أعلنت وزارة السياحة والآثار، أمس الخميس، عن اكتشاف مجموعة من الوحدات المعمارية من الطوب اللبن، تشمل ثكنات عسكرية لجنود ومخازن للأسلحة والطعام من عصر الدولة الحديثة، وعددا من اللقى الأثرية، من بينها سيف من البرونز مزين بنقوش لخرطوش الملك رمسيس الثاني.
– تل الأبقعين: متحف عهد رمسيس العسكري
تمت الاكتشافات بمنطقة آثار تل الأبقعين، بمركز حوش عيسى في محافظة البحيرة. وعثرت البعثة الاكتشافية على سيف طويل من البرونز، مزين بخرطوش للملك رمسيس الثاني، إضافة إلى مجموعة من اللقى الأثرية التي تلقي الضوء على الأنشطة اليومية لقاطني الحصن وفكرهم العقائدي والعسكري، مثل الأسلحة المستخدمة في الحروب وأدوات الصيد والزينة والنظافة الشخصية وتمائم الحماية.
ومن أهم المكتشفات بالحصن أيضا دفنة لبقرة، والتي كانت تمثل قديما رمزا للقوة والوفرة والرخاء، وكتلتان من الحجر الجيري، إحداهما عليها كتابة هيروغليفية لألقاب الملك رمسيس الثاني، ونصف خاتم من البرونز عليه نقش للمعبود آمون حور آختي، وعقدان من القيشاني والعقيق لزهرة الرمان.
ويعود تاريخ حصن الأبقعين إلى عصر الأسرة التاسعة عشرة في عهد الملك رمسيس الثاني، واستمر استخدامه حتى العصر اليوناني الروماني من التاريخ المصري القديم، وفقاً لتقرير نشرته الشرق الأوسط اللندنية.
– أبرز انتصارات رمسيس الثاني العسكرية
يعد رمسيس الثاني من أعظم ملوك مصر، وقضى في الحكم سبعة وستين عاماً، أي قرابة ثلاثة أرباع قرن، فهو من أطول الملوك عهدًا بالحكم، وقد ساعده ذلك على ذيوع شهرته بين ملوك مصر والعالم.
ومن أبرز معارك رمسيس الثاني العسكرية، حينما التقى بجيش الحيثيين في العام الخامس من حكمه بالقرب من “قادش” على نهر العاصي. وتُقدَّر قوات الجيش المصري بنحو عشرين ألف مقاتل عدا الجنود المرتزقة، وجيش
موتللي ملك الحيثيين بمثل هذا العدد، وكلاهما عدد لا يستهان به في ذلك العصر، وفقًا لما ورد في كتاب “تاريخ الحركة القومية في مصر القديمة: من فجر التاريخ إلى الفتح العربي”، للمؤرخ الكبير عبد الرحمن الرافعي.
وبحسب كتاب الرافعي: “كانت المعركة في المرحلة الأولى منها نصرًا للحيثيين، ذلك أن رمسيس لم يكن يعلم بمكان حشد موتللي (قائد جيش الحيثيين) جنوده، وصدق ما قاله بدويان جاسوسان ادعيا أنهما هربا من جيش الحيثيين وزعما أن موتللي قد انسحب بجيشه شمالًا إلى حلب. والواقع أن هذه القصة كانت خديعة لاستدراج رمسيس إلى التقدم شمالًا.”
– فخ وقع به رمسيس
ويكمل الكتاب: “فاعتزم رمسيس أن يسرع خلف عدوه، وعبر على عجل، ولم ينتظر حتى تتجمع بقية جيشه، وسار لفتح قادش مطمئنًا إلى خلوها من الحيثيين، وتقدم مصحوبًا بحرسه الخاص وحده تاركًا خلفه فيلق آمون يتبعه، وكانت الفيالق المصرية الأخرى لا تزال متفرقة على مسافة ثمانية أو عشرة أميال من الطريق.”
ويواصل: “علم رمسيس أخيرًا أن موتللي حشد قواته خلف قادش، في الوقت الذي كانت قوات رمسيس لم تعبر بعد نهر العاصي. وعبر موتللي النهر جنوبي قادش، قائدًا جيشه اللجب، فشطر
فيلق رع شطرين. وكانت قوات موتللي راكبة مركباتها الحربية التي تزيد على الألفين وخمسمائة مركبة، بينما كان فيلق رع مكونًا من المشاة فقط. وقد ظفر موتللي بالقسم الجنوبي
من هذا الفيلق، أما جنود القسم الآخر فارتدوا إلى معسكر رمسيس ودخلوه مبهوتين من المفاجأة، ثم اقترب الحيثيون من المصريين واتسعت مقدمتهم حتى طوَّقت المعسكر المصري تمامًا.”
– تحول الموقف: عبقرية رمسيس العسكرية ونصر الجيش المصري
وفي المرحلة الثانية من المعركة، تحوَّل الموقف، وكان النصر حليف رمسيس. فقد هجم بشجاعة نادرة على الحيثيين المتدفقين عليه وركز هجومه على القسم الشرقي من قوات الأعداء فأوقع في قلوبهم الرعب، وألقاهم في النهر تحت أعين موتللي الذي وقف على الشاطئ المقابل مصحوبًا بثمانية آلاف من مشاته.
وساق القدر إلى رمسيس حادثًا رجح كفته في ميدان المعركة؛ ذلك أن الحيثيين الذين أحاطوا بالمصريين من الجنوب والغرب لم يتابعوا هجومهم لاشتغالهم بالنَّهب والسلب، فقد أخذوا يسلبون ما وصلت إليه أيديهم من مهمات المصريين
ومتاعهم، بدلًا من الاستمرار في تعقبهم. واتفق في وقت اشتغالهم بالنهب أن وصلت إمدادات حربية مصرية آتية من الشاطئ، وهي غير الفيالق التي يتكون منها جيش رمسيس، فانقضَّت هذه الإمدادات على الحيثيين على غرة وأبادتهم عن آخرهم.
– أول معاهدة سلام
وأشار الكتاب إلى مثابرة رمسيس على حروبه في آسيا عدة أعوام إلى أن تُوفي موتللي ملك الحيثيين فخلفه أخوه خوتوسيل، ورأى من الحكمة أن يحارب مطامع آشور، فآثر التحالف مع مصر، وعقد مع رمسيس معاهدة صلح وعدم اعتداء. وتُعد هذه المعاهدة أقدم وثيقة من نوعها في تاريخ الشرق القديم، بل في التاريخ الدولي العام.
– تكريم رمسيس في عهد الجمهورية
في سنة 1955، نقلت حكومة الثورة تمثال رمسيس الثاني الضخم الذي كان ملقى على الثرى في ميت رهينة منذ آلاف من السنين، وأقامته على قاعدة جرانيتية فخمة وسط ميدان من أكبر ميادين العاصمة، وهو ميدان باب الحديد، وأسمته ميدان رمسيس، وأسْمَت الشارع المؤدي له شارع رمسيس.