تصدر مواقع التواصل الاجتماعي منشور عن وفاة شاب سوداني يدعى محمد القمر أحمد رزق، بعدما فُجعت مدينته الخرطوم بفقدانه، خصوصا أنه كان رمزًا للشجاعة والإنسانية، وجسد أعظم قيم البطولة والتضحية.
تضحية وبطولة
في جو من الجمال والهدوء بجوار شواطئ الإسكندرية، كان يجلس محمد القمر عندما سمع صوت استغاثة يائسة من شابين مصريين، كادا أن يفقدا حياتهما في أعماق البحر. ولم يتردد محمد القمر، الذي كان يحمل بين يديه جواله وجواز سفره، حيث سلمهما لزوجته المصابة بالهلع والخوف، لكن قلبه الشجاع رفض الاستسلام، وفي لحظة قرر أن يبذل كل ما في وسعه لإنقاذ الشابين.
“لن أدع روحاً تموت وأنا أستطيع إنقاذها!”، بهذه الكلمات البسيطة والمعبرة عن إيمانه الراسخ بأهمية الإنسانية والإنقاذ، قفز محمد القمر في البحر، بفطنة أن الله منحه القدرة والمهارة في السباحة والتايكوندو، التي حصل عليها خلال رحلته العلمية في جامعة السودان وعمله كمدرب في عدة صالات رياضية بالخرطوم وشارع المشتل في الرياض.
قام بإنقاذ الغريق الأول بجرأة لا مثيل لها، وعاد مجددًا لينقذ الثاني، الذي بلغ من السن والتعب ما يجعله عرضة للغرق، ولكن البحر كان أقوى. ابتلعه بعد أن أمضى حياته في إنقاذ الآخرين.
نهاية مأساوية
كما لو أن عروسه كانت تعلم أنها لن تراه مرة أخرى، شهدت بعينيها كل تفاصيل الإبتلاع، وأدركت في لحظات أن هذا هو ثمن البطولة والتضحية التي يدفعها الأبطال، لكن هذا الحادث قديم، وعبر تتبع الصور اتضح أنه توفي عام 2018، أي قبل 6 سنوات، وأعيد نشره مجددا بالتزامن مع فصل الصيف.
رثاء مؤثر
غيب الموت القمر، بعد أشهر قليلة من حفل زفافه، ونعاه صديقه قائلا: رحل محمد القمر، أستاذ التربية البدنية والعلوم الرياضية بجامعة الدلنج، وكانت أصوات ضحكنا تعلو في حفل زفافه قبل أشهر قليلة، وفي الأمس كنا نحتفل بزفاف صديق آخر.. لكن القدر كان له رأي آخر، وفي لحظة غادرنا بعدما دفناه، وتجلّى الحزن والصدمة في قلوب أصدقائه، الذين أحبوه وتعلقوا به وتذكروا بياض قلبه.
وتابع: رحل محمد القمر، الشهيد الذي لم يتردد في الموت، فهو ترك عروسه وبين أضلعها ابنهما الذي سيحمل اسم وملامح والده، بل إن عينيه ستحمل مروءة أبيه الذي بذل حياته من أجل الإنسانية.