القصة الأشهر بجميع الكتب السماوية..
طور سيناء، تلك الأرض المقدسة التي شهدت أحداثًا عظيمة في التاريخ، من تجلّي الله تعالى على سيدنا موسى إلى عبور بني إسرائيل البحر.
زار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، “رؤية هارون” في مدينة سانت كاترين بجنوب سيناء، خلال برنامج زيارته للمنطقة. تقع “رؤية هارون” على تلة مرتفعة تُطلّ على وادي الراحة وتواجه جبل التجلي، المجاور لجبل موسى الذي يُعدّ من أقدس المواقع الدينية في العالم.
وعلى قمّة “تبة هارون”، تحدث رئيس الوزراء، مُقدمًا تهانيه للشعب المصري بمناسبة حلول شهر رمضان المُعظّم، كما هنّأ أبناء مصر الأقباط بمناسبة بدء “الصوم الكبير”.
القصة الأشهر بجميع الكتب السماوية
في هذا اليوم، وقبل حلول شهر رمضان الكريم، اخترنا أن نزور طور سيناء، وهي واحدة من أطهر بقاع الأرض وأكثرها قُدسية في الأديان السماوية الثلاثة. في طور سيناء تجلى الله على الأرض لسيدنا موسى، وهي القصة الأشهر في جميع الكتب السماوية. تتفق كل الديانات على أن طور سيناء هي النقطة الوحيدة التي تجلى الله فيها بوجهه الكريم على الأرض.
أسرار طور سيناء
منذ أول لحظة، وجه رئيس الجمهورية، بتعظيم وتطوير طور سيناء هذه البقعة الطاهرة المقدسة، وأن يتم إنشاء البنية الأساسية والمشروعات التي تُمكن من إبراز أهمية هذه البقعة للعالم كله، مجددًا
التأكيد على أن هذه المنطقة ستكون هدية للعالم بأسره. وقال مدبولي: نحن هنا لا نتحدث فقط لمصر أو المنطقة العربية، لكننا نوجه رسالة للعالم كله، وأننا نقوم بتطوير هذه البقعة بالكامل، لكي تكون
مقصدا ومزارًا، بصورة مميزة، لأي زائر قادم من أي مكان في العالم. وأضاف: قررنا أن نبدأ الزيارة اليوم بالوقوف على هذه التبة لأن لها معنى ورمزا دينيا مشهورا ومهما للغاية، وهي تبة سيدنا هارون، شقيق النبي “موسى”.
وأعرب مدبولي عن حرصه لسماع وجهة النظر من العلماء المصريين من وزارة الآثار، لشرح الجانب الأثري والتراثي والتاريخي، في وجود الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، ورجال الدين الإسلامي والمسيحي لشرح ما ذُكر بالنسبة لأهمية هذه النقطة
في الكتب المقدسة. واستمع إلى شرح من الدكتور جمال مصطفى، نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، حول الأهمية التاريخية والتراثية لمدينة سانت كاترين، وأهمية “تبة هارون” أو “شاهد رؤية هارون” المُسجّلة على قائمة الآثار الإسلامية في مصر.
التجلي الأعظم وتلقي الألواح والمناجاة
وأضاف أنه منذ قُرابة 4 آلاف سنة وحتى عام 2002، تحافظ مصر من خلال حكوماتها المتتالية على هذا المكان كتراث إنساني ملك للعالم، مضيفًا أنه فى عام 2002م تم تسجيل منطقة سانت كاترين على قائمة التراث الثقافي العالمي وأحد
المعايير التي سجل عليها الموقع هو المعيار السادس الخاص بالممتلكات المرتبطة بأحداث تاريخية هامة أو أشخاص أو عقائد أو فلسفة على أن يكون مقترنا على نحو مباشر أو ملموس بأحداث أو تقاليد حية أو بمعتقدات أو بمصنفات فنية
أو أدبية ذات أهمية عالمية بارزة، أو الممتلكات المرتبطة بفهم شخصيات تاريخية أو أحداث أو ديانات أو أشخاص لها استثنائية وهي حدث التجلي الأعظم وتلقي الألواح والمناجاة، وشمل ملف التسجيل جبل موسى وشجرة العُليقة والدير
الأثري، مشيرًا إلى أنه يوجد لجنة علمية تابعة للمنظمة الدولية تراجع ملفات التسجيل مراجعة دقيقة وتستند إلى حقائق تاريخية موثقة تضم توثيق التجلي الأعظم وما له من قيمة استثنائية عالمية كمدينة مقدسة لها قيمة عالمية استثنائية.
خروج اليهود من مصر
وقال الدكتور مصطفى مدبولي إن “تبة هارون” تُطل على وادي الراحة التي مكث فيها بنو إسرائيل في رحلة خروجهم من مصر، مؤكدًا أن المجلس الأعلى للآثار أثبت بالدلائل العلمية الموثقة مسألة خروج اليهود من مصر، مشيرًا إلى أن هناك خريطة مُحددة وفقا للمصادر التي تم الاستناد إليها في هذا المشروع، وتتضمن دلائل من الكُتُب السماوية، خاصة العهد القديم.
وأوضح أن المجلس الأعلى للآثار اعتمد أيضًا في هذه المسألة على نتائج بعثات الحفائر العلمية التي تعمل في سيناء، وبلغت نحو 11 بعثة مصرية، إضافة الى 3 بعثات من دول صديقة (فرنسية،
وألمانية، وكندية)، ضمن جهود المجلس الأعلى للآثار في البحث العلمي والتنقيب، بالتعاون مع الجهات العلمية الأخرى، وتتمثل في وزارة البيئة، التي تملك قانونا قويا جدا لحماية
المحميات الطبيعية بالمكان، ووزارة التنمية المحلية، وكذا الجامعات، فيما يخص الجيولوجيا والأنثربولوجيا، وثبت أن خروج اليهود من مصر كان من بحر خليج السويس، مؤكدًا أن هناك
دراسة جيولوجية في إحدى الجامعات المصرية بالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار، تثبت حقيقة “الفلق” الذي حدث في خليج السويس، وستنتهي الدراسة نهاية العام وسيتم الإعلان عن كافة نتائجها.
ونوه إلى أن هناك دراسة جيولوجية في إحدى الجامعات المصرية بالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار، تثبت حقيقة “الفلق” الذي حدث في خليج السويس، وستنتهي الدراسة نهاية العام وسيتم الإعلان عن جميع نتائجها.
وأضاف نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار: “نحتفظ بالعديد من الأدلة التي تدعم هذه الرواية،” مشيرًا إلى أن منطقة عيون موسى تحتوي على دليل قاطع أيضًا. فوفقًا للروايات الدينية التي سيتناولها رجال الدين لاحقًا خلال الزيارة، يوجد في المنطقة 12 عينًا، تمّ الكشف عن 8 عيون منها حتى السنة قبل الماضية، بينما تمّ اكتشاف العيون الأربعة المتبقية خلال العامين الماضيين.
الشجرة الوحيدة التي لا تنبت في غير مكانها:
وتابع: “والدليل الثالث هو شجرة العُليقة، الموجودة في الدير، وهي الشجرة الوحيدة التي لا تنبت في غير مكانها، وقد أجريت عليها أبحاث كثيرة وتم أخذ شتلات منها من أجل زراعتها في أماكن أخرى، واستُحيل ذلك، وما بعدها هو جبل موسى”، لافتا إلى أن سيدنا موسى عليه السلام ولد في مصر، وعاش في مصر، ومات ودفن في مصر، وكانت رحلته كلها داخل مصر.
وقال: “عندما وصل إلى هُنا، وجد شجرة العليقة ملتهبة، فذهب لاستكشافها وإيجاد شيء يفيده، أو أن يجد نيرانا للتدفئة، وعندما وصل هناك، كانت هنا النبوءة؛ ففي هذه اللحظة نزل الملك على سيدنا موسى وكلفه
بأن يذهب إلى فرعون، وبدأ من ذلك التكليف كنبي؛ حيث عاد إلى مصر ومكث مع أهله بها ورأى الاضطهاد ثم عرض على فرعون أن ينتهي عن عبادة الأوثان ولكن ازداد فرعون طغيانًا، فاضطر موسى أن يأخذ قومه ويرحل”.
وأضاف: “وأثناء رحيله، تجنب سيدنا موسى طريق الشمال – حيث تواجد الجنود، ويوجد 11 قلعة مكتشَفة بالطريق الشمالي الحربي، وما بين كل قلعة وقلعة هناك مراقب أمنية وعسكرية – بل تحرك وقومه في اتجاه الساحل، حتى يجد قومه الماء والطعام”.
وتابع: “بعد انتقاله من الساحل إلى أن وصل الوادي، الذي نقف فيه حاليًا، أراح موسى أهله في ذلك الوادي، لذلك تمت تسميته بوادي الراحة، ثم صعد إلى الجبل، ولكن لم يكن صعوده للجبل من هذا المكان بل من الجزء الذي يوجد به الدير،
وصعد موسى إلى أعلى الجبل وتسلم الشريعة، وأُطلق على جبل موسى جبل الشريعة، وتمثلت تلك الشريعة في لوحتين تضم الوصايا العشر لبني إسرائيل، استلمها موسى وكان صائمًا، وقد حدثه الله، ففطر، تجنبا لرائحة الفم أثناء الصيام،
ولكن فرض الله عليه 10 أيام أخرى، فبقى 40 يومًا فوق سطح الجبل، وخلال الـ 40 يومًا خرج أهله الموجودون في الوادي هنا عن الملة وعادوا لعبادة الأوثان مرة أخرى، وأكد أن ما يهمنا في الحدث أنهم استقروا هنا لمدة 40 يومًا ثم انتقلوا”.
وأشار إلى أنه عندما حدّث موسى ربه، في المرة الثانية طمع أن يرى الله، وفقا للطبيعة الإنسانية، فقال الله له: “سوف أتجلى لهذا الجبل، وإذا تجليت له وثبت سوف تراني، وبناءً على دُلك دك الجبل وخر موسى صعقا”. واستطرد: “تلك قصص قرآنية وموجودة بكتب الإنجيل وتواترت فيما بعد ما بين الأهالي”.
كما تطرق إلى دور المجلس الأعلى للآثار في إثبات مسار العائلة المقدسة في مصر الذي شهد لغطًا كبيرًا على مستوى العالم، قائلًا: “الحمد لله وفقنا في المجلس الأعلى للآثار لعمل خريطة للمسار اعتمدت من الكنيسة المصرية ومن الفاتيكان”.
كما أشار إلى ما قام به المجلس الأعلى للآثار من توثيق قدوم آل البيت إلى مصر من الجزيرة العربية، ورحبت بهم مصر واستضافتهم أحياء، ثم أكرمتهم عند وفاتهم، فأقامت لهم أضرحة في القاهرة القديمة. وفي غضون ذلك، تحدث الأنبا بافلي بالميلاد اميل، أسقف عام الشباب، مشيرًا إلى أنه انطلاقاً من الكتب القديمة، يُعتبر العهد القديم شديد التوثيق، لأنه يسرد تفاصيل منذ 1500 عام قبل الميلاد.
وذكر أنه يوجد مخطوطات مكتوبة وفقاً للأثريين تتحدث عن هذا المكان، فالبعض كان يرى أن خليج العقبة هو الذي تم منه الخروج، و تحدثوا عن شواهد لوجود بعض المركبات الفرعونية بخليج العقبة، لإثبات أن
المرور تم بخليج العقبة، وهذا الافتراض غير صحيح، لأن خليج العقبة كان يمر منه بعض المراكب التي تحمل الأسلحة. وسرد الأنبا بافلي عدة أمور هامة، وهي: أي موضع عبره بنو إسرائيل، وما اسم البحر الذي عبره
بنوا إسرائيل، وأين يوجد جبل موسى، حيث أوضح أنه حينما خرج بنو إسرائيل بأمر من الله وهذا مكتوب في كتاب “الخروج” سنة 1500 قبل الميلاد، لم يتركهم الله في اتجاه فلسطين ناحية الشمال رغم أنها قريبة،
والوصول إليها أسهل، وحتى لا يعودوا إلى مصر إذا وجدوا في المكان الجديد حرب، لكن الله أخذهم في مسار آخر، فلم يخرجوا من ناحية الشمال لكن خرجوا من ناحية البحر الأحمر، وهذه الأماكن حالياً هي حول خليج السويس.
وفيما يتعلق باسم البحر الذي عبره بنو إسرائيل، قال: “هذه المعجزة العظيمة تمت ولها شهود عيان، و سجلت الكتب القديمة وجود رجال يمشون فيما عدا النساء والأطفال، مما يؤكد أنهم تواجدوا في مكان واسع، وبالتالي فإن هذا العدد لا يمكن أن يسعهم غير هذا المكان الذي نحن متواجدين فيه حالياً، والأغلب أنهم مكثوا في هذا المكان حوالي عام.
وأضاف: “قيل لسيدنا موسى، ارفع أنت عصاك، ومد يدك على البحر، وشقه، فيدخل بنو إسرائيل في وسط البحر على اليابس، وقد ورد في الكتاب المقدس أن البحر الأحمر تسمية حديثة، والاسم
القديم كان بحر “صوف”، وهي كلمة قبطية مصرية قديمة معناها البوص، وهذا يثبت مكان العبور، وكان النيل عندما يفيض يصل إلى البحر، فكان ينمو البوص، وقد ورد اسم بحر “صوف” 24 مرة في
العهد القديم، وهذا دليل على مكان العبور، وأن العبور تم من خليج السويس، لأن المياه العذبة عند وصولها إلى البحر ينمو البوص، وهناك استحالة للعبور من منطقة أخرى مثل نويبع، لأن
هناك سببا جيولوجيا، والجبل في هذا المكان ورد اسمه “جبل سيناء”، وقد ورد 17 مرة في كتابات موسى، وهذا الجبل هو جبل موسى أو جبل التجلي، هو أكبر دليل أنه عندما تكلم الله كان على هذا الجبل”.