قال القس يوساب عزت كاهن كنيسة الأنبا بيشوي بالمنيا الجديدة وأستاذ القانون الكنسي والكتاب المقدس بالكلية الإكليريكية والمعاهد الدينية إن السيدة العذراء مريم كانت حياتها على الأرض 60 سنة جازت منها 12 سنة في الهيكل و30 سنة في بيت القديس يوسف البار، و14 سنة عند القديس يوحنا الإنجيلي كوصية الرب القائل لها: “هذا ابنك” وليوحنا: “هذه أمك”.
وأضاف القس يوساب عزت – في تصريح لـ “البوابة نيوز” بمناسبة صوم السيدة العذراء – أن الصيام يستمر 15 يومًا، وينته بتذكار ظهور جسد العذراء في 22 أغسطس، مشيرا إلى أن الأقباط يقدسون صوم «أم النور» حيث يتبعون خلاله عادات تميزه عن بقية الأصوام في الكنيسة حيث تتنوع فيه أساليب الصوم بين الانقطاعي حتى الغروب والصوم بالماء والملح والامتناع عن الأسماك على الرغم من كونه ليس صوما من الدرجة الأولى.
وردا على سؤال حول هل تم عماد العذراء مريم؟، قال القس يوساب عزت، نعم تعمدت، والذي قام بتعميدها هو الرب يسوع نفسه، وذلك خلال الأربعين يوما عقب قيامة المسيح: “وهو يظهر لهم أربعين يوما يتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله” “أع 3:1″، لافتا إلى أن
السيد المسيح كان يتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله، وملكوت الله: معني عام، بخلاف ملكوت السموات، وملكوت الله في حياة المؤمنين وفي الكنيسة، ملكوت السموات فهو خاص، وأنه في عبارة: “ها ملكوت الله داخلكم”، يتكلم عن سكني الروح القدس في الإنسان.
واشار ” يوساب” إلي أن السيد المسيح ظهر لهم نحو “11” مرة وهو يتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله، أي يكلمهم عن أسرار الكنيسة ووسائل الخلاص بدم صليبه.
وأكد “يوساب” علي أن العذراء مريم كانت يهودية الأصل ونالت المعمودية مثل باقي التلاميذ بعد قيامة المسيح من الموت في الاربعين المقدسه حيث كان يكلمهم عن الامور المختصه بملكوت الله ويفسرها البابا المتنيح شنودة الثالث بأن المسيح عمد الـ 11 تلميذا والـ70 شيخا والعدرا وكل من تقابل معاه كأمر مهم من الأمور المختصة بملكوت الله حيث كان يعلمهم الأسرار أيضا.
وحول خدمة السيدة العذراء مريم، يقول القس يوساب عزت: إن تكريس حياة السيدة العذراء في الهيكل منذ الطفولة كان بمثابة إعداد الخدام لها، وخدمة تقديم النفس كانت من خلال “قبول البشارة” في إنجيل القديس لوقا الإصحاح الأول “اللقاء الخلاصي بين السيدة العذراء والملاك جبرائيل”، لافتا إلى أن السيدة العذراء كان لها مبادرة في الخدمة من خلال خدمة أليصابات والتى كانت تسكن بعيدا عن الناصرة.
وتابع، أن السيدة العذراء كانت تخدم أسرتها أيضا ممثلة في القديس يوسف والطفل يسوع، مؤكدا أن السيدة العذراء كانت نموذجا للأم والزوجة وليس فقط للعذارى، وأيضا قدمت
السيدة العذراء خدمة الشفاعة على الأرض في عرس قانا الجليل، فكانت تخدم في الفرح بمبادرة دون أن يطلب منها، فمن يعرف أن يعمل حسنا ولا يعمل، فذلك خطية له، فضلا عن
خدمتها في مرافقة المتألمين، فنجدها تحت الصليب ترافق المتألمين، وكانت سببا في تعزية السيد المسيح وللكنيسة كلها، وهناك عند الصليب سلمها للقديس يوحنا قائلا، “هوذا أمك”.
أصول تاريخية
وعن الأصل التاريخي لصوم العذراء يقول أستاذ القانون الكنسي: إن هذا الصوم هو الوحيد الذي فرضه الشعب على الكنيسة، إذ كان خاصاً بالعذارى في الأديرة فقط، ولم يُمارَس بقانونٍ كنسي إلا في القرن الـ13، أن مدة
صوم العذراء وفقا لكنيسة الروم الأرثوذكس 15 يوما، وتتشابه في ذلك مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بينما تبلغ مدة الصوم 5 أيام فقط عند كل من «الرسيان والأرمن الأرثوذكس»، بينما تقتصر مدة الصوم عند الروم
الكاثوليك على أيام الجمعة في الفترة من 1 أغسطس حتى 14 من ذات الشهر، بينما يصوم «الكلدان الكاثوليك» يوم واحد فقط. وأن مُدته في مصر قد تطورَت عبر التاريخ من يوم واحد إلى 3 أيام ثم إلى 3 أسابيع ثم إلى أسبوعين.
وأشار إلى أن أقدم الكتابات الموجودة عن العذراء هي كتابات أبو المكارم وابن العسال في القرن الـ13 وابن كِبر في القرن الـ14.
ونوه القس يوساب عزت إلى أن السيدة العذراء قدمت أيضا خدمة المعجزات، وأصبحت أمًا للرسل وتخدمهم، وصنعت معجزة حل الحديد مع القديس متياس الرسول.
وذكر أن السيدة العذراء كانت تواجه الاتهامات وتحولها إلى خدمة وبذل وحب للجميع وأكبر دليل زيارتها لبيت زكريا، ونقول لها في التسبحة في لبش ثيوطوكية يوم الجمعة، أنت هي الصنارة العقلية، التي تصطاد المسيحيين
وتعلمهم السجود للثالوث المحيى، لافتا إلى أن الشبكة يمكن أن ترمز للعظة والخدمة الجماعية كما حدث في عظة القديس بطرس والتى بسببها آمن الآلاف من الناس بالسيد المسيح، ومن الممكن أن نشبه عمل الصنارة بالخدمة الفردية
التى قدمها القديس أندراوس الرسول مع أخيه معلمنا بطرس الرسول، ولا استغناء عن الشبكة والصنارة للصياد الماهر، وليس عيبًا أن يجيد الصياد أحداهما ولكن البراعة في قدرة الصياد في استخدام كليهما، أعني العظة والعمل الفردي.
وأضاف، لننظر لحياة وخدمة القديسة العذراء مريم حيث كانت كصنارة في خدمتها وشفاعتها في الكرازة، وكانت في العلية، وكانت أما للرسل، وكانت معينة لمتياس الرسول وقت سجنه، وهي الإنسانة كما قصدها الله تحمل فضائل الوداعة والحب والنقاوة، وتخضع لإرادة الله، تشهد لإلهنا بعلاقتها الشخصية مع الله.
وأشار القس يوساب إلى أن السيدة العذراء تواضعت فرفعها الله، وصمتت فنطقت الأجيال بتطويبها، وافتقرت فاقتنت كل شىء، وهربت من هيرودس لتنجى ابنها فنجاها ابنها ونجانا، وبكت عند الصليب وأبهجت العالم كله، ولم يتخذها يوحنا الحبيب أما له فحسب بل هى أمنا كلنا وفخر جنسنا.
وتابع، تحتفل الكنائس بنهضة صوم العذراء وإقامة صلوات العشية وسط حضور كثيف من الأقباط طوال الـ15 يوما، وصولا ليوم 22 أغسطس من كل عام، حيث يكون الاحتفال الكبير، ويصوم الأقباط صوم
العذراء تذكاراً لصوم التلاميذ ليروا جسد العذراء مريم الذي صعد بعد أن تنيحت بثلاثة أيام، وهذا الصوم يسمى باسمها تكريما لها وتشفعا بها، حيث يقبل الأقباط خلال موسم صوم العذراء
على زيارة الأديرة التي باركتها العذراء خلال رحلتها في مصر لثلاث سنوات ونصف هروبًا بولدها حيث تركت بصمات لا يمحوها الزمان يتبارك منها الجميع خلال زيارتهم لتلك الأماكن المقدسة.
وذكر أنه لا يوجد امرأة تنبأ عنها الأنبياء واهتم بها الكتاب المقدس مثل مريم العذراء، ولها رموز عديدة في العهد القديم وكذلك سيرتها وتسبحتها والمعجزات في العهد الجديد، كذلك ما أكثر التمجيدات والتأملات التي وردت عن العذراء في كتب الآباء وما أمجد الألقاب التي تلقبها بها الكنيسة، والمستوحاة من روح الكتاب المقدس.
اهم ايام السنة
من جانبها، قالت السيدة جورجيت يوسف مقار: إن صوم العذراء من أهم أيام السنة بالنسبة للأقباط، وهذا اشعور نابع من محبة السيدة العذراء وشفاعتها القوية، وأنها تثق أن كل منزل من منازل الأقباط به صورة للسيدة العذراء مريم.
وأضافت أن تربت منذ طفولتها على ضرورة الذهاب إلى الكنيسة لحضور النهضات الروحية والصلوات التى تقام بمناسبة صوم السيدة العذراء، وأن الكنائس في هذا التوقيت تكون ممتلئة بالمحبين للسيدة العذراء، ولمشاركة أجواء البهجة والفرح، وتكون أيضا فرصة طيبة للاستماع للعظات الروحية من خلال الآباء الكهنة الذين يقودون الصلوات والتسابيح الخاصة بهذه المناسبة.
بينما يؤكد الأستاذ عادل بشرى منقريوس – محاسب في أحد البنوك – أن الاحتفال بصوم السيدة العذراء يحمل أجواء من الفرحة والبهجة في منازل الأقباط، وأنه تعود منذ طفولته على الحضور إلى الكنيسة والمشاركة في خدمة الشماسية وترديد الألحان الخاصة بهذه المناسبة، وحضور القداسات التى تقام يوميا على مدى فترة الصوم.
وذكر عادل بشرى شماس في كنيسة العذراء والأنبا رويس بهضبة الهرم أن يعرف العديد من الشباب يتفرغون تماما من أعمالهم خلال فترة صوم السيدة العذراء ويتوجهون إلى العديد من الأديرة التى تحمل اسم السيدة العذراء وأشهرها
دير “درنكة” في أسيوط، إلى جانب الكنائس الشهيرة التى تحمل اسم السيدة العذراء مثل كنيسة العذراء بالزيتون، والعذراء بمسطرد، والعذراء بالمعادي، حيث يتوافد آلاف من الأقباط على هذه الأماكن التى تحمل ذكرى طيبة لكل الأقباط.
بدورها، قالت نرمين عياد جرجس: إنها تخدم في قطاع الكشافة منذ سنوات طويلة، وأن فترة صوم العذراء من أهم المناسبات الكنسية خلال العام، وهى فرصة طيبة لتواجد الأقباط في الكنيسة لطلب الشفاعة والصلاة، لافتة إلى دور فريق الكشافة الأساسي هو عملية التنظيم وتوفير كل سبل الراحلة للمتواجدين في الكنيسة.
وأضافت أن فريق الكشافة يعمل على توفير الأماكن المناسبة للمصلين خاصة لكبار السن، إلى جانب توفير أماكن للأطفال يتم خلالها عرض مجموعة من الأفلام الدينية التى تناسب أعمارهم، وعمل مجموعة من الأنشطة في فصول التربية الكنسية لتوفير عنصر الهدوء خلال الصلوات.
وأشارت إلى أن أعضاء فريق الكشافة يبذلون مجهودا كبيرا خلال فترة صوم العذراء، فهى فترة مميزة يتوافد خلالها أبناء الكنيسة للحضور ونوال البركة والاستماع إلى العظات اليومية، حيث نقوم أيضا بتجهيز عدد من القاعات الملحقة بالكنيسة لبث الصلوات والعظات داخلها بعد أن تمتلئ الكنيسة بالمصلين.