وحيدة في(أع 2/ 1- 3).

وعن الفرق بين الصعود والعنصرة قال الأب لوكاس حلمي الفرنسسكاني يجب أن نعترف بأن حدث القيامة والصعود والعنصرة هى حدث واحد لا يتجزأ والصعود ضروري لأن السيد المسيح أعلن بأن بصعوده سيرسل الروح القدس ليحل على الرسل، وعلامة حلول الروح القدس هو أنهم كانوا جميعهم معا، يواظبون على الصلاة بنفس واحدة.

وأشار إلي أن حلول الروح القدس يوم الخمسين عبر عنه سفر أعمال الرسل بصورتين:

صورة ريح عاصف، أي قوة هائلة، جبارة يسيطر عليها الله، و صورة النار وأيضا هذه صورة كتابية تعكس الحضور الإلهي،التكلم بالألسنة وكيف أن جميع الحضور فهموا ما قاله الرسل ، كما حدث خطبة بطرس الرسول التي حصدت 3000 نفس للمسيح.

ويأتي صوم الرسل مباشرة بعد أحد العنصرة، ليعد الرسل للرسالة والانطلاقة الجديدة للكرازة في كل المسكونة ،ونحن اليوم في حاجة إلى صومهم لنتذكر ما قاموا به لأولاد الكنيسة الجديدة ،ونحتاج هذا الصوم لتتجدد فينا عطية الروح القدس حتى يغيرنا ،و يضمن وحدتنا،و ليمنحنا قوة للشهادة ،و يحل فينا الروح القدس، وفي كل أبناء الكنيسة لتعود شابة وكارزة لكل المسكونة.

عيد الأسابيع

بدوره قال القمص غبريال لبيب ل”البوابة” إن معني العنصرة في العهد القديم: تدل لفظة “عنصرة” في التقويم العبري على العيد الذي كان اليهود يحتفلون به بعد الفصح بخمسين يوما. الاسم التقليدي هو “عيد

الأسابيع” (لا 23: 15)، وهو في الواقع عيد حصاد القمح (خر 23: 16؛ عد 28: 26)، حيث كانت تقدَّم باكورة الغلات إلى الله. بعد خراب أورشليم اتخذ العيد طابعا تاريخيا فلم يعد احتفالا بحدثٍ زراعي يحصل مرة في كل

سنة، وأنما احتفال بحدثٍ فريد وأساسي هو تذكار إعطاء الشريعة على جبل سيناء – لأن الشريعة أعطيت في الشهر الثالث من خروج بني إسرائيل من مصر (خر 19)، إلى أن أصبح معنى العيد، في القرن الثالث ق.م.، عيد تجديد العهد.

في العبرية القديمة والحديثة اللفظة “عَسَار”، منها “عَسَريت” التي جاءت منها لفظة “العنصرة”، تعني: اجتمع أو جمع، وهي إشارة إلى اجتماع الشعب في العيد. وتأتي بمعنى: منع أو امتنع، لأن هذا اليوم مقدَّس ويُمنع

العمل فيه. وقد تفيد: الختام والتنوع والتتميم، ولهذا التفسير معنيان: الأول زراعي ويشير إلى ختم تقادم البواكير في عيد الأسابيع، والثاني تاريخي، خصوصا أنه يتوج معنى الفصح الذي يبلغ تمامه بعطية التوراة.

الترجمة اليونانية للعهد القديم أطلقت على هذا العيد لفظة يفيد معناها اليوم “الخمسين”، باعتبار أن العيد يرتبط بتوقيته، كما ذكرنا، بالفصح (تث 16: 9). استعارت الكنيسة لفظة “العنصرة”، وأطلقتها على عيد حلول الروح القدس على الكنيسة الذي وقع في اليوم الخمسين من بعد قيامة الرب من بين الأموات.

كانت العنصرة عند العبرانيين أحد الأعياد الثلاثة الكبرى التي كان الشعب يحج ويخرج فيها إلى أورشليم:

( تث16 :16 ) “ثلاث مرات في السنة يحضر جميع ذكورك أمام الرب الهك في المكان الذي يختاره في عيد الفطير وعيد الأسابيع و عيد المظال و لا يحضروا أمام الرب فارغين”.

ويصادف موعد العيدين الآخرين للحج موسم الربيع وهما الفصح اليهودي وعيد الأسابيع شافوعوت. يتضمن عيد المظال بناء كوخ أو مظلة من الورق تشبه الأكواخ المؤقتة التي كان اليهود يعيشون فيها في صحراء التيهان (سيناء). وهذا

العيد تطوَّر معناه عبر التاريخ، فكان في البدء عيدا زراعيا –الانتهاء من الحصاد- أخذه العبرانيون عن جيرانهم. وكانت له تسميات عديدة:” عيد الأسابيع” (خر 34: 22 وتث 16: 16)، “يوم البواكير” ” وفي يوم البواكير،عند تقريبكم

تقدمة جديدة للرب، في عيد أسابيعكم…” (عد 28: 26)، “عيد الخمسين” Πενήντα πεντηκοστή بنديدكستي Pentecost ” وبعد العيد المعروف بعيد الخمسين…” (2مكابين 12: 32)، وهذه التسمية الأخيرة جاءت في الترجمة اليونانية للعهد القديم التي

تعرف بالسبعينية. أما كلمة “عنصرة” التي استعملها المسيحيون العرب فمشتقّة من” عَصْرَتْ ” العبرية، وتعني المحفل أو الاجتماع الذي كان يجري في عيد الأكواخ ( عيد المظال ). وإذا كان هذا العيد في البدء عيدا زراعيا يأتي

بعد خمسين يوما من عيد الفطير الذي كان العبرانيون يعيّدونه مع الفصح إلا أن هذا العيد أخذ معنى لاهوتيا جديدا في الفترة الأخيرة التي سبقت مجيء يسوع المسيح. فأصبح ذكرى إعطاء الشريعة – الوصايا العشر- لموسى على جبل سيناء.

العنصرة في العهد الجديد

أما العنصرة في المسيحية فأخذت معناها منذ البدء ففي سفر أعمال الرسل: “ولما أتى اليوم الخمسون، كانوا مجتمعين كلهم في مكان واحد، فانطلق من السماء بغتة دويّ كريح عاصفة، فملأ جوانب البيت الذي كانوا فيه، وظهرت لهم

ألسنة كأنها من نار قد انقسمت فوقف على كل منهم لسان، فامتلأوا جميعا من الروح القدس” (2: 1- 4). فالعنصرة في المسيحية هي عيد حلول الروح القدس الذي ” يُرسلُه الأب باسمي وهو يعلّمكم جميع الأشياء ويذكّركم جميع ما قلته لكم “

(يو 14: 26). فالعنصرة القديمة (عند اليهود) كانت عيد إعطاء الوصايا أي عيد شريعة الحرف، أما العنصرة المسيحية فهي إعطاء شريعة الروح:”….فقد حُللنا من الشريعة وأصبحنا نعمل في نظام الروح الجديد، لا في نظام الحرف القديم” (رو 7: 6).

يورد لوقا في بدء كتاب أعمال الرسل خبر ارتفاع الرب القائم إلى السموات، وذلك بعد أن أمضى مع تلاميذه أربعين يوما يُكلّمهم عن ملكوت الله. ويتابع فيشير إلى أن جماعة التلاميذ انتظرت، حسب الوصية،

طيلة الأيام العشرة المتبقية معمودية الروح وهي تصلي. وفي اليوم الخمسين “يوم اكتمال سر المسيح”، يحدث في العلية ما كان التلاميذ ينتظرونه. يعبّر الكاتب عن الحدث باستعماله تعابير غريبة وإنما

معروفة في العهد القديم: “دويّ كريح عاصفة” (2:2)، “ألسنة كأنها من نار قد انقسمت…” (2: 3)، “الصوت” (2: 6). لا شكّ أن هذه الصور تذكّر القارئ بحدث سيناء حيث كان صوت الله يخرج قديما، فيشير الكاتب بإيرادها

الى اننا امام سيناء جديد، وأن هذا الشعب الذي اجتمع كله معا “في مكان واحد”، كما كان بنو إسرائيل على سفح الجبل، سيخرج منه صوت الله إلى العالم. هذه العلامات الدالة على عالم الله تعلن أن الشخص

الذي وعدهم يسوع به ودعاهم إلى انتظاره في أورشليم (لو 24: 49؛ اع 1: 4) قد جاء، وها هو يملأ الجميع (2: 4). وفي ما تكلم لوقا عن ظواهر محسوسة للحدث الذي لا يوصف أشار إلى أن المجتمعين “ابتدأوا يتكلّمون بألسنةٍ أخرى”.

والتكلمُ بالألسنة موهبةٌ شاعت في الكنيسة الأولى (اع 10: 46، 19: 6). الرسول بولس تَوسَّع في الحديث عنها ما بين الإصحاحين 12 و14 من رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس، فشدّد على

تنوّع المواهب التي يعطيها الروح الواحد “لأجل الخير العام”. غير أنه في كل مرة كان يعدّد المواهب، كان يضع موهبة التكلم بالألسنة في آخر القائمة (راجع 12: 10، 14: 26)، وذلك لأن

هذه الموهبة تحتاج إلى موهبة أخرى لتكون بنّاءة في الكنيسة هي موهبة “تفسير الألسن”، لأن الذي يتكلم بألسنة “يقول بروحه أشياء خفية” ولا يعمل للبناء إن لم يوجد مَنْ يترجمه.

العنصرة هي تحقيق وعود الله، إعطاء الروح القدس إلى البشرية:

1- ليسيروا في فرائض الرب، وليصبح كل إنسان نبيا يتكلم بكلمة الرب:” وأجعل روحي في أحشائكم وأجعلكم تسيرون على فرائضي وتحفظون أحكامي وتعملون بها” (حزقيال 36: 27)، “وسيكون بعد هذه أني أفيض روحي على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم”.

فالعنصرة هي تحقيق وعود الله، إعطاء الروح القدس إلى البشرية:

2- لتوحيد جميع الأمم في عبادة الله: “…فينادون بمجدي بين الأمم ويأتون بجميع أخوتكم من جميع الأمم تقدمة للرب….” (اش 66: 19 – 20)، وهذا ما فعله الرسل بعد العنصرة فبدأوا يجوبون المسكونة معلنين البشارة إلى كل الأمم، عاملين بقول السيد قبل صعوده إلى السماء:

“لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ”. (أع 1: 8)

فالعنصرة عيد تأسيس الكنيسة. فالمسيح أسسها على الصليب، والروح القدس جمعها ووحّدها، وهو يربط بينها وبين المسيح. فالروح القدس هو فيض النعمة على المؤمنين ليقوم كل واحد منهم بالمهمة التي أعطيت له لبنيان جسد المسيح: “هذا كله يعمله الروح الواحد نفسه موزعا على كل واحد ما يوافقه كما يشاء” (1 كو 12:11).

فالعنصرة – ميلاد الكنيسة – ليست حدثا تاريخيا حدث مرة في الزمن وانتهى. بل هي تجدد دائم، لأن عمل الروح القدس كان منذ بدء الخليقة وهو سيبقى إلى انتهاء الدهر ، وتجلى عمل الروح في الكنيسة التي بقيت صامدة بالرغم من كل الاضطهادات والهرطقات التي حلت بها، فالروح في وسطها ولهذا في لن تتزعزع ابداً.

عيد العنصرة هو عيد “موهبة الروح المعطاة للكنيسة باعتبارها العطية الخالدة” التي نجدد قبولنا أياها في اليوم الخمسين للفصح، وفي كل يوم، ليعمق وعينا لحضور الرب القائم بيننا وفينا إلى الأبد ولمسئوليتنا عن إعلان هذا الحضور المخلّص.

حلّ الروح القدس على التلاميذ جهارًا بصوت مسموع ومنظر أخاذ، ودخل وملأ الطبيعة البشرية فجدد خلقتها وقواها ورفع من مستواها الروحي بشكل عملي إعجازي فائق، أدهش الذين عاينوا حوادث ذلك اليوم العظيم الخالد.

في يوم الخمسين حدث فعل خلقي جديد في طبيعة الإنسان، ظهرت مفاعيله في سلوك التلاميذ وفي إمكانياتهم وفي لغتهم وفي مفهوماتهم وفي علمهم الأمر الذي حيّر رؤساء الكهنة والحكام، ولكن لم يقتصر هذا التغيير

المفاجئ الشديد على التلاميذ، بل المدهش حقًا أنه انتقل إلى كل من آمن واعتمد و َقبِل وضع اليد، حتى فهم جيدًا أن حلول الروح القدس على التلاميذ كان عم لا تكميليًا لأعمال الخليقة الأولى ، لذلك نرى أن يوم

الخمسين أصبح مرتبطًا باليوم السادس من سفر التكوين ارتباطًا جوهريًا من حيث خلقة الإنسان ، فالعنصرة من هذا الوجه ميلاد جديد للتلاميذ في طبيعة جديدة خلقها المسيح من جسده بموته وقيامته وعمل الروح القدس.

وحينما نتأمل في الوضع الذي كمل فيه هذا العمل الخلقي الجديد نندهش إذ نجد أنه لم يتم بصورة فردية كخلقة آدم الأول، بل كان التلاميذ مجتمعين معًا “مع النساء ومريم أم يسوع ” في حالة خشوع وصلاة، إذن فطبيعة الإنسان استقبلت خلقتها الروحية الجديدة على صورة كنيسة.

ارتقاء

أما عن صعود المسيح هو إيمان مسيحيي في العهد الجديد بأنه في قيامة يسوع، ارتقى يسوع وصعد إلى السماء بجسده في حضور أحد عشر من تلاميذه بعد 40 يومًا من قيامته ، وفي القصة الكتابية الإنجيلية، ذكر ملاك أن المجيء الثاني للمسيح سيحدث بنفس طريقة صعوده.

أما ارتباط صوم الرسل بالعنصرة، فهو صوم تتبعه الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية و‌الكنيسة الأرثوذكسية المشرقية و‌الكنيسة الكاثوليكية الشرقية، والأرثوذكس الإصلاحيون ، وفي التقليد البيزنطي، يبدأ الصوم في يوم الاثنين الثاني بعد عيد العنصرة بينما في التقاليد القبطية والسريانية القديمة، يبدأ الصوم في أول يوم اثنين بعد عيد العنصرة، ويستمر حتى عيد القديسين بطرس وبولس.

فهو من أجل الخدمة والكنيسة، على الأقل لكي نتعلم لزوم الصوم للخدمة، ونفعه لها.

نصوم لكي يتدخل الله في الخدمة ويعينها ، ونصوم لكي نخدم ونحن في حالة روحية. ونصوم شاعرين بضعفنا.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات