مجـئ السيد المسيح والعائلة المقدسة إلى مصـر اهـم الاحـداث التى جـرت على أرض مصـرنــا الغــالية فـى تاريخهــا الطـويل.
حدث إن ترك السيد المسيح والسيدة العذراء مريم ويوسف النجار بيت لحم في فلسطين وذهبوا إلى مصر، كي لا يلتقوا بهيرودس الملك الذي تخوّف من أن يزاحمه المسيح في المُلك – إذ إن من صفات المسيح كونه ملكًا، وهو ما
سيتحقق في المجيء الثاني وفق إيماننا المسيحية – فأراد قتله ، فحينما فشل، قرر قتل جميع أطفال بيت لحم من دون السنتين، ولكنّ وحيًا كان قد جاء ليوسف في الحلم يخبره بأن يأخذ الطفل وأمّه إلى مصر، قم وخذ الصبي
وأمه واهرب إلى مصر وكن هناك حتى أقول لك لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه” (متي 2: 13)؛ فهربا وأقاما بها حتى وفاة هيرودس، ثم بعد ما انتهاء مدة بقائه في مصر حسب قصده الإلهي في خطة خلاص البشرية رجع إلى الناصرة.
أرض مصر الحبيبة الدولة التي اختصها السيد المسيح بزيارته والعيش بها بعد بلد ميلاده بيت لحم ، وصنع فيها آيات وعجائب ومازال يصنع.
كانت الدعوة للهروب إلى مصر لا بدافع الخوف من هيرودس وإلا لذهبت العائلة المقدسة إلى أرض أبعد من مصر، فحاشا لصانع الخليقة ألا يجد وسيلة للنجاة من هيرودس سوى الهروب، وطلب الأمن والأمان من أحد ، فهو الله القادر على كل شئ ولو شاء إهلاك هيرودس لأهلكه وفي استطاعته أن يرسل جيوشاً من الملائكة وينزع العرش من مملكة هيرودس.
ولكن كان الهروب بناء على تدبيره الإلهي، ليتمم النبوءات، ولكي يعلمنا أن لا نقاوم الشر بل نحتمل الشدائد ولا نكل من الضيقات،، ” إن تألمتم من أجل البر فطوباكم ” (1 بط 3: 14).
وإن إرسالية السيد المسيح له المجد كانت كقول الرسول بولس في رسالته الثانية إلي أهل كورنثوس ” إن الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه ” (2كو 5: 19) فأرسل ابنه إلى مصر ـ ليخلصها ويتخذها له شعبا مباركاً كما جاء
في النبوة القائلة ” مبارك شعبى مصر (أشعياء 19 : 25 ). فهناك مخزي روحي من ذلك لكي يبارك السيد المسيح شعب مصر العظيم وأرضها الطيبة. ويتم بذلك ما قيل من الرب على لسان هوشع النبى ” من مصر دعوت ابنى ” (هوشع 11: 1) ، (مت 2: 15).
والسؤال الذي يثار أيضا في هذا الشأن ومن كان يدير الأرض عندما كان المسيح هنا علي الارض؟.
يجب النظر إلي السيد المسيح من جهتين نضرب مثال للتوضيح انا اب وأبن من جهة علاقتي بأبي فانا ابن ، ومن جهة علاقتي بابني فانا اب، ويجب النظر للمسيح من جهتين بحسب رومية 1 : 3 ،4) “عَنِ ابْنِهِ. الَّذِي صَارَ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ مِنْ جِهَةِ الْجَسَدِ، وَتَعَيَّنَ ابْنَ اللهِ بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ، بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ: يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا”.
عندما كان المسيح من جهة جسده في بطن المطوبة من الذي يخلق الأجنة في بُطُون الأمهات ؟ هو المسيح “كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ.” (يو 1: 3).
عندما كان مطمئن علي ثدي امه بحسب المزمور الثاني ومن جهة إنسانيته طفل رضيع ، ومن جهة ألوهيته هو الذي يدير الكون، وعندما نما وأصبح فتي وشاباً وعندما كان معلق علي الصليب وعندما مات ودخل جسده القبر وقام هو المسيح الذي يدير الكون من جهة إنسانيته فهو علي الأرض ويقوم بكل مهام الالوهية.
والذي يؤكد ذلك حديث الرب يسوع مع نِيقُودِيمُوسُ بحسب انجيل يوحنا (3 :13) “وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ.” (يو 3: 13).
أن الكتاب المقدس ذكر وصف دقيق عن توقيت ميلاد المسيح ومكان ميلاده وإتمام عملية التجسد والفداء.
“لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ.” (إش 9: 6).
يولد لنا ولد ونعطى ابنا تنبأً وإشارة للناسوت، ويدعى اسمه عجيبًا، مشيرًا إلهًا قديرًا إشارة للاهوت، فالرب يسوع ليس مجرد ناسوت بدون لاهوت، وليس هو لاهوتًا بدون ناسوت،
ولكنه لاهوت متحد بالناسوت، وناسوت متحد باللاهوت.. هو الله المتأنس، ويقول القديس كيرلس الكبير ” ها نحن نسمع أنه يُسمى ولدًا لأنه وُلِد مثلنا. لكنه عندما وُلِد أشارت إليه
السماء بنجم لامع فجاء المجوس ليسجدوا له من أقاصي الأرض، وحمل الملائكة الأخبار السارة للرعاة وقالوا لهم {وُلِد لكم مخلص}.. وهو أيضًا المشير الإلهي الذي أعلن لنا عن إرادة
الآب الصالحة لأن فيه (في الإبن) سرَّ (الآب) أن يخلص الأرض كلها.. هو بالحقيقة الله وابن الله ..”. فكان لابد أن يتجسد المسيح لكي يفدينا ويموت عنا وهو القدوس البار الذي لم يفعل أي إثم.
جدير بالذكر أنه يوجد اكثر من 200 نبوة في العهد القديم كتبت عن المسيح قبل مجيئه وقد تمت في المجيء الأول، عاش النبي دانيال قبل مولد المسيح بأكثر من خمسمائة سنة، وقد وصف لنا بالضبط الوقت
الذي فيه سيولد المسيح (دانيال 27-24:9)، اقرأ أيضا (لوقا 2،1). وأشعياء النبي – تنبأ عن المسيح بأنه سوف يولد من عذراء ويدعى اسمه عمانوئيل – أي “الله معنا”. (أشعياء 14:7) قارن ذلك ب (متى 18:1-25).
وتنبأ ميخا النبي عن بيت لحم التي على صغرها سوف تكون مسقط رأس المسيح (ميخا 2:5)، وقد تحقق ذلك ب (متى 1:2-6) – بعد مولده بقليل – أن يهرب إلى مصر لمدة غير طويلة، ثم يعود لموطنه (هوشع 1:11)، ونرى ذلك في (متى 13:2-15).
نظرة العهد الجديد لحياة الرب يسوع المسيح ولد في بيت لحم حسبما تنبأ عنه الأنبياء، كانت ولادته معجزية من غير أب، إذ حل الروح القدس على مريم العذراء، فحبلت به، ثم ولدته في بيت لحم، كما
جاء في الكتاب المقدس ، ونؤمن كمسيحيين أنه صُلب ومات من أجل دفع ثمن خطايا جميع البشر، كي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية. ثم قام من الموت بقوة ذاته في اليوم الثالث،
قاهرا الموت بالموت، كما تنبأ عنه في العهد القديم. ثم ظهر لتلاميذه ولكثيرين ثم صعد إلى السماء، وجلس عن يمين الآب وسوف يأتي في اليوم الأخير ليدين الأحياء والأموات وملكه لن يكون له انقضاء.
جدير بالذكر أن زيارة السيد المسيح لمصر مثبتة فى الكتاب المقدس ويعرفها العالم بأسره
كما أن زيارة السيد المسيح مثبتة فى التاريخ المصرى والقبطى قد زارت العائلة المقدسة مصر كاملة من شرقها لغربها من شمالها لجنوبها وأصبح كل مكان زارته العائلة المقدسة مزار و كنيسة و دير على إسم السيدة العذراء أو بأسم العائلة المقدسة.
وتقوم الدولة بجهود حثيثة نحو إحياء مسار العائلة المقدسة الذي يساعد على تنشيط السياحة لتكون مصر اهم مقاصد السياحة الدينية في العالم مما سيؤدى إلى نمو الاقتصاد.
وقد أدرجت منظمة اليونسكو الاحتفالات الشعبية المرتبطة برحلة العائلة المقدسة في مصر على قائمتها للتراث الثقافي غير المادي.
وأناشد كافة الجهات المعنية بالدولة إعتبار الأول من يونيو يوم دخول السيد المسيح والعائلة المقدسة أرض مصر عيداً قومياً للبلاد وهذايخلق جو من التسامح والمحبة بين المصريين.