تاريخ حافل للكنيسة القبطية الأرثوذكسية مع موائد إفطار شهر رمضان المبارك ومشاركة روحانيات الشهر الكريم منذ عهد البابا كيرلس السادس وحتى اليوم فى أغلب كنائس وإيبارشيات الجمهورية، فطقوس زينة رمضان وتعليق الفوانيس أصبحت عادات يتشاركها الكثير من أبناء الوطن الواحد مسلمين ومسيحيين.
مائدة إفطار البابا كيرلس فى الستينات
وشارك قداسة البابا كيرلس السادس الراحل فى الستينيات المصريين فى إقامة مائدة رحمن فى القاهرة وعدة محافظات، ليفطر عليها المسلمون الصائمون، وبهذه الروح، أيضاً، كانت أقدم مأدبة وحدة وطنية، فى حى شبرا، ففى عام 1969، كان على القمص
صليب متى ساويرس، عضو المجلس الملى العام، راعى كنيسة مارجرجس بالجيوشى، وفقاً للعادات، أن يرد على الدعوات التى وجهت إليه من مسلمين لمشاركتهم فرحة إفطارهم، ففكر فى دعوة محبيه، من الطائفتين، لمائدة إفطار باسم جمعية السلام القبطية.
ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم تشارك جمعية السلام القبطية، فى توزيع كراتين رمضان ومعونات عينية على فقراء شبرا، وذلك احتفالًا بشهر رمضان المعظم بديلًا عن مائدة المحبة الرمضانية التى كانت تقيمها الجمعية لقيادات المنطقة سنويًا.
واستضافت الحفل مؤخرا قاعة مستشفى مارجرجس بشبرا، حيث قال القمص صليب متى ساويرس رئيس مجلس إدارة الجمعية، أن يوم المحبة المصرية تتلاقى فيه النفوس وتسعد القلوب فى شهر رمضان الكريم.
واعتبر أن هذا اليوم امتدادا لمسيرة 50 سنة قائلا: أقمنا أول مأدبة افطار تقيمها كنيسة عام 1969 حتى افتتحنا المبنى عام 2004 مضيفًا: مصر هى المعلم للمحبة والإخاء ذكرت فى الكتاب المقدس ما يزيد عن 500 مرة وخمس مرات فى القرآن
وأشار ساويرس، إلى أن المصريين يتغنون باللغة القبطية فأغنية “حالو يا حالو” تعنى أفرحوا أيها الشيوخ بقدوم شهر رمضان، بينما تعنى أغنية “وحوى يا وحوى إيوحا ” رأينا الهلال وهى كلمات قبطية حيث يجمع المصريون الحب والسلام.
وأكد ساويرس أن الإسلام يقدم السماحة لكل إنسان فالشرع يقول لا إكراه فى الدين، ويقول الرسول “ومن آذى ذميًا قد آذانى”.
وأضاف ساويروس: الاسم الأنثوى الوحيد الذى ذكر فى القرآن كان اسم مريم، فالإسلام أعطى عهود ومواثيق لنصارى نجران، وعمرو بن العاص آمن البابا بنيامين وأعاده لكنائسه.
البابا شنودة الثالث وحفلات إفطار رمضان
وفى عهد قداسة البابا شنودة الثالث بدأت موائد الافطار التى بدأت فى عهد الراحل قداسة البابا شنودة الثالث لأول مرة عام 1986 بمقر الكاتدرائية تم تحويلها إلى عادة سنوية يجتمع فيها الجميع بروح الأخوة والمحبة والود، وبعدها انتقلت
إلى كافة الطوائف والكنائس فى مصر وكذلك الايبراشيات والكنائس فى مختلف الأحياء على مستوى مصر، فضلا عن تنظيم تلك الموائد فى إيبارشيات الكنيسة بالخارج والتى كان يدعى لها السفراء والدبلوماسيين ومجموعة من المصريين فى الخارج.
توزيع كراتين رمضان
وتجسيدًا للوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين ووسط حالة من الفرحة، وزعت كنيسة العذراء مريم والبابا كيرلس السادس بمنطقة “الزوايدة” شرقى الإسكندرية العام الماضى، 250 كرتونة مستلزمات رمضان على الأسر الأولى بالرعاية فى المنطقة الواقعة بحى المنتزه ثان.
وامتدت مشاركة الكنيسة للمسلمين بقدوم شهر رمضان الكريم إلى تعليق فانوس رمضان بالشارع والذى يربط بين الكنيسة والمسجد، فضلا عن التبرع بـ 10 صكوك إطعام صائم الذى أطلقتها وزارة الأوقاف وتبلغ قيمة الصك 300 جنيه.
وقال القس رافائيل حلمى، راعى الكنيسة، أن الكنيسة مستمرة دائماً فى دورها الخدمى، معتبرًا أن مساهمات الكنيسة فى الشهر الكريم لا يمكن وصفها بتبرعات، قائلا: “تعتبر فى بيتى لأن كل بيوت المنطقة هى بيتنا كلنا”.
وأضاف أن فانوس رمضان المتواجد فى شارعهم، هو مثال لمصر المنيرة المستنيرة والتى تبقى عالية طالما حبالها موصولة بالمسجد والكنيسة، مشيرا إلى أن المشاركة السنوية للمسلمين هى رسالة ضمنية تؤكد مدى تلاحم وترابط المصريين.