على أنغام إحدى أغاني المهرجانات استعرض طالب كلية التجارة جامعة الزقازيق عدة حركات من الرقص الشعبي، خلال حفل تخرجه، وسط تفاعل واسع من قبل زملائه والحاضرين في القاعة، واستمر في الرقص حتى صعوده على المنصة أمام أساتذة الجامعة أثناء الاحتفالية.
لم يكن هذا المشهد الوحيد الذي انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وإنما سبقه عدة مشاهد لعدد من الطلبة والطالبات يرتدون روب التخرج ويرقصون في حفلات التخرج على أنغام «الدى جى» الصاخبة، والتى أثارت غضب عدد كبير من المواطنين حيث رأي البعض أن هذا التصرف يعكس عدم التقدير للمناسبة أو الجامعة، بينما رأي البعض الأخر أن ما قام به الطلاب هو تعبير عن الفرحة بالتخرج.
وعلقت الدكتورة سامية خضر صالح، أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس، على انتشار هذه الظاهرة خلال الفترة الأخيرة أن المصريين لهم ثقافة في الرقص وهي وقت الأفراح فقط، ولكن مع الانفتاح اندثرت الثقافة بشكل تدريجي وتلاشت القيم والتربية والاهتمام في المجتمع وأصبح لدينا مفهوم «سيبها تفرح ده يوم» على عكس تربية الأجيال القديمة.
وأوضحت خضر في تصريحاتها لـ«المصري اليوم» أن انتشار الرقص في حفلات التخرج بسبب أن هناك فوضي أخلاقية وفي العادات والتقاليد وانعدام دور الفن في توصيل رسالة هادفة تأثر في هؤلاء الطلاب.
وأكدت خضر على أهمية دور الجامعة في الرقص بحفلات التخرج، ولكن الدور الأكبر على التربية حيث أن هناك حفلات عديدة أقيمت خارج الحرم الجامعي، مطالبة بتفعيل برامج للأطفال حتي يمكن إنقاذ الأجيال القادمة.
ومن جانبه، وصف عضو مجلس النواب السابق طلعت خليل حفلات التخرج بالكارثة غير الأخلاقية، حيث انقلبت من طلاب تفرح بالتخرج إلى مهرجات بالرقص والموسيقي الهابطة وهذا الأمر لا يليق بالحرم الجامعي.
ولفت خليل أن حفلات التخرج باتت ظاهرة لتظهر الشباب المصري أنه تافه ولكن شباب مصر ليس بتافه ولا راقص وهذه الأمور غريبة وغير محمودة، مطالبا الجامعات أن تمنع هذه الظاهرة وأن يعيد المجلس الأعلي للجامعات الانضباط للحرم الجامعي.
بينما دافع الفنان صبري فواز عن الطلاب الذين يرقصون في حفلات التخرج، بعد تعرضهم لانتقادات لاذعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكتب صبري فواز عبر حسابه على «فيس بوك»: «ماتسيبوا العيال تفرح مش كفاية متخرجين في أيام غبرة وحروب وقرف، يرقصوا بقى يغنوا يعملوا اللي يعجبهم».
وأضاف: «عشان كلها كام يوم وهيتفاجئوا بواقع صعب وتقيل ومرير أو على رأي المثل سيبوا المشنوق يتطوح».
وقال الداعية الإسلامية، محمد على، من علماء الازهر الشريف، أن ما يحدث في حفلات التخرج هو انهيار أخلاقي غير مسبوق، البنات ترقص على أنغام أغاني المياعة وعدم الحياء، وتساءل قائلا فهل هؤلاء هن أمهات المستقبل؟.
وأضاف على أين وزير التعليم العالي مما يحدث من قلة التربية في حفلات الرقص (التخرج سابقا)، فكيف يصلح هؤلاء الشباب لأن يكونوا آباء وأصحاب مسؤوليات؟.
وأكد على أن انعدام التربية في البيت هو العامل الرئيسي من عوامل انحدار وانهيار المجتمع، وكما قال الشاعر أبوالعلا المعري: وينشأ ناشئ الفتيان منا.. على ما كان عوده أبوه.
وأوضح أن التعليم الذي لا يقوم على منهج الاصلاح لهو تعليم فاشل، وحفلات الرقص أصبحت مقززة، ولابد أن يحاسب اساتذة الجامعات على هذا السكوت للطلاب، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: والَّذي نفسي بيدِه لتأمُرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهوُنَّ عنِ المنكرِ أو ليوشِكنَّ اللَّهُ أن يبعثَ عليكم عذابًا مِن عندِه ثمَّ لتدْعُنَّهُ فلا يستجابُ لكم.
فيما نشر الأزهر بيان لضوابط وأحكام شرعية مهمة تنظم عملية احتفالات تخرج الطلاب، ووجه رسالة إلى الطلاب جاء نصها :«افرح بإنجازك، وواصِل طلب العلم، ونمِّ مهاراتك، واصقل مواهبك، وإن كنت قد نجحت بتخرجك في أهم مراحل طريقك، فالعلم بحر لا شاطئ له، وكلما استزدت منه كلما رفعت درجة».
وأوضح البيان أن شكر نعمة الله يكون بالقول والعمل، فلا تكافئ فضل الله عليك في يوم تخرجك الجامعي بمعصية أو إثم أو صخب أو أفعالٍ وأقوال يأباها ديننا الحنيف، والفطرة السوية، والذوق العام، ومنافية لآداب العلم، وحَرمَهِ، وأروقته، والقيم الدينية والمجتمعية.
وناشد الأزهر الشريف الطلبة بداية حياتهم العملية باحتفال خير، أو صدقة جارية، أو نشر سلام وصحة وحياة كريمة، والتوسل إلى الله سبحانه بالعمل المُخلص الصَّالح.