مع اقتراب العام الدراسي الجديد، يواجه أولياء الأمور تحديات مالية متزايدة بسبب ارتفاع تكاليف المستلزمات الدراسية، التي لا تقتصر فقط على مصروفات المدارس، بل تمتد إلى اشتراكات الباصات، هذا العام، شهدت
أسعار اشتراكات أتوبيسات المدارس الخاصة ارتفاعًا كبيرًا بنسبة تصل إلى 30% مقارنة بالعام الماضي؛ ما أثار موجة من الغضب بين أولياء الأمور الذين أصبحوا يبحثون عن بدائل أقل تكلفة لنقل أبنائهم من وإلى المدارس.
السبب الرئيسي وراء هذا الارتفاع هو زيادة أسعار المحروقات، وهو ما دفع المدارس إلى رفع أسعار الاشتراكات في أتوبيساتها بشكل كبير، مبررة ذلك بزيادة تكاليف التشغيل والوقود، ولكن العديد من أولياء الأمور يعتبرون أن هذا الارتفاع غير مبرر وأن المدارس تستغل الظروف الاقتصادية الصعبة لفرض رسوم إضافية على خدمات النقل.
أسعار اشتراكات الباصات
سماح السيد، ولية أمر لطفلين في المرحلة الابتدائية بإحدى المدارس الخاصة، كانت واحدة من أولياء الأمور الذين شعروا بثقل هذه الزيادة، مع بداية التحضير للعام الدراسي الجديد، تفاجأت سماح بأن
المدرسة تطالبها بدفع 45 ألف جنيه لاشتراك طفليها في أتوبيس المدرسة، وهو مبلغ يفوق قدرتها المالية بكثير، وتعاني سماح أيضًا من تكاليف الدروس الخصوصية والاحتياجات الأخرى للأطفال، فقررت
اللجوء إلى حل بديل، قامت بنشر بوست على فيسبوك، تقترح فيه مبادرة بين أولياء الأمور الذين لديهم سيارات خاصة، بحيث يتعاونون في توصيل أبنائهم إلى المدرسة بتكلفة أقل بكثير من اشتراك أتوبيس المدرسة.
تقول سماح: المدارس كل سنة بتزود في المصاريف، والمرة دي طلبوا مني 45 ألف جنيه للطفلين عشان الباص، ومع ارتفاع أسعار البنزين كمان، بقيت مش عارفة أجيب منين المصاريف دي كلها؟. وبالفعل، نجحت سماح في الاتفاق مع عدد من أولياء الأمور على توصيل أطفالهم مع أطفالها بسيارة خاصة مقابل 2000 جنيه شهريًا، وهو ما وفر لها جزءاً كبيراً من التكاليف التي كانت ستدفعها للمدرسة.
البحث عن بدائل أقل تكلفة
سميرة محمود، ولية أمر لطالب في الإعدادي، كانت تعاني من المشكلة نفسها، فهي ترى أن الارتفاع في تكاليف اشتراكات الحافلات المدرسية أصبح يستنزف ميزانية الأسرة بشكل كبير، مما
دفعها إلى البحث عن بدائل، الأسعار بقت نار! باص المدرسة بقي بيمثل عبء كبير على أي أسرة، وخاصة الأسر اللي عندها أكثر من طفل، تقول سميرة إنها قررت الانضمام إلى إحدى المبادرات
التي أطلقتها بعض الأمهات لتوصيل الطلاب بسياراتهن الخاصة، وتقول سميرة: اتفقت مع مجموعة من الأمهات في المنطقة، بنوصل ولادنا لبعض ونقسم التكلفة، وده ساعدنا نوفر فلوس كتير مقارنة بالباص.
الارتفاع الكبير في أسعار اشتراكات الحافلات المدرسية دفع أيضًا بعض الشركات السياحية إلى استغلال الفرصة وتقديم خدمات توصيل طلاب المدارس بأسعار أقل نسبيًا تقدم هذه الشركات عروضاً تتراوح بين 15 ألف جنيه
إلى 20 ألف جنيه سنويًا، حسب المسافة بين المنزل والمدرسة، مع إمكانية الدفع على أقساط، وتتيح هذه الشركات خيار التوصيل ذهابًا فقط أو إيابًا فقط، مما يمنح أولياء الأمور مرونة في اختيار الخدمة التي تناسبهم.
أشرف إسماعيل، ولي أمر لطالب في المرحلة الإعدادية، قرر هو الآخر البحث عن بديل بعدما تفاجأ بأن تكلفة اشتراك أتوبيس المدرسة لابنه تصل إلى 27 ألف جنيه في العام. المبلغ ده بيفوق حتى مصاريف المدرسة نفسها!، يقول أشرف:
المدارس بقت تستغل الظروف الاقتصادية الصعبة وترفع الأسعار بدون مبرر، ارتفاع أسعار البنزين مش ممكن يبرر الزيادة الكبيرة دي في أسعار الباصات، لذلك قرر أشرف الانضمام إلى إحدى المبادرات الخاصة بتوصيل الطلاب
لمدارسهم بسيارات خاصة، وهو ما وفر له أكثر من نصف المبلغ الذي كانت تطالب به المدرسة، بالإضافة إلى ذلك، يفضل أشرف هذه المبادرات لأنها تتيح لابنه ركوب سيارة ذات كثافة أقل من الحافلات المدرسية التي عادة ما تكون مزدحمة.
مبادرات توصيل الطلاب بسيارات خاصة
وفي السياق نفسه، تحدث أحد أصحاب مبادرات توصيل الطلاب بسياراتهم الخاصة، والذي طلب عدم ذكر اسمه، قائلاً إن الزيادة الكبيرة في أسعار أتوبيسات المدارس الخاصة أرغمت الأهالي على البحث عن
بدائل، بعض المدارس بتطلب أكتر من 30 ألف جنيه في السنة للطالب الواحد، والناس ما بقاش عندها مقدرة تدفع المبالغ دي، موضحًا أن تكلفة توصيل الطالب من منزله إلى المدرسة بسيارة خاصة لا تتجاوز
12 ألف جنيه سنويًا، وهو ما يمثل أقل من نصف التكلفة التي تفرضها المدارس: إحنا بنحدد تكلفة التوصيل بناءً على مكان سكن الطالب وبعده عن المدرسة، وعادة ما بتكون التكلفة في حدود ألف جنيه شهريًا.
يضيف صاحب المبادرة: أنا بدأت أوصل الطلاب عشان أوصل ابني في نفس الوقت، ولقيت إن ده ممكن يكون مصدر دخل إضافي ليا. وبصراحة، كلنا بنعاني من جشع المدارس اللي بتستغل ارتفاع أسعار البنزين وتزود أسعار الباصات بشكل غير معقول.
الحالة الاقتصادية الصعبة التي تعيشها العديد من الأسر المصرية في ظل الارتفاع المتزايد في تكاليف المعيشة دفعت الكثيرين إلى تبني هذه المبادرات، حيث يجد الأهالي أن توصيل أبنائهم عبر سيارات خاصة يوفر لهم الكثير من المال مقارنة بالاشتراكات المدرسية الرسمية، هذا التحرك الذاتي بين الأهالي يعكس قدرة المجتمع على التكيف مع الأزمات والبحث عن حلول مبتكرة لتخفيف العبء المالي عن كاهل الأسر.