على مدار يومين استضاف برنامج الشاهد، الذي يقدم الإعلامي الدكتور محمد الباز، على فضائية extranews، قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، ليقدم شهادته عن ثورة 30 يونيو 2013، كونه أحد الرموز الدينية التي كان لها دورًا بارزًا خلال تلك الفترة.
وخلال اللقاء قدم قداسة البابا تواضروس الثاني شهادته على الفترة من نوفمبر 2012 إبان تنصيبه بطريركًا وجلوسه على الكرسي البابوي، وحتى قيام ثورة 30 يونيو 2013، بالإضافة إلى مشاركته في أجتماع 3 يوليو، وكواليس وأسراره عن لقاءاته بالرئيس المعزول محمد مرسي.
كما تحدث البابا تواضروس الثاني، عن علاقة الكنيسة والأزهر وكيف كان تلك العلاقة تربك الأخوان المسلمين، كما تحدث البابا عن زيارته الأولى للفاتيكان عقب الإعتداء على
الكاتدرائية في عهد الأخوان المسلمين، وعن إحساسه وشعوره بأن مصر تعرضت للسرقة، وعن موقفه وقت تعرض الكنائس للهجمات الإرهابية وشعوره بلقاءه الفريق أول عبد الفتاح
السيسي، وعن كلمته خلال اجتماع 3 يوليو، وكيف جعل قائد الطائرة أن يشاهد البابا فرحة المصريين والزغاريد التي تجوب الشوارع عقب إلقاء البيان في الطريق خلال رجوعه إلى الإسكندرية.
مصر تتعرض للسرقة
وقال البابا تواضروس الثاني، إنه عندما علم بفوز الرئيس المعزول مرسي كان متواجدًا بإيبارشية سيدني آنذاك، وكان وقتها مرشحًا للبابوية، وأسقفًا عامًا للبحيرة، لافتًا إلى الأقباط شعروا بأن مصر تتعرض للسرقة وتغيير الهوية بعد تولى جماعة الأخوان الحكم في البلاد، وأزداد الخوف والهلع مع تكرار الحوادث الأرهابية والاعتداء على الكنائس.
وأضاف بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية، أن الأقباط أستقبلوا نبأ فوز محمد مرسي في الإنتخابات الرئاسية بالبكاء والنحيب وفكر عددًا منهم بالهجرة خارج البلاد خوفًا من المستقبل المجهول.
مرسي لم يشاركنا في صلوات التنصيب
تحدث البابا تواضروس الثاني، عن كواليس تنصيه بطريركًا في 18 نوفمبر 2012، بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، الأمر الذي أكد فيه أن الرئيس المعزول لم يجامل في حضور صوات التنصيب والذي شارك فيها كبار المسؤولين والسفراء وبطاركة الكنائس الأخري ومندوبًا عن بابا الفاتيكان.
ونوه بأن الرئيس المعزول أرسل رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل آنذاك بدلًا منه، رغم أن هناك العديد من السفراء وكبار المسؤولين كان مشاركين في صلوات التجليس، متابعًا رغم ذلك أحسست بالطمأنينة والثقة ان الله هو من صنع تلك الخطوات سيسندني
وأكد بطريرك الكنيسة: أن الرئيس لم يشارك في احتفالات العيد الميلاد المجيد لعام 2013، واكتفي فقط بالتواصل هاتفيًا لكنه كان حديثَا بلا مشاعر فكان يؤدي الواجب فقط حتي يظهر في الأخبار أنه قام بذلك
كما تحدث البابا عن اللقاء الأول للرئيس المعزول محمد مرسي، عقب تولي البابا منصبه، الأمر الذي أكد أنه لم يشعر بهيبة رئيس الدولة، قائلًا: ذهبت لمرسي اشكره على اعتماد القرار وفي نفس الوقت أقدم له التعزية في
وفاة شقيقته وفي وسط الكلام قال لي أنت أختيار رباني وأخذ يسترسل في الحديث وأكد البابا أنه رغم أني كنت أجلس أمام رئيس الجمهورية لم يكن هناك القدر الكافي من الأقناع في الفكر والأسلوب الذي قدم وحتي في لغة الجسد.
وأكمل رغم ذلك سمعناه وكانت الزيارة للمجاملة فقط، مؤكدًا أنه رأيت أن مصر تستحق شخص أفضل، وأن مصر كانت في طريقها إلى المجهول، وأكد أنه خلال اللقاء لم أري هيبة منصب رئيس الجمهورية في مرسي، وكانت لدي صورة عن الرئيس المصري، والذي رأيتها في الرئيس مبارك وجمال عبد الناصر والسادات ولكن لم اراها في هذا الشخص.
كواليس الاعتداء على الكاتدرائية
وتحدث البابا تواضروس خلال الحوار عن كواليس الاعتداء على الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، الكنيسة الأكبر في الشرق الأوسط، واصفًا هذا الحادث بالتواطؤ، وانه حينها كان متواجدًا في محافظة الإسكندرية، مشيرًا إلى أنه
بعد أيام قليلة من أحداث الخصوص والاعتداءات التي تمت هناك التي وصلت إلى بيوت الأقباط والكنسية، حدثت الاعتداءات على الكاتدرائية، وتحديدا يوم 7 أبريل 2013، وكنت متواجدا في محافظة الإسكندرية حينها، ووصفت هذا الحدث بالتواطؤ
ولفت إلى أنه كان يواجه المسئولين حينها بكل حزم حول كيفية الاعتداء على الكاتدرائية رغم الحراسة الأمنية المشددة عليها، مشيرًا إلى أنها ليست كنيسة صغيرة، بل متواجدة في العاصمة، فضلا عن رمزيتها المهمة للدولة المصرية، ولم يحدث في التاريخ السابق مثل هذه الحادثة، فقد رأينا اعتداءات على كنائس صغيرة وفي أماكن بعيدة، ولكن الكنيسة المركزية كان أمرا غير مقبول بالمرة”.
وأردف: تواصل معي الرئيس المعزول محمد مرسي في الهاتف بعد وقوع الحادثة، وأخبرني بأنها مجرد اعتداءات من مواطنين عاديين، ولم أتقبل حديثه تماما، خاصة حين قال لي إن الاعتداء على الكاتدرائية هو اعتداء عليه شخصيا، فلم أصدق ما قاله، وكانت تلك اللحظة صعبة للغاية علينا جميعا”
وأكد البابا تواضروس الثاني أنه لم يشعر بالصدق في كلام “مرسي” حين قال: ان الاعتداء على الكاتدرائية هو اعتداء عليا شخصيًا” ورفضه طلب السفير محمد رفاعة الطهطاوي أن يلتقي قداسته الرئيس مرسي والتقاط صور معه بغرض تجميل الصورة لتهدئة الأوضاع.
كواليس زيارة البابا تواضروس للفاتيكان
كما كشف عن كواليس زيارته الأولى خارج البلاد إلى الفاتيكان، والتي جاءت زيارة سفير الفاتيكان قبيل وقوع حادث الكاتدرائية في عهد الأخوان تحديدًا في 3 أبريل 2013، قائلًا: زارني سفير الفاتيكان من أجل التهنئة على
منصبي الجديد، وفي نهاية الزيارة سألني عن موعد زيارتي للفاتيكان، فأخبرته بأن ليس لدي أي مانع، ولكن في تاريخ محدد، يوم 10 مايو 2013؛ لأن ذلك اليوم يوافق مرور 40 عاما على زيارة البابا شنودة للفاتيكان في 10 مايو عام 1973.
وأضاف أن السفير أخبرني حينها بأن الفاتيكان لا يحضر زيارات إلا قبلها بثمانية أشهر، فتركت الأمر لهم كما يرغبون، وحين وقعت الأحداث يوم 7 أبريل، تواصل معي سفير الفاتيكان يوم 9 أبريل، وأبلغني بموافقة الفاتيكان على
موعد الزيارة الذي حددته من قبل، وكانت هذه أول زيارة سيقوم بها البابا الجديد خارج مصر، في ظل تصاعد الأحداث الإرهابية داخل الدولة، ثم أن هذه الفترة كانت تتزامن مع عيد القيامة، فقد كانت فترة مشحونة للغاية علينا جميعا”.
كما تحدث البابا تواضروس الثاني عن مبادرته في 18 يونيو 2013 عندما اتصل بشيخ الأزهر من أجل الذهاب إلى الرئيس محمد مرسي، قائلا: “أنا أقابل الناس من كل الأعمار وبابي مفتوح للجميع، وكان السؤال الذي يتكرر بداية من شهر يونيو 2013 إيه اللي هيحصل يوم 30”.
وأضاف: نسمع أخبارا وروايات وأحداثا، كان في افتتاح مجلس الشورى وسيفتتحه الدكتور مرسي فذهبت مبكرًا وكان نائب الرئيس المستشار محمود مكي رحب بي وكنا بمفردنا، وتكلم في حديث طويل جدًا عن المحبة سمعته للنهاية وقولت له في شيء أهم من المحبة فانزعج من رد فعلي وسألني إيه أهم من المحبة قولت له الثقة، متابعًَا: ثقتي أنا كمواطن في حضرتك كمسئول، الرجل سمع الكلمة وصمت ولم يرد حتى”.
وأشار أنه كان يزعج جماعة الإخوان حالة الاقتراب بين الأزهر والكنيسة، مؤكدًا أنه هناك توافق كبير جدًا بين قيادة الأزهر والكنيسة، أنا أجله وأحترمه جدًا يزورنا وأزوره، حديثه حلو وعلاقتنا طيبة للغاية”.
كما أشار إلى أنه خلال لقائه محمد مرسي اكتشف أن أعلى رأس في الدولة ليس لديه إجابة عما سيحدث يوم 30 يونيو، متابعًا: “قال يوم وهيعدي وأدركنا أنه مغيب تمامًا عن الواقع، وكانت إجابته كانت بعيدة تمامًا عما نراه في الشارع وسط الناس”.
واستكمل: “أكتر حاجة كانت مفرحاني وقت نزول الناس في الشوارع وقت ثورة 30 يونيو إن الناس لما كانت تزورني كانوا ماسكين علم في إيدهم”، مؤكدًا أن هذه صحوة جديدة على المصريين، وأن الصغير ماسك علم وكذلك
الكبير وفخورون بالعلم، هذا لم يكن متاحًا خلال السنوات الماضية، في علم كبير نحييه وخلاص لكن إنه يبقى على المستوى الفردي بهذه الصورة كانت حاجة جميلة جدًا، ويوم 3 يوليو تأملت في ألوان العلم قبل إلقاء كلمتي”.
وتناول قداسة البابا كذلك موضوع لقائه الفريق أول عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع وقتها، وكيف أن خرج بشعور أن الأمل ما زال قائمًا، ولفت إلى أن اللقاء كان مقررًا له نصف ساعة لكنه امتد إلى ساعتين.
لم أتردد لحظة عن اجتماع 3 يوليو
وتابع: لم أتردد لحظة في الموافقة على ما تم الوصول إليه في اجتماع 3 يوليو وإذاعة البيان الشهير، فالحديث كله كان يسير في طريق الوطنية المصرية، والخطوات التي تم عرضها علينا واتخذت كان هدفها الرئيسي هو إنقاذ مصر، وكانت خطوات عاقلة ومنطقية وضرورية وحاسمة”.
وأضاف عندما انتهى مشهد ثورة 30 يونيو وبدأت مصر عهدها الجديد، كان رد الفعل من جماعة الإخوان مؤلمًا للغاية، وتحديدًا في شهر أغسطس 2013، بعد فض رابعة مباشرة، كونهم استهدفوا الكنائس بشكل كبير في وقت واحد، وحرقت أعدادا كبيرة منها في مختلف محافظات الجمهورية، وكنت أرى هذه الأحداث البشعة لأول مرة في حياتي”.
وتابع أن كلمته في بيان 3 يوليو لم يتم إعدادها من قبل، وقرر حينها ارتجالها: “قلت ما معناه إن علم مصر يجمعنا، فاللون الأبيض يشمل سكان البحر الأبيض المتوسط، واللون الأحمر يشمل البحر الأحمر، واللون الأسود يشمل نهر النيل، واللون الأصفر للقوات المسلحة المصرية التي تعيش في الصحراء، وكان وقت كلمتي دقيقتين فقط”.
وأضاف:”من الأكثر الأمور الجميلة التي أتذكرها، أنه عندما أنهينا جميعا كلمتنا في بيان 3 يوليو، تعانقنا جميعا بشكل لا ينسى كتعبير عفوي تمامًا، وبعد إذاعة بيان الفريق السيسي، جلسنا على مائدة الطعام لنتناول وجبة العشاء، ثم عدت بالطائرة إلى الإسكندرية”.
وتابع:”قائد الطائرة قال لي حينها إنه سيهبط بالطائرة قليلًا، حتى أرى بعيني فرحة المصريين في الشارع يوم 3 يوليو، ولن أنسى مشهد السعادة الغامرة بين المواطنين والزغاريد والأنوار والهتافات الجميلة”
كنت في وضع حرج
وأوضح: كنت في وضع حرج للغاية خلال تلك الفترة، لم أكن أعلم ما المفترض أن أقوم به لحماية الكنائس المصرية، وكنت في أكثر المواقف حيرة في حياتي، كما أنني متأكد أن من يفعل ذلك ليس أشقاءنا المسلمين الذين نعيش معهم، لكن كما كان يراودني شعور بالخوف ليس له حدود في واقعة الاعتداء على الكنائس”.
واستكمل: قررت في لحظة ما أن أقول كلمتي، والتي كانت: “إذ حرقوا الكنائس، سنصلي مع إخوتنا في المساجد، وإذ حرقوا المساجد، سنصلي سويًا في الشوارع، ووطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن”، وكنت أبعث من خلال هذه الكلمة رسالة ضمنية أن أشقاءنا المسلمين ليس من اعتدوا على الكنائس، وأن الاعتداء علينا جميعًا.
ونوه بأن مشهد الاعتداءات والتدمير في سوريا كان أمامه طوال الوقت، بالتزامن مع اعتداء الجماعة الإرهابية على الكنائس المصرية في مختلف أنحاء مصر؛ لأن خوفه على الوطن كان شديدا للغاية.
وأضاف البابا تواضروس حين أصبح المستشار عدلي منصور رئيسا مؤقتا للبلاد، زار الكنيسة في عيد الميلاد عام 2014، وكان حديثه وخطاباته وأسلوبه يعبرون عن أنه الشخص الذي يصلح للدولة المصرية في ذلك الوقت، فهو قامة كبيرة كان يليق بمصر، كما أن الله وضع حبًا كبيرًا في قلوب المصريين لهذا المستشار الجليل.
ولفت: إلى أنه قبل مجيء الرئيس السيسي، تكونت لديه صورة عمن هو، من خلال الزيارة التي قام بها الوفد الكنسي، بالإضافة إلى لقاء 3 يوليو، فتكونت صورة إيجابية متفائلة جدا بأنه شخص مناسب جدًا وما شعرنا به هو ما حدث.