البحث عن الحقيقة مغامرتنا الجديدة الأكثر إثارة في عالم الآثار، والتي انطلقت نحو كشف حقيقة هدم مباني أثرية وتراثية داخل أسوار قلعة صلاح الدين الأيوبي، لتثير فضولنا للوقوف على صحة ما طرح على صفحات السوشيال ميديا.
تحديد الهدف
بدأت مغامراتنا في الساعة 12 ظهرا بتحديد الهدف ورصد الموقع، مبنى الترميم الذى أنشأته لجنة حفظ الأثار العربية “قشلاق الإنجليز”، الواقع بجوار مسجد سارية الجبل بقلعة صلاح الدين الأيوبي،لنقف على حقيقة فك الدور العلوى لهذا المبنى وهل يخضع للأثار أو التراث فهي مهمتنا لكشفها أمام القراء .
استطعنا أن نتجول حول المبنى “قشلاق الإنجليز” لنرى تفكيك الدور الأول منه ،وبعض الأخشاب المرصوصة بطريقة هندسية التي خرجت نتيجة لأعمال الفك لتستقر بجوار المبني ، لتكون الخيط الذى يقودنا إلى البحث عن مزيد من الصورة الكاملة حول حقيقة القصة.
الباب الخشبي الرئيسي
لنقترب أكثر من الباب الخشبي الرئيسي لمبني “قشلاق الإنجليز” لمحاولة الدخول وتفقد المبنى من الداخل والوقوف على مدى حداثته أو أثريته لنكون على أرض الواقع لننقل للقراء الحقيقة ،والتي ينتظرها الكثير نظرا لأهمية قلعة صلاح الدين الأيوبي وتاريخها العالق في وجداننا.
وبدخولنا من البوابة الرئيسية لـ”قشلاق الإنجليز” و عبورنا إلى ذلك المبنى ، وجدنا الدور الأرضي لم يمسسه أي تفكيك أو تكسير أو هدم، وبصعودنا إلى سطح الدور الأول عاينا عملية تفكيك ذلك الدور محل الجدل بين أثريته أو أن يكون تراثا لنلامس مابني عليه لنجد الأسمنت والحجارة يثير فضولنا بطرح تساؤلات داخل العقل ، هل إستخدم الأسمنت في تلك الحقبة ؟ لنبحث عن الإجابة ؟ عبر سؤال المتخصصين .
أجوبة لثلاثة أسئلة
ومن هنا تبدأ رحلة البحث عن أجوبة لثلاثة أسئلة رئيسية ، هل المبني أثري أم تراث وهل كانت تلك الحقبة تستخدم مونة الأسمنت الذي يستخدم اليوم ؟ والتي استطعنا أن نرى إجابات هامة من أهل علم “الآثار”.
حتة من لحمنا
من جانبها قالت أمانى توفيق مدير عام مناطق آثار القلعة ، لايستطيع أثري أن يهدم أثر واصفة الأثر بـ “حتة من لحمنا” ،لافتة أن الثلاث مباني الموجودة داخل القلعة تعود لـ”قشلاق الإنجليز” وليست أثرية أو
تراثية ، وبنيت لخدمات الإنجليز ولايوجد مظهر جمالى ورغم ذلك لم نهدم المبني ،ولكن تداركنا خطورة سقوطه ،نتيجة وجود فتوحات وفروق التي قد تؤدي بحياة السائحين أو الزائرين أو حتى العاملين حال افتتاح محكى القلعة.
رأي التقرير الهندسي
أوضحت أماني في لقاء مع “صدى البلد” ، أن بناء على تلك الخطورة ، تم اتخاذ رأي التقرير الهندسي ، و الذى أفاد أن الدور الثاني الذي تم تفكيكه “مبني الموظفين” ، مبنية من “مونا وحجر أحمر ودبش ” تم تفكيكها وغير متماسكة تهدد الأرواح والممتلكات ، لنعرض الترميم ليؤكد لنا التقرير الهندسي أنه لاجدوى من ترميم هذه الأدوار .
استكملت حديثها قائلة: أنه بناء على ذلك رفعنا الموضوع للجنة الدائمة للأثار الإسلامية ،بتوصية من منطقة أثار القلعة ، للبت في الموضوع .
11 أثر
وحول مقولة أن القلعة كلها مسجلة أثر ،شددت ليست صحيحة وأنها مسجلة كأبراج وأسوار بداخلها 11 أثر مسجل، بقرار 51 المنشور بالوقائع المصرية ، أبرزها قصر الجوهرة وقصر محمد علي والناصر قلاوون ودار الدرب وجامع سارية الجبل وعبدالرحمن كتخدا .
ولا أثر ولا تراث
شددت أن مبنى “قشلاق الإنجليز” لم يسجل في نطاق الآثار الإسلامية ، قائلة :دعنا نكون منطقيين لجنة حفظ الأثار الإسلامية التي تضم كبار الأثريين والعلماء عام 1951 ، لاترقي أن تسجل أثر إلا إذا كان يستحق التسجيل ، مؤكدة أنه لايوجد أي أشياء فنية في مبنى قشلاق الإنجليز ليكون أثر أو تراث.
قرار حكيم
ووصفت قرار اللجنة الدائمة لحفظ الأثار الإسلامية بـ الحكيم، والتي كلفت بترك الأدوار السفلية بمبنى قشلاق الإنجليز، لتعبيرها عن فترة تاريخية في مصر رغم إنها ليست أثر على عكس الأدوار العليا التي تهدد الزائرين والسائحين فصدر القرار بفكها وهناك فرق بين فك مبني وهدم مبنى.
15 يوم عمل يدوي
وبناء على ذلك تم فك الدور العلوي دون أن يتأثر الدور السفلى بأي شكل ، موضحة أنه على مدار 15 يوم عمل يدوي تم تنفيذ ذلك ومسجل عبر كاميرات رسمية، حيث تم فك براطيم وكاميرات حديد حديثة ثم عملية فك السقف يدويا ، لتتبقى بعض الحوائط .
استغلال الخشب المستخرج
وعن الأخشاب التي تم إخراجها ، أفادت أنه تم تصويرها ، وهى عبارة عن براطيم عزيزى وموسكي والتي تشير إلى أنه مبني حديث، وكاميرات حديد وخرسانة، وطالبت بتشكيل لجنة لوزن وتحديد الأخشاب وتخزينها في المخازن وإعادة استخدامها مرة أخرى لصالح المجلس الأعلى للأثار في المباني التي تحتاج إلى ترميم.
لجنة الـ 8 أعضاء
أوضحت أن اللجنة ضمت 8 أعضاء من الورش المركزية والترميم دقيق وقطاع المشروعات، وتم بالفعل وزن الخشب الموسكي عبر استمارات رسمية، لتستلمه الوحدة الإنتاجية للمشروعات لاستخدامها في ترميم بعض الآثار الإسلامية.
خروج بـ تصريح
شددت أن خروج اى قطعة خارج أسوار القلعة تتم بتصاريح رسمية، واصفة لا يمكن خروج إبرة دون تصريح ، وجارٍ العمل على الخشب العزيزي وفقا للإجراءات المتبعة.
بانوراما صوت وضوء
وحول الموقف ما بعد فك الأدوار العليا بـ “قشلاق الإنجليز، أفادت سنتوجه إلى عمل بانوراما صوت وضوء بعدة لغات لعرض تاريخ مصر في منطقة محكى القلعة، واصفة كأنها مدرسة للطلاب لتعلم التاريخ وتصحيح المفاهيم التاريخية.
فيما علق الدكتور جمال عبدالرحيم ،أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة ، قائلا : أن مبنى “قشلاق الإنجليز” الذى تم تفكيك الدور العلوى به ، أنه غير مدرج كأثر أو تراث .
أن هناك مبانى بعيدة تماما عن الأثار، خاصة أن كلمة آثار وتراث تخضع للقوانين والأسس والأسباب و المعايير المعمارية ، مشددا أن مبنى “قشلاق الإنجليز” غير أثري وبني في بداية القرن العشرين، وهو عبارة عن مبنى سكنى قطن فيه الجنود الإنجليز، ثم تحول إلى مبنى للموظفين .
لا يوجد بداخله شريط زخرفي واحد
أوضح أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة، أن مبنى قشلاق الإنجليز لا يوجد بداخلة شريط زخرفي واحد، ولا في السقف أو حتى الجدران وكان مجرد مبنى فقط، وجزء تفكيكي جاء لخدمة تطوير المنطقة المعروفة باسم محكى القلعة.
معايير التراث
وفي سياق آخر بحث صدى البلد ، عن معايير ضم المباني والمواقع للتراث ، ضمت 10 معايير إن انطبقت أصبحت تراثا ، منها أن يكون تحفة عبقرية خلاقة من صنع الإنسان ،تمثل قيمة إنسانية مهمة ،تمثل شهادة فريدة من نوعها، أن تكون مثالا بارزا على نوعية من البناء ، ان تكون مرتبطة بالمعتقدات و التقاليد المعيشية والأعمال الفنية و الأدبية.