تمر الأعوام ومازال المتضررين ومنكوبي الأحوال الشخصية من أقباط مصر في انتظار إقرار قانون جديد عادل للأسرة المسيحية؛ ليكون لهم طوق نجاة ويخلصهم من أزماتهم بعيداً عن الأبواب الخلفية للتحايل على القانون، او الطرق الملتوية التي يصحبها الكثير من الأزمات الدينية والأخلاقية.
وتفاقمت أزمة قانون الأحوال الشخصية خلال العقد الأخير؛ فعلى مدار العام نرى حالات لا تُعد ولا تحصى من المتضررين من قانون الأحوال يظهرون على مواقع التواصل الاجتماعي يشتكون من أوضاعهم معبرين عن أوجاعهم، وقلة حيلتهم غير الألاف من الحالات المنتظرين على أبواب المجلس الملي؛ لتصبح الصداع المزمن في رأس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
ومن المنتظر أن ينهي القانون أزمة الطلاق والزواج الثاني للأقباط وذلك بعد مناقشات ومباحثات واجتماعات دامت لما يقرب من 10 سنوات، خاصة بعد التوجيهات المكثفة من قبل الدولة بإصدار قانون جديد
للأحوال الشخصية يشمل الجميع يهدف إلى الحافظ على الأسرة المصرية المسيحية والإسلامية منها، ليضمن حقوق وواجبات جميع الأطراف؛ فيقول الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، في عيد الأم من العام
الماضي، أن هدف قانون الأحوال الشخصية هو حماية الأسرة والأبناء، متابعاً أن كل صاحب قضية سيكون له وجهة نظر مختلفة ويدافع عنها بشدة، منوها إلى أنه لا أحد له مصلحة في أن يكون الصوت ضد الموضوعية والتوزان.
وبشكل عام كل طائفة في المجتمع لها قانونها الخاص وذلك عملاً بالمادة الثالثة من الدستور المصري التي تنص على (مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية)؛ وبذلك صارت الكنيسة المتمثلة في المجمع المقدس وبرئاسة بطريركها لديها الحق في إصدار التشريع اللازم لإدارة شئون الأحوال الشخصية للأقباط.
ومن حين لأخر ترتفع الآمال لدى الأقباط حول قرب الانتهاء من القانون معتقدين أنه قد وصل لمحطته الأخيرة، ومن ثم يجدوا لا شيء على أرض الواقع، ليصلوا إلى مرحلة اليأس وفقدان الأمل بسبب تأخر صدور القانون.
وعلمت “البوابة” عن طريق مصادرها الخاصة، أن القانون على مشارف الخروج إلى النور؛ مما دفعنا إلى التواصل مع المستشار منصف سليمان، المستشار القانوني للكنيسة القبطية، وممثل الكنسية في هذا الملف، ليبادر بالقول:
ليس لدي الكثير لأقوله حول ذلك الأمر، فغير مسموح لي بالحديث عن قانون الأحوال الشخصية، كل ما أستطيع أن أقوله أنه الآن يوضع له اللمسات الأخيرة في وزارة العدل، وسيخرج قريباً، وأوضح نقطة واحدة فقط، أن القانون يشمل ما يقرب من 80 مادة يجمع بين الأسرة المسيحية والإسلامية، مؤكداً أن هدف القانون بشكل عام هو الحفاظ على تماسك الأسرة المصرية.
جذور الأزمة
ظهر في القرن الـ 13 وبالتحديد سنة 1235م في عهد البابا كيرلس الثالث، اول قوانين مكتوبة ومنظمة تم جمعها في كتاب واحد وصاغها وكتبها “صفى الدولة ابن العسال” وهو أشهر كاتب قبطي جمع قوانين الكنيسة واطلق عليها “المجموع الصفوي لابن العسال” وهذه القوانين نظمت قوانين الاكليروس كما نظمت قوانين الأحوال الشخصية للعلمانيين وكانت تسمح بالطلاق لعدة أسباب غير الزنا.
وظلت تستخدم هذه القوانين حتى عام 1937م وكانت كلها تسمح بالطلاق لأسباب مختلفة غير علة الزنا، إلى أن قام بعد ذلك المجلس الملي المنتخب من الشعب القبطي والمجمع المقدس “مجمع
الرهبان والبطريرك” والشعب القبطي بالموافقة على نص قوانين لائحة أطلق عليها (لائحة 38) وذلك في عهد البطرك الأنبا يؤانس 19، وكانت قد وضعت قوانين متكاملة للأقباط الأرثوذكس بما
في ذلك الزواج والطلاق والبني والميراث وحددت 8 أسباب رئيسية للطلاق في المسيحية بالإضافة لعلة الزنا وذكروا جميعاً في الباب الثاني من قانون الأحوال الشخصية تحت عنوان (في فسخ الجواز)
وهم كالاتي:
1 – زنا أحد الطرفين (المادة 50)
2 – إذا خرج أحد الزوجين من الدين المسيحي يجوز للطرف الأخر أن يطلب الطلاق (المادة 51)
3 – إذا غاب أحد الزوجين خمس سنوات متوالية. (المادة 52)
4 – الحكم على أحد الزوجين بالأشغال الشاقة او السجن لمدة 7 سنوات فأكثر (المادة 53)
5 – إذا أصيب أحد الزوجين بجنون او مرض معدِ يهدد سلامة الطرف الأخر، إذا كان قد مر ثلاثة سنوات على الجنون او المرض وإذا ثبت أنه غير قابل للشفاء (المادة 54)
6- إذا اعتدى أحد الزوجين على حياة الأخر، او اعتداء جسيماً يعرض صحته للخطر، يجوز للطرف المجني عليه أن يطلب الطلاق (المادة 55)
7 – إذا ساء سلوك أحد الطرفين وفسدت أخلاقه، ولم يجد في إصلاحه توبيخ الرئيس الديني ونصائحه، فللطرف الأخر حق الطلاق (المادة 56)
8- يجوز طلب الطلاق إذا أساء أحد الزوجين معاشرة الأخر، او أخل بوجباته، مما أدى إلى النفور بينهم وافتراقهما عن بعضهما لمدة ثلاث سنوات متوالية. (المادة 57)
9 – يجوز الطلاق في حالة ترهبن أحد الطرفين او كلاهما معاً (المادة 58)
وبعد اعتلاء البابا شنودة الثالث الكرسي المرقسي في عام 1971م، ولم تمر أسابيع ليعلن رفضه لأحكام، مؤكداً أنه لن يكون طلاق إلا لعلة الزنا، وتحدى القوانين الخاصة بلائحة 38 وقام بالسعي لإلغاء القانون ولكن واجهة رفض من قبل القضاء والدولة المصرية، وظل العمل بلائحة 38 القديمة، إلى أن تقدم الكنيسة القبطية بمسودة تعديل القانون القديم في عام 2008م وتم الموافقة عليه من قبل وزارة العدل.
وبذلك قد تم إلغاء جميع الحالات الأخرى وأبقى البابا شنودة على حالتين فقط وهما الزنا وتغير الديانة؛ ليصدر البابا شنودة قانون جديد، مضيفاً أنه يعتبر في حكم الزني كل عمل يدل علي الخيانة الزوجية لأي من الزوجين، كما في الأحوال التالية:
هروب الزوجة مع رجل غريب ليس من محارمها أو مبيتها معه بدون علم زوجها أو إذنه بغير مقتضي، وكذلك مبيت زوج مع أخري ليست من محارمه، او ظهور دلائل أو أوراق صادرة من أحد الزوجين لشخص غريب تدل على وجود علاقة آثمة
بينهما، وجود رجل غريب مع الزوجة بحالة مريبة أو وجود امرأة غريبة مع الزوج في حالة مريبة، او تحريض الزوج زوجته على ارتكاب الزني أو على ممارسة الفجور في علاقته بها، او إذا حبلت الزوجة في فترة يستحيل معها اتصال زوجها بها.
وترتب على ذلك القانون توالي الأزمات في حيث شكل عائقاً كبيراً أمام أطراف الأسرة الراغبة في الانفصال؛ فإذا كان زوجك مدمناً، او يعاني من مرض نفسي، او يتعرض لزوجته بالضرب مما يعرض حياتها للخطر او ما إلى ذلك من المشكلات،
وذلك بالطبع ينطبق أيضاً المشكلات التي تواجه الجوز؛ فالطرف المتضرر هنا ليس له سوى طرق محدودة وضيقة للتخلص من هذا العناء أما ان يغير ملته ويدفع عشرات الالاف ويكون تحت رحمة مافيا تغير الملة، او يختصر الطريق ويغير دينه،
وظهر حديثاً خلال السنوات الماضية ظاهرة ثالثة وهى الزواج العرفي بين المسيحيين كحل أخر، وفي الحالة الأخرى حتى المتمثلة في علة الزنى فسيواجه الطرف المتضرر صعوبة بالغة في إثبات ذلك، لذلك يمثل القانون الجديد طوق نجاة للكثيرين.
من جهته يقول العقيد السابق هاني عزت مؤسس رابطة منكوبي الأحوال الشخصية لـ”البوابة”: أولا، يجب ان نوضح بالتوثيق انه صدرت اللائحة 38 من المجلس الملى للكنيسة الأرثوذكسية في عهد
البطرك الأنبا يؤانس 19 وتم نشرها في مجلة الكرمة المتحدثة باسم الكنيسة وقتها وبعد إلغاء محاكم التفتيش عام 1955 سلمت الكنيسة للدولة ما تحكم به داخلها ولُقبت بقانون الأحوال الشخصية لغير
المسلمين وكان البابا كيرلس السادس يلقبها بلائحة الرحمة، وبعد الخلافات التي وصلت ذروتها بين قداسة البابا شنودة والرئيس السادات وخاصة بعد وضع المادة الثانية في الدستور أن الشريعة
الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع فتحفظ البابا شنودة وخشى ان يطبق على الاقباط ما هو مخالف لشريعتهم، وأؤكد ولأول مرة ان البابا شنودة عندما سلمت الكنيسة الارثوذكسية قانونها عام
1980م كان يوجد مادة الفرقة الثلاث سنوات متصلة واعتبارها أنها زنى حكمي واكد عليها نيافة الانبا غريغوريوس اسقف البحث العلمي وقتها حتى لا يقع احد الطرفين في خطية الزنى يجب تطبيق هذا السبب للتطليق.
وتابع، لذلك بعد ان ظل القانون حبيس الادراج في البرلمان منذ عام 1980 صدرت لائحة 2008 التي أغلقت جميع طرق الخلاص والنجاة حيث اقتصرت على الزنا الفعلي وتغيير الدين ومنذ ذلك التشريع الذى من
وجهة نظري مجحف جداً وتفاقمت الأزمة الى وصلت الأعداد للمصلوبين على أبواب الكنيسة من منكوبي الأحوال الشخصية الى 300ألف حالة وهذا العدد تم توثيقه في مقابلتي للمستشار إبراهيم الهنيدي
وزير العدالة الانتقالية عام 2015، لذلك اتجهت الحاجة الملحة ليتم تشريع قانون مواكب لمعطيات العصر الحالي كما قال بولس الرسول جددوا اذهانكم، وبعد سنوات طويلة منذ عام 2014 وقت ان وجهت
القيادة السياسية جميع الطوائف بالاستقرار على قانون موحد للأحوال الشخصية كما كان يريد البابا شنودة بل ويجب ان يصدر أيضا قانون للأحوال الشخصية للمسلمين في نفس التوقيت حتى تكتمل المنظومة.
وأكمل، ولا أخفى سرا على مدار سنوات سابقة توجد وعود سواء من داخل الكنيسة او خارجها او من السيد وزير العدل شخصياً وحتى الآن جميع الأبواب لا تزال مغلقة، لذلك كان يجب تأسيس رابطة لمنكوبي الأحوال الشخصية والمصلوبين على أبواب
الكنيسة وكانت الأولى وستظل منفردة بذلك لأننا بإذن ربنا نجحنا في التواصل مع معالى المستشار وزير العدالة الانتقالية ورئاسة الجمهورية وقداسة والبابا تواضروس شخصياً الذى أعتبره أبو الإصلاح لهذه المنظومة في هذا العصر، شاهدت
بنفسي سوء المعاملة للمتضررين داخل المجلس الإكليريكي وقت أن كان في العباسية والكيل بمكيالين واشياء أخرى كثيرة الحكمة تستدعى الصمت عنها حاليا، لذلك كان قرار تقسيم مجلس العباسية الى 6 مجالس بقرار صائب وسليم من قداسة البابا الحالي.
وأختتم عزت بالقول: أدى التشدد والتمسك بالحرف الذى يقتل وليس الرحمة بعد صدور لائحة 2008 الى ظهور مافيا تغيير الملة والتي وصل سعر الشهادة 4000 دولار وظهور طوائف ليس لها أساس او قرار
جمهوري بإنشائها وسنتصدى لها بكل قوة بعد صدور القانون بإذن الله، كذلك تم رصد حالات من الزواج العرفي لبعض المتضررين بصورة غير طبيعية، وإن القانون الجديد قد يحل اكثر من 80% من
المشاكل اذا تم صدوره بصورة عادلة وملزمة وخاصة بعد إضافة أسباب للتطليق مثل الإدمان والإساءة الجسدية والشذوذ وغيرها لن يستقيم وطن الا باستقرار الأسرة المصرية الأسرة المسيحية جزء اصيل منه.
بينما يقول المستشار شريف رسمي: لقد عانى منكوبي الأحوال الشخصية معاناة رهيبة، منذ 2008 إلى الآن، فهناك مثلاً فئة حصلت حق الطلاق قبل صدور قانون 2008، ولم يحصلوا على تصريح للزواج الثاني،
وفي ظل ارتفاع معدلات المشاكل الزوجية التي وصلت في بعض الأحيان إلى جرائم، ظهرت الفئة الثانية، وهي التي تريد الحصول على حق الطلاق، ومع بنود ذلك القانون يمثل صعوبة كبيرة؛ فبدأ
المتضررين في البحث عن حلول مثل تغير الملة، وقد يكون هناك شخصاً حتى من كثرة المشاكل يدعي على نفسه أنه قد زنى، او يتهم أحد الزوجين زنى الأخر، من أجل الحصول على حق الطلاق، وذلك لاعتبار
الزنى هو السبب الوحيد للطلاق، ولم نقف عند هنا فحسب بال اتجه البعض لتغير الدين بالكامل، والحديث عن المافيا التي تبيع شهادات تغير الملة، فانهم قد جنوا المليارات من الأموال من تلك
الطريقة، ولكن حتى في هذه الحالة هناك من لا يستطيع أن يشتري تلك الشهادات “فهيعملوا أي المساكين دول”، ولذلك يمثل صدور قانون جديد موحداً حلاً لتلك الأزمة وذلك على اعتبار أنه يشمل بعض الحلول مثل لائحة 38.
وتابع، على الرغم من أننا ننادي بخروج ذلك القانون الجديد الذين يناقشوه من 2014م، إلى أننا كعلمانيين او كرجال قانون لا نعرف شيء عنه إلى تلك اللحظة، قد يتسرب لنا مسودات صغيرة عن أسباب الطلاق
وخلافه، ولكن القانون إلى الآن لم يناقش وهذا يُعد عواراً، بمعنى أني كرجل علماني او كرجل قانوني لا أعلم شيء عن قانون من المفترض أنه سيطبق ويناقش في البرلمان “فهذا شيء أغرب من الغرابة”، وانا
من وجهة نظري أرفض ذلك القانون؛ فكان الأفضل من تطبيق قانون جديد وننتظر كل تلك السنوات أن نلغي قانون 2008 ونرجع إلى لائحة 38، التي هي سارية بالفعل الآن ماعدا التغير الذي طرأ على أسباب بطلان الجواز،
وهى لائحة ممتازة جداً وأفضل 100 مرة؛ فتتكلم عن كل ما يخص الأحوال الشخصية في المسيحية من أول الخطبة إلى الجواز وصولاً للبطلان، والتبني والميراث كل شيء، وللعلم نحن الطائفة الوحيدة التي لديه تلك
المشاكل فالكاثوليك والبروتستانت والروم والسريان جميعهم يسيرون بشكل جيد بلوائحهم إلى نحن، والذي أعلمه أن لائحة 38 قد عادت بنسبة 90% في القانون الجديد؛ لكنهم قاموا بالتفرقة بين البطلان والطلاق والتطليق.
وسألناه حول إذا كان سيتعارض القانون الجديد مع تعاليم المسيح؛ فقال: بالعكس تماماً فالقانون الجديد مستوحى من لائحة 38 كما قولنا وتلك اللائحة في الأساس مستوحاه من الكتاب المقدس وقوانين الكنيسة، وكنيستنا تشتهر بأنها قد حافظت على تراثها والتعاليم التي استلمتها من الآباء الرسل.
وأختتم رسمي بالقول:” فالحديث على قصة الطلاق فيمكننا أن نقرأ قوانين البابا غبريال الثاني البابا الـ70 من بابوات الكنيسة، في الفصل 87، فيقول: “قد يجوز لها الطلاق إذا أقامت البينة
برجلين او ثلاثة أي استشهدت أن زوجها ضربها بغير ذنب، وصنع بها منها الصنيعة مثل أدخل في بيتها زانية او سحر او سرقة او فجور او أخذ عليها امرأة او سارية “عبدة”، او ضربة بخشبة او ضربة
برجله، فإن كان فعل شيئاً من هذا وحلفوا عليه “الشهود” توجب طلاقها”، ويقول أيضاً :”إن تزوج رجل بامرأة وعرض لها وجع في بدنها من بعد أن تزوج بها مثل الجزام او البرث وغير ذلك، مما
يتوجب طرقها إن هو قرر تركها فعليه أن يعطيها مهرها وجهازها”، وهناك أيضاً قوانين غيرها للبابا كيرلس الثالث مثل بطلان الزواج في حالة الرهبنة او فرقة أحد الزوجين لمدة ثلاثة سنوات… وكل
تلك الأسباب هي غير علة الزنى، والخلاصة الذين أريد أن أقولها إن الذي يرى أن هذا القانون يعارض تعاليم المسيح “يبقى غلطان” فنحن كنيسة قديمة محافظة نأخذ تعاليمنا من الأباء والكتاب المقدس سوياً.
وخصص المفكر القبطي م. عزيز فصل كامل في كتابه “بيريسترويكا الكنيسة” سرد من خلاله أبعاد تلك الأزمة ولذلك سألناه عن رؤيته، وقال:
أزمة الأحوال الشخصية للمسيحيين بمصر هي أزمة مزمنة للافتقار إلي شجاعة إصدار القانون وتجاهل مصالح المسيحيين وترحيل المشكلات عهداً بعد عهد دون حل مطلقا ودون اكتراث بحياة الناس.
وفي كتابي أثبت من واقع آيات عديدة في الكتاب المقدس أن المعني الحرفي للزني ليس هو فقط ذات الفعل كما يظن الكثيرون ولكن الزني بمعناه الكتابي الواسع هو ” خيانة العهد “، وعندما خان بني
إسرائيل عهدهم مع الله وصف خيانتهم بالزني.. فكانت خيانة العهد هي الزني وعلى ذلك فخيانة عهد الزواج هي الزني وهذه الخيانة لها صور عديدة أحدها ذات الفعل.. فلم يعد ذات الفعل وحده هو الزني ولكن كل
فعل يخون عهد الزواج هو زني فمعاملة الزوج الوحشية لزوجته زني.. واستعباد الزوجة وسحق كرامتها زني.. وكسر وصايا الزواج الخمس التي يتلوها الكاهن في اكليل الزواج زني.. وهكذا يكون ذلك هو الزني المستوجب الطلاق.
وتابع، معاناة منكوبي الأحوال الشخصية لا تحتمل فإذا أرادت زوجة يعذبها زوجها التطليق منه قد تظل أكثر من 15 عاماً أو العمر كله دون الحصول على التطليق بسبب تعقيدات قانون الأحوال الشخصية الحالي خاصة الإصرار على أن
التطليق ليس لسبب إلا الزني بمعناه الضيق جدا باعتباره فقط ذات الفعل بينما عهد الزواج مكسور منذ البداية والتطليق مستحق من أول لحظة.. وذلك معناه ضياع حياة هذه الزوجة وتوقفها تماما طيلة هذه السنوات في انتظار التطليق.
وذلك ما حدا بالناس للبحث عن طرق أسرع للخلاص؛ منها تغيير الملة للتسريع بالطلاق ودفع مبالغ كبيرة ليست في المتناول لتيسير الإجراءات؛ وما يصاحب ذلك من عذاب شديد.. وقد يصل الأمر
بالكثيرين إلى الخروج نهائياً من الدين المسيحي للحصول على التطليق لاختلاف الديانة وبذلك يتم الخروج نهائياً من عذاب قانون الأحوال الشخصية المسيحي بجموده الحالي وتعقيداته التي تؤذي
الناس أذية كبيرة، ولقد سجلت الإحصائيات خروج حوالي أكثر من مليون شخص من الديانة المسيحية في حبرية البابا شنودة الثالث للهروب من تعنته الشديد في تضييق لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس.
وأختتم عزيز بالقول: أري أن الذين لجأوا من منكوبي الأحوال الشخصية إلي حلول مثل تغيير الملة أو أي طرق ملتوية للتخلص من تعنت قانون الأحوال الشخصية ؛ وصمم المسئولين عنه دون تعديله بما يحقق روح القانون وليس حرفيته، أري أنهم محقون فيما يذهبون إليه لأن من الحماقة أن يضيع الإنسان عمره في انتظار ما لا يجيء؛ بينما توجد طرق بديلة مهما كانت يمكنه من خلالها أن يتحرر ليبدأ حياته من جديد.